المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هندسة التأثير


@ بن سلمان @
10-24-2007, 05:30 PM
salam:

انظر إلى ذكاء أسلافنا وفطنتهم ومكرهم بالأعداء وعمق تفكيرهم, والذي به بعد توفيق الله وتأيده سادوا وقادوا وفتحوا العالم وصنعوا الحياة وتركوا بصمات عميقة في دنيا الناس حتى هذه الساعة.

فهذا جرجير قائد الروم يعلن في جيشه أنه من يقتل قائد قوات المسلمين عبد الله بن سعد فسيمنحه مائة ألف دينار ويزوجه ابنته , فما كان من عبدالله بن سعد إلا أن يرد بذكاء وفطنة ويعلن إعلانا مضادا: من أتاني برأس جرجير نفلته ( أي أعطيته من الغنائم ) مائة ألف دينار وزوجته ابنة جرجير واستعملته على بلاده " وصار جرجير أشد خوفا من عبد الله بن سعد.

وهذا نعيم بن مسعود رضي الله عنه الذي استخدم عقله وفطنته وحيلته في القضاء على الأحزاب الذين اجتمعوا لقتال المسلمين في غزوة الخندق وتشتيتهم وتفتيت وحدتهم .

قال إبن إسحاق رحمه الله : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ( في غزوة الأحزاب ) فيما وصف الله من الخوف والشدة لتظاهر عدوهم عليهم وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهم .

قال : ثم إن نعيم بن مسعود رضي الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله , إني قد أسلمت , و إن قومي لم يعلموا بإسلامي, فمرني بما شئت , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما أنت فينا رجل واحد , فخذَّل عنّا إن استطعت , فإن الحرب خدعة .
فخرج نعيم بن مسعود رضي الله عنه حتى اتى بني قريظة, و كان لهم نديما في الجاهلية, فقال: يابني قريظة , قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم , قالوا:صدقت, لست عندنا بمتهم.
فقال لهم :إن قريشا و غطفان ليسوا كأنتم ,البلد بلدكم , فيه اموالكم وابناؤكم ونساؤكم لاتقدرون على تحولوا منه إلى غيره وإن قريشا وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره, فليسوا كأنتم,فإن رأوا نهزة أصابوها , وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم, ولا طاقة لكم به إن خلا بكم , فلا تقاتلوا مع القوم حتى تاخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم, ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا حتى تناجزوه, فقالوا : أشرت بالرأي.

ثم خرج نعيم بن مسعود رضي الله عنه حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معهم من رجال قريش: قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا وإنه قد بلغني أمرا قد رأيت علي حقا أن أبلغكموه عني نصحا لكم فاكتموه عني, فقالوا : نفعل. قال : تعلمون أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد , وقد أرسلوا إليه إنا قد ندمنا على ما فعلنا, فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم ثم نكون معكم على من بقي منهم حتى نستأصلهم ؟ فأرسل إليهم أن نعم, فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منك رهنا من رجالكم فلاتدفعوا إليهم منكم رجلا واحد.

ثم خرج نعيم بن مسعود رضي الله عنه حتى أتى غطفان فقال: يامعشر غطفان إنكم أصلي وعشيرتي واحب الناس إلي ولا أراكم تتهموني , قالوا:صدقت ما أنت عندنا بمتهم, قال: فاكتموا عني , قالوا : نفعل فما امرك ؟ فقال لهم مثل ما قال : لقريش, وحذرهم ماحذرهم , فأنزل الله بالمشركين.

فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس, وكان من وصنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن أرسل أبو سفيان بن حرب و رؤوس غطفان الى بني قريظة عكرمة بن ابي جهل في نفر من قريش و غطفان , فقالوا لهم : إنا لسنا بدار مقام , قد هلك الخف والحافر , فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه .
فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت , وهو يوم لانفعل فيه شيئا, وقد كان احدث فيه بعضنا حدثا فأصابه ما لم يخف عليكم , ولسنا مع ذلك باللذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا , فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب و إشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ولا طاقة لنا بذلك منه. فلما رجع إليهم الرسول بما قالت بنو قريظة قالت قريش وغطفان: والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق, فأرسلو إلى بني قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا , فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا .
فقالت بنو قريظة حين انتهت الرسل إليهم بهذا: إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق, ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجال في بلادكم , فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله لانقاتل محمدا حتى تعطونا رهنا , فأبوا عليهم وخذل الله بينهم .

رحم الله العقلاء والحكماء ومهندسي الحياة من قبلنا حينما حذروا اشد التحذير من مصاحبة الحمقى و من لا عقل لهم, وأبانوا خطورتهم وفساد قولهم , وفعلهم , وأظهروا أن أحدهم يريد أن يصلح فيفسد , ويبني فيهدم , ويقدم فيؤخر , ويعز فيذل , ويرفع فيخفض , وينفع فيضر , فما اسوأ أثرهم , وما أقبح صنيعهم .

المجتمع : 27 / 4 / 2006

مشاكس
10-24-2007, 07:46 PM
رحم الله العقلاء والمشاكس

أبو رامز
10-24-2007, 08:34 PM
لا تصاحب الحمى ولا تصاحب المشاكسين ولا المشاغبين وأخيرا لا تصاحب الأغبياء
مشكور يابن سلمان

alsewaidi
10-24-2007, 08:52 PM
الأخ الفاضل ابن سلمان
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء على هذا النقل الرائع

أبو عبدالرحمن
10-24-2007, 11:49 PM
كم جميل أن يستشهد بمثل هذا التراث الجميل المفيد..

مشكور أبو هبه على هذا الموضوع..

@ بن سلمان @
10-25-2007, 03:31 AM
رحم الله العقلاء والمشاكس
ورحم الله من جاء على ردك

@ بن سلمان @
10-25-2007, 03:32 AM
لا تصاحب الحمقى ولا تصاحب المشاكسين ولا المشاغبين وأخيرا لا تصاحب الأغبياء
مشكور يابن سلمان
يعطيك العافية ابا رامز
ما خليت بكذه احد نصحبه

@ بن سلمان @
10-25-2007, 03:35 AM
الأخ الفاضل ابن سلمان
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء على هذا النقل الرائع

كم جميل أن يستشهد بمثل هذا التراث الجميل المفيد..

مشكور أبو هبه على هذا الموضوع..
يعطيكما العافية على حضوركما الطيب
عندما نستذكر الاحداث حولنا ونتدبر ما يجري الان في العراق وما يحاك لايران وسوريا نترحم على اهل العقل و الكياسة .