الحاج سلام
07-05-2009, 01:33 AM
نظام الفزعة :
نظام الفزعة او عادة الفزعة من الامور التي كانت مألوفة عند سكان المنطقة في زمن ليس بالبعيد. وقبل ان ندخل في تفصيلات هذا النظام وحتى نعرف كنهه نبدأ اولا بتعريف معنى كلمة ( فزعة ) في اللغة العربية , فقد جاء في لسان العرب في تعريف كلمة فزع :
وفَزِعَ إِلى القوم: استغاثهم .
وفَزِعَ القومَ وفَزَعَهم فَزْعاً وأَفْزعَهم : أَغاثَهم, قال زهير:
إِذا فَزِعُوا طارُوا إِلى مُسْتَغِيثِهمْ طِوالَ الرِّماحِ لا ضِعافٌ ولا عُزْلُ.
وقال الكَلْحَبةُ اليَرْبُوعيُّ، واسمه هبيرة بن عبد مناف والكَلْحَبةُ أُمُّه:
فقُلْتُ لكَأْسٍ أَلْجِمِيها فإِنَّما حَلَلْتُ الكَثِيبَ من زَرُودٍ لأَفْزَعا.
أَي لِنُغِيثَ ونُصْرِخَ مَنِ اسْتَغاثَ بنا.
مثله للراعي :
إِذا ما فَزِعْنا أَو دُعِينا لِنَجْدةٍ لَبِسْنا عليهنّ الحَدِيدَ المُسَرَّدا.
فقوله فَزِعْنا أَي أَغَثنا.
وقول الشاعر هو الشَّمّاخُ:
إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرّاتُها فَزِعَتْ أَعْقابُ نَيٍّ على الأَثْباجِ مَنْضُودِ.
يقول: إِذا قل لبن ضَرّاتها نَصَرَتْها الشُّحومُ التي على ظهورها وأَغاثَتْها فأَمدّتْها باللبن.
فالفزعة اذا هي ان يلبي الناس نداء داعيهم في طلب المساعدة أي مساعدة في عمل من الاعمال التي لا يجد سبيلا في انجازها لوحده وهذه المساعدة هي طبعا من الاعمال التطوعية التي تأدى بدون مقابل .
ومن الأمور التي يطلب فيها الناس الفزعة عادة جني الثمار , وحصاد المحاصيل ,
http://www.thomala.com/upp/upfiles/CRp47617.jpg
فقد يطلب الشخص فزعة جاره او ابن عمه او حتى البعيدين ( لصرام الحنطة )
http://www.thomala.com/upp/upfiles/MxN47617.jpg
او قطاق الذرة او (الدياس )
http://www.thomala.com/upp/upfiles/d8w47617.jpg
والدياس او الدياسة هو درس المحاصيل في البيدر او الجرين وذلك بدوسها تحت ارجل الثيران او الحمير .
http://www.thomala.com/upp/upfiles/MhP47617.jpg
وهي اي الدياسة كلمة عربية فصيحة جاء في الصحاح في تعريف كلمة ركس والراكس هو الهادي وهو الثور وسط البيدر تدور عليه الثيران في الدياسة .
وجاء في اللسان والطائف ا لثور الذي تطوف حوله البقر في الدياسة .
قلت لقد استطرت هنا ولكن لا مانع لمزيد من المعرفة فالراكس هو المركوس الى عمود الجرين ويسمى القاعد لانه اقل دواب الدياس حركة .
والطايف في آخر طرف الدواب مما يلي الحافة وهو اكثر دواب الدياسة دورانا .
وقد تطلب الفزعة لاصلاح اضرار سببتها السيول او لفتح طريق و توسعته او حتى لبناء بيت او (كبسه) اي وضع السقف له وقد تطلب الفزعة من شخص واحد او شخصين او اكثر.
