الحارث بن همام
07-27-2008, 01:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال الثاني : هل كان لثمالة سراة ؟
الغريب في هذه المسألة – بالرغم من وضوحها – أن جميع من ذكر أسماء السروات ،
من الطائف إلى اليمن ، لم يذكر سراة لثمالة خاصة ، فهم يذكرون السروات من الطائف
ويقولون:( سراة هذيل ، سراة ثقيف ، سراة فهم وعدوان ، سراة شبابة ، سراة بني علي ،
سراة بجيلة ، سراة دوس ..........) وهكذا ( انظر على سبيل المثال الهمداني )، حيث أهمل
الجميع ذكر سراة لثمالة .
فما هو سبب هذا الإهمال ؟
وما هي النصوص والأدلة الدالة على وجود سراة لثمالة ؟
وما هي أسماء المواضع التي كانت تحلها ثمالة في السراة ؟
وهل كانت ثمالة تسكن في وادي جفن ؟
وماهو الاسم الجامع لجميع منازل ثمالة ؟
إن الاجابة عن هذه الأسئلة ، هي موضوع هذه الحلقة وحلقات لاحقة،
وذلك من خلال المسائل الآتية :
المسألة الأولى : لماذا أهمل المؤرخون النص على ذكر سراة لثمالة ؟
قد يقال في الجواب على هذا السؤال إن السبب هو إما :
-عدم وجود سراة لثمالة . وهذا مردود، كما سيأتي .
- صغر هذه السراة بالنسبة للسروات الأخرى ، وانخفاضها عن السروات المحيطة بها،
وهذا ممكن .
-لأن ثقيفا القبيلة الكبيرة قد أحاطت بثملة وسراتها ، حتى أفقدت الآخرين الانتباه لها .
وهذا ممكن .
- لإن سراة ثمالة ليست على طريق عام . وهذا ممكن أيضاً .
المسألة الثانية:ماهي النصوص والأدلة على وجود سراة لثمالة ؟
النصوص الدالة على وجود سراة لثمالة كثيرة جدا وقراءتها ميسورة لاتحتاج لكبير
اجتهاد، وسأختار في هذه المسألة بعضا من هذه النصوص :
1 – نص السير السابق ذكره ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل مالك بن عوف النصري ،
على من أسلم من قومه ، وعلى ثمالة وسلمة وفهم ، وفيه : ( فكان يقاتل بهم ثقيفا ،
لايخرج لهم سرح إلا أغار عليه ...)
فاجتماع ثمالة مع بني نصر بن معاوية ومع فهم وبني سلمة ، للإغارة على سرح ثقيف ،
دليل على المجاورة لثقيف من هذه القبائل . وفي الطبري : ".... تلك القبائل حول الطائف .... "
فإذا كان بنو نصر هم جيران ثقيف من جهة الشرق( وهم لا سراة لهم ، ومواطنهم معروفة ،
وهي أسافل اودية الطائف ، عكاظ ، وأسفل لية ، وأسفل بسل ......) وإذا كانت فهما هم جيران
ثقيف إلى جهة الجنوب الشرقي مع أبناء عمومتهم عدوان ، كما تقدم .فلا بد أن تكون ثمالة
في موقع ما من السراة هنالك، مما يحيط بثقيف، ليست إلى جهة القبائل المتقدمة ، ولا إلى
جهة الشمال ، حيث بقية هوازن ، ولا إلى جهة الغرب ، حيث هذيل ، وإنما إلى جهة الجنوب
كما سيأتي .
2 ـ ومن النصوص أيضا ما ورد في تارخ دمشق ، عند ذكر معركة أجنادين عام 13 هـ ،
و ذكر الحوار الذي جرى بين عبد الله بن قرط الثمالي ، وبين عمرو بن سعيد بن العاص ،
وفيه يقول ابن قرط : " يابن أحيحة ، أتعرفني ؟ قال : نعم . ألست أخا ثقيف ؟ فقلت له :
لم تبعد . من الإخوان والجيران والحلفاء ، أنا أخو ثمالة "والشاهد فيه قوله ( والجيران )
أي أن ثمالة جيران ثقيف ، وثقيف في الطائف وما حولها ، فلابد أن تكون ثمالة هناك .
