مشاهدة النسخة كاملة : ذكريات طالب مدرسة في القرية ..
المقداد
04-17-2011, 02:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لعلي في هذا المتصفح الذي أطل من خلاله عليكم ويا لها من إطلاله محببة إلى قلبي، أن أنكأ شيئاً من الماضي وأحفر عن ما ردمته ماضي السنون, وهالت عليه الأيام والعقود حتى أصبح في البعيد السحيق .
أحفر ... لعل أن تسعفني الذاكرة الصدئة وعسى أن أجد بضع من ذكريات وآهات أيام وسنين مرت بنا ومررنا بها، وليتني أستطيع أن أجمع شتاتها وبقاياها .. لا لشيء وإنما لُتغمض عينيك وأنت على هذا المتصفح وترحل مثلما رحلت أنا في هذه اللحظات إلى ما قبل الشباب وربما الشيخوخة والشباب وتستعيد أوقات بما فيها من سعادة وبؤس ونجاح وفشل، وتسمح بخروج تنهيده من بين أضلعك وتتبعها بزفرة أجزم أنك سوف تستحسنها وتتمتم بينك وبين نفسك: (يا لها من أيام)!! وتتمنى أن تعيشها ولو لبرهة من زمن.
أحبتي ... على مناداة ذلك الديك البلدي ذو العرف الأحمر القاني الذي ضرب بجناحيه المختلفة الألوان ثم صاح من داخل "زريبته" وكأنه يستعرض بقوة حباله الصوتية التي كم تمنيتُ أن أمزقها له أو أُلحق الأذى به بحجر في حين غفلة منه, بسبب صياحه العالي أو آذانه كما كانت والدتي تصفها لتحثني على النهوض السريع من فراشي غير الوثير، حيثُ أغافلها وأسحب طرفاً من بطانيتي على رأسي للحظات لا تسمن ولا تُغني ..
أنهض من فِراشي مُتثاقلاً بعد أن تتسم نبرة والدتي بالحدة قليلاً مُتلمساً طريقي المظلم إلى الفناء الخارجي بعد أصدرت الضفادع جلبة كبيرة بنقيقها وحيثُ حنفية الماء والإبريق المعدني.
بعد الوضوء والصلاة أجد أمامي بقشة حوّت قليلاً من خبز وكفتيرة صغيرة من ألشاهي، أتناول إفطاري المتواضع على ضوء ذلك الفانوس القابع داخل تجويف جدار الغرفة الطيني والذي أخذ يخبو نوره لنفاذ وقوده، ولا زالت رائحة فتيلته كأني أشتمها الآن تزكم أنفي كلما تذكرته.
حالة من اللا نوم ولا يقضه تنتابني عندما فج نور الصباح وأشرقت الشمس وتسللت أشعتها عبر النافذة التي اعتراها الوهن وأخذت أجزائها تتساقط بفعل السنين ولم تجدي قطعة القماش التي أوثقها والدي بمسمارين في أعلاها نفعاً في منعها عن مشاركتنا إفطارنا أو درء هبايب الصبا الباردة في أنصاف الليالي عن العبث بأجسادنا.
أنهض على مضض من مكاني وأنزع ما يُسمى بثوب "الخدامة" عن كاهلي وأرتدي ذلك الثوب البني اللون المخصص للمدرسة والذي فقد عدد كبير من أزراره بفعل الزمن، وربما ارتديته على ثوب الخدامة في أيام الشتاء , والطامة الكبرى إن كان ثوب الخدامة أطول من ثوب المدرسة!!.
وتتولى والدتي وضع المشبك عوضاً عن تلك الأزرار وكم كانت وخزاته مؤلمة إذا لم يتمكن ذلك المشبك من زبزور الثوب أو تحركت لحضتها !!
وتضع الصماده على رأسي وتعقدها عقدتين من خلف رأسي وتحذرني من أن أحل عقدةً منها. وتُخبئ لي قطعة من الخبز في جيبي وتناولني حقيبتي ثم تودعني بعد أن تردد عل مسمعي بأن والدي سوف يشتري لي حذاءً عندما( يهبط ) السوق..
أدلف إلى خارج البيت وأسلك مُتعثراً ذلك الطريق الوعرالذي نبتت الأشواك بين جُنباته إلى حيثُ المدرسة البعيدة.... "يُتبع لاحقاً"
المقداد
========================
أضاف الكاتب
الحلقة الثانية
http://www.thomala.com/vb/showthread.php?t=72221&page=4
(http://www.thomala.com/vb/imgcache/640e045ed5ca9e3b7110a779d1c4441d.jpg)
في صبيحة ذلك اليوم كان الضباب يحجب رؤية كل شيء , فرياح الصبا الباردة كانت هادئة على غير عادتها في فصل الربيع , وأنا كما أخبرتكم سابقاً أرتدي ثوبين واحداً للخدمة والظاهر هو ثوب المدرسة ورأسي مربوطة بصمادة موثقة العقد والبس أكرمكم الله حذاء من نوع " باتا " قد عبثت به الأسلاك من هول ما جار عليه الدهر ! إلا أنني موعود في ذلك الوقت بأن أبي سيهبط إلى السوق ليحضر واحداً جديداً من نفس الماركة " باتا " ولمن لا يعرف الباتا فهي حذاء ذا لون بني شديدة قويه في تحملها على وعورة وتضاريس البيئة التي تعايشنا معها في تلك الفترة القاسية !
ها أنا أقف بباب المدرسة العتيقة وقد تقدم أبناء القرية من كل حدب وصوب , أنظرها الآن وأراها نبراساً في القرية ومشعل نور إلا أن أكثر ما يزعجني ويقض نومي هي تلك الفلكة أعلاه , عندما نؤمر بإدخال أقدامنا الصغيرة بين الحبل والعصا ثم تفتل العصا على الحبل والدموع تنحدر وتنحدر ثم نبدأ نجهش بالبكاء ... !! ثم ترفع إلي أعلا وربما من الطلاب بأمر من الأستاذ , ثم يتولى هو الضرب المبرح !
وقد تكون هناك عقابات آخرى مماثلة يجلد بها الطالب "حتى يرى نجوم الظهر قايلة ", بحسب قولهم !!.
آآه كم هي موجعة تلك المواقف وكم تؤلمني تلك الجلدات وكأنهم يثأرون لأنفسم من خطب أقترفناه عظيم !!
كنت أتخيل أن التاريخ البشري لا يعرف أسوء من معلم مادة الهجاء , فحين يدخل الفصل يصيح بنا متأفف ومتعفف وكأننا رجس من عمل الشيطان !!
