منتديات بلاد ثمالة - مشرف الغفلة

حسين حجاجي
لا تنتهي الحصة الأولى حتى ينطلق طالب الصف الثاني الابتدائي باتجاه باب المدرسة كالصاروخ ؟
و هذا ما دفع أحد معلمي المدرسة للتوجه يوميا للمكوث في انتظار ذلك الطالب مع بداية الحصة الثانية عند الباب ليعيد الطفل مجددا للفصل ؟
لكنه يرفض و يحول فناء المدرسة إلى مناحة من صراخه المتواصل و لا يكف ما لم يحضر أباه .
مر أسبوع أسبوعان شهر و نصف الشهر والطالب مصر على عادته تلك إلى أن قيض الله له معلما تمكن من ( فك لغز ) هذا الطفل .
لماذا ( يفر ) الطالب عند نهاية الحصة الأولى تحديدا ، جاءت مهارة ذلك المعلم تزيح تلك ( المصيبة ) التي حلت على تلك المدرسة .و السبب ( برادة الماء ) .ففي الفصل المجاور لفصل الطالب توجد
( برادة ماء ) بينما لم يحظ فصله بذلك و هذا ما جعل الطفل يشعر بإحساس الموت عطشا ولأنه طفل لم يكن يظن بقدرته على شرب الماء إلا في بيتهم فكيف تصرف ذلك المعلم .
من الغد أحضر برادة ماء ووضعها داخل فصل ذلك الطالب و انتهت المعاناة بفضل الله تعالى ثم بفضل هكذا معلم ( لم يصفق له أحد و لن ) .
معلم اقترب من الطفل حتى باح له الطفل بهمه الصغير ولولا أن المعلم يملك من الموهبة و القدرة التي نال بها ثقة الطالب لما أفصح له .و هذه إحدى أسس التواصل بين المعلم و الطالب . فكثيرا ما يتصادم المعلم مع الطالب و اقصد هنا طالب المرحلة الثانوية بالذات - بسبب واجب مدرسي درجته لاتتجاوز الثلاث درجات ، فتتوتر العلاقة بينهما نتيجة لتقاعس الطالب عن أداء ذلك الواجب و مما يؤدي لدخول الطالب في دوامة من الإجراءات الإدارية أو المدرسية العقابية مما يفسد أجواء ذلك التواصل و ينتج عنه أن المسألة لا تقتصر على فقد ( ثلاث درجات ) و إنما يمتد ذلك الفقد ليصل إلى كراهية المادة الدراسية لكراهية معلمها و هذا يعني إخفاقا للطالب في تلك المادة وربما يصل الأمر إلى درجة كراهية المدرسة و من ثم الهروب .
و كل هذا من أجل واجب يعرف أغلب المعلمين أن الطالب ربما كلف أخته بإنجازه أو نقله من زميله وكان يمكن التحايل على تلك المسألة بصورة أو أخرى بعيدا عن جعلها مسألة ملحة و مصيرية .مشرف تربوي من مشرفي ( الغفلة ) لا يعرف من الإشراف حسه المرن ولا بعده الإنساني و يجهل حتى روح الإشراف الابتكارية والروح المبدعة .
و لهذا يساهم مثل هذا المشرف في خلق مثل ذلك التوتر بين المعلم و الطالب ؟ فالمعلم حريص على اتباع منهجية المشرف في التقويم و الطالب في هذه المرحلة العمرية -كطالب ثانوية عامة- يرفض في ظل المتغيرات و في ظل المغريات التنازل ولو بدقيقة واحدة من أجل المدرسة خارج دوامها المدرسي .
و المسألة لا تتوقف عند هذا الحد بل تمتد إلى كثير من تلك الخطوات التي يلزم المعلم بها كجزء من أدائه المهني . تماما مثل ذلك التنظير الذي يتشدق به بعض المشرفين من مصطلحات فخمة ضخمة . لا تخرج عن كونها استعراضا ممسرحا !
و تماما مثلما هو الحال مع دفتر التحضير فرغم الاعتراف مؤخرا بالتحاضير الجاهزة و السماح بالاستعانة بها إلا أنها مطلب ملح و حتمي في أداء المعلم عند التقويم، فكيف غيبت الآن من تلك اللائحة أهداف التحضير و أين من كانوا يتشدقون بتلك الأهداف في يوم ما ؟
و ماذا سيقولون الآن و ماذا سيقولون غدا عندما توضع أسئلة الاختبارات الجاهزة في (النت) و يضطر المعلم أمام الكم الهائل و الخرافي من نماذج الأسئلة التي سيطالب في نهاية العام بالاستعانة بها.
عموما هذا التنظير المستريح هو الذي قتل طموح المعلم و أجهض توقدا لدى آخر .
و حول المعلم من معلم مبتكر مبادر إلى معلم مؤد و بحرفية نصية يؤدي و كفى .