تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البنوك السعودية.. البحث عن مخرج فقهي لعمولات الحسابات الجارية


عثمان الثمالي
04-26-2008, 09:16 AM
الاقتصادية 26/04/2008

يقوم الجهاز المصرفي بدور القلب في هيكل الاقتصاد الوطني، ويسهم في مسيرة النمو والتنمية من خلال التمويل الذي يضخه في شرايين القطاعات الاقتصادية المختلفة. ولأن التمويل الذي يتم ضخه في الاقتصاد يأتي من أربعة مصادر، هي: التمويل الحكومي، التمويل المصرفي، التمويل الأجنبي، والتمويل الذاتي المتوافر لدى القطاع الخاص، فإن دور التمويل المصرفي يصبح ذا أهمية كلما زادت درجة الانفتاح الاقتصادي، وإعمال آليات السوق، وكلما توسع دور القطاع الخاص في مسيرة النمو والتنمية الاقتصادية على حساب تراجع دور القطاع الحكومي. هنا تقرير أعده مجلس الغرف السعودية حول القطاع المصرفي السعودي:

لأن القطاع الخاص في المملكة أصبح شريكا أساسيا في الاستثمار وفي النشاط الاقتصادي بصفة عامة، فإن التمويل الذي يقدمه القطاع المصرفي للقطاع الخاص أصبح في غاية الأهمية، وذلك لتمكين القطاع الخاص من النهوض بدوره في النشاط الاقتصادي بكفاءة. وقد نجح القطاع المصرفي بشكل كبير في توفير التمويل للقطاع الخاص، كما تمكن من رفع القدرة التنافسية لوحداته أمام المصارف الأجنبية التي دخلت السوق المحلية بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية. ومع ذلك ما زال القطاع المصرفي في المملكة بحاجة إلى تدارك بعض الأمور، حتى يلبي احتياجات القطاع الخاص الوطني من التمويل والخدمات المالية، وكذلك حتى يرفع درجة رضا العملاء من المنشآت والأفراد عن الخدمات المصرفية والمالية التي يقدمها، خاصة في ظل تزايد المنافسة في مجال الخدمات المالية والمصرفية في السوق المحلية وفي الأسواق العالمية.

ويركز هذا الموضوع على تحليل أوضاع القطاع المصرفي الوطني وما حققه من نتائج، وما يقوم به من دور في مسيرة النمو والتنمية الاقتصادية، خاصة في مجال توفير التمويل للقطاع الخاص من المنشآت والأفراد، وكذلك ما يسهم به في الجوانب الأخرى، مثل الجوانب الاجتماعية وتوطين الوظائف. كما يتطرق الموضوع للتحديات التي تواجه القطاع المصرفي وكيفية التغلب عليها، وما يمكن القيام به لتعزيز كفاءة أداء القطاع المصرفي وتعزيز مساهمته في تمويل عملية التنمية، ورفع جاهزيته لمواجهة المنافسة الخارجية في ظل زيادة الاندماج في الاقتصاد العالمي.


أولا: تطوير أداء القطاع المصرفي في المملكة

يمكن رصد التطور الكبير في أداء القطاع المصرفي الوطني من خلال إبراز المؤشرات التي تعكس تطوير نطاق وكثافة تغطية المصارف وفروعها في جميع مناطق المملكة، التي تعكس تطور المركز المالي الموحد للمصارف، وتطور حجم الودائع المصرفية بأنواعها، وتطور صافي أرباح المصارف، ورؤوس أموالها واحتياطياتها، وغيرها من المؤشرات على النحو التالي:

أ ـ تطور عدد وفروع المصارف السعودية:
واصل القطاع المصرفي تطوره وتوسعه من خلال زيادة عدد المصارف وزيادة عدد فروعها، وهو ما أدى إلى توافر وانتشار الخدمات المصرفية بأنواعها كافة على نطاق واسع في جميع مناطق المملكة. وتشير الأرقام إلى أن عدد المصارف في المملكة بلغ 17 مصرفا، وأن عدد فروعها بلغ 1353 فرعا حتى نهاية عام 2007، وذلك مقابل 1289 فرعا نهاية عام 2006.
وتحظى المنطقة الوسطى بأعلى نسبة تغطية من حيث عدد الفروع، وتصل إلى 33.3 في المائة، تليها المنطقة الغربية بنسبة 27 في المائة، ثم المنطقة الشرقية بنسبة 17.5 في المائة، ثم المنطقة الجنوبية بنسبة 11.9 في المائة، وأخيرا المنطقة الشمالية بنسبة 10.2 في المائة.