فعلى سبيل المثال هذه المحادثة التي وقعت بين المقداد وإستاذه في مادة الهجاء .
الأستاذ : أخرجوا الواجب وضعوه أمامكم .
مقداد : لم يحل الواجب .
الأستاذ : يامقداد لماذا لم تحل الواجب ؟؟
مقداد : ترتعش أطرافه ويتصبب عرقه يا ,,, يا ..أستتتاااذ يوم أمس كنت أسقي الزرع في الوادي " أحول "وكان عندنا " حطيط " أي جمع ثمار البامية ووضعها في "هواري " ولم أتمكن من أداء الواجب !
الأستاذ : وهل البامية أهم من حل الواجب ؟ .... تعال الي هنا .
مقداد: يجهش بالبكاء وهو يتقدم خطواة صغيرة يا أستاذ آخر مرة ..آخر مرة .. والله ما أعيدها أرجوك سامحني .... .
الأستاذ : وأخرج من خلفه " مصلح " وهي عصا قدت من شجرة الرمان !! ..
مقداد : بردت أطرافه وذهب صوته وتسارعت ضربات قلبه كثيراً .
الأستاذ : هيا ضع ظهرك على الأرض وأرفع قدميك عالياً والويل الويل لك ان نزلتهما من موضعها !!
مقداد: رافع قدميه وكأنه أيقن أن هواري البامية التي بيعت بسعر طيب لن تنفعه في هذه اللحظة الحاسمة , وأن هذا المصلح سيصيبه وواقع على قدميه لا محالة !
الأستاذ : يرفع مصلح عالياً وربما اتا به من وراء ظهره ليأخذ مرجحة شبه دائرية ليجلد تلك الأقدام الصغيرة ويلحقها أشد التعذيب كونه لم يأتي بالواجب ولم يعرف قراءة القطعة الموكلة به .
مقداد : من أول الجلدات قد سمع صياحه الفصول الموجود بآخر الرواق ! وكان هناك معلم آخر يحدثهم بأن مقداد يواجه اليوم أمر عصيب !!.,
الأستاذ : يواصل ضربه وارهابه للمقداد .
مقداد : لا زال يعد كم مضى من الجلدات العشر التي تحتم عليه أكلها .
الاستاذ : أكتفينا قم وخذ مكانك في الفصل .
مقداد : يمشي على قدميه بطريقة مضحكة للفصل بأجمعه , فيجلس متحسساً على قدميه متأثراً من هول ما أصابها
الأستاذ : رددو خلفي هيا ( با .. بي .. بو ) ( تا .. تي .. تو )) .
مقداد : يدعي على استاذه ( عساك بالحمى عساك بالموت ..............) وأذا تلاقت نظرته مع استاذه ردد با بي بو تا تي تو ..
أنتهى .
كان نموذج بسيط من آلاف النماذج التي تدور في الحصص اليومية لطلاب القرية جميعاً وليس المقداد بعينة وإنما ضربنا به المثل مجازاً ....
ختاماً : أشكركم وأنتظركم في مواضيع مشابهه .
المقداد
أبو عبدالرحمن
04-17-2011, 02:53 PM
الله ..الله ..أيها الأديب المقداد
بأسلوبك الأدبي الرائع الذائق ..حقيقة عيشتنا الجو ..على الرغم أني لم أعش في مثل هذه البيئة!
اقترح أن لا يكون في الموضوع أكثر من حلقتين!! حيث مثل هذه المذكرات تستحق أن تفرد في مواضيع مستقلة!
ابوسيفين
04-17-2011, 03:32 PM
إيييييييييه يامقداد
نعم لقد نكأت جروحاً كنت أظُنها قد إندملت ، ذكريات جميلة في نواحٍ بسيطه منها ومُنغّصه في أحايين كثيرة ، لاشك أنّها صنعت العديد من الرجال الذين يُشار إليهم بالبنان الآن في مُجتمعنا وقد قيل إن الشدائد تصنع الرجال 0
ــ إختيار موفّق وتأصيل للماضي للمُعتبرين من أبناء اليوم ، تذكّرت تلك الأيّام عندما أقوم لأجد الوالده ــ أطال الله عُمرها في طاعته ــ قد أعدّت طبق الكورنفلكس البلدي والمكون من قطع الخبز مع حليب طازج للتو تم حلبه من بقرتنا (( جويخه )) وهو إسم ينم عن شدّة حُمرتها وتضع لي قطعة منه في (( الكنف )) والذي هو بمثابة الشّنطه المدرسيّه وتطلب مني المبادره الى الذهاب الى حيث وانيت الفورد الذي يُقِلّنا الى المدرسة لتبدأ حكايات وحكايات سنتواصل معك بها إن شاء الله في طيّات الموضوع 000000 تحياتي
منقاش
04-17-2011, 04:07 PM
حليفنا العمده المقداد بن ألأسود : أجدت الوصف يا حليف الشيخ , أجدت وظهرت في وصفك الصور البيانيه وهي حيه تنبض بالنفس وتزخر بالحركه , وظهرت وهي تحمل ألألوان والروائح وألأصوات والمشاعر والتواقيت والبيئه ..
واسمح لي يا حليفي في نقدي لهذي التحفه ألأدبيه التاريخيه أني أعرج على المثالب كما تعرضت للمناقب الكبيره والكثيره وأقول :
أنه ما يخفى على أي ناقد عنده نظر ثاقب وألمام بتاريخ المقدادين ألأصغر وألأعظم وبيتهم الجديد اللي بني على أنقاض بيتهم القديم أن ظلال عقدة حجر القرده المدفون في فناء الدار ظهرت واضحه في بعض مفردات القصه مثل :
وهالت عليه الأيام والعقود حتى أصبح في البعيد السحيق .
أحفر ... لعل أن تسعفني الذاكرة الصدئة وعسى أن أجد بضع
أو أُلحق الأذى به بحجر في حين غفلة منه
إلى الفناء الخارجي
داخل تجويف جدار الغرفة الطيني
وربما يعود الفضل في هذا الكشف لخبرتي اللي أكتسبتها من عقدة أبو نقشه ألأمحاويه اللي مكنتني بالتالي من تتبع آثار عقدتكم المقداديه ألأثريه اللي ألقاها دايما تنعكس آثارها على كتاباتكم كما أنعكست على كتابات التهامي عقدة رفاة صاحبه تأبط شرا , وشكرا ...
عطر السحاب
04-17-2011, 06:52 PM
يعطيك العافية ...
