الشركات الخاصة في الخليج تعرقل برامج توطين الوظائف
دبي/ الدوحة- العرب اونلاين: شرعت حكومات الخليج في تنفيذ برامج "توطين" الوظائف تهدف لدفع مواطنيها للعمل في القطاع الخاص. وقادت سلطنة عمان الطريق فأطلقت في الثمانينيات من القرن الماضي برنامجا للعومنة وحذت حذوها حكومات البحرين والكويت وقطر والسعودية والإمارات . وعادة ما تتضمن هذه البرامج حوافز ضريبية للشركات الخاصة التي تعين مواطنين وتحديد حصة من العمالة المحلية بكل شركة والاستثمار في تدريب الخريجين. لكن ذلك لم يؤت ثماره إذ تجد كثير من الحكومات الخليجية صعوبة في تغيير ثقافة الوظيفة الحكومية التي يسهل الحصول عليها وإعداد مواطنيها للعمل في القطاع الخاص. ومازال القطريون الذين يشكلون 16 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة لا يمثلون –وفقا للاحصاءات الحكومية - سوى خمسة بالمئة فقط من اجمالي العاملين في القطاع الخاص بالبلاد. ولا يشغل المواطنون غير واحد بالمئة فقط من وظائف القطاع الخاص في الإمارات العربية المتحدة. أما السعودية بعدد سكانها الكبير فقد بلغ حجم مشاركة المواطنين في القطاع الخاص عشرة بالمئة. تقول نورة البدور المسؤولة عن برنامج توطين الوظائف بالإمارات "نحتاج للمشاركة في القطاع الخاص ... القطاع الخاص عصب الاقتصاد الوطني وللمواطنين الحق في العمل في هذا القطاع. هذا مهم للغاية بالنسبة لنا". كانت الأمور تسير جيدا مادامت الوظائف الحكومية متاحة. لكن في دول مثل السعودية – حيث تبلغ نسبة البطالة 10.5 بالمئة رغم أن دبلوماسيين ومحللين يقولون إن النسبة الفعلية أعلى من ذلك على الأرجح – لم تعد الوظائف الحكومية مضمونة. وفي الكويت ينتظر 12 ألف مواطن الحصول على وظائف حكومية. أدى كل هذا إلى شعور بالاحباط بين الشبان في تلك الدول. وفي احتجاج عام شديد الندرة في أواخر أغسطس آب احتشد حوالي 200 خريج جامعي سعودي أمام وزارة التعليم في الرياض يحملون ملصقات عليها شعارات تطالب الحكومة بتوفير الوظائف وأخرى تقول " كفى ظلما". ويقول خبراء إنه ما لم تتصدى الحكومات لمشكلة البطالة فربما تتزايد الاحتجاجات مما يضيف إلى المخاطر الأمنية في هذه البلاد. وقال مصطفى علاني من مركز الخليج للأبحاث "الحكومة "السعودية" تعتبر مسألة البطالة مشكلة رئيسية لها تداعيات خطيرة على الأوضاع الأمنية". وجزء من المشكلة هو أن كثيرا من مواطني الخليج مازالوا لا يرون جدوى من السعي للعمل في القطاع الخاص. في دولة مثل الإمارات – حيث اختفت البيوت المتواضعة المبنية بسعف النخيل لتحل محلها الفيلات الفاخرة وناطحات السحاب على مدى جيل أو اثنين – تقول الحكومة إن معظم المواطنين عاطلون بارادتهم. وتظهر الاحصاءات الرسمية أن نسبة البطالة تبلغ 23 بالمئة بين الإماراتيين – وهي نفس نسبة البطالة في قطاع غزة. وأحد العوامل التي تعوق إحراز تقدم هي حقيقة أن برامج توطين الوظائف غالبا ما تكون ضعيفة التنظيم إذ تتوقف بعد بضع سنوات من انطلاقها فقط ليعاد استئنافها بعد ذلك. وقد استأنفت السعودية مؤخرا برنامج السعودة الذي يشمل إلزام الشركات بتعيين سعوديين بنسبة معينة من عمالتها وبرنامج تحفيز تدفع الدولة من خلاله نسبة من أجر الموظف المحلي. كما أن القطاع الخاص في الخليج ليس مهيئا بشكل كبير لاستيعاب المواطنين