ب ـ تطور المركز المالي الموحد للمصارف السعودية
نجحت المصارف الوطنية في تعزيز مراكزها المالية بشكل متواصل طوال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع إجمالي موجودات المصارف ليصل إلى نحو 107.52 مليار ريال في تموز (يوليو) 2007، مقابل 861.1 مليار ريال عام 2006، و508.2 مليار ريال عام 2002.

ج ـ تطور حجم الودائع المصرفية في المملكة
واصلت الودائع المصرفية بأنواعها كافة الارتفاع محققة معدلات نمو عالية، حيث ارتفع إجمالي الودائع ليصل إلى 717564 مليون ريال نهاية عام 2007. وكان الارتفاع شاملا أنواع الودائع كافة، حيث ارتفعت الودائع تحت الطلب بنسبة 11 في المائة، وارتفعت الودائع الزمنية والادخارية بنسبة 36.8 في المائة، وارتفعت الودائع شبه النقدية بنسبة 16.2 في المائة.

وفي السياق نفسه ارتفعت ودائع القطاع الخاص بنسبة 16.2 في المائة لتمثل 80.3 في المائة من إجمالي الودائع المصرفية. كما ارتفعت ودائع القطاع العام بنسبة 44 في المائة لتمثل 19.7 في المائة من إجمالي الودائع. ويرجع ارتفاع الودائع المصرفية لعدة عوامل أهمها زيادة الإنفاق الحكومي، وزيادة الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص.

وواصلت احتياطيات المصارف السعودية نموها خلال السنوات الأخيرة (تشمل النقد في صندوق المصارف، وودائع البنوك لدى مؤسسة النقد العربي السعودي). وقد عززت هذه الاحتياطيات مستوى الجدارة الائتمانية للمصارف، حيث ارتفعت نسبة الاحتياطيات إلى إجمالي الودائع بشكل ملحوظ لتتجاوز 15 في المائة في نهاية عام 2007م. مقابل 8.8 في المائة في عام 2006م، ومقابل 8.5 في المائة عام 2002م. والشكل رقم (2) يوضح تطور نسبة الاحتياطيات المصرفية إلى إجمالي الودائع في القطاع المصرفي السعودي منذ عام 2002م وحتى نهاية عام 2007م.

هـ. تطور أرباح المصارف السعودية
تطورت أرباح المصارف الوطنية طوال السنوات الماضية بشكل متنام, وذلك باستثناء تراجع طفيف فيها عام 2007م, حيث زادت هذه الأرباح بنسبة 35.3 في المائة عام 2006م, لتصل إلى نحو 34665 مليون ريال, وذلك مقابل 10556 مليون ريال عام 2002م. وهذا يعني أن صافي أرباح المصارف الوطنية زاد نحو تسعة مليارات ريال, فقدت منها نحو أربعة مليارات عام 2007م والجدول رقم (3) يوضح تطور صافي أرباح المصارف السعودية منذ عام 2002م حتى تموز (يوليو) 2007.

و. مؤشر توافق المصارف السعودية مع معيار لجنة بازل
توافق المصارف مع معيار لجنة بازل، مؤشر نسبة رأسمال إلى الموجودات المصرفية مرجحة المخاطر, وهذا المعيار موصى به من لجنة بازل المصرفية, والملاحظ أن المصارف الوطنية حققت معدلا يفوق بكثير المعدل الموصى به من اللجنة, حيث ارتفع رٍأسمال واحتياطيات المصارف ليصلا في عام 2006م إلى نحو 79.9 مليار ريال, وقد سجلت نسبة رأسمال والاحتياطيات إلى إجمالي الودائع 13.5 في المائة عام 2006م وارتفعت نسبتها إلى إجمالي الموجودات نحو 9.3 في المائة, وبلغت نسبة رأسمال إلى الموجودات مرجحة المخاطر وفقا لمعيار لجنة بازل في نهاية عام 2006م نحو 21.9 في المائة, وهو معدل يفوق بكثير المعدل الموصى به من لجنة بازل.