السلطان2011
04-17-2011, 07:17 PM
يعطيك العافية
صقر قريش
04-17-2011, 10:50 PM
ذكريات مؤلمة
ذكريات محزنة
المجاعة والعوز والفقر والجهل مجتمعة
كم عانا أباءنا وأمهاتنا في ذلك الزمن جزاهم الله خيرا وجعل الجنة سكناهم
بارك الله فيك اخي المقداد وضعت لي صور وآهات وأحزان لااريد ان اتذكرها
سواء لبس الثوب أو شنطة المدرسة أو الثوب المرقوع .... أو فسحة المدرسة عن كسرة صغيرة قرص الفطير وعيال النعمة يحلونها بالسكر ان وجد أو التمرة
يارجل ما قادر اكمل والله لدمعت عيني حين تذكرت ذلك الوقت وشغف العيش والحالة الصحية وعلاج ذلك الزمن
الحمدالله اولا واخر ولاحول ولاقوة الابالله
أبو رامز
04-17-2011, 11:00 PM
ياما وياما غفوت في تلك الايام لأجد ابواب المدرسة موصدة في وجهي
أجدت التصوير بعناية فائقة اخي المقداد
متحمسون للجزء الثاني
رفيق دربه
04-18-2011, 12:47 AM
رغم معانات تلك الايام العصيبة فلها نكهتها الخاصة
أبدعت أيها المقداد وتميزت بتلك الذكريات
يحفظك ربي وبارك الله فيك
بإنتظار الجزء القادم بكل شغف ؛؛؛
رويعي الغنم
04-18-2011, 01:55 AM
أخي العمدة المقداد بن ألأسود : ما رأيتموه بعيدا يراه قريبا من كان قبلكم بجيل أو جيلين .
بعبارة أخرى , أسلوب الحياة الذي عهدتموه في صغركم وأصبح تاريخا يختلف عن أسلوب حياة من كان قبلكم ببضعة عقود فقط .
لذلك سوف أحاول محاكاتك (تقليدك) بعد أن تنتهي من حلقاتك, والكتابة عن ذكريات الجيل الذي سبقكم .
فواصل بارك الله فيك , ولا تعر أذنا لحليفك الشيخ , فالرجل بدأت تختلط في مخيلته التصورات , وتلتبس عليه ألأمور بحكم عامل الشيخوخة وتقدم السن , وشكرا لكم ...
المقداد
04-18-2011, 02:07 AM
الكريم " اباعبدالرحمن .
أشكرك على إطراءك والثناء , وأعدك أن ستكون التتمة في حلقة أخرى موالية تحت هذا العنوان وهذا المتصفح , كي لا يتنقل القارئ بين المواضيع تائهاً بفكره يسائلها ماذا حل بذاك الطالب الذي التمس طريقة " غبشة " بين طرق وعرة وأشواك مؤذية ! .
الكريم " أباسيفين .
أثمن تواجدك كثيراً ولاشك أن ذاك الزمن صنع رجال حتى وإن كانت دراستهم لا تتجاوز مود الكتاتيب !
وحقيقة أني لهوف لسماع منكم المزيد حول ذكرياتك القديمة والتي هي بالفعل تأصيل لماضي قد إنصرم بكل حلوه ومره .
فكل تلك الحكايات القديمة لها معنى آخر وطعم آخر ولون آخر فالناس طموحاتهم متواضعة وقلوبهم كبيرة , حياتهم جوعاً وفقراً لكنهم جعلوها تتجمل بأرواحهم الطيبة .
أخيراً "جويخة" !! نعم جويخة بعينها .. جويخة الحمراء الفاقع لونها , المدرارة للحليب , المكون الرئيسي في الكورنفلكس البلدي الذي تتناوله "سفره " !
نريد مزيداً عنها .... وسلامتك .
الشيـــخ " منقاش .
أشكرك ياحليفنا على مارصفتم لنا من كلمات فريدة عجيبة , كما نشيد بنظرتكم الأمحاوية الثاقبة والتي زادت فيني الوجل حين قلت ((وبيتهم الجديد اللي بني على أنقاض بيتهم القديم)) !!
من أين عرفت كل هذا ياشيخنا ؟؟
كما أن خبرتكم اياها الامحاوية كانت بصيرة في كشف العقدة المقدادية الأثرية العتيقة وهذا لايتأتي لأي أحد الا لسماحتكم . لذا نشكر لكم ذكر المناقب وتفنيد المثالب القديمة ..
شكراً لك .
عطر السحاب "
بارك الله فيك .
السلطان "
بارك الله فيك .
روعة "
بارك الله فيك .
الكريم" صقر قريش .
أحسن اللــه اليك ومهما تكن تلك الايام قاسية الا أنها لها ذكريات جميلة آسرة يستحيل أن تمحى من ذاكرتنا , فماأضيق العيش لولا فسحة الامل يا صقر .
الكريم "أبارامز .
مرحباً بك وممتن لتعقيبك وستجد ما يسرك إن شاء اللــه .
الكريم " رفيق دربة .
مرحباً يارفيق وممتن لتعقيبك وستجد مايسرك إن شاء الله .
المقداد
المقداد
04-18-2011, 02:17 AM
أخي الكريم " رويعي الغنم .
أنا أنتظرك وأشد على يمينك فمثل هذه المواضيع لها حلاوة ياأخي تفوق الحلاوة الطحينية اللي يتناولها الشيخ وهو سارح المدرسة !!
أهلاً بك وأنا لا أملك الا حلقة أخرى متبقية لم أكتبها بعد ولكن سأحاول اذا سنحت الفرصة أن أختم لتبدأ أنت وستجد أذاناً أكبر من محاقن الديزل ..
تحياتي القلبية من خلف الكيبورد
المقداد
ابو الفراس
04-18-2011, 02:11 PM
يعطيك العافية
المقداد
04-18-2011, 07:07 PM
أبو الفراس .
شكراً لمرورك .
أستــــــــــاذه ملاك
04-18-2011, 07:55 PM
أنهض على مضض من مكاني وأنزع ما يُسمى بثوب "الخدامة" عن كاهلي وأرتدي ذلك الثوب البني اللون المخصص للمدرسة والذي فقد عدد كبير من أزراره بفعل الزمن، وربما ارتديته على ثوب الخدامة في أيام الشتاء , والطامة الكبرى إن كان ثوب الخدامة أطول من ثوب المدرسة!!.
أحسست بالألم http://www.thomala.com/vb/imgcache/7c85e5a2c84999e4f4c502231d113f6c.gif (http://www.tran33m.com/vb/t77522.html)عند القراءة تباً لجيلنا اليوم تجد الطآلبة لديها كل يوم مريولاً مختلف بشكله .. << ولم يعجبها الحآل وكذلك الطالب كل يوم ثوباً ..
