المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اتجاهات الحكم والتقدير


ورد الجوري
05-25-2008, 07:21 PM
خلال تعاملنا مع الآخرين في مجال العمل ( أو في أي مجال آخر ) نقوم بإدراك تصرفاتهم وتكوين الانطباعات عنهم.
وتقودنا هذه الانطباعات إلى افتراض أسباب معينة لتصرفاتهم، وتجعلنا نتنبأ بالطريقة التي سيتصرفون بها في المستقبل.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل الانطباعات التي نكونها عن الآخرين انطباعات صحيحة أم خاطئة؟
في الحقيقة أنه يصعب الإجابة عن هذا السؤال لأننا لا نملك معايير موضوعية تحدد لنا ما هو الانطباع الصحيح وما هو الانطباع الخاطئ .إلا أننا نستطيع أن نؤكد بأن انطباعاتنا عن الآخرين تتأثر إلى حد كبير بالعديد من العوامل الذاتية كالميول ، والمشاعر ، والقيم ، والأفكار المسبقة 0000 الخ ن وكذلك تتأثر بانطباعاتنا نحن عن انفسنا0
ومن المهم أن يفهم المرء أن هناك العديد من الاتجاهات الإنسانية التي تقود إلى أحكام غير سليمة عن الأشياء والأفراد0
ويعتبر إدراك هذه الحقيقة نقطة البداية السليمة نحو التخلص من آثارها السلبية على الحكم والتعامل مع الآخرين ، إذا من الممكن عند تعامل الأفراد مع بعضهم بعضاُ أن تكون هناك تحيزات أو أخطاء في التصور والإدراك0
وسوف نناقش فيما يلي بعض العوامل التي تؤثر على الحكم والتقدير والتي يطلق عليها اتجاهات الحكم والتقدير(judgement And perception ) ونهدف من خلال هذا العرض إلى التأكيد على ضرورة إدراك وفهم تأثيرات هذه الاتجاهات على سلامة الحكم والتقدير ، وهذه الاتجاهات هي :
(1) الانطباع الأول (FIRST IMPRESSION) :
يتم تكوين الانطباعات عن الآخرين مبكرا جداُ في تاريخ العلاقات بين الأفراد ، ويمثل ذلك الاتجاه مشكلة عندما يكون الانطباع الأول هو انطباع خاطئ ، ذلك لأن من خصائص الانطباع الأول أنه مستقر ، ويدوم لفترة زمنية طويلة نسبياُ ، ومن الصعب تغييره0
وفي العادة يستغرق اللقاء الأول بين الأفراد وقتاُ قصيراُ نسبياُ ، ومن ثم فإن الانطباعات المبكرة تكون معتمدة على معلومات محدودة عن الأفراد0 ولذا فإن هناك احتمالات كبيرة أن يكون الانطباع الأول انطباعاُ خاطئاُ0
إن الفكرة الأساسية التي نقدمها هنا هي أنه يجب أن يدرك الإنسان التأثيرات القوية للانطباع الأول ، وأن يكون قادراُ على تعديل انطباعاته بما يتلاءم مع توافر معلومات إضافية عن الأفراد من خلال تكرار التعامل معهم ، بدلا من الثبات على الانطباع الذي يكون في ظل كمية محدودة من المعلومات0
(2) التأثير العام (HALO EFECT) :
المقصود بالتأثير العام هو تقويم عنصر أو خاصية واحدة عن الأفراد ومن ثم تعميم هذا التقويم على باقي العناصر أو الخصائص المرتبطة بالأفراد 0 وفي أحيان كثيرة يكون هذا التعميم تعميماُ خاطئاُ ، حيث أن التقويم الجيد أو السيْ لعنصر واحد لا يعني بالضرورة أن باقي العناصر مشابهة له0
وعادة ما يحدث التقويم الخاطئ في حالة تقويمنا لجانب أو عنصر نعتبره هاماُ ، فعلى سبيل المثال :إذا كنا نهتم بأسلوب الآخرين في الحديث ، فإنه يمكن أن نحكم حكما إيجابيا أو سلبياُ بصفة عامة على فرد ما من مجرد تقويم سلوكه فيما يتعلق بالحديث 0
ويجب أن يدرك الإنسان أبعاد التأثير العام أو التعميم الخاطئ ، حيث قد يتأثر في تقويمه للأفراد بجوانب محدودة يعتبرها هامة ويتجاهل جوانب أخرى كثيرة في الأفراد0 أن خطورة التأثير العام تكمن في التعميم الخاطئ والذي يقود بدوره إلى سلوكيات معينة تؤثر بشكل كبير على العلاقة مع الاخرين0
(3) النظريات الضمنية عن الشخصية :
تشير الدراسات إلى أن كل فرد منا هو عالم نفس مبتدئ ، حيث أننا جميعاُ لدينا اتجاهات نحو تصنيف الآخرين طبقاُ لأنماط مختلفة من الشخصية ، ويمثل كل نمط مجموعة من الخصائص الفردية0
من الثابت أن الانطباع الذي نكونه عن شخص آخر لا ينشأ نتيجة جمع بسيط لصفاته الإيجابية والسلبية ، بل إن علاقة هذه الصفات بعضها ببعض هي التي تحدد الانطباع بحيث أن أي تغيير في أية صفة من هذه الصفات قد يؤدي إلى تعديل مجمل الانطباع0