ثانيا: التحديات التي تواجه المصارف السعودية

رغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها المصارف الوطنية في المجالات المختلفة, التي كشفت عنها المؤشرات السابقة, إلا أن البيئة الاقتصادية التي يغلب عليها الانفتاح والمنافسة تفرض على المصارف الوطنية مجموعة من التحديات أهمها ما يلي:

أ - زيادة رؤوس أموال المصارف:
نظراً لأن هناك نسبا مئوية محددة لا يمكن تجاوزها لمستويات الإقراض التي تستطيع البنوك تقديمها كنسبة من حقوق المساهمين ورأس المال, فإن المخرج الوحيد أمام البنك للتوسع في الإقراض أن يقوم برفع رأسماله. ولذلك بدأت في عام 2006م بوادر توجه العديد من المصارف الوطنية نحو زيادة رؤوس أموالها. وذلك من أجل المحافظة على وجودها الفاعل في سوق تمويل الشركات, ولمواكبة توجه هذه الشركات لإصدار سندات تمويل أو صكوك لتمويل مشاريعها, وحتى ينعكس ذلك على مستوى أرباحها, ولرفع مستوى تصنيفها وفقاً لمعايير الملاءة المالية للجنة بازل. ولذلك فإن نجاح المصارف في استغلال الطفرة الراهنة وارتفاع السيولة لرفع رؤوس أموالها, يعد أحد المهام التي تستوجب على المصارف الوطنية أن تتهيأ لأن تشارك في رفع رؤوس أموالها, لتستطيع تمويل المشاريع المخطط إنجازها خلال المرحلة المقبلة.

ب - مواجهة المنافسة الداخلية والخارجية:
تشتد حدة المنافسة التي تواجهها المصارف الوطنية يوماً بعد يوم سواءً كانت منافسة فيها بينها أو منافسة مع المصارف الإقليمية والدولية, ورغم أن هذه المنافسة أمر صحي لصالح المصارف والعملاء على السواء, حيث تدفع المصارف لتحسين جودة الخدمات التي تقدمها للعملاء (وهذا في حد ذاته يشكل تحديا كبيرا أمام المصارف الوطنية). ومع ذلك فإن فتح الباب للمصارف الأجنبية وزيادة المنافسة في مجال الخدمات المصرفية يجب أن يكون خاضعا للضوابط والمعايير الدولية المتعارف عليها في هذا المجال.

فليس المقصود بزيادة المنافسة هنا هو المنافسة في المجال المصرفي هي المنافسة طويلة الأجل, التي تعتمد على قدرة البنك على المحافظة على أموال ومصالح العملاء, وقدرة البنك على مواجهة أي تقلبات في الأسواق المحلية والدولية. ومن ثم يجب أن يكون المعيار الأساسي في هذه المنافسة الالتزام والمسؤولية المصرفية طويلة الأجل, وليس مجرد استغلال الطفرة ثم الرحيل أو تقليص الأعمال عندما تذهب هذه الطفرة.

ج - استغلال فرصة الدخول في مجال البنوك الاستثمارية:
يلاحظ من محدودية عدد الفروع التي فتحتها البنوك التي دخلت السوق السعودي حديثاً (باستثناء بنك البلاد) أن هذه البنوك لديها توجه استراتيجي واضح. وهو تفادي استهداف سوق التجزئة المصرفية (على الأقل في هذه المرحلة), والتركيز على تقديم الخدمات للشركات، خاصة خدمات القروض المجمعة وإدارة الثروات الخاصة, وخدمات البنوك الاستثمارية كعمليات الدمج الاستحواذ, والاستثمار الخاص في شركات دولية, والطرح العام, ورفع رأس المال (هذا لا ينفي تماما احتمالات زيادة المنافسة بين المصارف المحلية الأجنبية في المستقبل على تقديم الخدمات المصرفية للأفراد, وخاصة في مجال الودائع والحسابات الجارية). وهذا يعني أن هذه البنوك تضع أعينها على تقديم الخدمات المصرفية التي تتميز بارتفاع عائدها وقلة الحاجة إلى العمليات المصرفية المطلوبة لإتمامها, كما أن هذا يوضح أن خدمات البنوك الاستثمارية تعد من الخدمات الواعدة في النشاط المصرفي في المملكة.

وقد بدأت البنوك الوطنية بمبادرات للدخول في نشاط البنوك الاستثمارية، حيث قامت معظم البنوك بإنشاء وتطوير وحدات البنوك الاستثمارية، وذلك تمهيدا لفصل هذه الوحدات والترخيص لها كبنوك استثمارية متخصصة. ويتبين من ذلك أن الخدمات المصرفية الاستثمارية هي فرصة استراتيجية أمام البنوك الوطنية، ومصدر مهم للأرباح التي قد تغير النتائج المالية للقطاع المصرفي، ومن ثم يبقى التحدي القائم أمام البنوك الوطنية متمثلا في النجاح في الولوج إلى هذا النوع من الخدمات، والنجاح في منافسة شركات الوساطة المالية التي تم الترخيص لها أخيرا بالدخول في هذا المجال. زاد عددها عن 40 شركة تقريبا، واستغلال ما يتوافر لديها من خبرات وإمكانيات وموارد وعلاقات مع القطاع الخاص لحسم هذه المنافسة لصالحها.