أيهـــا الرجل الرائع المقداد ..
كم تستهويني تلك القصص أشعر عند القراءة بمتعة وأتمنى أن لا تنتهي
لطالما جلست بالقرب من والدي وحكى علي بعض الحكايات القديمة
ورب البيت كنت أستمتع أيما متعة ..
وقبل فترة كآنت إحدى جداتي تخبرنـــا بذكرياتها الطفولية وكنت أسأل عن أدق التفآصيل
وتُخبئ لي قطعة من الخبز في جيبي وتناولني حقيبتي ثم تودعني
كم هو شعور محرق كذلك عندما تذكرت موقف لأحدى طآلباتي
سأحكي الموقف المحزن ..
هذا الأمر قبل سنوات كنت أدرس في قرية نائية فقيرة
في يوم من الأيام كانت المناوبة علي خرجن جميع الطآلبات للفسحة ولم يتبق أي طالبة
عندما أردت الدخول لغرفتنا أحسست بأحدى الطالبات خلفيhttp://www.thomala.com/vb/imgcache/c8a78009e87db525f54dade11e089bda.gif (http://www.tran33m.com/vb/t77522.html)[/URL]
وعندما رأتني تخبأت وراء الباب وسألتها لماذا عُدت إلى الفصل أخبرتني أن فسحتها بالحقيبة ..
قلت أدخلي وانا سأنتظركِ عند باب الفصل ..
خجلت مني لم أعلم أنها تخبئ فسحتها عن زميلاتها وعني
بقيت قرابة العشر دقآئق تبحث في الحقيبة
قلت بنبرة حآدة مابك عن ماذا تبحثين .http://forum.z7mh.com/images/fisat/61.png
اخرجت قطعة خبز جآفة جدا جدا ملقاه وسط الكتب
والله لو بللت بالمآء لما انبلت من قسآوة القطعة << حزنت حزنـــاً شديدا ..
وأكملت يومي بصعوبة ..http://www.thomala.com/vb/imgcache/b14751188450e28d1bf55b8c388e1b12.gif (http://www.tran33m.com/vb/t77522.html)[URL="http://www.tran33m.com/vb/t77522.html"]
أكمل ذكريآتك فأنا بشوق
الحاج سلام
04-18-2011, 10:36 PM
بارك الله فيك اخي المقداد :
لقد نجحت في هذه العجالة في اثارة ذكريات الماضي الجميلة رغم مرارتها والاليمة رغم فائدتها فهي كما ذكر اخي ابو سيفين صنعت رجالا وكانت جسرا للعبور بين الماضي المظلم والحاضر المشرق .
والواقع ان لدي مخزونا هائلا من ذكريات المدرسة تلك ولكنني لن افسد عليك قصتك او اقطع عليك حبل افكارك وسوف اذكر بعض الذكريات الطريفة بعد انتهائكم من عرض هذه الذكريات ان شاء الله تعالى .
الحارث بن همام
04-19-2011, 12:34 AM
ما شاء الله عليك يا مقداد منذ أن سمعت اصوات
فناجيل الشاي تصطك في بعضها داخل بقشة الوالدة
رحمها الله ، وأنا أقول هذا مجال المقداد وميدانه .
اتحفتنا بهذه الرائعة الله يرحم والديك ، وأراك أشعلت
ذاكرة أبي سيفين والرويعي والحاج سلام وباقي الجيل
الأول ، لإن فعلوها لأفعلن مثلهم .
والحقيقة أن القراءة النقدية للشيخ منقاش أخرجت ما وراء
السطور ، أو قل : كشفت اللا وعي في هذا السرد القصصي
الجميل ، انظر إلى الألفاظ :
( أن أنكأ شيئاً من الماضي ) ( وأحفر عن ما ردمته ماضي السنون ) ( وهالت عليه الأيام والعقود ) ( حتى أصبح في البعيد السحيق )
( أحفر ... لعل أن تسعفني الذاكرة الصدئة وعسى أن أجد بضع من ذكريات وآهات ) ... ( وليتني أستطيع أن أجمع شتاتها وبقاياها ) .
وأقول :
لماذا النكأ والحفر والحفر ؟؟
من الذي ردم شيئا وأهال عليه في الماضي ، حتى
أصبح في البعيد السحيق ؟؟
ومن التي تريد أن تجمع شتاتها وبقاياها ؟؟
قواك الله يا مقداد فأنا أشعر بشدة المعاناة التي تجتاحك .
ذهب والماس
04-19-2011, 12:35 AM
يعطيك العافية
المقداد
04-19-2011, 02:56 AM
الأستاذة " ملاك .
مرحباً وشكر الله حضورك , والحديث عن ذلك الزمان لن ينتهي فهاهم الإخوة الكرام وعدونا بذكر شيء عن ذكرياتهم الجميلة الأليمة المفرحة والمبكية معاً !
وقد تذكرت حين قلت طلاب وطالبات اليوم ... تذكرت ماكانت عليه بالأمس البعيد
من عاملة في منزلها خاضة لحليب ماعزها وبقرها صانعة منه اللبن , آخذت منه الزبدة , صانعة منه السمن , تخيط ملابسها بنفسها وثوب زوجها بإبرة وخيط , تتفنن في زخرفت الاثنين معاً ! أين هذا الجهد اليوم !!؟ .
وهذا جانب بسيط من حياتها وقد ذكرنا في مواضيع أخرى أنها فلاحة ماهرة ومطيعة ناجحة , تسقي الأرض وتمشط الزرع , وتحصد وتديس الحبوب , ترعى الغنم وتشبر البهم , ترعى زوجها وأولادها حق الرعاية ..
أما قلت ذات اليد في وقتنا هذا فهي والله كثر وما قصتك التي أوردتيها إلا نزر يسير من مآسي نسمع عنها وأحياناً نشاهدها ! ولكن نسأل الله أن يديم علينا هذه النعم ويجبر خواطر أولئك المساكين الذين ليس لهم حظ في هذه الدنيا إلا الشقاء والبؤس ..
الأخ العزيز " سلام .
مرحباً بك في أتون الذكريات العتيقة , وجيد أننا استطعنا إثارة الماضي لديكم وهذا عنصر أساسي في الموضوع لايستقم دونه .
حليفنا أبو سيفين سيخبرنا المزيد كما وعدنا بذلك ومن بعده الرويعي إلا أننا لن نستغني عن ذكركم لماضي مدرسي قديم عشته وعاصرته وسنبقى لما ستجود به أقلامكم مستوكفون ..