وبرامج توطين الوظائف لا تقدم حوافز كبيرة على الاصلاح. وتساءل الخبراء عن الأسباب وراء هذه النسبة المرتفعة من البطالة بين الإماراتيين في اقتصاد يحقق أحد اعلى معدلات النمو في الشرق الأوسط وفي ظل عائد نفطي كبير. والإجابة هي أن ملايين الوظائف في القطاع الخاص تستهدف أصلا الأجانب وليس المواطنين الإماراتيين. واستثمرت الحكومات المليارات في برامج للتعليم في مسعى لتطوير مهارات العمالة المحلية لكن كثيرين يقولون إن النظام مازال دون المستوى المطلوب. وقالت نورة البدور مديرة التوظيف وتنمية المهارات لدى هيئة توظيف وتنمية الموارد البشرية الوطنية "تنمية" بالإمارات وهو برنامج يهدف لدعم توظيف الإماراتيين في القطاع الخاص " هناك فجوة كبيرة بين ما تحتاجه السوق وما يقدمه النظام التعليمي الإماراتي". والوضع أكثر حرجا في السعودية حيث يقاوم المطوعون مساعي الملك عبدالله لتحديث التعليم وتخفيف المحتوى الديني الضخم في الكتب الدراسية من خلال برامج تتكلف 2.4 مليار دولار. يقول سليمان ابراهيم من مركز الخليج للأبحاث "نحن لا نؤهل خريجين لديهم القدرة على التفكير وإنما خريجين يحملون معلومات". لكن حتى السعوديين الذين تلقوا تعليمهم في جامعات أمريكية يشكون من أنهم لا يجدون أيضا وظائف في القطاع الخاص. ومع ارتفاع نسبة البطالة تصبح السعودية واحدة من دول الخليج القليلة التي يعمل فيها المواطنون سائقي سيارات الأجرة أو أفراد أمن. ويدير طراد العمري شركة بيت السعودة للتوظيف ومسجل لديه أربعة آلاف سعودي من خريجي الجامعات الأجنبية. وعلى عكس الكثير من دول الخليج العربية فإن أغلبية سكان السعودية البالغ عددهم 25.4 مليون نسمة من المواطنين. ويشير العمري إلى أن برامج توطين الوظائف تنطوي على تضارب في المصالح إذ ان معظم الدول الخليجية تشترط أن تكون الشركات مملوكة بنسبة تتجاوز الخمسين بالمئة لمواطنين محليين إلا أن هؤلاء المواطنين هم عادة من يعارضون تعيين أبناء وطنهم. ويقول العمري "يعينون أناسا ذوي مؤهلات أقل "من السعوديين" ... لأن أجرهم سيكون أقل". ويقول شبان خليجيون إن ذلك يظهر كيف أن التركيز على التعليم يغفل المشكلة الأكبر وهي وفرة العمالة الأجنبية الرخيصة التي تجعل برامج توطين الوظائف غير اقتصادية. وعندما حاولت البحرين قبل عامين فرض ضريبة على العمالة الأجنبية لجعل تكلفة تعيينهم مماثلة لتكلفة تعيين المواطن البحريني تدخل رجال الأعمال الأثرياء ممن لديهم نفوذ سياسي لاحباط الخطة. وبدلا من ذلك تفاوضوا لفرض رسوم قدرها عشرة دنانير "27 دولارا" على تأشيرة دخول العامل الأجنبي – وهو مبلغ زهيد بالنسبة للشركات الكبيرة حيث يمكن أن يتم تعيين عاملين أجنبيين أو ثلاثة بما يوازي مرتب مواطن واحد. وتساءل فورشتينلتشنر "اذا كان لديك شركة كبيرة يعمل بها عشرة آلاف هندي بمقابل أقل فلماذا ستحتاج لتعيين كل هذا العدد من البحرينيين؟". والواقع أن كثيرا من الشركات الخاصة عادة ما تنظر إلى برامج توطين الوظائف باعتبارها عبئا عليها أن تتعايش معه أو ضريبة خفية لا باعتبارها أحد سبل بناء الدول التي تستضيف أعمالها. وخلص فورشتينلتشنر ومحمد الوقفي في استطلاع عن توطين الوظائف في الإمارات أجري عام 2009 إلى أن الأجانب والمواطنين على السواء "يتفقون عادة على وصف توطين الوظائف