ويتساءل البعض هل الفزعة واجبة على المفتزَع أم ان له ان يرفض ذلك ؟
والجواب انها ليست ملزمة . ولكنه لا يستطيع ان يرفضها ادبيا وكذلك لا يستطيع رفضها لانه محتاج الى الاخرين الذين سوف يعاملونه بالمثل فيما لو ( افتزعهم ) مستقبلا . فالذي يرفض ان يفزع لاخيه يصبح محل النظرة الدونية من ( رَبعه ) ومن الذين ليس فيهم خيرا , (ما فيه خير ) كما ان المفتزع يعلم ان الرفض له آثار وخيمة لان الجماعة سوف يقاطعونة ( فلا يخرجون ثوره من البير ) هكذا يقولون لان في هذا مثالا على اقصى درجات حاجة الفرد للاخرين في ذلك الوقت فثوره سوف يموت في البئر قبل ان يجد من يخرجه منها ان قاطعه ربعه .
نعود ونوضح ان الناس يستفزعون قومهم للمساعدة ويفزعون لهم وهذا النظام نظام منتج اقتصاديا فالشخص ليس لديه عمل مستمر كل يوم واغلب اعمال المزارعين موسمية ودورية يتخللها ايام فراغ فاذا تعاونوا في العمل انجزوه فهم يحصدون محصول( فلان ) اليوم وبعد يوم او يومين يحصدون محصول جاره وهكذا .
كما انهم يساعدون في هذه الاعمال بروح الاخوة وبمعنويات عالية وينجز الفريق في يوم ما لا يستطيع الفرد انجازه في شهر .
اضف الى ذلك انهم يفزعون في كثير من الاحيان بآلاتهم ودوابهم .
ومن مزايا هذا النظام انهم يستفيدون من خبرات بعضهم ومهارة كل فيما يحسنه فتجتمع المهارات والخبرا ت والالات والمعدات لتكمل بعضها . ويزيد نظام الفزعة من تلاحم القوم ويقوي اواصر المحبة ولحمة الاخاء بينهم بالاضافة الى التوفير الكبير الذي يحققه لهم .
وان كان هذا النظام تطوعي بدون اجر فان هناك التزامات ادبية على المفتزِع منها ما اشرت اليه من انه ملتزم بتلبية نداء الفزعة للاخرين ومنها انه منتظر منه تقديم وجبة او وجبات طعام ( للفزاعة) وكلما كان دأب المفتزع وعادته تقديم طعام جيد كلما تسابق القوم ملبين طلبه . ومما يتناقله الناس ان البعض يتقدم للفزعة متى سمع بها حتى ولو لم تطلب منه هكذا بكل اريحية وطيبة نفس .
وكما يفزع الرجال كذلك تفزع النساء ويشاركن في مجموعات في اداء ما يناسبهن من عمل , وكذلك الاطفال .
وقد اشرت الى ان الفزعة قد تكون في مواسم الدياسة , وهنا اشير الى ان صاحب المحصول يقدم طوعيا للفزاعة واحيانا لمن يحضر الى البيدر وقت انتهاء ذراية المحصول , يقدم ما يسمى الشكد , والشكد عربية يمنية فصيحة .
جاء في اللسان لابن منظور : والشكد كالشُّكْرِ، يمانية. يقال: إِنه لشاكر شاكد. قال: والشكد بلغتهم أَيضاً ما أَعْطَيْتَ من الكُدْس عند الكيل، ومن الحُزُم عند الحَصْدِ.
وللفزاعة حين مشاركاتهم في مجموعات لاداء العمل اناشيد تتميز بألحانها الشجية حسب نوع العمل وكذلك تتميزبكلماتها المثيرة للحماس والبهجة والفرح والتسلية في بعض الاحيان .
لقد افتقد القوم نظام الفزعة عندما دبت فيهم آفة البطالة وهجروا العمل في مزارعهم وقراهم لعوامل عدة ليس هذا مكان ذكرها . ومع افتقادهم لها افتقدوا مزاياها فتباعدت انفسهم عن بعضها وذهبت الألفة وافتقدوا التواصل والتراحم والتلاحم فيما بينهم , وظن الشخص انه مستغن عن الاخر وابتلوا فيما بقي لديهم من اعمال بالايدي العاملة الوافدة التي تقذف بها اليهم البحار بكل ما معها من آفات وما لها من عيوب وما جلبته لهم من مضار .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كتبه لكم: الحاج سلام الثمالي .