كما أود إحالتك لمشاكسات هذا التهامي الذي دائماً مايندد بهذه اللعينة المسخ ليثير فينا بعض المتاعب الحسية والتي قد تستوجب العلاج النفساني فيما بعد .
الأخ الكريم " التهامي ابن همام ..
أضحك اللـــه سنك ,لاشك إشادتك إكرام مابعده إكرام , كما أن مروركم بهذا الموضوع له نكهة خاصة خصوصاً أنكم معاصرين وبلغتم من السن ما بلغتم , لذا قطعاً لابد أن نستمع اليكم في ذلك الوقت .
أما المعناة التي تحدثت عنها فربما هي معضلتي الأكبر التي تواجهني في والذي يبدو أني لن أنسلخ من ذكرها كما أنتم , لحى الله تلك القردة وما تسببت لي من متاعب , حتى أنكم أصبحتم تتفنون وتقومون بقراءات نقدية وشواهد وما إليه وربما مستقبلاً لن تكتفون بذلك !!
سامح اللـــــه أبي (( فما جنيت ولكن هذا ماجناه أبي عليّ ))
على كلاً سنقرأ لك وسنقدم قراءتنا النقدية في حينة فلا تستعجل وتظن أن كل الأيام لك أنت وذلك النجدي الذي يضرب من تحت الطاولة ويدعي البراءة ( أيام الدراسة طبعا ) .
ذهب وألماس "
ممتن لتعقيبك .
ألقاكم بخيـــــــر
المقداد
كشكول
04-19-2011, 03:19 AM
بارك الله فيك كاتبنا القدير المقداد
لقد عدت بالذاكرة الى الوراء فتذكرت كيف تختلط نسائم الهواء بالفصل مع رائحة الخبز داخل الشنط حيث كنا نأخذ فطورنا بداخل شنط هي ليسة كشنط وقتنا الحاضر فقد صنعت يدويا من قبل امهاتنا نضع الخبز ( اللبه ) داخل الشنطة فتفوح الكتب والفصل فيما بعد برائحة ذاك الخبز .
وعلى سيرة صنع الشنط فقد كانت تصنع من كيس ( الفينو ) نوع من الدقيق لا اعرف له اسما الان لعله هو الدقيق الابيض الان ولم يقتصر الامر على الشنط فقد وصل الحال بالبعض ان يصنع الثوب من ذلك القماش واتذكر ان احدهم صلى معنا عيد الفطر وقد بقية الطبعه على القماش واضحة وكان يصلي امامي بالمشهد .
شكرا من القلب لك كاتبنا القدير
المقداد
04-19-2011, 01:01 PM
http://www.thomala.com/vb/imgcache/c32f643db19e15728845b7309ccf64a1.jpg
الكريم " كشكول ..
حياك اللـــه وبياك , ونقدر تعقيبك ومشاركتنا هذا المحفل الرسمي لإستعادة بعضاً من الذكريات والتي عفى عليها وقتاً لا بأس به , وقولك إستخدم البعض لكيس الطحين "الفينو" فلاشك في ذلك فكل شيء كان لديهم يستخدمونه لما ينفعهم ويلبي مطالبهم من قبل أن يظهر علينا " الاسبونج بوب وما أدراك مالاسبونج بوب "
وهنا شيئاً من البراءة ..
http://www.thomala.com/vb/imgcache/12c7540f803ded8f0e8e7d256e90a6cd.jpg
وهنا شيئاً من الفلكة عندما كان بعضاً من المعلمين يمارسون هواياتهم الوحشية !!
ويزيدون من إرهابنا , سامحهم اللـــه .
http://www.thomala.com/vb/imgcache/640e045ed5ca9e3b7110a779d1c4441d.jpg (http://www.thomala.com/vb/imgcache/640e045ed5ca9e3b7110a779d1c4441d.jpg)
دفء الحنين
04-19-2011, 06:40 PM
ذكريات صيغت بأسلوب وصفي ممتع .. لك كل الشكر والتقدير .. بإنتظار مايتبع ..
أبو خولة
04-19-2011, 11:33 PM
بارك الله فيك مقدادنا.....
فقد صورت لنا ماضيكم الجميل رغم الشقاء والمعاناة
وكأننا نراه رأي العين..!!
ننتظر بقية الأجزاء فقد عشنا معك المشاهد
لحظة بلحظة..!
فلا تتحير علينا أيها
الأديب الألمعي
,,,
المقداد
04-20-2011, 01:33 PM
الكريمة"دفء الحنين .
بوركت وشكر الله تعقيبك على الموضوع .
الكريم " أبا خولة .
بارك الله فيك ,اتمنى أن أوفق في تصوير ولو جزء بسيط من تلك الأيام التي تعيدنا الي الوراء قليلاً .
واما التأخير فخارج عن الإرادة , "وبيني وبينك أفكر أسحب كلمة "يتبع" أحس أني تورطت "!!
بس وش يخارجني من النقاقين ... !!
المقداد
العمده المقداد بارك الله لك في عُمرك وعملك
أقدّر عالياً ماتقومون به من تدوين لتراث الآباء والأجداد وتسجيلٌ لتاريخهم العطر الذي قدّم لنا كوكبه من الرّجال رغم شظف العيش وصعوبة التعايش 0
مُتابعون لكم رعاكم الله ولمن إستنهظت ذاكرتهم من شيّاب المنتدى الذين وعدونا من خلال هذا الموضوع بالمزيد علّنا نحن الجيل التّابع لكم ومن هم بعدنا يجدون في ذلك مايساعدنا على مانعتقده من عقبات وصعوبات أعتقد أنّها أقل وبمراحل من تلك الصعوبات التي واجهتكم وذلك حسبما رشح من مُقدّمة حديثك ومُداخلات الآباء الأكارم وعلى رأسهم شيخ المنتدى وعرعرته حفظه الله ومخاويه من كل سوء 0
المقداد
04-21-2011, 03:14 PM
الأخ العزيز " صادق .
حياك اللــه وبيــاك , وتقديرك موضع إعتزازي بلا شك خصوصاً من هم من أمثالكم من الواعين , والحقيقة أنني منتظر الأخوة كما وعدو بذلك , وكما أخبرني أحد الأصدقاء أن الشيخ بدر الدجى قد أدرك النمط القديم في التعليم ! وهو ما كان بعض المقتدرين يستقدمون الشيوخ من اليمن او المغرب عند أداءهم فريضة الحج فيعطونهم سكناً ويكلفونهم بالتعليم والامامة للمسجد , وسمعت أنهم كانوا يجرون عليه اعطيات كثيرة من بر وسمن وعسل ودجاج وبيض ومنائح .