3 ـ وفي العقد الفريد : " وثمالة منازلهم قريب من الطائف ، وهم أهل رواية وعقول "
4 ـوفي كتاب فحولة الشعراء للأصمعي ، عند ذكره للعدائين من العرب ، قال :
" ... حاجز الثمالي، من السرويين ، وتأبط شرا ، والشنفرى .. "فوصف
الثمالي بأنه من السرويين .
فهذه النصوص وغيرها كثير ( سيأتي ذكر بعضها ) تثبت أن ثمالة في الجاهلية وصدر
الإسلام ، كانت تحل في سراة حول الطائف .
ولكن ماهي أسماء المواضع التي كانت تسكنها ؟
هذا هو موضوع المسألة التالية :
المسألة الثالثة : ماهي أسماء المواضع التي كانت تسكنها ثمالة في السراة ؟
لم أطلع في كتب البلدان والمواضع على اسم موضع خاص كانت تحله ثمالة ، سوى
موضع واحد فقط هو ( قوسى) .
وقد ورد لفظ (قوسى) في شعر أبي خراش الهذلي ( كما في ديوان الهذليين ، والحماسة ،
والأغاني ، وغيرها ) حيث قال أبو خراش يرثي أخاه عروة ، الذي قتلته ثمالة ، من
قصيدة طويلة ، منها :
فوالله لاأنسى قتيلاً رزئته // بجانب (قوسى) مامشيت على الأرض
قال المبرد في الكامل عن (قوسى) : " بلدٌ تحله ثمالة بالسراة " .
ولعله بناه على أن ثمالة قتلت الهذلي فيه .
وقال القالي وأبو عبيد في معجم مااستعجم : هو موضع ببلاد هذيل . ولعلهما بنوه على
أنه ورد في شعر الهذليين .
وقال في خزانة الأدب عن هذا القول : "وهذا خلاف الصواب " ورجح قول المبرد أنه
بالسراة وتسكنه ثمالة .
كما ورد اسم ( قوسى ) في شعر لعبدالله بن ثعلبة الأزدي ، قال :
لقد راح في أثواب عمربن فرتنا // فتىً غيروقاف إذا ذعذع السرب
فلا و أسافَ لا تلطون دونه // تيوساً ( بقوسى ) أو تعضكم الحرب
قال الأشناندي في معاني الشعر : " قوله : تيوساً بقوسى : هو بلد من السراة وتحله ثمالة " .
والسؤال الأهم هنا هو : أين هو ( قوسى ) هذا الآن ؟
لم أطلع على من حدد موضعه الآن ، سوى ماذكره السالمي في المعجم الجغرافي للطائف ،
قال:" لعله جبل ( قوسى ) الذي يقع غربي الطائف ، بين الضحيا والوهيط ، فهو الأقرب
لبلاد هذيل ، وهو في السراة ".
قلت : بل هذا بعيد عن منازل ثمالة ، وقد نص في العباب الزاخر على أنه
( موضع ببلاد أزد السراة ). ( والضحيا والوهيط) ليسا من منازل الأزد .
والأقرب للصحة أنه ( قوسى ) المعروف الآن بهذا الاسم في أعلى عورش ( بين بلاد
بني عمر وعورش ) وقد ذكره السالمي وقال : " جبل كبير جنوب بلاد بني عمر يشرف
على عورش والعيلة " .
قلت : هو جبل وشعب يصب في عورش ، وبعيد عن منازل العيلة قليلاً ،
وقد وصفه أبو خراش بقوله :
فلهفي على عمر بن مرة لهفةً // ولهفي لى ميت بقوسى المعاقل
و( المعاقل ) جمع معقل وهو : الحصن . فهل كان بهذا الشعب حصون ؟ ولم لا ؟ .
هذا هو الموضع الوحيد مما اطلعت عليه الذي سمته الكتب لثمالة ، بالرغم من عدم
تحديدهم له، وعدم التيقن من تحديد موضعه الآن .
أما بالنسبة لوادي جفن الذي تحل ثمالة أعلاه في الوقت الحاضر ،
فهو موضوع المسألة الرابعة في الحلقة القادمة .