برلين ألمانيا .
11رجب1430هجرية
نظام الفزعة او عادة الفزعة من الامور التي كانت مألوفة عند سكان المنطقة في زمن ليس بالبعيد. وقبل ان ندخل في تفصيلات هذا النظام وحتى نعرف كنهه نبدأ اولا بتعريف معنى كلمة ( فزعة ) في اللغة العربية , فقد جاء في لسان العرب في تعريف كلمة فزع :
وفَزِعَ إِلى القوم: استغاثهم .
وفَزِعَ القومَ وفَزَعَهم فَزْعاً وأَفْزعَهم : أَغاثَهم, قال زهير:
إِذا فَزِعُوا طارُوا إِلى مُسْتَغِيثِهمْ طِوالَ الرِّماحِ لا ضِعافٌ ولا عُزْلُ.
وقال الكَلْحَبةُ اليَرْبُوعيُّ، واسمه هبيرة بن عبد مناف والكَلْحَبةُ أُمُّه:
فقُلْتُ لكَأْسٍ أَلْجِمِيها فإِنَّما حَلَلْتُ الكَثِيبَ من زَرُودٍ لأَفْزَعا.
أَي لِنُغِيثَ ونُصْرِخَ مَنِ اسْتَغاثَ بنا.
مثله للراعي :
إِذا ما فَزِعْنا أَو دُعِينا لِنَجْدةٍ لَبِسْنا عليهنّ الحَدِيدَ المُسَرَّدا.
فقوله فَزِعْنا أَي أَغَثنا.
وقول الشاعر هو الشَّمّاخُ:
إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرّاتُها فَزِعَتْ أَعْقابُ نَيٍّ على الأَثْباجِ مَنْضُودِ.
يقول: إِذا قل لبن ضَرّاتها نَصَرَتْها الشُّحومُ التي على ظهورها وأَغاثَتْها فأَمدّتْها باللبن.
فالفزعة اذا هي ان يلبي الناس نداء داعيهم في طلب المساعدة أي مساعدة في عمل من الاعمال التي لا يجد سبيلا في انجازها لوحده وهذه المساعدة هي طبعا من الاعمال التطوعية التي تأدى بدون مقابل .
ومن الأمور التي يطلب فيها الناس الفزعة عادة جني الثمار , وحصاد المحاصيل ,
http://www.thomala.com/upp/upfiles/CRp47617.jpg
فقد يطلب الشخص فزعة جاره او ابن عمه او حتى البعيدين ( لصرام الحنطة )
http://www.thomala.com/upp/upfiles/MxN47617.jpg
او قطاق الذرة او (الدياس )
http://www.thomala.com/upp/upfiles/d8w47617.jpg
والدياس او الدياسة هو درس المحاصيل في البيدر او الجرين وذلك بدوسها تحت ارجل الثيران او الحمير .
http://www.thomala.com/upp/upfiles/MhP47617.jpg
وهي اي الدياسة كلمة عربية فصيحة جاء في الصحاح في تعريف كلمة ركس والراكس هو الهادي وهو الثور وسط البيدر تدور عليه الثيران في الدياسة .
وجاء في اللسان والطائف ا لثور الذي تطوف حوله البقر في الدياسة .
قلت لقد استطرت هنا ولكن لا مانع لمزيد من المعرفة فالراكس هو المركوس الى عمود الجرين ويسمى القاعد لانه اقل دواب الدياس حركة .
والطايف في آخر طرف الدواب مما يلي الحافة وهو اكثر دواب الدياسة دورانا .
وقد تطلب الفزعة لاصلاح اضرار سببتها السيول او لفتح طريق و توسعته او حتى لبناء بيت او (كبسه) اي وضع السقف له وقد تطلب الفزعة من شخص واحد او شخصين او اكثر.