المهم ياصادق ان الحياة والتعليم في ذلك الوقت أشد وأصعب بكثير من أوقات لاحقة به , وهذا ما سنعرفه في مداخلات قادمة ان شاء الله ..
شكرا لك .
المقداد
منقاش
04-21-2011, 04:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم , ولا عدوان ألا على الظالمين , وبعد :
يا ربعي , أنت يا أخويه يا صادق وانت يا حليفي يا عمده ...
أراكم تمعكون ببدر الدجى وعرعرة المنتدى , واراكم تمحرشون به وتلحقونه بما تيسر لكم من الكيعان, والله أعلم أنه ما بقي عليكم وعلى أعوانكم ألا تدخلونه لمتحف من متاحف التراث وتحطونه سد واحد من البيبان , ثم تعرضونه من سد القزاز الشفاف المضاد للرصاص وقذايف الآر بي جي على الزوار حتى يتفرجون على بقايا الحضارات اللي سادت ثم بادت وقرضتها القوارض مثل حضارة رفاقتنا المايا وحضارة عيال عمنا من بني هلال اللي أكلهم الذر حتى رمدهم ولا خلى لهم أثر ...
وأراك يا ابن عمي يا صادق أبتديت تخطب ود المخاوي من ورا ظهري , وهذي بادره شاينه أعتبرها من وساوس ابليس نعوذ بالله منه , ولا تبشر منك بالخير ولا تبي تجيب لك منفعه من العير, وأتوقع أنها أن شاء الله عثرة جواد ولا تزيد عن خطا مطبعي وقع منك في الكتابه والأملا ولا هو خطا في المشاعر المقدسه .
بخصوص ألتماسكم من سماحتنا الكتابه عن الماضي ومقارعة العمده ومن هم ورا العمده وعلى شاكلته , من أمثال الشيخ سلام وابن همام وابو عبدالرحمن وحليفي ابو سيفين وغيرهم , فهذا تحصيل حاصل أن شاء الله وبتقعر ما بعده من تقعر في لغة الخطاب , وبتعاون وتنسيق مع الرويعي وولد أم محمد .
وعلى ذكر التقعر , ترونه من لزوميات الكتابه عن الماضي , بس رجايه منكم تعقلون شويه وانتم تكتبون , وتفكونا من التحليلات النفسيه والدخول في اللا وعي اللي أدخلنا فيه ابن همام في موضوع العمده.
بلاشي من فضلكم من هالحركات , وبلاشي من ألأمحوات والقردات وبقية الغيبيات , وخذوا ألأمور على ظواهرها , واسمحوا الخطر وخلوا الخوافي على الله , والله المستعان عليكم وعلى ما تصفون , وشكرا لي أولا ولكم ثانيا , والسلام عليكم...
واحد من القبيله
04-21-2011, 09:29 PM
بارك الله فيك ايها المقداد كان ماكان في ذاك الزمان لقد عدت بنا الى الوراء كثيرا وان كان الزمان قريبا نسبيا ايام المدرسون الاجانب ان صح التعبير ايام الفرش وعدم الرحمه وزاد الطين بله توصيه الاباء للمدرس لك اللحم ولنا العظم هذا اذا كان هناك لحم وكيف يكون والفطور لبه وشاهي ووصله منها في الكنف اذا وجدت ولم تسلم من المطارده في الفسحه كل طالب ياخذ منها له لقمه ذكرتنا ايام التطعيم اذا جاء {التينه}يولع الدافور ويحمى الماء وتوضع فيه الابر ولك ان تتخيل ماء مغلي وابر والفراش او المدرس يمسك الطلاب واحد واحد وهكذا معذره ايها المقداد لن اكمل واترك لك سرد الماضي باسلوبك المميز
المقداد
04-22-2011, 02:57 PM
الشيــــخ العرعرة .
مرحـــباً بك ولا تضيق الأمر على نفسك هكذا ..! فكأني بك تنظر الي المرآه في الصباح وقد إشتاطت ذقنك شيباً ولسان حالك يقول " ليت الشباب يعود يوماً // فأخبره ماذا فعل المشيب "
في إنتظارك .
الأخ الكريم " واحد من القبيلة .
مرحباً بك يارجل وقد لمست الجرح وهو دامي .فما ذكرته بثنايا ردك كان مصدر إرهاب لمحدثك عندما يشاهد الطبيب من نافذة الفصل ووجهه مكفهر ! متقلداً سماعة ويحمل بيده حقيبة بنية !!
ممتن لك ولتعقيبك .
المقداد
المقداد
04-22-2011, 07:06 PM
http://www.thomala.com/vb/imgcache/640e045ed5ca9e3b7110a779d1c4441d.jpg
(http://www.thomala.com/vb/imgcache/640e045ed5ca9e3b7110a779d1c4441d.jpg)
(http://www.thomala.com/vb/imgcache/640e045ed5ca9e3b7110a779d1c4441d.jpg)
في صبيحة ذلك اليوم كان الضباب يحجب رؤية كل شيء , فرياح الصبا الباردة كانت هادئة على غير عادتها في فصل الربيع , وأنا كما أخبرتكم سابقاً أرتدي ثوبين واحداً للخدمة والظاهر هو ثوب المدرسة ورأسي مربوطة بصمادة موثقة العقد والبس أكرمكم الله حذاء من نوع " باتا " قد عبثت به الأسلاك من هول ما جار عليه الدهر ! إلا أنني موعود في ذلك الوقت بأن أبي سيهبط إلى السوق ليحضر واحداً جديداً من نفس الماركة " باتا " ولمن لا يعرف الباتا فهي حذاء ذا لون بني شديدة قويه في تحملها على وعورة وتضاريس البيئة التي تعايشنا معها في تلك الفترة القاسية !
ها أنا أقف بباب المدرسة العتيقة وقد تقدم أبناء القرية من كل حدب وصوب , أنظرها الآن وأراها نبراساً في القرية ومشعل نور إلا أن أكثر ما يزعجني ويقض نومي هي تلك الفلكة أعلاه , عندما نؤمر بإدخال أقدامنا الصغيرة بين الحبل والعصا ثم تفتل العصا على الحبل والدموع تنحدر وتنحدر ثم نبدأ نجهش بالبكاء ... !! ثم ترفع إلي أعلا وربما من الطلاب بأمر من الأستاذ , ثم يتولى هو الضرب المبرح !
وقد تكون هناك عقابات آخرى مماثلة يجلد بها الطالب "حتى يرى نجوم الظهر قايلة ", بحسب قولهم !!.
