تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من صالات التداول


عثمان الثمالي
01-16-2008, 07:45 AM
عبدالعزيز حمود الصعيدي
في واحدة من صالات التداول الكبيرة، في أحد البنوك، والتي تشبه إلى حد كبير فصلاً مدرسياً يستوعب لنحو 60شخصاً، وزعت على شكل ممرات، بحيث يقترب المتعاملون بعضهم من بعض، استطعت بعد جهد أن أحصل على مقعد متوسط من الجميع لأن هدفي هو قراءة ما يدور بين أكبر مجموعة من المتعاملين حتى أستطيع نقل صورة للقارئ.
مع أنني أتيت إلى الصالة قبل الافتتاح بكثير، إلا أنني لم أستطع الحصول على المقعد الذي كنت أتمناه لأن بعض الكراسي محجوزة، سواء كان ذلك بوضع مفتاح، سبحة، ورقة، وأحيانا كأس شاي أو قهوة "فاضي"، أدوات الحجز هذه وضعت على الكرسي ربما منذ اليوم السابق، وهو أغرب مشهد لفت نظري في أي صالة تداول زرتها، ولكن وعندما نأخذ في الاعتبار نوعية المتعاملين في هذه الصالة، فليس من المستبعد أن تشهد مثل هذه المناظر الطريفة، فأغلب من يترددون على هذه الصالة هم من كبار السن، تحديدا ممن تجاوزت أعمارهم العقد السابع، ومن هذا المنطلق فغالبيتهم قصيرو أو ضعيفو النظر والبعض الآخر يصعب عليه الدخول بين صفوف الكراسي، ما يضطره إلى اختيار مقاعد قريبة من الشاشة من جهة ومن جهة أخرى في الصف الأول لسهولة الحركة.
على نقيض أبو عبد الرحمن الذي جلست بجانبه أمس الأول، هذه المرة كان جليسي سبعينياً لا يفقه في سوق الأسهم أي شيء باستثناء ما يصل إليه من توصيات من المجاورين أو عبر الجوال، ويدعى أبو ناصر، وهو يشتري بناء على هذه التوصيات ويبيع عندما يحقق أي ربح مهما كان، وحسب كلامه فهو لا يخرج من الصالة إلا وقد نفض محفظته وباع كل ما لديه أو اشتراه من أسهم، في أي ظروف كانت، خسارة أو ربحاً ولكنه أكد أنه في الغالب يحقق أرباحا رغم أنه يشتري بعض الأسهم بأسعار أعلى من السعر الذي باع به في اليوم السابق.
سألته بشكل سريع ما هو رأيه في بعض الشركات المساهمة، وفوجئت بأنه لا يعرف عن أي منها شيئا، ولا يهتم بالأسماء إلا إذا جاءته توصية فقط، ويعتمد على هذه التوصيات بشكل كبير، وعندما تطرقت لمكررات الأسهم، كان جوابه أنه لا يهتم بذلك ولا يعنيه هذا بأي حال، كما أنه لا يقرأ الأخبار ولا يتابع الشركات، لأنه مضارب، يحقق 500ريال يوميا على رأسمال لا يتجاوز 75ألفاً، وبالنسبة له فهذا مبلغ جيد، لأن متوسط ما يحققه شهريا من أرباح يبلغ ستة آلاف ريال بعد حذف ما يتعرض له من الخسائر، أي أن هذا المضارب يحقق عائداً قدره 8في المائة شهريا، وهذا يعادل 152في المائة سنويا وهو معدل ممتاز. على الجانب الآخر قابلت مضاربا آخر اسمه أبو صالح، والذي تكبد خسائر بنحو 45في المائة خلال عام، وهو يسدد قرضاً لأحد البنوك منذ سنتين بواقع 3000ريال شهريا، وحتى تاريخه والأسهم التي يمتلكها أقل من رأسماله، فهو يخسر من جهتين، تقلص رأسماله في الأسهم، وكذلك القسط الذي يدفعه للبنك.