المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا جفن وثمالة


حسن عابد
02-03-2008, 02:09 AM
الليل في شعر الجوهرجي!؟
عبدالله الجفري


http://www.thomala.com/images/fontSm_r_g.gif
http://www.thomala.com/images/fontbig_r_g.gif


* الليل... هذا الأسود الشجي، يخرج من عباءة الشاعر ليفتتح آفاقا واسعة من البهاء والصور والأخيلة.. فهو عالمه الخاص الذي يبذر فيه المحبة والشجن.. وهو رؤيته ورؤاه.
إنه هذا الشاعر الذي يمنح لكل صباح عربي: نزفه ودموعه، وآهة الصبر العربي الذي تدجن به.
يشعل كل صباح عربي: غضبه وعتمة طريق الغد العربي.
يصعد كل صباح عربي: إلى أعلى هامة (نخلة) في البصرة، ويشهد بلحها، وثمرها، وجذورها الراسخة... ينادي على شرفات: الحق، والضمير، والحرية التي استمرأ الكثير اغتصابها!
يلمع كل صباح عربي: سيفاً عربياً.. يخايل أمجاد تاريخه، ومواقف فرسانه الذين صنعوا التاريخ الذي نريد حمايته من الهوان... ليشمخ!!
يصور الشاعر (محمد إسماعيل جواهرجي): حرف الليل الغائب، وقد صار الفراغ محيطه، وبحره، ومسافاته... والصمت يلفه في هذه الاستراخاءة من العمر الحزين.
لا تغيب عنه لمعة الشمس الفضية تطل عليه من خوص النخيل!
فيهمس في سمع الليل:
- يا ليل الصمت.. ألا ترى وتر يشجيني الآذان
يشدو للحب بأغنية ملآى وجدان
أغنية تلأم آهات ملت حرمان
وتعيد البسمة في ثغر وله ظمآن
أخطأ حين اختصر الأيام مع السنين التي رحلت بحثاً عن تأكيد الحنين.
خانه شعوره حين كان يبتدئ به الفرح.
ظن أنه يعرف الحياة من سنين، وعرف الحب دون أن يظلم حنينه.
يسترجع لوحة (محمد الماغوط): (الحرب قد لا تبكيني.. أغنية صغيرة قد تبكيني).
هذا هو الفرح.. عندما القلب يتسع للعقل.
يجد العابد في رهافة هذه الموسيقى الكونية... وكما قال فيلسوف عربي: (حيث تزداد قوة الحلم، يكون هناك طوفان جديد).
ويصور (ليويولد سنغور) وحدته في الليل.. فيرسم أبعاد الصورة في عمق إحساسه:
- أنا وحيد في السهل، وفي الليل
بصحبة الأشجار المتقلصة من البرد
التي تشد كوعها إلى جسمها ملتفة بعض على بعض.
أنا وحيد في السهل
وفي الليل بصحبة حركات الأشجار، حركات يأسها المؤثر
والتي فارقتها أوراقها إلى جزر مختارة.
أنا وحيد في السهل وفي الليل!!
***
* ليل الشعراء:
* الليل للشعراء... لماذا؟!
هل هو النجوى؟!
الليل: وعاء التلقي للشاعر بمختلف اتجاهاته، من إحباطات وسأم، وشجن ووله، وحب وغرام وشكوى.
وعلى مدار الزمن: كان الليل هو الشاطئ الذي يستكين إليه الشاعر، ويستشف منه الدفء الحب بكل أحاسيسهما.
ومنذ العصر الجاهلي الأول: بدأ الشاعر العربي في صحرائه يتخذ من الليل سلوى يشكو من خلالها معاناته وبوحه وما يختلج في نفسه من أنات وكدمات، وربما ما يذوب فيه من أشواق وتأمل..
حيث نجد أن أول مدرسة (الرمز الشعري) كانت انطلاقة حميمة صادقة من ذلكم الشاعر البدوي، فكان ينفث لهيب قلبه وسعار وجدانه في الليل، ويعمد إلى أسلوب التشخيص المعروف لدى البلاغيين، فيشخص من الليل: إنساناً أو خيالاً يناشده ويخاطبه مجسماً بكل أبعاده، يصب فيه جام غضبه وسعار وجدانه.. فيكون الليل هو المناخ الطبيعي أو المتنفس الذي يجد فيه الشاعر البدوي العفوي كل أمانيه وآماله على اختلاف أبعادها.