آآه كم هي موجعة تلك المواقف وكم تؤلمني تلك الجلدات وكأنهم يثأرون لأنفسم من خطب أقترفناه عظيم !!
كنت أتخيل أن التاريخ البشري لا يعرف أسوء من معلم مادة الهجاء , فحين يدخل الفصل يصيح بنا متأفف ومتعفف وكأننا رجس من عمل الشيطان !!
فعلى سبيل المثال هذه المحادثة التي وقعت بين المقداد وإستاذه في مادة الهجاء .
الأستاذ : أخرجوا الواجب وضعوه أمامكم .
مقداد : لم يحل الواجب .
الأستاذ : يامقداد لماذا لم تحل الواجب ؟؟
مقداد : ترتعش أطرافه ويتصبب عرقه يا ,,, يا ..أستتتاااذ يوم أمس كنت أسقي الزرع في الوادي " أحول "وكان عندنا " حطيط " أي جمع ثمار البامية ووضعها في "هواري " ولم أتمكن من أداء الواجب !
الأستاذ : وهل البامية أهم من حل الواجب ؟ .... تعال الي هنا .
مقداد: يجهش بالبكاء وهو يتقدم خطواة صغيرة يا أستاذ آخر مرة ..آخر مرة .. والله ما أعيدها أرجوك سامحني .... .
الأستاذ : وأخرج من خلفه " مصلح " وهي عصا قدت من شجرة الرمان !! ..
مقداد : بردت أطرافه وذهب صوته وتسارعت ضربات قلبه كثيراً .
الأستاذ : هيا ضع ظهرك على الأرض وأرفع قدميك عالياً والويل الويل لك ان نزلتهما من موضعها !!
مقداد: رافع قدميه وكأنه أيقن أن هواري البامية التي بيعت بسعر طيب لن تنفعه في هذه اللحظة الحاسمة , وأن هذا المصلح سيصيبه وواقع على قدميه لا محالة !
الأستاذ : يرفع مصلح عالياً وربما اتا به من وراء ظهره ليأخذ مرجحة شبه دائرية ليجلد تلك الأقدام الصغيرة ويلحقها أشد التعذيب كونه لم يأتي بالواجب ولم يعرف قراءة القطعة الموكلة به .
مقداد : من أول الجلدات قد سمع صياحه الفصول الموجود بآخر الرواق ! وكان هناك معلم آخر يحدثهم بأن مقداد يواجه اليوم أمر عصيب !!.,
الأستاذ : يواصل ضربه وارهابه للمقداد .
مقداد : لا زال يعد كم مضى من الجلدات العشر التي تحتم عليه أكلها .
الاستاذ : أكتفينا قم وخذ مكانك في الفصل .
مقداد : يمشي على قدميه بطريقة مضحكة للفصل بأجمعه , فيجلس متحسساً على قدميه متأثراً من هول ما أصابها
الأستاذ : رددو خلفي هيا ( با .. بي .. بو ) ( تا .. تي .. تو )) .
مقداد : يدعي على استاذه ( عساك بالحمى عساك بالموت ..............) وأذا تلاقت نظرته مع استاذه ردد با بي بو تا تي تو ..
أنتهى .
كان نموذج بسيط من آلاف النماذج التي تدور في الحصص اليومية لطلاب القرية جميعاً وليس المقداد بعينة وإنما ضربنا به المثل مجازاً ....
ختاماً : أشكركم وأنتظركم في مواضيع مشابهه .
المقداد
منقاش
04-22-2011, 07:53 PM
بارك الله فيك يا حليفنا , وطالما أن المقداد ألأعظم نهار سلمك للمدرسه وقع على عقد أعطاهم فيه اللحم وأستبقى العظم , فالمدرس حر يسوي فيك اللي يبي من جلد وفلكه ولي أذاني ...
الحاج سلام
04-22-2011, 09:34 PM
شكرا اخي المقداد على هذا السرد الجميل .
وما دام ان الاخوان الحارث بن همام وربعه قد بدأوا بالتحليل النفسي لكاتب القصة وتشريح النصوص التي اوردها فسوف ادلى بدلوي مع من ادلى واقول ان ارهاب ذلك المدرس سامحه الله قد زرع في اعماق نفسك عقدة خوف ورهاب وكره ارتبطت بثمار البامية .
فانت الآن لا تحب أكل البامية ولا تشتريها لبيتك اليس هذا صحيحا ؟
واقول لك ولكل الاخوان الذين عانوا من تسلط المدرسين في الماضي سامحوهم فانهم مجتهدون لم يوفقوا في اجتهادهم ولا يراودني ادنى شك انهم متأسفون على ما عملوه والحمد لله ان الامور قد عادت لنصابها .
ومع ذلك فاننا نسمع ونقرأ هذه الايام ان الامور قد انقلبت واصبح المدرسون يعانون من اضطهاد الطلاب فسبحان مغير الاحوال .
وفي الختام اكرر شكري لك يابن الاسود والسلام عليكم ...
منقاش
04-23-2011, 04:49 PM
يبدو أن المزح ما يصلح في بعض المواطن , من أجل كذه فضلا يا مشرفينا ألأكارم , أعتمدوا حالا حذف مشاركة أبو نقشه رقم (32) ..
وأذا ما حذفتوها تراكم شركايه في ألأثم , وفوقها رايحين تكونون عرضه لتنزيلنا لكم من الشرافه وتعين ناس غيركم , والعمده شاهد عليه وعليكم ....
رفيق دربه
04-23-2011, 10:09 PM
جزاء الله المدرسين ألف خير وسامحهم ربي
وما كان هذا إلا لتوجيهنا لطريق التفوق والنجاح ؛؛؛
مشكووورين ويعطيكم ألف عافية
الحارث بن همام
04-23-2011, 10:58 PM
حياك الله يا مقداد ثانية في هذا الموضوع .
وسامحك الله فقد تسببت في حملة على المدرسين
لا يستحقونها ، فقد كانوا يتصرفون بموجب ما اقتضاه وقتهم واجتهادهم ، وبما رأوا أنه يحقق المصلحة التي ينشدونها ، فإن أصابوا فهم مأجورون وإن أخطأوا فلا يلام المرء بعد اجتهاده ، ونسأل الله ألا يحرمهم من الأجر .
أما بالنسبة للدراسة النفسية للموضوع وقضية اللاوعي والإسقاطات ... التي بدأها الحاج سلام ، فأنا في هذا الجانب اتفق مع بدر الدجى في أهمية التوقف عن متابعة المقداد في الموضوع إياه ، لأن موضوعه هذا كشف أن الرجل عانى كثيرا في الماضى وليس من الحكمة ملاحقته بمعاناة جديدة ، وأن نضطره لمواجهة جديدة مع شيخه وملهمه ، المقداد الأكبر ، فلديه تاريخيا ما يكفيه .
