المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف أصبح مثقفا؟


اليزيدي
03-06-2008, 08:00 PM
كيف أصبح مثقفا؟

كثيرا ما يسأل المرء نفسه كيف يصبح مثقفا، و يصيبه سؤاله هذا بحيرة مستمرة فمجال الثقافة أوسع من أن يحصر في إطار ضيق، و ينحصر جوابه لنفسه كمبتدئ في قراءة كتب المسابقات الثقافية و سين و جيم و غيرها، و متابعة برامج المسابقات على التلفاز لعله بذلك يرضي طموحه و يحقق هدفه.
إن هذه الطريقة أشبه بوجبة هامبورجر تقدم ضمن الوجبات السريعة ، و لا يمكن من خلالها بأي حال من الأحوال أن يشبع المرء حاجته منها، و ثقافة الهامبورجر هذه رغم بريقها و إغراءاتها الكثيرة لا تحقق و لو الحد الأدنى من متطلبات الساعين بجدٍ نحو الثقافة..
و لكن ما الذي تعنيه لنا كلمة ثقافة بالضبط؟ الثقافة تعني بكل بساطة أن يقطف المرء من كل بستان من بساتين المعرفة زهرة تكون كافية بأريجها لتعطي انطباعا عاما عن فحوى بستانها و خصائصه، لذلك كان التخصص في بستان من البساتين كالطب أو الهندسة أو الفلك أو الأدب عائقا أمام المتخصصين لقطف الزهور من البساتين الأخرى ظنا منهم بأنهم بهذا التخصص باتوا من فئة المثقفين، و هذا هو واقعنا بكل أسف.
لقد أعجبني كثيرا نهج هيئة الإذاعة المصرية في تبني مشروع البرنامج الثقافي الذي خصصت له محطة إذاعية خاصة مثل محطة القرآن الكريم، و يتناول في برامجه شتى ألوان المعرفة بأسلوب مشوق و سلس يحقق على المدى البعيد خلفية معرفية جيدة للمستمع، دون أن يكلفه ذلك جهدا أو إنفاقا زائدأ..
هذا و يختلف اقتناء المرء للكتب باختلاف ميوله و توجهاته، فترى الأديب على سبيل المثال تزخر مكتبته بدواوين الشعر، و الروايات و الكتب النقدية و المعاجم و...، بينما تعج مكتبة السياسي بكتب التاريخ، و الدراسات الاستيراتيجية، و مذكرات الاتفاقيات الدولية .... ، و لا ينفي ذلك بالطبع توفر بعض الكتب القليلة الأخرى في علوم معرفية أخرى في مكتبة كل منهما.
و لعل حرص المرء على القراءة بصفة مستمرة أحد أهم العوامل في تثقيفه بفاعلية أكبر، فيكفي على سبيل المثال أن يقرأ المرء خمسا و عشرين صفحة يوميا من أي كتاب أو مجلة باستثناء تخصصه كأحد أهم العوامل التي تساعد في بناء عقلية تتميز بخلفية معرفية و ثقافية مقبولة.
إن عولمة هذا العصر بما جلبته من تزاحم رهيب في النظم المعلوماتية، و التدفق المعرفي على شبكة الانترنت كوسيلة أساسية للاتصال و التواصل مع العالم الصغير تحتاج بالفعل إلى تركيز تام في كيفية توظيفها كاداة إيجابية و ليس سلبية كما بات يؤمن الكثيرون، و ذلك في إنشاء آليات عملية متناسقة في تصفية الدخيل و تفنيده، و طرح البديل و تسويقه، و هذا بالطبع هو دور مجموعة المثقفين في كل مجمتع و هو الوحيدون الذين تتقرر بهم انتكاسة أو نهضة أي أمة.