إن ما وصلنا من الشعر الجاهلي: لا يزيد في عمره الزمني عن العصر الجاهلي الأخير.
وبوقفة عاجلة على هذا التراث، نتلمس أبعاد الصياغات الفنية التي تصدر وهجها الذي يصوغها الشاعر بعفوية مقبولة.. فهذا امرؤ القيس يصور الجيش بجنح الليل وهو يرخي سدوله فما أرق وأجمل واشف لفظة: (أرخى سدوله) على الشاعر ليبتليه بالهموم... ومن هذا المنطلق: يبدأ الشاعر في تجسيد الليل وتلوينه بألوان الطبيعة التي تدفق من الشاعر: وجداناً وحساً.
وهكذا.. ما مر شاعر إلا وكان الليل نجيه.. حتى شاعر الحكمة والحماسة يأوي إليه كرمز.
- أيها الليل... ترفق
لا تثر وخز الندوب
فأنا مازلت أعشق
نسمة الحب الطروب
أحمل الإحساس: نبضاً
من سعار لا يذوب
عصرنا... عصر التجافي
عصر آلات الحروب!!
* وانطلاقاً من هذه الصور الشعرية الرقيقة في وصف الليل، نجد عصر النهضة يتخذ فيه الشعراء من الليل مسرحاً يؤدون فيه وظائفهم الشعرية التي يأملون تحقيقها - رمزاً وهمساً، لا تصريح وإفصاح... فلا يستطيعون أن يترجموا أحاسيسهم وأمانيهم مباشرة.. أما تحت سطوة الاستعمار وقهره، وإما خيفة من جور الحكام آنذاك.. فولدت مدرسة الرمز في الفن.
وتحت عنوان: همسة في شغاف الليل، يكتب الشاعر من بحر البسيط مقطوع الضرب على (فعلن).. وكثيراً ما يخطئ الشعراء، وبعضهم من أصحاب الأسماء اللامعة الكبيرة في التحرر من العلة في العروضية أو الضرب، مع أن هذا قبح شائن يتأباه الذوق الراهف للإيقاع الصوتي السليم، ويرفضه العروضيون رفضاً تاماً إلا ما جاء في الحشو لا مانع من اجتيازه والعودة به إلى أصله من كتابه (مصادر النوتة الشعرية) صفحة 23 الطبعة الأولى عام 1412هـ.
***
* وها هو الشاعر محمد إسماعيل جواهرجي: يتكئ على منتصف الأمسيات، حيث يغني
- حبذا يا ليل لو فجرت نبضي مرهفاً.
وأثرت الشوق في قلبي، فقد عز الوفا
فأنا شاعرك المفتون صباً مدنفا
وكأنه يلكز حصانه المسرج لليل، ليجن ركضه، فانطلق يمنح الطريق نثيرة من أشعار تربادور مجنون.
بين الحرمان والقناعة: يتقافز.
كان يتقاسم الزمن والفرحة مع الظل... مع قوس قزح كفرحته بها.
ظهيرته مكسورة أحياناً بالأسئلة التي لا تتلقى إجابة منها... هو هذا (الغريب) الذي ستغفر له شيئاً واحداً: أن عشقه لها - فراشة ترقص أمام لهبها!!
* قال لها في ثمالة مساء:
- أنت تجعلين أحلامك.. عدواً لك
إنه من الصعب: أن ندع أحلامنا تكبر... فنخافها!
في عمق ذلك الليل: ناداها من شرودها.. فاكتشف أن أحلامها تحجب عنها نداءه عليها!
هو الذي كان يقبل على الحياة بضحكتها الممنوحة له وحده... سلاحه: ذلك الوفاء الذي لا يخونه... وكل الأشياء: تصبح ملكاً لها، ويجعلها: رياحه، وهي قوة تلك الرياح!
* هكذا... كان يملأ شفتيه بالرمل، ويمتص المسافة منه... وقد اختبأ في (عمق الليل) أكثر وأكثر!
عاش (الليل الأول) بعد طلوعها قمراً، في سمائه.
أحبته ليلتها الأولى بعد عطائها.
غسل وجهها أتربة نفسه.
أضاءت ضحكتها أعماقه المنكسرة بالحزن.