بالإمارات بأنه أحد أشكال الضرائب." وقالا إن الشركات "تعين مواطنين للوفاء بالحصص المفروضة عليها وليس لأنها تريد ذلك". لكن نورة البدور تقول أن الحصص هي أحد أشكال المسؤولية الاجتماعية للشركات وإن الأجواء في الإمارات في المقابل مواتية للأعمال. وقالت "ليست هناك ضرائب – الشركات تأتي هنا وتجني أرباحا كبيرة فلماذا إذن لا تمنح مواطنينا فرصة للعمل؟". وهناك مزايا للالتزام بنظام الحصص فالشركات ذات السجل الجيد خاصة التي تمنح مواطنين محليين وظائف رفيعة المستوى كثيرا ما تكون لها الأفضلية في الحصول على العقود الحكومية المربحة. لكن حتى الشركات صاحبة أنجح برامج توطين الوظائف تكافح للوفاء بمستويات الحصص المطلوبة. وفي بنك لويدز بالإمارات الذي فاز بعدة عقود بفضل اتباعه لسياسة توطين الوظائف تبلغ نسبة العاملين الإماراتيين 39 بالمئة. وهذه نسبة جيدة لكنها مازالت أقل من الشرط القانوني أن يكون 48 بالمئة من العاملين في البنوك إماراتيين خلال 2010. |
رد: الشركات الخاصة في الخليج تعرقل برامج توطين الوظائف
لماذا لايكون هنالك حافز أكبر للمواطن العاطل عن العمل لشغل هذه الوظائف المتعددة في هذه الشركاااات؟؟؟ يعطيك ألف عافية على الموضوع الهادف |
Re: رد: الشركات الخاصة في الخليج تعرقل برامج توطين الوظائف
اقتباس:
من يدير هذه الشركات لا يريدون المواطن أن يتعلم ويكتسب الخبرة أرامكو وأولادها عبده خال شركة أرامكو تعيش هذه الأيام حالة غريبة مع بعض موظفيها فقد وجه بعض المسؤولين في الشركة بتفعيل برنامج (النقل) حيث يعرض على الموظف التخلي عن عمله مقابل شيك ينهي حياته الوظيفية بالشركة قبل أن يصل الى مرحلة التقاعد (سواء التقاعد المبكر أو الحتمي) .. وليت أن هذا البرنامج ينطلق من منطلقات إدارية تسعى إلى إيجاد قوة بشرية دافعة لتحقيق أهداف الشركة، ياليت هذا هو الهدف. ومن (يفلي) برنامج الشركة هذا سيجد البرنامج يستهدف التعاقد مع شركات (من الباطن) لتوفير موظفين وافدين وسعت لتحقيق ذلك من خلال برنامج يظهر في صورته الأولى أنه فرصة ذهبية لمن يوافق عليه حيث يحصل على شيك وعلاج أسري (لمدة خمس سنوات) ثم ماذا بعد ذلك، لاشيء بمعنى على الموظف أن يصرف الشيك ويقتات به إلى أن ينتهي المبلغ ثم يسيح في الأرض مستجديا لأنه ليس هناك راتب تقاعدي. فهل حقا أن شركة أرامكو ذات السمعة الناصعة دخلت في نفق هذه المعاملة مع موظفيها وإجبارهم على قبول برنامج النقل ومن لم يقبل بالعرض تقوم الشركة بمواجهته بصورة غير واضحة حيث يتم نقله من جهة إلى إخرى حتى يمل من نفسه فيقدم على قبول أي شيء. هذا ما يجعلنا نتساءل: ما الذي حدث في شركة أرامكو.؟ وهو سؤال يتطلب من جميع الجهات ذات الاختصاص أن تجيب عليه!. ** قيام شركة أرامكو بالاستغناء عن عدد من موظفيها السعوديين كان (كبسة مندي) غير متوقعة، أما إعلان أرامكو عن طلب موظفين في أحد مواقع التوظيف الفلبينية فهو دليل على أن أكبر شركة في العالم (كثرت الشطة)!. خلف الحربي http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1029380456.htm ** |
Re: الشركات الخاصة في الخليج تعرقل برامج توطين الوظائف