.
السؤال الثاني : هل كان لثمالة سراة ؟
الغريب في هذه المسألة – بالرغم من وضوحها – أن جميع من ذكر أسماء السروات ،
من الطائف إلى اليمن ، لم يذكر سراة لثمالة خاصة ، فهم يذكرون السروات من الطائف
ويقولون:( سراة هذيل ، سراة ثقيف ، سراة فهم وعدوان ، سراة شبابة ، سراة بني علي ،
سراة بجيلة ، سراة دوس ..........) وهكذا ( انظر على سبيل المثال الهمداني )، حيث أهمل
الجميع ذكر سراة لثمالة .
فما هو سبب هذا الإهمال ؟
وما هي النصوص والأدلة الدالة على وجود سراة لثمالة ؟
وما هي أسماء المواضع التي كانت تحلها ثمالة في السراة ؟
وهل كانت ثمالة تسكن في وادي جفن ؟
وماهو الاسم الجامع لجميع منازل ثمالة ؟
إن الاجابة عن هذه الأسئلة ، هي موضوع هذه الحلقة وحلقات لاحقة،
وذلك من خلال المسائل الآتية :
المسألة الأولى : لماذا أهمل المؤرخون النص على ذكر سراة لثمالة ؟
قد يقال في الجواب على هذا السؤال إن السبب هو إما :
-عدم وجود سراة لثمالة . وهذا مردود، كما سيأتي .
- صغر هذه السراة بالنسبة للسروات الأخرى ، وانخفاضها عن السروات المحيطة بها،
وهذا ممكن .
-لأن ثقيفا القبيلة الكبيرة قد أحاطت بثملة وسراتها ، حتى أفقدت الآخرين الانتباه لها .
وهذا ممكن .
- لإن سراة ثمالة ليست على طريق عام . وهذا ممكن أيضاً .
المسألة الثانية:ماهي النصوص والأدلة على وجود سراة لثمالة ؟
النصوص الدالة على وجود سراة لثمالة كثيرة جدا وقراءتها ميسورة لاتحتاج لكبير
اجتهاد، وسأختار في هذه المسألة بعضا من هذه النصوص :
1 – نص السير السابق ذكره ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل مالك بن عوف النصري ،
على من أسلم من قومه ، وعلى ثمالة وسلمة وفهم ، وفيه : ( فكان يقاتل بهم ثقيفا ،
لايخرج لهم سرح إلا أغار عليه ...)
فاجتماع ثمالة مع بني نصر بن معاوية ومع فهم وبني سلمة ، للإغارة على سرح ثقيف ،
دليل على المجاورة لثقيف من هذه القبائل . وفي الطبري : ".... تلك القبائل حول الطائف .... "
فإذا كان بنو نصر هم جيران ثقيف من جهة الشرق( وهم لا سراة لهم ، ومواطنهم معروفة ،
وهي أسافل اودية الطائف ، عكاظ ، وأسفل لية ، وأسفل بسل ......) وإذا كانت فهما هم جيران
ثقيف إلى جهة الجنوب الشرقي مع أبناء عمومتهم عدوان ، كما تقدم .فلا بد أن تكون ثمالة
في موقع ما من السراة هنالك، مما يحيط بثقيف، ليست إلى جهة القبائل المتقدمة ، ولا إلى
جهة الشمال ، حيث بقية هوازن ، ولا إلى جهة الغرب ، حيث هذيل ، وإنما إلى جهة الجنوب
كما سيأتي .
2 ـ ومن النصوص أيضا ما ورد في تارخ دمشق ، عند ذكر معركة أجنادين عام 13 هـ ،
و ذكر الحوار الذي جرى بين عبد الله بن قرط الثمالي ، وبين عمرو بن سعيد بن العاص ،
وفيه يقول ابن قرط : " يابن أحيحة ، أتعرفني ؟ قال : نعم . ألست أخا ثقيف ؟ فقلت له :
لم تبعد . من الإخوان والجيران والحلفاء ، أنا أخو ثمالة "والشاهد فيه قوله ( والجيران )
أي أن ثمالة جيران ثقيف ، وثقيف في الطائف وما حولها ، فلابد أن تكون ثمالة هناك .
