المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على أعتاب حرب جديدة في الخليج ... ولكن !!


abonayf
11-09-2007, 12:57 AM
بقلم سعود بن عبد الله المعيقلي

إنها محاولة لوضع ما يجري بين إيران وأمريكا في نصابه الطبيعي، بعيدا عن إعلام ربحي، يلتقط كل كلمة يلفظها مسؤول، فيرهقها بما لا تحتمله من تفسيرات وتأويلات، فمن يسمع التهديدات "اللفظية" المتبادلة بين إيران وأمريكا وتهويل الإعلام لها، يظن أن الحرب قد باتت وشيكة، مع أن الواقع مغاير لذلك تماما.


ولا يعني هذا بأي حال استبعاد شبح حرب جديدة في الخليج العربي، فمحاولات إيران للحصول على الطاقة النووية، سلمية كانت أم حربية، تسير على قدم وساق، تقابلها محاولات أمريكية إسرائيلية جادة للحيلولة دونها ودون ذلك مهما كان الثمن باهظا.


ولكن مع غلبة موانع الحرب على دوافعها، فإن عملية عسكرية ضد إيران مستبعدة في الوقت الراهن على الأقل. ولا يمكن النظر إلى كل ما يصدر من تهديدات متبادلة إلا من باب الحرب الإعلامية والنفسية لا أكثر، ناهيك عن أن بعض التهديدات غير قابلة للتنفيذ أصلا.


ـ خلافات على مستوى أقرب الحلفاء:


"إيران من دون نووي"، شعار جميل، يستهوي أفئدة الأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء، إلا أنهم مع ذلكيختلفون حول مفهوم نقطة "اللا عودة" في البرنامج النووي الإيراني. ففي الوقت الذي تراه أمريكا في نجاح إيران بصناعة قنبلة نووية فعلية، تراه إسرائيل في نجاح إيران باجتياز الحد التكنولوجي، الذي يسيطر فيه علماء إيران على المعلومات الحساسة التي تؤدي إلى إنتاج السلاح النووي، ويكون بوسعهم استعادتها حتى لو دُمرت المفاعلات الموجودة حاليا.


وهذا يعني أن إسرائيل ترى أن ضرب مفاعلات إيران قد وجب بالفعل، بينما ترى أمريكا، رغم كل تهديداتها وحشودها العسكرية حول إيران، أنه لازال هناك متسع من الوقت لبذل مزيد من الجهود الدبلوماسية التي قد تدفع إيران إلى تغيير موقفها، متخذة من نجاحها دبلوماسيا في إقناع كوريا الشمالية بتفكيك برنامجها النووي مثالا يُحتذى، بعد فشل سياسة التهديد والوعيد. وبالمناسبة فقدبدأت كوريا الشمالية بالأمس في تفكيك منشآتها النووية الأساسية تحت إشراف أمريكي.


إسرائيل تشك في مدى صلاحية الأسلوب الدبلوماسي في الحالة الإيرانية وترى أنه مضيعة لوقت ثمين، لذا فهي تقوم بحملة دعائية عالمية لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران. وفي نفس الوقت، تقوم بحملة دعائية مختلفة داخل أمريكا لإقناع مسؤوليها بالقيام بعمل عسكري ضد إيران أو السماح لها بالقيام بذلك منفردة، فهي لا تستطيع القيام بعملية بهذا الحجم دون غطاء أمريكي. ولكن من الواضح أنها فشلت فشلا ذريعا في كلتا الحملتين.


هذا الخلاف فقط على مستوى الحليفين الأقربين المتفقين على أن نوايا إيران عسكرية لا مدنية، وأن نجاحها في إنتاج سلاح نووي يمثل خطرا إستراتيجيا يهددهما جميعا. فأمريكا تعتبر أن "إيران نووية" تهديد إستراتيجي لمصالحها الاقتصادية، كونها ستهيمن ومن خلفها روسيا والصين على منطقة، قد تكون هي المورد الوحيد للنفط خلال ثلاثة عقود حسب ما تقوله الدراسات النفطية. أما إسرائيل فترى في "إيران نووية" تهديد وجودي لها.


ـ تضارب مصالح الأقوياء الاقتصادية:


على المستوى الدولي، تختفي تلك الخلافات الأمريكية الإسرائيلية، وتذوب الدولتان في بعضهما بشكل يصعب معه تحديد ما هو مصلحة أمريكية وما هو مصلحة إسرائيلية، لتظهر خلافات أخرى أكثر عمقا وأشد ضراوة بينهما من جهة وبين أطراف دولية أخرى ذات ثقل سياسي وعسكري كبير، ولها مصالح اقتصادية لا يمكن تجاوزها بسهوله. إذ ليس من المعقول أن تُترك دولة كإيران باحتياطاتها العالية من النفط والغاز وبموقعها الإستراتيجي، فريسة سهلة لأمريكا، خاصة مع اهتزاز صورتها أمام العالم بعد أحداث العراق وأفغانستان.


أعني هنا كلا من روسيا والصين، واللتين انتقلتا من مرحلة الدعم الخجول المستتر لإيران إلى مرحلة الدعم العلني القوي. وهذا الدعم له أسبابه الاقتصادية البحتة، التي تتعلق بالنفوذ والهيمنة على مصادر الطاقة وعدم تركها لأمريكا، فترك الميدان خاليا لها، يعتبر بمثابة وضع اليد الأمريكية على الخناق الصيني بالذات. كما أن روسيا بحاجة ماسة إلى المساعدة الإيرانية للحصول على حصة أكبر من خيرات بحر قزوين، وهو ما تناولته بالتفصيل في مقال سابق بعنوان "الطريق نحو السيطرة على العالم".