أعطى أحد الباحثين مجموعة من الأشخاص قائمة تتضمن الصفات الآتية عن شخص معين : ذكي ، لبق ، ماهر ، دافئ ، مصمم ، عملي ، حذر 0 فيما أعطى مجموعة أخرى من الأشخاص القائمة نفسها مستبدلا فقط كلمة ( دافئ) بكلمة ( بارد) ، وطلب من كل مجموعة أن تعبر عن انطباعاتها عن الشخص الموصوف 0 وقد ظهر أن انطباعات الأولى( حيث توجد في قائمتها دافئ) تحدثت عن شخص كريم ومرح وعفوي ، في حين تحدثت المجموعة الثانية ( حيث توجد في قائمتها كلمة بارد ) عن شخص أناني 0 ومن هنا نلاحظ أن استبدال صفة واحدة فقط أدى إلى تعديل هام في الانطباع العام0 لذا فإن انطباعاتنا عن الآخرين تتأثر على حد كبير ببعض صفاهم الشخصية التي نعلق عليها أهمية خاصة0
(4) الأنماط المحفوظة (STEREOTYPING) :
وتسمى ايضأ القوالب المنمطة أو الجاهزة ، وبمعنى آخر هي أحكامنا المسبقة وانطباعاتنا عن الآخرين ، حيث تتأثر انطباعاتنا عن الآخرين في أغلب الأحيان بأحكامنا المسبقة0 فكل منا يحمل في ذهنه أحكاماُ مسبقة ، أي تلك الأحكام ( الإيجابية أو السلبية ) الراسخة في أذهاننا حول مهنة معينة أو مركز وظيفي معين أو جماعة معينة أو شخص ما 0 ولا شك أن هذه الأحكام المسبقة تؤثر تأثيراُ كبيرا على الانطباعات التي نكونها عن الآخرين الذين يحتلون هذا المركز أو ينتمون إلى هذه المهنة أو هذه الجماعة ، أو لهم صلة قرابة بهذا الشخص أو يشبهونه0
وتكمن المشكلة هنا في أن هذا التعميم من المجموعة إلى الفرد قد يكون تعميماُ خاطئاُ ، ذلك لأنه على الرغم من أن هناك خصائص عامة للأفراد الذين ينتمون إلى مجموعة معينة ، إلا أن هناك ( ولا شك ) اختلافات فردية 0 وتكبر مشكلة هذا التعميم عندما تكون الأنماط المحفوظة نفسها أنماطاُ متقادمة أو خاطئة0
(5) عمل الاستنتاجات السببية (MAKINGCAUSAL INFERENCES) :
لا شك أننا جميعا نرغب في معرفة الأسباب التي تكمن وراء سلوك الآخرين ، ومن الملاحظ أن كثيراُ من الناس يقعون في أخطاء كثيرة عند تحديدهم لهذه الأسباب ، حيث يختلف أسلوب التفكير في تحديد أسباب السلوك في حالة ما إذا كان هذا التحديد مرتبط بسلوكنا نحن أو مرتبط بسلوك الآخرين 0
ففي حالة تفسير السلوك والنتائج بالنسبة للآخرين فإننا نميل بصفة عامة إلى تفسيرها بأسباب شخصية ترجع لشخصيات الآخرين مباشرة ، ونقلل من أهمية الأسباب المرتبطة بالبيئة المحيطة بهم 0 بينما في حالة تفسير سلوكنا أو النتائج التي تترتب على سلوكنا نحن ، فإن التفسيرات تختلف باختلاف نوعية النتائج 0 ففي حالة النتائج الجيدة نفسر السلوك والنتائج بعناصر ترتبط بنا شخصياُ ، أما في حالة النتائج السيئة ، فإننا نفسر السلوك والنتائج بعناصر مرتبطة بالبيئة المحيطة بنا0
و لاشك أن ظاهرة تفسير الآخرين بأسباب شخصية وتفسير سلوكنا بأسباب شخصية فقط في حالة النجاح ، يعني أننا عادة ما نغفل تأثير العناصر البيئية على الآخرين ، ومن ثم فقد نصل إلى استنتاجات سببية خاطئة فيما يتعلق بالآخرين ويؤثر ذلك على علاقتنا معهم واتصالاتنا بهم0
(6) انتماؤنا الاجتماعي وانطباعاتنا عن الآخرين :
يؤثر انتماؤنا على جماعة معينة كشعب أو أسرة أو جماعة مهنية معينة على إدراكنا الفردي للجماعات الأخرى 0 فنحن نقوم بتقويم الجماعات الأخرى متأثرين بالمعلومات التي نقلتها إلينا عنهم الجماعة التي ننتمي إليها ، ويتولد لدينا عن هذا الطريق مدركات ثابتة عن هذه الجماعات الأخرى0 وهذا العامل يمكن أن نقول أنه نوع من أنواع ( الأنماط المحفوظة ) (Stereotyping)0
(7) صورتنا عن أنفسنا وانطباعاتنا عن الآخرين :
تتأثر انطباعاتنا ( الإيجابية أو السلبية) عن الآخرين بصورتنا نحن عن أنفسنا 0 فالصورة الإيجابية عن أنفسنا قد تفسح المجال لواحد من احتمالين :
أ- إما أن نٌسقِط ونعمم هذه الصورة على الآخرين ن فنكون انطباعاً إيجابياً عنهم وعلى وجه الإجمال0
ب- وإما أن تولد لدينا هذه الصورة شعوراً بالاستعلاء على الآخرين ، وهو الشعور الذي قد يصور لنا الآخرين على أسوء حال 0
أما الصورة السلبية عن أنفسنا فقد تفسح المجال هي أيضاً لواحد من احتماليين :
أ – إما أن نٌسقِط ونعمم هذه الصورة على الآخرين فنكون انطباعاُ سلبياُ على وجه الإجمال 0
ب- وإما أن تولد لدينا هذه الصورة شعوراُ بالدونية تجاه الآخرين ، وهو الشعور الذي يصور لنا الآخرين على أفضل حال 0

