تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الانهيار الأميركي الكبير


عثمان الثمالي
12-05-2008, 10:52 PM
السياسة الكويتية الجمعة 5 ديسمبر 2008 12:39 م
http://www.mubasher.info/TDWL/images/spacer.gifhttp://www.mubasher.info/TDWL/images/spacer.gifحكمان متوقعان تماماً خلال هذا الأسبوع يحتمان أن نضع جانباً كل المقارنات السابقة لهذه الأزمة الاقتصادية بانهيار الثلاثينيات. فمع هبوط نسب بيع السيارات بين 30 و40 في المئة وإفلاس كاليفورنيا, بات واضحاً أن ما يحصل هو "انهيار كبير" خاص بنا.

وأعلن المجلس الوطني للبحوث الاقتصادية رسمياً أن الولايات المتحدة باتت في حالة ركود كانت دخلتها منذ سنة. وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بن بيرنانكي أن الوضع لا يحتمل المقارنة مع "الانهيار الكبير", الذي كان على قدر أكبر من الخطورة.
وبعيد تلفظ بيرنانكي بهذه العبارات, فاقت نسبة انخفاض أسعار المعادن في الأشهر الأربعة الماضية حدها الأقصى المسجل بين 1929 و.1933 وليست هذه محاولة رخيصة لتسجيل النقاط, بل هي محاولة للقول أن بيرنانكي محق ومخطئ في آن. فهذا ليس الانهيار الكبير الذي عاشه أجدادنا, هو انهيارنا نحن, وسيكون مختلفاً.
وبالفعل, فإن انهيارنا الكبير سيكون فريداً. لن يكون مؤلماً كما الأول, ولن نرى صفاً من العائلات الزراعية تهرب من عاصفة الغبار في السهول الكبيرة, ولن يكون هناك مشردون في سكك الحديد ولا مدناً من أكواخ من لا مأوى لهم كتلك المسماة "هوفر فيلز". وبالفعل, لن نشهد أزمة سكن لبعض الوقت, هذا إن تحلت الحكومات المحلية بالذكاء الكافي للإفادة من حبس الرهون.
إن الإنهيار الكبير لجيلنا قد لا يكون قصيراً لكنه بالفعل قاس ومقرف, ويرجح أن يطاول الخارجين على القانون وغير المتعلمين والشباب على التوالي.
سيلحق الأذى بالخارجين على القانون لأن المهاجرين غير الشرعيين الذين يفوق عددهم العشرة ملايين هم الوسادة التي ستضع حداً لبطالة الأميركيين من بلوغ حدها المسجل في الثلاثينيات. فهؤلاء سيجدون صعوبات كبيرة في الحصول على عمل, ثم في قبض رواتبهم وبعدها في جني قدر محترم من المال.
انهارت تحويلات الأموال الى المكسيك هذا العام وستستمر في الانحدار ما دام المهاجرون غير الشرعيون يهربون الى الجنوب بالجملة. إلا أن من يبقى منهم سيتسبب بخفض أجور الأميركيين غير المحترفين, ولذلك سيواجه غير المتعلمين منهم مشكلات فعلية. فالحد الأدنى للأجور, البالغ حالياً 6.55 دولاراًبالساعة, وأقل من 12 الف دولار بالعام بالكاد يكفي لإطعام عائلة, فكم بالحري إيواءها وإطعامها.
وسيتأذى الشباب لأنهم, بخلاف ذويهم, يتخرجون حاملين ديونهم الطالبية. وهم يبلغون سن النضوج في زمن الركود, وسيجدون أن القسم الأكبر من الوظائف التي يرغبون بها قد تحملهم إلى ما وراء البحار. وخلصت دراسة جديدة من كلية الأعمال في هارفرد أن 40 في المئة من الوظائف الأميركية بما فيها المزيد من مهن أصحاب الياقات البيضاء, سترسل إلى الخارج.
