منتديات بلاد ثمالة

منتديات بلاد ثمالة (http://www.thomala.com/vb/index.php)
-   الــمـنـتـدى الـعـام (http://www.thomala.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   حتى لاتذبل قيمنا الرشيد (http://www.thomala.com/vb/showthread.php?t=47054)

صقر قريش 08-25-2009 10:42 AM

حتى لاتذبل قيمنا الرشيد
 
حديث الثلاثاء

حتى لا تذبل قيمنا.. (الإخلاص)

محمد بن أحمد الرشيد
رمضان جاءك يا نفوس فأشرقي **** باليمن والإسعاد فيه سنلتقي

كل عام وأنتم ووطننا وأهلنا والمسلمون عامة بخير.
ما أسرع الأيام.. فمنذ قريب كنا نودعه.. وها نحن - بعد عام - كلمح البصر نستقبله، وها هي مؤسساتنا الدينية والإعلامية تحتفي برمضان، ويتحدث الدعاة عن فضائله وأحكامه وواجباتنا نحوه.. وكما هو رأيي دائماً أننا نركز في تعليمنا وبرامجنا الدينية على الجوانب الفقهية من الشعائر الدينية، وقليلاً ما تتعرض للقيم العظيمة في ديننا، ولم أجد أفضل من رمضان مناسبة للحديث عنها.
* * *
يرتبط معنى (القيم) في كل استعمالاته - وما أكثرها - بالاعتدال، والاستقامة، والثبوت، والاستواء، والخير، والفضل، وما في مشتقاته إلا ما يدل على ذلك - سواء في الماديات أو في المعنويات، فيما يخص الدين أو الدنيا، أو ما يخص الفرد، والجماعة، والوطن.
وعصرنا بتحدياته الكثيرة.. يعرِّض بعض القيم العليا في عقيدتنا وسلوكنا وثوابتنا إلى الاهتزاز من جراء تأثر البعض بهذه الأفكار الدخيلة علينا.
إنه ليتحتم علينا جميعاً أن نتشبث بقيمنا، ونصرُّ بعناد على رسوخ ثوابتنا الدينية، والعربية، والوطنية.
كثيرة قيمنا.. تليدة ثوابتنا.. فأين نحن منها؟
أجد أن في مقدمة ما يجب علينا التحلي به، والعمل بمقتضاه هو الإخلاص.. الإخلاص في كل صوره.. الإخلاص في كل أبعاده.
* * *
تحمل كلمة الإخلاص وكل ما يشتق من (خَلَصَ) معنى الصفاء والنقاء؛ إذ يُقال (خَلَصَ خُلوصاً وخَلاصاً) صفا وزال عنه شوبه، وأخلص الشيء أصفاه ونقاه، وأخلص النصيحة والحب.. وأخلص لله دينه، ترك الرياء فيه - ومنه (تخالص القوم تصافوا).
وقبل كل ذلك تجيء كلمة الإخلاص التي هي كلمة التوحيد، وسورة الإخلاص (قل هو الله أحد). لقد جاءت كلمة الإخلاص ومشتقاتها ثلاثين مرة في القرآن الكريم.. ووردت في عدد كبير من الأحاديث النبوية الشريفة. ذلك لما للإخلاص من أهمية كبرى.. فبتحققه تقبل كل العبادات، وبغيابه أو ادعائه تُردُّ كل الأعمال.
الإخلاص من المحامد العظيمة التي يمدح بها الناس والأعمال.
قال تعالى: (قل الله أعبدُ مخلصاً له ديني)، (فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون).
* * *
ومن أقواله - صلى الله عليه وسلم - في الإخلاص: "من أخلص لله أربعين يوماً دخل الجنة"، "من أخلص لله أربعين يوماً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه".
وهكذا.. الإخلاص بعد الإيمان، هو رأس الأعمال وأساسها، قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء). وعليه فإنه الشرط الأول لصدق الإيمان، والأساس الأوحد لصحة الأعمال.. وأن يكون الإخلاص صادراً من النية بإخلاص ويقين.. لا تشوبه شائبة.
* * *
أعظم صور الإخلاص هو الإخلاص لله.. إخلاصاً في الإيمان بوحدانيته، وأنه لا إله إلا هو.. حقاً وصدقاً.. قناعة ويقيناً.. إخلاصاً يسبق كل صلاة.. كل ركوع وسجود.. تشعر في نفسك بصدق وانفعال أنك تصلي لله، تسجد له وحده سجود الموقن بتفرده، تدعوه دعاء المؤمن الذي يغمره شعورٌ وفكرٌ قويان بأنه يدعو الله السميع، القريب، المجيب.