3 ـ وفي العقد الفريد : " وثمالة منازلهم قريب من الطائف ، وهم أهل رواية وعقول "
4 ـوفي كتاب فحولة الشعراء للأصمعي ، عند ذكره للعدائين من العرب ، قال :
" ... حاجز الثمالي، من السرويين ، وتأبط شرا ، والشنفرى .. "فوصف
الثمالي بأنه من السرويين .
فهذه النصوص وغيرها كثير ( سيأتي ذكر بعضها ) تثبت أن ثمالة في الجاهلية وصدر
الإسلام ، كانت تحل في سراة حول الطائف .
ولكن ماهي أسماء المواضع التي كانت تسكنها ؟
هذا هو موضوع المسألة التالية :
المسألة الثالثة : ماهي أسماء المواضع التي كانت تسكنها ثمالة في السراة ؟
لم أطلع في كتب البلدان والمواضع على اسم موضع خاص كانت تحله ثمالة ، سوى
موضع واحد فقط هو ( قوسى) .
وقد ورد لفظ (قوسى) في شعر أبي خراش الهذلي ( كما في ديوان الهذليين ، والحماسة ،
والأغاني ، وغيرها ) حيث قال أبو خراش يرثي أخاه عروة ، الذي قتلته ثمالة ، من
قصيدة طويلة ، منها :
فوالله لاأنسى قتيلاً رزئته // بجانب (قوسى) مامشيت على الأرض
قال المبرد في الكامل عن (قوسى) : " بلدٌ تحله ثمالة بالسراة " .
ولعله بناه على أن ثمالة قتلت الهذلي فيه .
وقال القالي وأبو عبيد في معجم مااستعجم : هو موضع ببلاد هذيل . ولعلهما بنوه على
أنه ورد في شعر الهذليين .
وقال في خزانة الأدب عن هذا القول : "وهذا خلاف الصواب " ورجح قول المبرد أنه
بالسراة وتسكنه ثمالة .
كما ورد اسم ( قوسى ) في شعر لعبدالله بن ثعلبة الأزدي ، قال :
لقد راح في أثواب عمربن فرتنا // فتىً غيروقاف إذا ذعذع السرب
فلا و أسافَ لا تلطون دونه // تيوساً ( بقوسى ) أو تعضكم الحرب
قال الأشناندي في معاني الشعر : " قوله : تيوساً بقوسى : هو بلد من السراة وتحله ثمالة " .
والسؤال الأهم هنا هو : أين هو ( قوسى ) هذا الآن ؟
لم أطلع على من حدد موضعه الآن ، سوى ماذكره السالمي في المعجم الجغرافي للطائف ،
قال:" لعله جبل ( قوسى ) الذي يقع غربي الطائف ، بين الضحيا والوهيط ، فهو الأقرب
لبلاد هذيل ، وهو في السراة ".
قلت : بل هذا بعيد عن منازل ثمالة ، وقد نص في العباب الزاخر على أنه
( موضع ببلاد أزد السراة ). ( والضحيا والوهيط) ليسا من منازل الأزد .
والأقرب للصحة أنه ( قوسى ) المعروف الآن بهذا الاسم في أعلى عورش ( بين بلاد
بني عمر وعورش ) وقد ذكره السالمي وقال : " جبل كبير جنوب بلاد بني عمر يشرف
على عورش والعيلة " .
قلت : هو جبل وشعب يصب في عورش ، وبعيد عن منازل العيلة قليلاً ،
وقد وصفه أبو خراش بقوله :
فلهفي على عمر بن مرة لهفةً // ولهفي لى ميت بقوسى المعاقل
و( المعاقل ) جمع معقل وهو : الحصن . فهل كان بهذا الشعب حصون ؟ ولم لا ؟ .
هذا هو الموضع الوحيد مما اطلعت عليه الذي سمته الكتب لثمالة ، بالرغم من عدم
تحديدهم له، وعدم التيقن من تحديد موضعه الآن .
أما بالنسبة لوادي جفن الذي تحل ثمالة أعلاه في الوقت الحاضر ،
فهو موضوع المسألة الرابعة في الحلقة القادمة .
.