التقرير بشكل موسع الوظيفة الحكومية في الخليج «شراء ولاء» والتوطين ضريبة على الغرباء http://www.thomala.com/vb/imgcache/4...12c3317edd.jpg إماراتيون وعمانيون يجلسون على كراسي إلكترونية لتدليك الجسم في أحد المحال الصينية في مول في إمارة دبي.. ويرصد تقرير «رويترز» التوظيف المريح للمواطنين في الإدارات الحكومية وعمليات توطين الوظائف في الشركات الخليجية التي تبدو كضريبة غير مباشرة (رويترز) رويترز - عندما هرع المسعف القطري محمد مجيب إلى قصر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في منتصف التسعينات بعدما تلقى مكالمة استغاثة لم يكن يعرف أيهما له وقع أكبر على الأمير المريض: النوبة القلبية التي داهمته لتوها أم حقيقة أن من يسعفه مختص محليا. وقد بادره الحاكم السابق للإمارة بصوت متهدج قائلا «أنت قطري؟ ما شاء الله». المفاجأة التي انتابت الشيخ خليفة كان لها ما يبررها ففي شتى دول الخليج -خاصة في الدول التي يقود النفط والغاز فيها نموا سريعا- من النادر أن تجد مواطنا يعمل في قطاع الصحة أو في أي مجال آخر تابع للقطاع الخاص. ويبدو أن هناك ميثاقا غير معلن بين الحكام والمواطنين في الخليج بأن يرضى المواطنون تمام الرضا بشغل الوظائف الحكومية المريحة ذات الأجر المرتفع وساعات العمل القصيرة والتي كثيرا ما لا يجد الموظف فيها ما يشغله. أما في القطاع الخاص فقد بدأ الاجانب من جنوب آسيا والعرب غير الخليجيين والغربيون يشغلون الوظائف الواحدة تلو الأخرى. ويدرك حكام الخليج منذ أكثر من عقد أنهم يواجهون مشكلة لأسباب ليس أقلها أن هذا الأمر يضع سلطة تسيير العمل اليومية في قطاعات كاملة من الاقتصاد في أيدي الأجانب. ويمثل العاملون الأجانب أكثر من 80 في المائة من قوة العمل في القطاع الخاص في كثير من الدول الخليجية ويشغلون مناصب رئيسية في ادارة الشركات الوطنية في مجالات الطيران والعقارات والخدمات المالية وقطاع الإعلام. استجابة لذلك شرعت الحكومات في تنفيذ برامج «توطين» تهدف لدفع مواطنيها للعمل في القطاع الخاص. وقادت سلطنة عمان الطريق فأطلقت في الثمانينات من القرن الماضي برنامجا للعومنة، وحذت حذوها حكومات البحرين والكويت وقطر والسعودية والإمارات. وعادة ما تتضمن هذه البرامج حوافز ضريبية للشركات الخاصة التي تعين مواطنين وتحديد حصة من العمالة المحلية بكل شركة والاستثمار في تدريب الخريجين. لكن ذلك لم يؤت ثماره إذ تجد حكومات كثيرة من الحكومات الخليجية صعوبة في تغيير ثقافة الوظيفة الحكومية التي يسهل الحصول عليها، وإعداد مواطنيها للعمل في القطاع الخاص. وما زال القطريون الذين يشكلون 16 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة لا يمثلون – وفقا للاحصاءات الحكومية - سوى خمسة في المائة فقط من اجمالي العاملين في القطاع الخاص بالبلاد. ولا يشغل المواطنون غير واحد في المائة فقط من وظائف القطاع الخاص في الإمارات العربية المتحدة. أما السعودية بعدد سكانها الكبير فقد بلغ حجم مشاركة المواطنين في القطاع الخاص عشرة في المائة. تقول نورة البدور المسؤولة عن برنامج توطين الوظائف بالإمارات «نحتاج للمشاركة في القطاع الخاص ... القطاع الخاص عصب الاقتصاد الوطني وللمواطنين الحق في العمل في هذا القطاع. هذا مهم للغاية بالنسبة لنا». صفقة الحكم لقد اعتاد المواطن في الخليج أن تكون بانتظاره وظيفة حكومية مريحة في اطار ما يسميه انجو فورشتينلتشنر الاكاديمي النمساوي بجامعة