واقعي جدا
03-06-2008, 08:24 PM
اليزيدي نقل رائع لموضوع لا جواب له

من هو المثقف؟!منمن
عبدالعزيز السماري

بعبارة أرى انها أكثر دقة.. من هو المفكر؟، دفعني لطرح هذا السؤال ترديد مسمى «المثقفين» في كثير من الخطابات والأطروحات، ومحاولة حصره في مجموعات عن أخرى، أو حصره في أقلية لها سمات وصفات غير محددة تشكلها غالباً رغبة السلطة ووسائلها الإعلامية، وعلى طرف آخر يحاول البعض جاهدا فصل عالم الدين عن المفكر او المثقف، فهل هما حقيقة مختلفان؟..
أسئلة تبحث عن أجوبة.. من هو المثقف؟
وما هي المعايير الواجب توفرها فيه ليستحق الإنسان مصطلح مثقف او مفكر او عالم!!. أبدى «غرامشي» تصورا عريضا للمفكر او المثقف حين أشار الى عدم وجود غير مفكرين، فحسب رؤيته كل إنسان يقوم خارج نطاق مهنته بنوع من أنواع النشاط الفكري.. يكون مفكراً او فيلسوفا وذواقة يساهم في مفهوم معين للعالم..، وبهذا التعريف يتسع مفهوم الثقافة ليشمل جميع الذين يشتغلون بالثقافة إبداعاً وتوزيعاً وتنشيطاً، بوصفها عالماً من الرموز يشمل العلم والأدب والدين، ومنها تخرج طبقات تنطلق من نواة تتكون من المبدعين والمنتجين الى طبقات أخرى يدخل فيها الناشر والموزع ويحيط بهم آخرون يعملون على تطبيق الثقافة من خلال المهنة.. كذلك.. أبدع جاك لوكوف في كتابه الرائد «المثقفون في العصر الوسيط» حين ربط بكفاءة ظهور طبقة المثقفين في القرن الثاني عشر في أوروبا استجابة للمد الثقافي والحضري من العالم الإسلامي والذي صدّر للغرب المخطوطات العربية مع التوابل والحرير.. والمؤكد ان مفهوم المثقف في الغرب ارتقى بعد ميلاد قضية دريفوس الى معنى «أقوى» وأكثر تحديداً لدوره الريادي في المجتمع كصاحب رأي وقضية، وذلك عندما كتب المفكر الفرنسي أميل زولا مقالته الشهيرة: «إني أتهم».. والذي أدى بدوره الى ظهور بيان حمل توقع «المثقفين» في فرنسا على وثيقة تطالب بإعادة محاكمة المتهم «الفريد دريفوس» بقضية تجسس لصالح ألمانيا النازية، وذلك بعد ظهور أدلة تشهد ببراءته ومحاولة الحكومة اليمينية «طمس» الأدلة الجديدة على براءته. رسمت تلك القضية معايير جديدة للمثقف او المفكر ترتكز على شرطين: احدهما رغبته وإصراره على «كشف الحقيقة»، والشرط الآخر ان يكون شجاعاً، وان يكون مستعدا للذهاب بالنقد الى ابعد مدى، وان يحدد ويحلل ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ مجتمع أكثر إنسانية.
وعلى النقيض من موقف أميل زولا الشجاع كمثال على المفكر الحقيقي، يبرز فرناندو كاردوسو وهو مثقف برازيلي بارز وعالم اجتماع يساري، اختير مفكر العام بسبب كتاباته الجريئة عن الفقر وظهور الطبقات الاجتماعية نتيجة لتطرف الرأسمالية، كما عرف بتأييده الشديد لقضايا الليبرالية، ويحظى بشعبية لانتصاره لمآسي الفقر وتدني مستويات الضمان الاجتماعي،.. وخلال تلك الفترة وصلت ملحمة الديون في البرازيل الى طور متدهور بسبب ضغط الدائنين على الحكومة لإعادة الهيكلة وتنفيذ سياساتها المالية لضمان عائد مالي يسدد على الأقل فوائد الديون ويسمح بسياسة اقتصادية تقشفية يديرها الدائن الامريكي لتضمن حقوقهم المالية، وكان لا بد من منفذ لسياساتها المتشددة والموجهة ضد الإنسان الفقير، وحدث ان اختير «كاردوسو» وزيراً للمالية لوجود حالة من الرضى عنه في وسط الشارع البرازيلي، وشعرت دوائر الدائنين بالتخوف من تاريخه النضالي ضد الرأسمالية المتطرفة، ولكن سرعان ما اطمأنت عندما قال في اجتماع مع كبار المصرفيين والصناعيين:
«انسوا كلَّ ما كتبته»
وفعلاً نفذ ذلك المثقف المناضل «سابقاً» جميع سياسيات الدائن الأمريكي، وازدادت حالة الفقر شدة، وأصبح التعليم والضمان الصحي في أوضاع سيئة وللأغنياء فقط!!. وفي تاريخنا الثقافي الإسلامي، يبرز عصر علم الكلام بعد سنين الخلاف كأهم مرحلة «ربما» في تاريخ الفكر الإنساني تؤسس ما هية ومعاني جديدة لدور الفكر والإبداع: البحث عن الحقيقة والرأي الشجاع. كما أدى خروج علماء يقفون ضد العوائق في سبيل مجتمع أكثر تسامحاً وعدلاً الى خلق نواة فكرية مبدعة وظهور تطبيقات وأمثلة رائعة على مثالية ونزاهة المفكر المسلم في القرون الأولى. هناك من يعتقد ان ذلك العصر، كان الميلاد الحقيقي لظهور المثقف القوي صاحب الرأي الشجاع، وربما لندرة الحفريات الفكرية في تلك الحقبة التي تنازعتها موجات التكفير والنفي، ضاعت بعض من الحقيقة التاريخية حول تصنيفاتها وتأصيل مواقفها الفكرية بصورة دقيقة لتصبح مثالاً يحتذى به في حاضرنا المهزوم فكرياً، وربما أدى فشل ذلك الجهد العظيم في إصلاح اعوجاج النهج السياسي «الأحادي»، الى اختفائه وانحسار تأثيراته الاجتماعية. كان النهج الامبراطوري السياسي في القرن الرابع الهجري مسرحاً، لخروج طبقة من المثقفين «غير المفكرين»، المتفعين والباحثين عن مردود مادي من خلال نشاطاتهم الثقافية، ولبدء نسق ثقافي، كان اغلبهم على نمط أبي اسحاق الصابي، والذي كلفه عضد الدولة بكتابة تاريخ بني بويه، ويحكى ان مرّ عليه احد زواره فسأله عن ما يفعل فأجاب:
«أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفقها»..
سيظل السؤال يطرح نفسه مرة أخرى ومراراً وتكراراً، كلما مرّت نماذج «الصابي» و«كاردوسو» في واقعنا المتكررة صوره من جديد: «من هو المثقف»؟..


من هو المثقف ؟
عبدالعزيز السماري

مدهش
03-06-2008, 08:45 PM
أما انا و الله لو أحب السماء ما تعديت حالي اللي أنا فيه
يمكن الفين نعم و الا انا لا

اليزيدي
03-06-2008, 08:53 PM
الاخ العزيز

واقعي جدا


مداخلتك ومتابعتك ومرورك تاج ووسام علي صدري

سلمتك يداك

H Y T H A M
03-06-2008, 10:29 PM
مشكور ياليزيدي

Naif
03-07-2008, 03:37 PM
موضوع متميز كعادتكم اخوي ابو راكان ومداخله راائعه ومفيده جدا من اخوي واقعي جدا

جزاكم الله خير