ويتساءل البعض هل الفزعة واجبة على المفتزَع أم ان له ان يرفض ذلك ؟
والجواب انها ليست ملزمة . ولكنه لا يستطيع ان يرفضها ادبيا وكذلك لا يستطيع رفضها لانه محتاج الى الاخرين الذين سوف يعاملونه بالمثل فيما لو ( افتزعهم ) مستقبلا . فالذي يرفض ان يفزع لاخيه يصبح محل النظرة الدونية من ( رَبعه ) ومن الذين ليس فيهم خيرا , (ما فيه خير ) كما ان المفتزع يعلم ان الرفض له آثار وخيمة لان الجماعة سوف يقاطعونة ( فلا يخرجون ثوره من البير ) هكذا يقولون لان في هذا مثالا على اقصى درجات حاجة الفرد للاخرين في ذلك الوقت فثوره سوف يموت في البئر قبل ان يجد من يخرجه منها ان قاطعه ربعه .
نعود ونوضح ان الناس يستفزعون قومهم للمساعدة ويفزعون لهم وهذا النظام نظام منتج اقتصاديا فالشخص ليس لديه عمل مستمر كل يوم واغلب اعمال المزارعين موسمية ودورية يتخللها ايام فراغ فاذا تعاونوا في العمل انجزوه فهم يحصدون محصول( فلان ) اليوم وبعد يوم او يومين يحصدون محصول جاره وهكذا .
كما انهم يساعدون في هذه الاعمال بروح الاخوة وبمعنويات عالية وينجز الفريق في يوم ما لا يستطيع الفرد انجازه في شهر .
اضف الى ذلك انهم يفزعون في كثير من الاحيان بآلاتهم ودوابهم .
ومن مزايا هذا النظام انهم يستفيدون من خبرات بعضهم ومهارة كل فيما يحسنه فتجتمع المهارات والخبرا ت والالات والمعدات لتكمل بعضها . ويزيد نظام الفزعة من تلاحم القوم ويقوي اواصر المحبة ولحمة الاخاء بينهم بالاضافة الى التوفير الكبير الذي يحققه لهم .
وان كان هذا النظام تطوعي بدون اجر فان هناك التزامات ادبية على المفتزِع منها ما اشرت اليه من انه ملتزم بتلبية نداء الفزعة للاخرين ومنها انه منتظر منه تقديم وجبة او وجبات طعام ( للفزاعة) وكلما كان دأب المفتزع وعادته تقديم طعام جيد كلما تسابق القوم ملبين طلبه . ومما يتناقله الناس ان البعض يتقدم للفزعة متى سمع بها حتى ولو لم تطلب منه هكذا بكل اريحية وطيبة نفس .
وكما يفزع الرجال كذلك تفزع النساء ويشاركن في مجموعات في اداء ما يناسبهن من عمل , وكذلك الاطفال .
وقد اشرت الى ان الفزعة قد تكون في مواسم الدياسة , وهنا اشير الى ان صاحب المحصول يقدم طوعيا للفزاعة واحيانا لمن يحضر الى البيدر وقت انتهاء ذراية المحصول , يقدم ما يسمى الشكد , والشكد عربية يمنية فصيحة .
جاء في اللسان لابن منظور : والشكد كالشُّكْرِ، يمانية. يقال: إِنه لشاكر شاكد. قال: والشكد بلغتهم أَيضاً ما أَعْطَيْتَ من الكُدْس عند الكيل، ومن الحُزُم عند الحَصْدِ.
وللفزاعة حين مشاركاتهم في مجموعات لاداء العمل اناشيد تتميز بألحانها الشجية حسب نوع العمل وكذلك تتميزبكلماتها المثيرة للحماس والبهجة والفرح والتسلية في بعض الاحيان .
لقد افتقد القوم نظام الفزعة عندما دبت فيهم آفة البطالة وهجروا العمل في مزارعهم وقراهم لعوامل عدة ليس هذا مكان ذكرها . ومع افتقادهم لها افتقدوا مزاياها فتباعدت انفسهم عن بعضها وذهبت الألفة وافتقدوا التواصل والتراحم والتلاحم فيما بينهم , وظن الشخص انه مستغن عن الاخر وابتلوا فيما بقي لديهم من اعمال بالايدي العاملة الوافدة التي تقذف بها اليهم البحار بكل ما معها من آفات وما لها من عيوب وما جلبته لهم من مضار .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كتبه لكم: الحاج سلام الثمالي .
برلين ألمانيا .
11رجب1430هجرية