وأخشى أن المقداد يردد في سره الآن ، ما كان يردده في شأن معلمه القديم ، ويقول كلما ذكرناه بالموضوع :
سأضع الحجر بين أيديكم ، سأضع الحجر بين أيديكم ، عساكم بالحمى ، عساكم بالموت ، با بي بو ، تا تي تو ....
وهذا ليس من المصلحة ولا الحكمة ولا يناسب المودة التي ربطتنا مع هذا الأديب الألمعي .
أبو عبدالرحمن
04-23-2011, 11:51 PM
مشكور أستاذنا ـ المقداد ـ
لا تعلم مدى تعاطفنا معك في ذاك اليوم الذي لم نشهده..
أكرر شكري وتقديري وإعجابي باسلوبك الرائع الأدبي الذائق
====
تم إضافة الحلقة الثانية ضمن الموضوع
المقداد
04-24-2011, 12:35 PM
الشيخ العرعرة ..
بارك الله فيك وحياك,وأنا أعترض على حذف مشاركتك اذ أنها من عيون المشاركات ,فنحن نعلم يقيناً أن حديثك من باب الدعابة والمزح ولا يتعدى أبعد من ذلك ,وما نستفيده نحن من مثل هذه المشاركات الجميلة التي تدبجها في المتصفح إحياء لذكرى غابرة مرت بنا جميعاً ناهيك أننا نبقى في حالة هستيرية من الضحك واللاوعي , أما صيد الفوائد فحدث ولا حرج عليك فتقويم السنتنا على السليقة اللغوية السليمة لنرتوي من ينبوعها الصافي الزلال .." مثلاً ...
تحياتي يا شيخ ..
الشيخ " ســـلام ..
يبدو أني سأعاني معك أنت والتهامي كثيراً ! فهو يقول وجدت المقداد ينبري ليشرح حياته في قصة القردة أبانت المفردات التي يستخدمها واضحة في شدة ماهو مكلوم بها, ثم تأتي أنت وتشرح ازدرائي للبامية مع أنني أنساق معك لأنني فعلاً لا أشتريها ولا آكلها ! ثم إعلم يا حاج أني متأكد أنك تقدم الدعم اللوجستي لهذا التهامي وللشيخ وتمهد لهما وتحثهما على مواصلت الحديث عن القردة ! ..
أما حديثك عن المدرسين ماضياً فنحن معك لا ضده , بل إنني قابلت كثيراً منهم فيما مضى من الوقت فكنا نتبادل أطراف الحديث وعن بعض ما كان يلقوننا به على سبيل المزح .
نشكرك يا حاج على تعقيبك ودمت موفقاً ..
الأخ الكريم " واحد من القبيلة ..
بارك الله فيك , وأسمحهم يابن العم فتلك أيام خوالي إنقضت بحلوها ومرها ولا يدوم بين الناس الا المعروف وحسن المعاملة , وأنا أقول أن المشكلة بعينها واقعة على بعض جيل ذلك الزمان الذين تركوا الدراسة من مثل هذه التصرفات الإرهابية ! وأعرف جماً غفير من أولئك الذين أبتعدوا عن التعليم بسبب الضرب أو الإرهاب الحاصل .
الأخ الكريم رفيق دربه ..
بارك الله فيك , ولا تأخذ بنصايح الشيخ التي رواها لنا قبل يومين فهو مازح ماعر شاعر !!
الشيخ " التهامي ..
حفظه الله ورعاه , ولا حصحص فاه , سأتجاوز الثناء على المعلمين السابقين البائدين لعلمي أنهم صنعوا رجالاً وأورثوا علماً , ونفعوا الأمة , فسامحهم الله وجزاهم خير الجزاء .
ثم أنتقل الى الموضوع أياه بطبيعة الحال ! وكما تعلم وأعلم والجميع يعلم أن قلمك طيع جداً من هذه الناحية , ولاشك فهو يبهجنا ويرسم الإبتسامة على محيانا . وأقول أنني فعلاً سأتوقف عن سرد الذكريات التي تساهم في تأجيج الأحزان وعض أصابع الندم على ماكان .
أكرر شكري وإمتناني لك ولن أدعو عليك ولن أضع الحجر بين يديك " با بي بو تا تي تو "
الشيخ " اباعبدالرحمن ..
حياك اللــه وبيــاك , وربما اليوم أنا في أمس الحاجة للتعاطف بسبب تلك القرائات النقدية في حالتي النفسية والشخصية معاً ..
شكرنا لك أيضاً ايها الجميل .
المقداد
واحد من القبيله
04-25-2011, 10:03 PM
بارك الله فيك مقدادنا فلقد ايقضت جروحا كادت ان تندمل وذكرتنا ايام الحذاء الباته المقطع من كثر المشي فكنا نسرح والنور ماطلع وطول الطريق كانت كورتنا علب الصلصه شوت لين نصل المدرسه وياحظ الحمار العاثر الذي نجده في طريقنا كل اثنين او ثلاثه يركبونه مسافه ونربطه قريب من المدرسه لرحله العوده هذا اذا وجدناه ماحد تسلط عليه والله زمان الغلب والتعب دنيا-
كشكول
04-26-2011, 12:07 AM
بوركت وبورك قلمك مقدادنا القدير
ولك اجران ان شاء الله
اجر مصافحتك لنا بهذه الكريات والطرائف والفوائد
واجر سحب روعي والشيخ سلام وبن همام ومن سينظم لهم مستقبلا للكتابه كلا فيما حركته داخل صدره بهذا الموضوع الماتع
احترامي وتقديري لشخصكم الكريم
مراسل ثقيف
09-16-2011, 02:00 AM
ليعذرني الإخوة الأعزاء لرفعي هذا الموضوع القديم شوي ولكن قرأته أكثر
من مرة ولم أمل منه لجمال الأسلوب الذي يشد القاري ويأسره وأعتقد أن أخينا
المقداد في هذا الموضوع لم يستعن بالمقداد الأعظم في محاور هذه
القصة لأنها تحكي ماضي خاص بالكاتب فقط، كذلك شدتني هذه الجملة
(فحين يدخل الفصل يصيح بنا متأفف ومتعفف وكأننا رجس من عمل الشيطان !!)
توقعت أني أقرأ قصة للكاتب المثير للجدل عبده خال شفاه الله
نتمنى التوفيق لكاتبنا العزيز المقداد،،
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, vBulletin Solutions, Inc Trans by mbcbaba