الإمارات صفقة الحكم وهي أن يعطيك الحاكم كل شيء على ألا تطلب شيئا. ويقول فورشتينلتشنر «إنها في الأساس عملية شراء الرضوخ السياسي من خلال توزيع الثروة النفطية». كانت الأمور تسير جيدا ما دامت الوظائف الحكومية متاحة. لكن في دول مثل السعودية حيث تبلغ نسبة البطالة 10.5 في المائة رغم أن دبلوماسيين ومحللين يقولون ان النسبة الفعلية أعلى من ذلك على الارجح - لم تعد الوظائف الحكومية مضمونة. وفي الكويت ينتظر 12ألف مواطن الحصول على وظائف حكومية. وأدى كل هذا الى شعور بالاحباط بين الشبان في تلك الدول. وفي احتجاج عام شديد الندرة في أواخر أغسطس احتشد حوالي 200 خريج جامعي سعودي أمام وزارة التعليم في الرياض يحملون ملصقات عليها شعارات تطالب الحكومة بتوفير الوظائف وأخرى تقول « كفى ظلما». ويقول خبراء انه ما لم تتصد الحكومات لمشكلة البطالة فربما تتزايد الاحتجاجات مما يضيف الى المخاطر الامنية في هذه البلاد. وقال مصطفى علاني من مركز الخليج للابحاث «الحكومة (السعودية) تعتبر مسألة البطالة مشكلة رئيسية لها تداعيات خطيرة على الاوضاع الامنية.» عاطلون بإرادتهم وجزء من المشكلة هو أن كثيرا من مواطني الخليج ما زالوا لا يرون جدوى من السعي للعمل في القطاع الخاص. في دولة مثل الامارات، حيث اختفت البيوت المتواضعة المبنية بسعف النخيل لتحل محلها الفيللات الفاخرة وناطحات السحاب على مدى جيل أو اثنين. تقول الحكومة ان معظم المواطنين عاطلون بارادتهم. وتظهر الاحصاءات الرسمية أن نسبة البطالة تبلغ 23 في المائة بين الاماراتيين، وهي نسبة البطالة نفسها في قطاع غزة. ويقول بول داير المتخصص في الاقتصاد السياسي والعمالة بكلية دبي للادارة الحكومية «هذه اقتصادات غريبة.. فهي اقتصادات تحولت بين عشية وضحاها من اقتصادات فقيرة الى حد ما وغير متطورة الى اقتصادات فيها استثمارات ضخمة من عائدات النفط.»، ويقول المواطن الاماراتي خالد المطوع (26 عاما)، الذي كان يعمل حتى وقت قريب مديرا للمشروعات في أحد البنوك العالمية ان التحول لم يكن أمرا سهلا. وأضاف، وقد جلس مسترخيا بعد العمل في منتجع ريتز كارلتون في دبي، «اعتقد أن الاجيال الاكبر سنا... لم تكن مستعدة لمثل هذه الطفرة الهائلة ... لكنني لا أعتقد أن الشباب هنا كانوا أكثر استعدادا لها بأي حال. الاماراتيون يعيشون في مناخ أسري من الدرجة الاولى. يضعون الاسرة على رأس الاولويات.» الأمر واضح: الحكومي أريح ويرى كثيرون أيضا أن الوظيفة في القطاع الخاص أقل جاذبية من الوظيفة الحكومية والتي عادة ما يعملون فيها دواما أقصر، ويحصلون على أضعاف مرتب الوظيفة الخاصة. يقول عبدالله الكعبي (23 عاما) الذي يعمل والده بزراعة النخيل في مدينة حتا الجبلية على مسيرة ساعة من دبي «لا يمكنني التغاضي عن الأمر الواضح». ويقول الكعبي وهو يحتسي القهوة في مول دبي الضخم ويده تداعب هواتفه المحمولة الفضية الثلاثة، إنه يفضل الانتظار ولو حتى سنة كاملة للحصول على وظيفة حكومية على العمل لدى احدى الشركات الخاصة. ويقول «يمكنني العمل في أحد البنوك من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء على الأقل، والحصول على نصف الراتب الذي سأحصل عليه من وظيفة حكومية من الثامنة صباحا إلى الثانية مساء. أي شخص في مكاني سيختار الوضع الأفضل». وأحد