فاضت من حفافيه: التجربة، والوجوه، والمحطات.
اتسعت مساحاته بالمواقف، وبالحلم المستمر... حتى جاء شروقها: وعداً، لكنه... لم يكتمل!
* ناداها في الميلاد، وفي الأبعاد: يا حرف الليل الغائب.
كان يشتهي قرارة مدارها... يستكنه ضوعها... يقر في دفئها كلما حاصرته أكناف برد الصمت!
لكنها... وهو يتنفس نبضها - دفق حياة نضاح فيه، بادرت إليه و... قتلته:
- يا ليل لولا الهوى ما كان يصلانا
حر من الشوق يسري في حشايانا
ولولا لظى الهجر في قلب يمزقه
عصف النوائب أشلاء وأحزانا
ما كنت يا ليل للأحباب أمنية
تفيض بالبوح أشكالاً وألواناً
***
* وفي هجعة الليل: فكر في الألم وهو يعانيه مرتين:
- مرة: عندما كان يحس به يقضم أروع الأحاسيس النقية في وجدانه، وأنضر التطلعات الخيرة الإنسانية في ذاته، ويعتصر أمتع المشاعر التي يحياها بصدق.. كإنسان يستشرف عالماً رحباً من الحب، والأمل، والحلم!
- ومرة أخرى: عندما كان الألم يستهلك كل تفكيره، وهو حائر يتساءل:
- كيف يستطيع الألم أن يصهر في أتونه قدرات المرء، ويستنزف طاقاته الكامنة في طموحه وأمانيه.. ويحيلها جميعاً إلى (واقع) يشكل حياة الإنسان؟!
لقد دفعته هذه المعاناة إلى تساؤلات تتلاحق إثر بعضها، كتلاحق أنفاسه بعد سباق في الجري، أو بعد اضطلاع آماله بصور من حلم اليقظة الممتع!
تساؤلات... لم يؤهلها في أفكاره سوى الألم وحده.. ولم يتلففها منه سوى الليل وأصدائه.
كان يضع يده على صدره، كأنه بها قد لمس مواجعه ونقطة الألم في نفسه، وهو يقول:
- أين هي فلسفة (اللذة في الألم) التي كتب عنها المفكرون، وصورها الشعراء، وأفرد لها الفلاسفة صفحات متزاحمة السطور؟!
هل تتوفر الأدلة في تفكيره.. لتتأكد لديه معاني: اللذة في الألم؟!
لم يرد أن يرجع إلى قراءاته عن الألم وفلسفته، فإن الحيرة التي انزعجت نفسه لا تتطلب إثباتاً علمياً وأكاديمياً يعود إليه ليلقيه بعد ذلك درساً على طلاب أو متسائلين باحثين!!
كان يتطلع نحو منطق يلامس وجدانه ويقنع نفسه المشحونة بالألم.. بأنه نفس ستشعر اللذة - قمة اللذة - وهي تتألم!
فلابد له - إذن - أن يتجه إلى نفسه ليسألها:
- لماذا تتألمين يا نفسي؟!
وها هو الآن يجلس فوق (هو)... رجل وحيد تسكن عصفورة في قلبه العش.. وتدري هي لكنها تحتفل بالواقع الماثل في فارق السن، وفارق الزمن، وفارق المسافة.
يريد أن يطرد الرطوبة من غرفته بهدير التكييف.
و..... كأنه يتقهقر إلى خلفية العمر، والزمن، والمسافة... حين كادت الريح أن تحطمه وهو يسير في درب المواويل، لكن (قصيدة) استحوذت على كل المواويل، لتصبح - وحدها- موالاً يواجه الريح، أو يواجه الريح بها!
ولم تعد (الروح) تعاني من الحيرة والوحدة، ولكن.......
الواقع الماثل بكل الفوارق... هو الذي اصطدمت به (الروح) وهي تقرأ ميلاد حلم جديد تمثل في طلوع القصيدة - هي:
- وقال: ستبقى الأماكن ذاكرتنا، والأيام ركضنا، والقلب هو: الاشتياق!
- لا أرق الله جفنا بات يشغلني
ولا جفا اليوم ظبياً ساجي الطرف
أصفيته الود والإحساس مختفياً
فيما أواريه من كدم ومن جحف
* يكتب إليها في ليل هده التعب ينتصف برطوبته وتردد أمواج بحره، في خلفية غير بعيدة:
نعم.... يشتاقها في غربة الحرب اليوم.
