المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تغيير النفوس ضرورة...................


بنت شيوخ
03-15-2010, 12:54 AM
يمتاز الإنسان عن غيره من المخلوقات بأنه صاحب تفكير، وحامل عقل، فإذا عطَّل تفكيره وأهمل عقله؛ كان أشرَّ من الحيوان وأدنى مخلوقات الله، كما أن حضارة الأمم ونهضة الشعوب تكون نتاج التفكير وثمرات العقول؛ فمن ضَاعَ تفكيره وعَطِلَ عقلُه تعطَّلت بالتالي حضارته، وشُلَّت بالتأكيد نهضته، وهذه سنة البشرية في الغابرة، وحديث الأيام الليالي للحاضرين.
أشاب الصغير وأفني الكبير كرّ الليالي ومر العشي
إذا الليلة هرَّمت يومها أتى بعد ذلك يومٌ فتي



فإن للأيام والليالي أحاديثَ وإشاراتٍ وتصوراتٍ قد تكون أبلغَ من ناطق، وأنصح من خطيب، وأصدق من واعظ؛ فمن كان أصم وأعمى في واقعه سيظل في الحياة أعمى وأضلَّ سبيل، وهذه حال الأمم الخاملة والنائمة، وستظل إذا لم يكن لها بصيرة كاشفة.
الحال باقية كما صورتها من عهد آدم فما بها تغيير
البؤس والنعماء على حاليهما والحظ يعدل تارة ويجور
ومن القوي على الضعيف مسيطر ومن الغني على الفقير أمير
والنفس عاكفة على شهواتها تأوي إلى أحقادها وتثور



هذا وقت نبهنا الله سبحانه إلى مفاتيح شخصية الإنسان الحضارية والتغييرية التي يملكها، ومن أهمها: التفات الإنسان إلى إصلاح نفسه أولاً، وإنهاض روحه ثانيًا، وأن مشيئة الله تعالى في تغيير حال الشعوب إنما تجري وتنفذ من خلال حركة هؤلاء الأقوام أنفسهم، وتغيير اتجاههم وسلوكهم تغيرًا شعوريًّا وعمليًّا؛ فإذا غيَّر القوم ما بأنفسهم اتجاهًا وعملاً وغيَّر الله حالهم وفق ما غيَّروا هم أنفسهم ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت).


فالإنسان يملك زمام أمره، وقد جعله الله صالحًا للتأخر والتقدم والفلاح والبوار ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾ (الشمس)، والله سبحانه وتعالى يُضلُّ من أضلَّ نفسه وعطَّل مواهبَه وملكاتِه، ولهذا قال تعالى ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)﴾ (الأنفال).



يقول ليوتولستوي
نعيش في عالم يفكر فيه كل الناس في تغيير العالم، لكن لا أحد يفكر في تغيير ذاته"، من السهل على أي إنسان أن يفكِّر في تغيير العالم، فهو بذلك يفكر في تغيير شيء خارج عنه، ولكنها مهمة صعبة تمامًا، فتخيل كل الأشياء التي يجب تغييرها ليتغير العالم، أليس أسهل من ذلك أن يغيّر كل شخص نفسه ويغير نظرته للعالم؟ قد يكون الخطأ الذي يراه في العالم كامنًا فيه، ألا يمكن فعلاً أن يكون الخطأ الذي يراه في العالم موجودًا في نظرته هو، وليس في العالم نفسه؟



تلك هي الحقيقة التي توصلت إليها البشريةُ اليوم بعد تاريخها الطويل؛ فقد توقفنا مؤخرًا عن محاولاتنا الفاشلة لتغيير العالم، وبدأنا نحاول أن نغير ما بأنفسنا، لكن يجب أن يتم التغيير بناءً على التفكير وليس فقط حبًّا في التغيير، فإذا أردت أن تصبح أفضل وأنجح مما أنت عليه الآن؛ فعليك أن تدرك أن هذا لا يحدث بشكل تلقائي، إذًا لا بد من البحث والتأمل والمراجعة المستمرة.


فهذا هو الاستثمار الذي تضعه في عملية التغيير؛ فالفائدة الناتجة من الاستثمار في الأذهان خير ألف مرة من الفائدة الناتجة من الاستثمار في مناجم المعادن النفيسة؛ فالمعادن النفيسة تنضب وتفنى، ولكن الأذهان النفيسة تنتج أذهانًا على شاكلتها وأفضل منها، وتستمر في تنمية الأجيال القادمة؛ فالتفكير السليم هو أفضل هدية وميراث تتركه لمن يخلفك لأنه لا ينتهي.



ولهذا نبَّه القرآن على تغيير النفوس، ورتب عليه تغيير الأحوال، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد: من الآية 11)، فهو يتعقبهم بالحفظة من أمره؛ لمراقبة ما يحدثونه من تغيير بأنفسهم وأحوالهم؛ فيرتب عليه الله تصرفه بهم؛ فإنه لا يغير نعمةً أو بؤسًا ولا يغيِّر عزًّا أو ذلةً ولا يغير مكانةً أو مهانةً.. إلا أن يغيِّر الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم، فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم، وإن كان الله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون، ولكن ما يقع عليهم يترتب على ما يكون منهم، ويجيء لاحقًا له في الزمان بالقياس إليه.


وإنها لحقيقة تلقي على البشرية تبعةً ثقيلةً؛ فقد شاء الله وجرت سنته أن تترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف هؤلاء البشر، وأن تنفذ فيهم سنته بناءً على تعرضهم لهذه السنة بسلوكهم ولله در القائل: "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم"، فالجهاد الحقيقي هو في النفس التي بين جنبيك، إن انتصرت عليها كنت على غيرها أقدر، وإن عجزت أمامها كنت على سواها أعجز.


فالفارق الوحيد بين الإنسان الفاشل والناجح هو التفكير؛ قد يختلف الناس في حظوظهم وظروفهم؛ لذا فهذه الأشياء لا تصلح مقياسًا للنجاح، أما التفكير فيملكه كل الناس بالتساوي منذ مولدهم، ولكن بعضهم يتجه به وجهةً إيجابيةً فينجحون، ويتجه به آخرون وجهةً سلبيةً فيفشلون، ونحن لسنا بدعًا من هؤلاء وأولئك، وما أصبح ينفع "كنا" و"كانوا".
قد كان جامعنا في الأرض قاطبة بالعلم أعلام خصت بتفضيل
لم يغن "كان" و"كنا" في الحياة ولا يجدي سوء عمل يقضي بتبديل


فهل نعي كما وعت أوائلنا ونسمع قول ربنا سبحانه ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد: من الآية 11).


إذن فتغيير النفوس هو تغيير الأحوال؛ فهل نفقه ذلك؟ والله نسأل أن يوفق وأن يعين.. آمين.. آمين.

بنت الجنوب
03-26-2010, 08:42 PM
يعطيك العافيه

garfield
05-08-2010, 11:54 PM
يعطيكي العافية

بنت شيوخ
05-28-2010, 05:35 AM
يعطيك العافيه

يسلمو على المرور

بنت شيوخ
05-28-2010, 05:35 AM
يعطيكي العافية

اشكرك على المرور

النادر
05-31-2010, 01:37 AM
طرح جميل وراقي

وكنت قد قراءت بحثا للدكتور محمد التكريتي تحت عنوان (آفاق بلا حدود )وهو مؤلف جميل متجدد بالقراءه عن الهندسه النفسيه والبرمجه العصبيه واذكر ايضا ان له كتاب تلا ذلك اسمه ان لم تخني الذاكره ماوراء الافاق
وهو كتاب جميل انصح بقرائته

النادر