لم يكن إذا لجوء الولايات المتحدة إلى إثارة فكرة إنشاء الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا، والذي تعتبره روسيا تهديدا إستراتيجيا لأمنها القومي، إلا للضغط على روسيا لمراجعة مواقفها الداعمة لإيران، والرافضة تماما لفكرة تشديد العقوبات، بشكل يضر بالاقتصاد الإيراني، فما بالك بتوجيه ضربة عسكرية لها!


لم يتوقف الأمر عند روسيا والصين فحسب، بل إن دولا رئيسية في الإتحاد الأوروبي كفرنسا وألمانيا وإن كانت سيوفها مع أمريكا علنا إلا أن قلوبها مع إيران سرا، بسبب العلاقات الاقتصادية المتبادلة التي ستتأثر حتما في حال تشديد العقوبات على إيران، فكيف إذا ضُربت!.. لذا نراها تقوم بمحاولات جادة للتخفيف من حدة المواجهة، وتسعى إلى تقريب وجهات النظر بشتى الطرق والوسائل.


ما يزيد الموقف الأمريكي ضعفا هو أنها لا تمتلك دليلا قاطعا تقدمه للعالم، يثبت صحة ادعاءاتها القائلة أن إيران تخفي برنامجا نوويا عسكريا خلف برنامجها المدني، وتلجأ عوضا عن ذلك إلى التحليل والمنطق، لتقنع العالم بوجهة نظرها، قائلة أن إيران تمتلك احتياطات هائلة من النفط والغاز، تجعلها في غنى عن الطاقة النووية الباهظة التكاليف، فمن المعروف أن الطاقة المتولدة من النفط أرخص بكثير من نظيرتها النووية.


كما ترى أن هذه الاحتياطات تُضعف من حجة إيران، القائلة بأن الغرض من المفاعلات النووية هو توليد الطاقة الكهربائية، وتتساءل عما يجعل دولة نفطية تلجأ إلى الطاقة النووية بتكاليفها الاقتصادية الأعلى وأخطارها البيئية الهائلة، إلا أن تكون مساعيها عسكرية لا مدنية، خاصة وأن السلاح النووي هو أقصر الطرق لتحقيق حلم ثورة إيران في التحول إلى قوة إقليمية، تفرض سيطرتها على دول المنطقة.


ورغم قوة وجهة النظر هذه، إلا أنها تبدو عاجزة عن إقناع عالم لم يعد يُصدق الولايات المتحدة، بل وينظر بعين الريبة والشك إلى كل ما تقوله أو تفعله، خاصة بعد أن ثبت أنها كذبت في ما قدمته للعالم بصفته "أدلة قاطعة" على حيازة العراق لأسلحة دمار شامل، لتبرير غزوه وتدميره. فمن يكذب فيما يسميه أدلة قاطعة لا يمكن أن يُصدّق تحليله ومنطقه.


الضربة شبه القاضية لمحاولات أمريكا حشد رأي العالم ضد إيران، أتت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث أكدت مرارا أنها لم تسجل أي نشاط نووي عسكري في إيران. وهذا ما أكدته قبل بضعة أيام على لسان رئيسها محمد البرادعي، عندما قال بأن الوكالة لا تمتلك دليلا واحدا يثبت سعي إيران لإنتاج أسلحة نووية، وهو ما تسبب له بموجة عنيفة وغير مسبوقة من الاتهامات الانتقادات الأمريكية والإسرائيلية، خاصة مع اقتراب نشر الوكالة لتقريرها الجديد حول البرنامج النووي الإيراني والذي من المفترض أن يشكل القاعدة الأساسية التي يتخذ بناء عليها مجلس الأمن قراره بتشديد العقوبات من عدمه.


وسواء كان نشاط إيران النووي سلميا أم حربيا، فإن الحقيقة المتفق عليها من الجميع، هي أن إيران لم تتمكن من إنتاج قنبلة نووية حتى الآن، وأمامها ما بين ثلاث إلى ثمان سنوات حتى تحقق ذلك، إن سارت جميع الأحوال التكنولوجية والسياسية والاقتصادية على ما يرام.


وإذا ما أضفنا إلى جميع ما تقدم، ما هو معروف من الحال الأمريكي في العراق وأفغانستان، والمعارضة الشعبية الأمريكية المتنامية لأي خطوة عسكرية قادمة، فإن احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران يكاد يتلاشى تماما، خاصة في ظل الأعداد الكبيرة للجنود الأمريكيين المنتشرين في العراق، والذين ستطالهم بالتأكيدردة الفعل الإيرانية لضربة كهذه، إن حدثت.


ما يخشاه المراقبون الإيرانيون والأمريكيون على حد سواء، في ظل هذه الأجواء المتوترة والملبدة بغيوم الريبة والشك في كل تحرك عسكري أو سياسي يقوم به أحدهما، هو وقوع حادث عرضي يُفسر بطريقة خاطئة، فيكون الشرارة الأولى لحرب خليجية ثالثة. وأزيد بأن حادثا كهذا قد لا يكون عرضيا، فقد تقوم إسرائيل بتدبيره، خاصة وأنها الجهة الوحيدة الحريصة على توجيه ضربة عسكرية لإيران، تذهب معها أحلام الثورة النووية أدراج الرياح.

محمود عادل
11-11-2007, 01:33 PM
مشكور على المتابعة

ولد ثمالي
11-11-2007, 06:17 PM
مشكور اخوي

يعطيك العافية