يشتاقها في رطوبة نفوس الناس التي توحدت مع الطقس.
يشتاقها بكل دفء القلب في صقيع المشاعر الإنسانية (المعاصرة!).
يشتاقها غداً، وبعد غد.
ويدعوها أن تحاصره أكثر.. وهو يغفو في مهد ابتسامتها.
وتبقى هي: غناءه.. ويبقى هو دوماً: يشتاقها!
* لقد تلألأت (نجمة) توسطة كبد السماء.
حين نظر إليها: جذبته من بساطة الأرض إلى أعالي السماء.
أعلنت عن ضيائها في وجدانه كله، لتهرب إلى أرجاء أطرافه!
أحبها...... لكنها بقيت في حدود هالتها، تستريح على كتف الليل
وهو يحمل ميراثه العاطفي ويمشي إليها.
نبتت له أجنحة من سمائها... فحلق حولها.
صارت في ضلوعه: قرارة الحياة.. لا استقرارها!
غرسته: ميلاداً، أملا.. فصولاً متعاقبة تواصل الغناء والثمر.
قلعته: موتاً.. وشطرته نصفين، تملك نصفه الأول، وتذيب نصفه الآخر!
* وبقي هذا الليل الصخاب بوحشيته:
(لوحة) لا أثمن منها في أعماقه.
لا أحد يدعي أنه قادر على طعن ما ازدهر في العمر... حتى لو نفى الخفقة إلى وهاد الجحود والنسيان.
لم يكن (الحب): عقاباً أبداً... بل هو هذا الكوخ الذي يقف على ساقي بجعة!
في لحظة معها.. احس أنه يطفو فوق بحار ليله.
وفي لحظة صادرتها منه.. كان الصمت، والصبر، و.... صمت الخفقة!
* ويصور الشاعر في لوحته: (الظلام العشق) ركب فيها بساط الأحلام، ورأى الليل قد أرخى ستار الظلام، والوحشة القاتلة تعم الكون:
- كأنها شهرزاد تحكي لليل قصة الابتداء
قصة الإنسان منذ كان يسير مهنديا
كانت النجوم بوصلته التي تهديه
* هكذا... غادره الفرح.
بدت في أمواج الليل: سارقة.. هي: الضوء المنكسر في الظلال، وتيبس الزمن من توقفه!
سرقت منه فرحته بعد أن مكنها من سرقة قلبه... فصار حبر كلماته: نزيف دمه.
سرقت منه حلمه الجميل.. فسكب مواله الحزين في أذن الأمسيات التي كبرت كأسوار بابل.
وملأ صدره بحكاية الليل - الطفل!
لم يجد صديقاً يبكي أمامه.. سوى البحر، وهذا الليل الذي يكرس وحدته
كان البحر يمتد من البحر إلى.... وطنه، وكان بيته يوازي البحر.
وهناك أمواج البحر البيضاء العنيفة.. وهنا - في صدره - أمواج نفسها كفصول السنة!
* هكذا حيده الليل وهو يحدد.. حبه للكون من حوله في حشاشته.
بعد أن صاغ من الليل قصيدة.. حتى تحول إلى هلام كالطحالب يطفو على وجه بحيرتها.
بعد أن أضاء بضحكتها لياليه.
بعد ان أشرع أمامها أبواب الأمل.. أوصدت في وجهه بوابة الحياة - الفرح.
تلك التي يرى امتدادها في عمق عينيها ونشوة صوتها!
ما تبقى منه.... هذا الإنسان الواقف في زورق الحلم:
يصطاد الماء والموج، واللامدى!!