العوامل التي تعوق إحراز تقدم هي حقيقة أن برامج توطين الوظائف غالبا ما تكون ضعيفة التنظيم، إذ تتوقف بعد بضع سنوات من انطلاقها فقط ليعاد استئنافها بعد ذلك. وقد استأنفت السعودية مؤخرا برنامج السعودة الذي يشمل إلزام الشركات بتعيين سعوديين بنسبة معينة من عمالتها وبرنامج تحفيز تدفع الدولة من خلاله نسبة من أجر الموظف المحلي. كما أن القطاع الخاص في الخليج ليس مهيئا بشكل كبير لاستيعاب المواطنين وبرامج توطين الوظائف لا تقدم حوافز كبيرة على الاصلاح. وتساءل فورشتينلتشنر في بحث أجراه عام 2009 عن الأسباب وراء هذه النسبة المرتفعة من البطالة بين الإماراتيين في اقتصاد يحقق أحد اعلى معدلات النمو في الشرق الأوسط، وفي ظل عائد نفطي كبير. والإجابة هي أن ملايين الوظائف في القطاع الخاص تستهدف أصلا الأجانب وليس المواطنين الإماراتيين. ويقول فورشتينلتشنر في البحث «القطاع الخاص هنا مصمم للاستغلال، ليستغل المستثمرون الأجانب وأصحاب النفوذ من المواطنين عمالة أجنبية مؤقتة ورخيصة، فهو ليس مصمما لتوظيف عمالة دائمة محلية». مقاومة المطاوعة واستثمرت الحكومات المليارات في برامج للتعليم، في مسعى لتطوير مهارات العمالة المحلية، لكن كثيرين يقولون ان النظام ما زال دون المستوى المطلوب. والوضع أكثر حرجا في السعودية، حيث يقاوم المطوعون مساعي الملك عبدالله لتحديث التعليم وتخفيف المحتوى الديني الضخم في الكتب الدراسية، من خلال برامج تتكلف 2.4 مليار دولار. ويقول سليمان ابراهيم من مركز الخليج للابحاث: «نحن لا نؤهل خريجين لديهم القدرة على التفكير، وانما خريجين يحملون معلومات». ومع ارتفاع نسبة البطالة، تصبح السعودية واحدة من دول الخليج القليلة التي يعمل فيها المواطنون سائقي سيارات الاجرة أو أفراد أمن. ويدير طراد العمري شركة بيت السعودة للتوظيف، ومسجل لديه أربعة آلاف سعودي من خريجي الجامعات الاجنبية. وعلى عكس الكثير من دول الخليج العربية، فإن أغلبية سكان السعودية، البالغ عددهم 25.4 مليون نسمة، من المواطنين. ويشير العمري الى أن برامج توطين الوظائف تنطوي على تضارب في المصالح، اذ ان معظم الدول الخليجية تشترط أن تكون الشركات مملوكة بنسبة تتجاوز الخمسين في المائة لمواطنين محليين، الا أن هؤلاء المواطنين هم عادة من يعارضون تعيين أبناء وطنهم. ويقول العمري: «يعينون أناسا ذوي مؤهلات أقل (من السعوديين).. لان أجرهم سيكون أقل». الهندي أرخص! وهذا صحيح، اذ تضغط الشركات لحماية الوضع الراهن. وعندما حاولت البحرين قبل عامين فرض ضريبة على العمالة الاجنبية لجعل تكلفة تعيينهم مماثلة لتكلفة تعيين المواطن البحريني، تدخل رجال الاعمال الاثرياء ممن لديهم نفوذ سياسي لاحباط الخطة. وبدلا من ذلك تفاوضوا لفرض رسوم قدرها عشرة دنانير (27 دولارا) على تأشيرة دخول العامل الاجنبي، وهو مبلغ زهيد بالنسبة للشركات الكبيرة، حيث يمكن أن يتم تعيين عاملين أجنبيين أو ثلاثة بما يوازي مرتب مواطن واحد. وتساءل فورشتينلتشنر «اذا كان لديك شركة كبيرة يعمل بها عشرة آلاف هندي بمقابل أقل، فلماذا ستحتاج الى تعيين كل هذا العدد من البحرينيين». التوطين ضريبة والواقع أن كثيرا من الشركات الخاصة عادة ما تنظر الى برامج توطين الوظائف باعتبارها عبئا عليها أن تتعايش معه أو ضريبة خفية لا باعتبارها