* * *
تذهب إلى صلاة الجماعة.. حاشاك أن تذهب ليراك الناس مع الجماعة، أو تذهب ليقال عنك إنك مؤمن ملتزم.. فمثل شعور كهذا يلغي سمة الإخلاص الواجبة حتماً في كل العبادات.
إن صُمتَ تطوعاً فلا تكثر من التحدث عن أنك صائم في العمل أو غيره - بل اجعل صيامك في نفسك ما استطعت، ليس دعاية أو تظاهراً؛ لأنك صائم سواء صمت عن الكلام عنه أو تكلمت.. إذاً فالصوم دون إعلان هو الأفضل والمقصد.
* * *
كثيرة إعلانات الموسرين في الصحف عن تبرعاتهم ومعوناتهم للأعمال الخيرية، وكثيراً ما تنشر الصحف الشكر ممن نالهم هذا التبرع أو تلك المعونة.. كثيراً ما نقرأ بنى فلان مسجداً، أو داراً خيرية.. لقد نالوا من الناس الشكر والعرفان.. لكنهم ربما فقدوا سمة الإخلاص لله تعالى في عملهم؛ فالصدقة أن تكون كما وصفها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما معناه: لا تعلم شمالك ما أعطت يمينك، لكن يبقى لهم حسن الصنيع إذا ما أرادوا بالإعلان حث الآخرين على المزيد من الخير والعطاء، ولقد كنت مبتهجاً مثل غيري حين تبرع من لم يعلن عن نفسه بمئة وثلاثين مليون دولار، أودعها بنك التنمية الإسلامي، من أجل إنقاذ ضحايا الفيضان في بنجلاديش، وهو بذلك أنموذج حقيقي للإخلاص.
الإخلاص في الصلاة.. في الصيام.. في كل أركان الإسلام وأعماله الإيمانية، الإخلاص في كل عمل.. فأنت مراقب من الله تعالى.. اعمل بدافع الإخلاص في عملك لله تعالى.. لا للشهوة.. أو التميز.. أو المكافأة.. فمكافأة الله أكبر وأعظم.
* * *
الإخلاص في العمل.. ظاهرة إيمانية، يجب أن تكون هي المحرك الحقيقي لكل حركاتنا، الدافع القوي لكل عمل لنا.
لا تكن عاملاً متهاوناً في نظام العمل.. كثيراً ما يتعلل البعض للخروج من العمل بحجة المراجعة الطبية، أو غير ذلك.. إنه ليس الإخلاص الحقيقي.. فالإخلاص الصادق أن تعطي كل جهدك.. كل فكرك.. كل اهتمامك.. كل وقتك للعمل الذي أنت مكلف بأدائه، وتتقاضى راتباً عن بقائك فيه، إلا لعذر قهري. فإن أهملت قليلاً من وقت العمل بلا سبب حقيقي فإن في راتبك جزءاً حراماً يعادل إهمالك.
* * *
إن كنت معلماً.. فليكن إخلاصك طوال الدرس دون كلِّ أو ضجر.. تعطي الوقت للدرس.. تبحث عن مزيد من العلم يتصل بما تقوم بتدريسه.. الإخلاص يحتم عليك صدق الاهتمام بطلابك.. الأخذ بيد الضعيف.. والعدالة في التقويم، واعلم أن الله يقوم لك عملك، ويعلي لك تقديرك إذا ما كنت مخلصاً للدرس، في وقته، وبالبحث عن كل ما يدعمه، ويثري عطاءك فيه لطلابك.
* * *
أما عن الإخلاص للأهل وذوي الأرحام فحق شرعي أن ترعى والديك، إذا كبرا، رعاية صادقة بقلب راض، وشعور مخلص، أداءً لدَيْنهما عليك طوال عمرك.. وأن تخلص لهما السمع، والطاعة، والبر إذا كانا بخير وعافية.. إخلاصاً يتفق وما قدما لك من أبوة معطاءة وأمومة حانية.
ولأبنائك الإخلاص في التربية والتوجيه، تقويم صادق لسلوكهم، دوام المتابعة لهم والسؤال عنهم.. وقد قلنا في الأبوة إنها الاهتمام الدائم بالأبناء.
والإخلاص ليس قولاً يدَّعَى، بل عمل حقيقي لو فتشت عما وراءه لم تجد إلا الصدق في الأداء في كل ما يرتبط بالآخرين.
* * *
أما إذا جئنا للجانب الأكبر.. الإخلاص للوطن الذي أنت لبنة في بنائه.. ولو أن لبنة سقطت لسقط معها عدد آخر كبير.
الوطن هو هذه البلاد التي تنتمي إليها.. وهو ذاتك وكرامتك، بل كما يقال هويتك.
وطني الحبيب هويتي
أنت الهوى وسعادتي
وطني فداؤك واجب
بالمال، بل بالمهجة
من ذا يفاخر أنني
ابن الجزيرة قلعتي