حسن عابد
02-03-2008, 02:28 AM
كشف المؤرخ والباحث في علم النبات، الأستاذ محمد حسن غريب الألمعي الكثير من التحريف والمغالطات والتحدث بغير علم عن أصول قبائل عسير ومشاركتها في الفتوحات الإسلامية جاء ذلك في محاضرته التاريخية التي ألقاها ضمن فعاليات ملتقى ألمع الثقافي الشتوي، والذي قال إن كثيرا من المؤرخين ومنهم الهمداني الذي نقل رأيه عن بن رحمة السنحاني، حول أصل قبائل عسير وأنها تنسب إلى رجل يدعى (عسير بن إراشة بن عنز بن وائل) حيث تفرع عن هذا الرجل قبيلتا تيم ومالك كما تفرع من تيم ومالك قبيلتا زهير وسلمة مؤكدا أنه لاتوجد في عسير ولا تعرف قبائل بهذه الأسماء، وخاصة بين قبائل السراة الأربع حيث وقع قال غريب،الهمداني وأبن رحمة في « حيص بيص » كما حرف الأشعري في كتابه المعروف (التعريف بالأنساب) حرّف اسم عُسيرة بن عطية إلى عسير حتى يتفق مع رأيه واصفا كتابه آنف الذكر بالطلاسم الذي لا يعتمد عليه إطلاقا فيما يتعلق بالأنساب، ومضى يقول لقد زاد الطين بّله، أن محقق كتاب الأشعري قد وقع في نفس الخطأ عندما قام بمسخ الكتاب مسخا كاملا بأخطائه الكثيرة، حتى لاتكاد تخرج منه بطائل، ثم تلا هؤلاء في المخالطات حسن بن أحمد الضمدي - من علماء المخلاف السليماني - فنسبهم إلى عسير بن عبس، ومنهم من أشار إلى (أنه اسم لحلف تم بين قبائل شنوءة وقبائل مذحِج في عهد الملك شَمَر يَرعش الحميري،ملتمسا غريب واسع العذر لهؤلاء المؤرخين فيما وقعوا فيه من أخطاء لأنهم كما ذكر يكتبون عن قبائل يجهلونها ولأن كل ما كتب عن قبائل عسير كان عن بعد وقد اعتمد هؤلاء المؤرخون على ما يصلهم من علم وليست مخالطة لهذه القبائل في ديارهم، وأضاف يقول إن قبائل عسير تعدُ من أكثر قبائل الجزيرة العربية استقرارا فهي لم تذب على مر العصور كما ذابت قبائل أخرى بل بقيت كياناً متميزاً وذات نمط خاص من أنماط الحياة وأردف يقول إن الذي يهم الجميع من هذا ألأمر كله هو أن اسم عسير معروف منذ مطلع القرن الرابع الهجري وأنه ليس اسما مستحدثا كما أشار إليه بعض المؤرخين ممن تنقصهم الدراية والتعمق في هذا الجانب وأما علماء المنطقة منذ القرن السابع الهجري ممن يعتمد بآرائهم وكذلك شعراؤها فهم مجمعون على أن عسير بن شنوءة هو: عسير بن عامر ولقب لعمرو (بن عامر) مزيقيا (وفيه جماع معظم قبائل الأزد في السروات وهو الذي أعطى المكان اسمه، وقد يكون الأسم مشتقاً من عسراً لصعوبة انقياده وأن قبائله سكنت جبال شنوءة وهو جبل يقع في بلاد بني مالك إحدى قبائل عسير ولا يزال معروفا بهذا الاسم وشنوءة لقب لنصر بن الأزد وهو يشمل قبائل الأزد في السروات دون استثناء وكذا قبائل رجال ألمع في أغوارها ثم أورد غريب نسب عسير كتالي « عسير بن عامر بن عمرو (مزيقيا) بن عامر (ماء السماء) بن حارثة (الغطريف) بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، مشيرا في السياق ذاته إلى أن منطقة عسير منطقة غنية بالنقوش التي لو حُلت رموزها لأصبحت شاهدا حيا على الفترة التي سبقت ظهور الإسلام فيها... وقد قال أحد الباحثين إن منطقة عسير من أغنى البلاد السعودية آثارا ولكنها الأقل حظوة من قبل الآثاريين والجهات المسئولة عن الآثار ومنها ما يعود إلى حضارات عاشت ثم بادت قبل ظهور الإسلام (كمدينة جُرش) القاعدة الأولى لهذا الإقليم، ثم عاد غريب لتحدث عن مكانة عسير في العصر الجاهلي فقال لقد احتلت عسير مكانا مرموقا ومرهوبا بين القبائل الأخرى ويرجع ذلك إلى بأسها ومناعة بلادها مما جعلها تفرض إتاوة على عير قريش المنطلقة نحو اليمن عبر أراضيها في رحلتها الموسمية في فصل الشتاء، وعندما سقطت (دولة سبأ) خضعت عسير لنفوذ حمير أو التبابعة الذين مدوا نفوذهم إلى الحجاز واليمامة ولما عمّ نور الإسلام الجزيرة العربية جميعها في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وتطهرت