وفي الوقت ذاته, سيجد الأميركيون الشباب أنفسهم في مواجهة الأكبر منهم وهم يتمسكون بوظائفهم كما الفئران المحشورة. فالانخفاض الحاد في أسواق المال يعني أن عدداً أقل من عمال عصر الازدهار قادرون على تحمل تكاليف التقاعد. ولذلك, سيعملون لأطول فترة ممكنة, مما لا يترك مجالات للتوظيف أمام الشباب.
لهذا السبب, يستبعد أن يبدأ الجيل الجديد من الشباب في العشرينيات من العمر بحل أزمة السكن من خلال التقدم بطلب قروض لشراء المنازل. فأولاً, هم عاجزون عن تحمل تكاليفها مهما كانت منخفضة. وثانياً, سيشكلون مصدر خطر للائتمان بسبب ديونهم الجامعية. وثالثاً, هؤلاء لا يريدون العيش في ضواحي فينكس ولاس فيغاس حيث تبلغ الكثافة السكانية أوجها.
الخبر الأبرز في انهيارنا الكبير هذا أنه ربما كان نعمة على شكل نقمة. فهو ربما يساعدنا على تخطي بعض النقاط الأساسية التي كانت ستواجهنا بكل الحالات ويجبرنا على تغيير الأوجه الأساسية لنظامنا الاجتماعي والاقتصادي.
فأولاً, أدرك غالبيتنا أن البنزين مورد محدود, وأن كوكب الأرض الحبيب سيجد مشكلة في التأقلم مع بلايين من أبناء الهند والصين اذا قرروا سلوك الطرقات كما الأميركيين. وفي وقت ما في السنوات العشر او الثلاثين المقبلة, سننتقل من النظام الكاربوني الثقيل الى النظام الكاربوني الخفيف مما يخفض بشكل كبير اعتمادنا على الوقود الأحفوري. اما ديترويت التي نعرفها اليوم فقدرها الهلاك.
ثانياً, وبالتزامن مع هذا التغيير في اعتمادنا على الكاربون, سنشهد جنوحاً عن الاقتصاد المرتكز أساسا على الاستهلاك الى آخر يقوم على الاستدامة. وليس الكاربون التحدي الوحيد الذي سيفرض هذا الانتقال, اذ تضاف اليه الحاجة الماسة الى مزيد من التحكم المنطقي بمصادر المياه.
ثالثاً, باتت بعض التغييرات واضحة. فمجموعة الدول السبع التي ترمز الى الحاكمية الاقتصادية المطلقة تنسحب أمام أعيننا لصالح مجموعة الدول العشرين. وها أن الغرب يجبر بعد قرنين من السيطرة السهلة الى تعلم مبادئ المشاركة والترابط. فصناديق الثروات السيادية في دول آسيا والشرق الأوسط تحتوي على السيولة التي تحتاجها المصارف الغربية. كما تحتوي على المال المطلوب لشراء سندات الخزينة الأميركية التي ستطفو لتمويل "رزم التحفيز" التي وعدت بها الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب باراك اوباما.
وربما كان هناك تغيير رابع على الطريق, وهو تغيير نفسي مألوف لغالبيتنا من ذوينا وأجدادنا. فنظام القيم لدى "الجيل الأكبر" للذين نشأوا في الثلاثينيات مميز. فهم آمنوا بالتقتير وبالعمل الجماعي وقدرة الحكومة وواجباتها في عمل ما هو صالح والحاجة الى التضحية بالذات. وآمنوا ايضاً بالفضائل المدنية التي تعود الى اليونان القديمة وروما من الواجب والشجاعة والإخلاص والقناعة بأن هناك ما هو اكبر واهم من الحياة الفردية. ولم يكتفوا بهذا الإيمان, بل عاشوه وناضلوا من أجله وانتصروا. وقد يتحتم علينا تعلم الدروس مرة جديدة. وهذا قد يعود علينا بالفائدة.

صقر قريش
12-05-2008, 11:14 PM
http://www.thomala.net/up/m/949cd26c64.gif (http://www.thomala.net/up/)

فاعل خير
12-06-2008, 05:17 PM
الله يعطيك العافية