(8) سلوك الآخرين وانطباعاتنا عنهم :
الواقع أننا نكون انطباعاتنا عن الآخرين من خلال مؤشرات بسيطة تتعلق بسلوكهم في مواقف معينة 0 أما المعلومات التي تنقصنا عنهم فإننا نميل إلى أن نضيفها من عند أنفسنا لتساعدنا في النهاية على تكوين انطباع عام عن هؤلاء الآخرين0
ولكي بجنب أنفسنا بذل الجهد الكافي لجمع المعلومات عن الآخرين ، فإننا نكتفي بالقليل من هذه المعلومات ونقوم باستخلاص معلومات أخرى عن طريق الاستنتاج الشخصي ، لنصل في النهاية على تكوين الانطباع عن شخص آخر ، هذا الانطباع هو الذي يوجه تعاملنا معه 0 وبالاستناد إلى هذه الانطباعات الأولية نبني أحكاما عن الآخرين التي غالباُ ما تكون أحكاماُ متسرعة وخاطئة ، ومع ذلك فإن هذه الأحكام تتميز غالباُ بالثبات ومقاومة التغيير0

المصدر كتاب ( أمسك عليك هذا) للدكتور على الحما دي

سنا الهجرة
05-25-2008, 10:32 PM
الله يعطيكي العافية

محمود عادل
05-27-2008, 09:40 PM
مشكوره

مناهل
05-27-2008, 10:01 PM
بورك فيك أختي ورد الجوري

ما أشد حاجتنا إلى التريث في إطلاق الأحكام على الآخرين ! فالانطباع الأولي وإن صدق حينا لا يصدق أحيانا كثيرة .
لا تمدحن امرأً حتى تجربه = ولا تذمنه من غير تجريب !

ورد الجوري
06-04-2008, 12:13 PM
مشكورين على المرور
يعطيكم العافيه