من أدران الجاهلية في أيامه المباركة كانت عسير أسعد بلاد تشرفت بخدمة الدين ونصرة النبي الكريم، ولا تزال تحمل هذه الرسالة وستبقى إن شاء الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها... فكان أول الوفود وصولا إلى الرسول صلى عليه وسلم من جنوب الجزيرة العربية بقيادة الصحابي الجليل (صُرد بن عبد الله الأزدي، وقد أعجب عليه الصلاة والسلام بما رأى من علمهم وسمتهم وحسن هيئتهم حين قدموا لمبايعته على الإسلام فقال عنهم قولته المشهورة التي تناقلتها كتب السير « حُكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء» هذا ولا تزال بعض آثار صدر الإسلام ماثلة العيان في أوطان عسير ومنها، مسجد المسقي المبني عام سبعين للهجرة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، ومسجد آل يزيد الذي أسس عام مائة وستين للهجرة، ومسجد الحرجة، ويعود تاريخه إلى مائة وواحد وتسعين للهجرة، ومسجد خالد بن الوليد الذي يقع إلى الجنوب من بلدة الثّويلة على ضفاف وأدي عمدان بناحية ظهران الجنوب ولاتزال معالمه واضحة إلى يومنا هذا

قبائل عسير (الشهرة - والمكانة - والأصول) ودورها في الفتوحات الإسلامية ليس هُناك شك في أن قبائل إقليم عسير من أشهر قبائل المملكة وأعرقها وأكثرها استقرار في مساكنها، حيث يقال أنها سكنتها منذ ألفين وثلاثة وخمسين عاما وما دعانا إلى تناول هذا الجانب كما يقول غريب هو جهل الكثير من أبنائها بأصولهم فضلا عن تاريخهم الحافل بالأمجاد، وقد بلغ الحال ببعضهم أنه لايدري إلى أي قبيلة ينتمي، وهو أمر مؤسف حقا ونحن ندرك ما قد يحدثه مثل ذلك من غربة بين إنسان هذه المنطقة وموروثه الثقافي والاجتماعي، واستطرد غريب يقول ونحن حينما نتحدث عن (أصول قبائل عسير ودورهم في الفتوحات الإسلامية) فإنما نتحدث عن منطقة تعد من أفقر المناطق في المصادر التاريخية التي تتعلق بقبائلها وأنسابها وتنقلاتها مرجعا ذلك الإهمال من المؤرخين لقبائل عسير إلى انتقال مراكز الخلافة من المدينة إلى الكوفة، ودمشق، وبغداد
أما مشاركة قبائل عسير في الفتوحات الإسلامية فقد ذكر المؤرخ الألمعي محمد غريب، إنه قد برز من قبائل عسير رجال كثيرون، فحينما جهز الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيوش المسلمين لحرب القادسية شاركت قبائل عسير في تلك المعركة إذ تشير أغلب المصادر كطبري وغيره « أن سعد بن أبي وقاص » قد خرج من المدينة قاصدا العراق في أربعة آلاف، ثلاثة آلاف منهم قدموا من اليمن والسراة وهم بارق، وألمع وغامد وسائر أخوتهم إ إضافة إلى ألف وثلاثة مائة من مذحِج التي تعد اليوم جماع قبائل قحطان، أيضا شارك في فتوح جبهة الشام ألف مقاتل من خثعم، عليهم بن ذي السهم الخثعمي، ولم يعودوا إلى أوطانهم حيث استوطنوا فلسطين، وقد ذكر من بطونهم الأُقيصر، بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة ثم إن من خرج من السراة كان معهم « أطفالهم ونساؤهم» أي أنهم كانوا مصممين على تحرير الأراضي المحتلة، ولقد أطلق عليهم لقب أصهار المهاجرين لكثرة من تزوج منهم من المسلمين، وقد أشار سليمان باشا إلى أن حضارة عسير أقدم جدا من حضارة اليمن، ولكنها توارت في ظلمة التاريخ، وقال إن سبب إندثار حضارة عسير كونها في طريق الأمم الآسوية التي كانت تهاجم اليمن، ولعل الحضارة الزراعية التي كانت قائمة من مدرجات وغيرها والتي تملأ المنطقة من قيعان الأودية حتى أعلى المرتفعات لدليل آخر على أن المنطقة كانت تضم كثافات بشرية كبيرة وقد سمها بعض العلماء بلاد سباء الثانية ويقول الكمالي أيضا في تدليله على عمق الحضارة والتاريخ لعسير، » وفي عسير ترى لكل قرية جامعا، ومدرسة، ومخزون مؤونة لأهل القرية كلهم، وبروجا حربية للدفاع عن القرية، كما شاركت قبائل عسير « في حروب التحرير ببلاد الشام وكان لها بلاء في معركة اليرموك.