وقد تسألني كيف أخلص لوطني.. كل وطني؟!
من الإخلاص للوطن ما سبق الحديث عنه من الإخلاص في العمل.. فهو حق لا مناص منه للوطن والناس جميعاً.
أما حق الوطن كوطن.. فهو أن تكون في كل سلوكك بما لا يضر بالوطن.. عن صدق شعور، لا تفسد أفكار الناس بالشائعات المغرضة، لا تعكر صفو حياة الناس بالتصرفات السيئة.
دافع عن وطنك.. بفكرك المستقيم.. لا تجرفنك الانحرافات الخلقية أو الفكرية، ففي ذلك تشويه للصفحة البيضاء التي هي سيرة هذا الوطن.
* * *
إن كنت مسؤولاً فكن حامياً لكل ما أوكل إليك من المسؤوليات والأعمال، الإخلاص للمسؤولين من هم فوقك.. والإخلاص للعاملين الذين هم تحت إدارتك.. لا تحمل إلى القيادات فوقك شيئاً ليس صادقاً.. ولا تهمل ما توجه به الرئاسة من أمور واجبة.
سلطان الوطن والإخلاص له أكبر من كل سلطان.. ليس من الإخلاص للوطن أن ترضي من معك في أمر ليس من صالح الوطن عمله.. لا تعط أحداً من رجالك والعاملين معك شيئاً بغير حق.. لا توافق على مكافآت لبعض دون عمل يساويها.. كما لا تحرم أحداً من مكافآت يستحقها.
المال العام الذي تحت يديك.. إذا كنت ممن خولت لهم شؤون مالية.. أهم من مالك الخاص.. إن تضيع المال العام في غير مكانه جرم وخسارة أبشع من تضييع مالك الخاص.. لأن المال العام هو مال لكل فرد في الوطن.. فأنظر كم مليون صاحب حق سيقاضونك أمام الله.
الإخلاص للوطن أن تدفع عنه كل شر ومكروه.. عملي.. فعلي.. معنوي، إذا احتاج الأمر للتضحية بالبدن والروح.. فهذا حق واجب على من هم مطالبون به.. والإخلاص الفعلي ألا تترك للعابثين بمقدرات الوطن فرصة لتضييع الحقوق.. أو تشويه الإنتاج.. أو تزييف الحقائق.
الإخلاص الصادق الحقيقي أن ترد عن وطنك كل ما قد ينشره أهل الحقد والعداء حول وطنك.
ليس مخلصاً من يجاري الشائعات الكاذبة.
ليس مخلصاً أي إخلاص من ينضم إلى الجماعات الخارجة.
ليس مخلصاً من يبوح بسر أو حقيقة خاصة بوطنه للآخرين إذا كان ذلك غير مسموح بنشره.
* * *
رحبة دنيا الإخلاص.. قوية مشاعره.. لكنها خفية دقيقة.. لا يعلمها إلا الذي خلق الإنسان (لله ما في السموات وما في الأرض.. وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله).
الإخلاص هو خيط رفيع يفصل بين قبول الأعمال وردها، يميز بين حقيقة دوافع هذه الأعمال وما قد تكون عليه من غير إخلاص عند أدائها.
وأختم الحديث عن الإخلاص بكلمة حكيمة للإمام ابن تيمية، قال - رحمه الله -: "إن الإسلام يدور كله حول أمرين: الإخلاص للحق، ورحمة الخلق" فقوام الأمر الإخلاص - وأهميته غنية عن البيان، والإخلاص قد يكون لباطل أو لخطأ - فقيده - رحمه الله - بالحق - وأما الرحمة فهي مطلقة لعموم الخلق.
* * *
وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب، والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها.
اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.
"يتبع"

ثماليه والعز ليه 08-25-2009 08:55 PM

رد: حتى لاتذبل قيمنا الرشيد
 
يسلموووووووووووو

بنت الجنوب 08-26-2009 01:07 AM

رد: حتى لاتذبل قيمنا الرشيد
 
http://img186.imageshack.us/img186/875/40rg8.gif


الساعة الآن 06:08 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by