د ـ إيجاد مخرج فقهي لقضية دفع عمولات على الحسابات الجارية:
من المعروف أن الحسابات الجارية هي أهم المنتجات المصرفية والأكثر شيوعا في المملكة، وتعتمد عليها البنوك الوطنية بشكل كبير منذ إنشاء أول بنك سعودي، وهي حسابات لا تدفع عليها البنوك الوطنية أي عمولات حتى الآن، ولكن في ظل سعي البنوك الأجنبية (في تنافسها مع البنوك الوطنية) لاستقطاب الحسابات الجارية، قد تجد بعض البنوك الإسلامية مخرجا فقهيا يسمح لها بدفع عمولات على أرصدة الحسابات الجارية، وهو ما قد يفقد البنوك الوطنية جزءا كبيرا من هذه النوعية من الأرصدة، ولذلك فإن البنوك الوطنية مطالبة بالإسراع في إيجاد مخرج فقهي مناسب لدفع العمولات على الحسابات الجارية، قبل أن تصبح في وضع المضطر لاتخاذ هذه الخطوة لمنافسة البنوك الأجنبية، في حالة قيام الأخيرة بالسبق في اتخاذ هذه الخطوة.

هـ ـ تحقيق الأمن المعلوماتي والتغلب على عمليات الاحتيال المصرفي:
استحوذت التعاملات الإلكترونية على نحو 80 في المائة من إجمالي عدد العمليات المصرفية في المملكة عام 2006م، حيث نفذت البنوك السعودية نحو 700 مليون عملية مصرفية إلكترونية، تصل قيمتها إلى 14 ألف مليار ريال، تمت من خلال عدة منافذ، منها أجهزة الصراف الآلي والإنترنت ونقاط البيع، وقد نجحت البنوك الوطنية في ذلك من خلال إرساء بنية إلكترونية مصرفية متطورة، ورغم الجهود الكبيرة التي قامت بها المملكة للتغلب على عمليات الاحتيال والاختراق المصرفي، إلا أن هناك تحديا متمثل في زيادة درجة تأمين البنوك لهذه التعاملات، وحماية نظام المعلومات المصرفية من الاختراق والمخاطر المصاحبة له، وخاصة من خلال شبكة الإنترنت، حيث يأتي ما بين 50 في المائة إلى 70 إلى مائة منها من الخارج، وتتمثلا أهم المخاطر التي تواجه التعاملات الإلكترونية المصرفية في استدراج العملاء والفيروسات والتجسس وسرقة الهوية أو كلمة السر، واستخدام ذلك في سرقة الحسابات.

و ـ الحذر من خطورة انكشاف المصارف على قطاع العقارات:
رغم عدم تأثر البنوك الوطنية بأزمة الرهن العقاري الأمريكي التي ضربت العديد من المصارف وأسواق المال خلال شهري آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر)، وبدأت آثارها تظهر بوضوح خلال عامي 2007، 2008، وكذلك رغم تحمل البنوك الوطنية للهزة التي تعرضت لها سوق الأسهم وعمليات التصحيح التي مرت بها خلال الفترة الأخيرة، إلا أن هناك خطورة قد تتعرض لها المصارف الوطنية في حالة تعرض قطاع العقارات الوطني لصدمة قوية، وذلك بسبب تزايد التمويل المصرفي المقدم لقطاع العقارات في الفترة الأخيرة.

فرغم أن هذا القطاع يعد محركا للنمو، فقد يكون أيضا محركا لزيادة المخاطر للقطاع المصرفي، خاصة إذا ارتفع سعر الفائدة بشكل يرفع أعباء ديون المستثمرين في القطاع العقاري، ويحد من فرص حصولهم على التمويل بتكلفة مناسبة لاستكمال مشاريعهم.