أحد سبل بناء الدول التي تستضيف أعمالها. وخلص فورشتينلتشنر ومحمد الوقفي في استطلاع عن توطين الوظائف في الامارات أجري عام 2009 الى أن الاجانب والمواطنين على السواء «يتفقون عادة على وصف توطين الوظائف في الامارات بأنه أحد أشكال الضرائب». لكن نورة البدور تقول إن الحصص هي أحد أشكال المسؤولية الاجتماعية للشركات وان الاجواء في الامارات في المقابل مواتية للاعمال. وقالت «ليست هناك ضرائب.. الشركات تأتي هنا وتجني أرباحاً كبيرة فلماذا اذاً لا تمنح مواطنينا فرصة للعمل؟». وهناك مزايا للالتزام بنظام الحصص فالشركات ذات السجل الجيد خاصة التي تمنح مواطنين محليين وظائف رفيعة المستوى كثيرا ما تكون لها الافضلية في الحصول على العقود الحكومية المربحة. لكن حتى الشركات صاحبة أنجح برامج توطين الوظائف تكافح للوفاء بمستويات الحصص المطلوبة، وعادة ما تضطر الشركات في نهاية المطاف لتعيين «موظفين صوريين» يقوم موظفون أجانب في حقيقة الامر بانجاز مهام وظائفهم بدلا منهم. وقال داير «الخطر هو أن يصبح (المواطنون) الفئة المنظمة لاقتصاد لا يعلمون شيئا حقيقة عنه». احتيال الشركات وقال مطاوع، المصرفي السابق، ان من الشائع أن تقوم الشركات بالاحتيال في الجامعات. وأضاف «تأتي (الشركات) وتقول انها ستقدم منحا تدريبية براتب ثلاثة الاف درهم (718 دولارا) شهريا من دون أن يذهب الموظف للعمل أو أن يفعل شيئا. كما لو أن تلك منحة تدريبية. وبهذه الطريقة تفي الشركات بحصة العمالة المحلية المستهدفة للشركة وينتهي الامر». ومصدر القلق هو أن مثل هذه الحلول تسمح للنظام الحالي بالاستمرار رغم عيوبه من دون الاصلاحات الجوهرية التي يحتاجها. وقال داير «هل يمكن لذلك أن يستمر.. هذا يتوقف على وجود النفط.. النفط هو الذي يمكن الاقتصاد من مواصلة مسيرته». ويقول بعض الخبراء ان الحل الوحيد هو الحد من العمالة الاجنبية الرخيصة والحد من توقعات الاجور بين المواطنين. وكان خالد المطوع واضحا بشأن وجهته عندما قال خلال مقابلة في أغسطس «سأنتقل الى القطاع الحكومي. أرى أن هذا واجبي نحو بلادي» قبل أن يتوقف برهة ليقول مبتسما «من ذا الذي لا يرغب في أن يجلس هكذا ويحصل على أموال كثيرة؟». ولم تمض أسابيع حتى كان خالد قد وجد ضالته في هيئة الطيران الاماراتية. تعيين المواطنين في «الخاص» خيال التفاوت الهائل بين عدد المواطنين وعدد العاملين المؤقتين الأجانب يعني أن الحصص التي تفرضها الحكومة لتعيين المواطنين ضرب من ضروب الخيال. وتهدف السياسة الرسمية لتوطين الوظائف في قطر إلى جعل نصف القوة العاملة في البلاد من المواطنين، وهي نسبة يرى البعض أن من المستحيل تحقيقها في دولة يمثل مواطنوها أقل من خمس تعدادها الاجمالي. وهناك أيضا حقيقة ان عدد المواطنين في كثير من الدول غير كاف لدعم النمو. ويشير استطلاع أجرته «رويترز» إلى أن من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي القطري بنسبة هائلة تبلغ 15.5 في المائة في 2010 بينما سينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.8 في المائة. حتى الإمارات التي تضم دبي المتضررة من الأزمة العالمية من المتوقع أن تسجل نموا اقتصاديا بنسبة 2.4 في المائة. جريدة القبس |
الساعة الآن 03:17 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by