ولما كانت لهم سابق التجربة والقتال فقد شاركوا في تحرير بيت المقدس من قبضة الصلبيين سنة خمسمائة وثلاثة وثمانين هجرية وذلك في عهد صلاح الدين الأيوبي، وأضاف الكمالي إلى أنه يوجد حتى يومنا هذا في مصر، والعراق قبائل هي فروع من أصول موجودة بالأسماء نفسها في بلاد عسير حتى أن أغاني الفريقين متشابهة تماما، وأضاف غريب يقول وكان لقبيلة خثعم التي من بطونها اليوم ناهس وشهران الدور البارز في مقاومة الأحباش ومنهم مقبل بن حبيب الخثعمي، ونفيل بن حبيب بن عبد الله بن جزي بن عامر بن مالك بن واهب، وهو بيت الشرف والرئاسة في العصر الجاهلي، وفي سنة أربعمائة وعشرين للهجرة صدت قبائل عسير القرامطة، تجدر الإشارة إلى أن القرامطة قد بسطوا نفوذهم على معظم الجزيرة العربية باستثناء إقليم عسير الذي استبسل سكانه في الدفاع عنه
ومن قبائل عسير السراة، ربيعة ورفيدة، أبناء ربيعة بن عمرو الشنوئي الأزدي، وبني مغيد أخوة علكم فهم أبناء مغيد بن أسلم بن عمرو بن عوف بن أسلم بن ثمالة الشنوئي الأزدي، ومن قبائل عسير السراة الخُلص (علكم) أبناء علكم بن أسلم بن عمرو بن عوف بن اسلم الشنوئي الأزدي ومن علكم هؤلاء الصحابي الجليل صُرد بن عبد الله الشنوئي الأزدي الذي قاد وفد شنوءة إلى رسول الله صلى عليه وسلم وكان مسكنهم بمكان يعرف بالموقع فوق قرية المصنعة شرقي أبها ولا يزال لهذا الصحابي عقب إلى اليوم في قبيلة علكم يقال لهم (أولاد عبد الله) أما شهران فإنهم أثرى فروع خثعم وأوسعها، وأما شمران، فإنهم من جنب بن سعد العشيرة من مذحج من قحطان، وأما رفيدة قحطان فهم، بنو رفيدة بن عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن رفيدة الأكبر بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلون القضاعية، ومن قبائل عسير الصُرحاء بنو شهر بن الحجر بن الهنو بن الأزد بن الغوث بن كهلان واسمهم مشتق من احتجاز الجبال لمساكنهم وهم اليوم ينقسمون إلى جذمين كبيرين منهم بنو أثلة بن نصر بن الحجر والأخر بنو سلامان بن مفرج بن عوف بن ميدعان بن مالك بن الأزد ومن قبائل الحجر أيضا بنو عمرو بن الحجر بن الهنو بن الأزد وإذا أطلق أسم الحجر أوريد أربع قبائل تسكن سراة الحجر وهم بنو شهر، وبنو عمرو،وباللحمر، وباللسمر... أشار المؤرخ والباحث، محمد غريب، أن معظم قبائل ألمع ينتمون إلى ألمع بن عمرو بن عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر مزيقيا فهي إذا كما قال غريب شنوئية، أزدية وأسم ألمع مشتق من أسم ذلك أرجل وقد يكون مشتق أيضا من لمع الشيء إذا برق والألمعي أيضا الذكي المتوقد الذهن الحديد اللسان والقلب ومن شعرائهم قديما جثامة بن زهير بن ذيب وأخوه نافع.

سنا الهجرة
02-08-2008, 04:48 AM
يعطيك العافية يابو علي

حسن عابد
02-09-2008, 03:56 PM
هلا وغلا سناالهجرة