ثالثا: دور القطاع المصرفي الوطني في تقديم التمويل للقطاع الخاص:

توسعت المصارف الوطنية في تقديم الائتمان والخدمات المصرفية المختلفة للقطاع الخاص (المنشآت والأفراد) حيث أصبح القطاع الخاص يمثل العميل الأول لهذه المصارف في معظم الخدمات التي تقدمها، ويتضح من البيانات المتوافرة في هذا المجال ما يلي:

1 ـ حصول القطاع الخاص على نصيب كبير من الائتمان المصرفي، حيث ارتفع إجمالي مطلوبات المصارف من القطاع الخاص ليصل إلى نحو 577882 مليون ريال في نهاية عام 2007، مقابل 476020 مليون ريال عام 2006، وبذلك تشكل المطلوبات على القطاع الخاص أكثر من 75 في المائة من إجمالي المطلوبات المستحقة للمصارف (لدى القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات المالية غير النقدية)، في حين تمثل نسبة المطلوبات على القطاع العام الحكومي نحو 25 في المائة، وذلك مقابل نسبة 64 في المائة للقطاع الخاص، 36 في المائة للقطاع العام في عام 2004، ولا شك أن السبب الأساسي في ذلك هو توسع نشاط ودور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، وزيادة احتياجه إلى التمويل المصرفي لتمويل هذا التوسع، ولملء الفراغ الناتج عن تراجع دور القطاع العام في الاستثمار والنشاط الاقتصادي.

2 ـ تنوعت مطلوبات المصارف على القطاع الخاص بين ائتمان مصرفي وقروض وسلفيات وكمبيالات مخصومة واستثمارات في أوراق مالية خاصة، والملاحظ أن مبالغ الائتمان المصرفي والقروض والسلفيات الممنوحة للقطاع الخاص ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.

3 – يلاحظ من توزيع الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص أن النشاط التجاري يستحوذ على النصيب الأكبر من هذا الائتمان، وأن الائتمان الممنوح له تزايد بشكل ملحوظ، يليه في ذلك نشاط التمويل، ثم النشاط الصناعي (رغم تراجع نصيبه من إجمالي الائتمان المصرفي للقطاع الخاص خلال السنوات الثلاث الأخيرة)، وجاء بعد ذلك قطاع البناء والتشييد، ثم قطاع النقل والاتصالات (رغم تراجع حصته من الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص بشكل ملحوظ).

4 - أسهم القطاع المصرفي في تمويل جانب كبير من واردات القطاع الخاص، وارتفع إجمالي التمويل المصرفي المقدم لهذا الغرض بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، بحيث وصل إلى 168518 مليون ريال عام 2007م مقابل 132292 مليون ريال عام 2006م. والملاحظ أن النصيب الأكبر من هذا النوع من التمويل ذهب إلى تمويل واردات السلع الغذائية، تليها واردات السيارات، ثم مواد البناء، والآلات، والمنسوجات والأجهزة.


الخلاصة:

إن النظرة المستقبلية للاقتصاد الوطني نظرة إيجابية بكل المقاييس، وستستفيد منها القطاعات كافة في المملكة، ولذلك يجب أن يكون القطاع المصرفي في تقديم الخدمات المصرفية المتنوعة المتنوعة، وخاصة توفير التمويل اللازم لقيام القطاع الخاص بدوره المتزايد في مسيرة التنمية والنمو الاقتصادي، وكذلك لتوفير التمويل اللازم للمشاريع الاقتصادية العملاقة المخطط إنجازها في السنوات المقبلة، مثل مجموعة المدن الاقتصادية التي تم الإعلان عنها أخيراً، ومشاريع البنية الأساسية التي سينفذها القطاع الخاص، والمشاريع المرتبطة بصناعة النفط والطاقة.

هذا إضافة إلى فرص الاستفادة من اتساع سوق الخدمات المصرفية المقدمة للأفراد في المملكة، وخاصة الإقراض الاستهلاكي المرتبط بزيادة متوسط الدخل السنوي للمواطن.

وحتى يحقق القطاع المصرفي هذه الطموحات ويحسم المنافسة لصالحه عليه تدارك مجموعة من الأمور، تتمثل في التغلب على مجموعة التحديات التي يواجهها، وفي مقدمتها زيادة رؤوس أموال المصارف، ومواجهة المنافسة الداخلية والخارجية، واستغلال فرصة الدخول في مجال البنوك الاستثمارية، وإيجاد مخرج فقهي لقضية دفع عمولات على الحسابات الجارية، وتحقيق الأمن المعلوماتي والتغلب على عمليات الاحتيال المصرفي، والتحوط من خطورة الانكشاف على قطاع العقارات.