منتديات بلاد ثمالة

منتديات بلاد ثمالة (http://www.thomala.com/vb/index.php)
-   الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي (http://www.thomala.com/vb/forumdisplay.php?f=12)
-   -   قصة الأبرص والأقرع والأعمى (http://www.thomala.com/vb/showthread.php?t=25373)

مناهل 04-28-2008 10:41 PM

قصة الأبرص والأقرع والأعمى
 

اقتضت حكمة الله جل وعلا أن تكون حياة الإنسان في هذه الدار مزيجاً من السعادة والشقاء ، والفرح والترح ، والغنى والفقر والصحة والسقم ، وهذه هي طبيعة الحياة الدنيا سريعة التقلب ، كثيرة التحول كما قال الأول :
[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]طبعت على كدر وأنت تريدها =صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها = متطلب في الماء جذوة نار [/POEM]

وهو جزء من الابتلاء والامتحان الذي من أجله خلق الإنسان : {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً } (الانسان 2) .
وربنا جل وعلا سبحانه يبتلي عباده بالضراء كما يبتليهم بالسراء ، وله على العباد عبودية في الحالتين ، فيما يحبون وفيما يكرهون .

فأما المؤمن فلا يجزع عند المصيبة ، ولا ييأس عند الضائقة ، ولا يبطر عند النعمة بل يعترف لله بالفضل والإنعام ، ويعمل جاهدا على شكرها وأداء حقها .

وأما الفاجر والكافر فيَفْرَق عند البلاء ، ويضيق من الضراء ، فإذا أعطاه الله ما تمناه ، وأسبغ عليه نعمه كفرها وجحدها ، ولم يعترف لله بها ، فضلا عن أن يعرف حقها ، ويؤدي شكرها .


وقد حدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم- عن هذين الصنفين من الناس ، الكافرين بالنعمة ، والشاكرين لها ، في القصة التي أخرجها البخاري و مسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، فأراد الله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكا ، فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه قَذَرُه ، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الإبل ، قال : فأعطي ناقة عُشَراء ، فقال : بارك الله لك فيها ، قال : فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه ، وأعطي شعرا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملا ، فقال : بارك الله لك فيها ،قال : فأتى الأعمى ، فقال : أي شيء أحب إليك ، قال : أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فرد الله إليه بصره ، قال : فأي المال أحب إليك ، قال : الغنم ، فأعطي شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، قال : فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم ، قال : ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيرا أتَبَلَّغُ عليه في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة : فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يَقْذَرُك الناس ؟! فقيرا فأعطاك الله ؟! فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأقرع في صورته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد على هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فوالله لا أَجْهَدُكَ اليوم شيئا أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رُضِيَ عنك ، وسُخِطَ على صاحبيك ).


إنها قصة ثلاثة نفر من بني إسرائيل ، أصيب كل واحد منهم ببلاء في جسده ،فأراد الله عز وجل أن يختبرهم ، ليظهر الشاكر من الكافر ، فأرسل لهم مَلَكـًا ، فجاء إلى الأبرص فسأله عن ما يتمناه ، فتمنى أن يزول عنه برصه ، وأن يُعطى لونا حسنا وجلدا حسنا ، فمسحه فزال عنه البرص ، وسأله عن أحب المال إليه ، فاختار الإبل ، فأعطي ناقة حاملاً، ودعا له الملك بالبركة ، ثم جاء إلى الأقرع ، فتمنى أن يزول عنه قرعه ، فمسحه فزال عنه، وأعطي شعرا حسنا ، وسأله عن أحب المال إليه فاختار البقر ، فأعطي بقرة حاملاً ، ودعا الملك له بالبركة ، ثم جاء الأعمى ، فسأله كما سأل صاحبيه ، فتمنى أن يُرَدَّ عليه بصره ، فأعطي ما تمنى ، وكان أحب الأموال إليه الغنم ، فأعطي شاة حاملاً .

ثم مضت الأعوام ، وبارك الله لكل واحد منهم في ماله ، فإذا به يملك واديـًا من الصنف الذي أخذه ، فالأول يملك واديـًا من الإبل ، والثاني يملك واديـًا من البقر ، والثالث يملك واديـًا من الغنم ، وهنا جاء موعد الامتحان الذي يفشل فيه الكثير وهو امتحان السراء والنعمة ، فعاد إليهم الملك ، وجاء كلَّ واحد منهم في صورته التي كان عليها ليذكر نعمة الله عليه ، فجاء الأول على هيئة مسافر فقير أبرص ، انقطعت به السبل وأسباب الرزق ، وسأله بالذي أعطاه الجلد الحسن واللون الحسن ، والمال الوفير ، أن يعطيه بعيرًا يواصل به سيره في سفره ، فأنكر الرجل النعمة ، وبخل بالمال ، واعتذر بأن الحقوق كثيرة ، فذكَّره الملك بما كان عليه قبل أن يصير إلى هذه الحال ، فجحد وأنكر ، وادعى أنه من بيت ثراء وغنى ، وأنه ورث هذا المال كابرا عن كابر ، فدعا عليه المَلَك إن كان كاذبـًا أن يصير إلى الحال التي كان عليها ، ثم جاء الأقرع في صورته ، وقال له مثل ما قال للأول ، وكانت حاله كصاحبه في الجحود والإنكار ، أما الأعمى فقد كان من أهل الإيمان والتقوى ، ونجح في الامتحان ، وأقر بنعمة الله عليه ، من الإبصار بعد العمى ، و الغنى بعد الفقر ، ولم يعط السائل ما سأله فقط ، بل ترك له الخيار أن يأخذ ما يشاء ، ويترك ما يشاء ، وأخبره بأنه لن يشق عليه برد شيء يأخذه أو يطلبه من المال ، وهنا أخبره الملك بحقيقة الأمر وتحقق المقصود وهو ابتلاء للثلاثة ، وأن الله رضي عنه وسخط على صاحبيه .


إن هذه القصة تبين بجلاء أن الابتلاء سنة جارية وقدر نافذ ، يبتلي الله عباده بالسراء والضراء والخير والشر ، فتنة واختباراً كما قال سبحانه : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } (الأنبياء 35 ) ، ليتميز المؤمن من غيره ، والصادق من الكاذب :{ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } (العنكبوت 1-2 ) فبالفتنة تتميَّز معادن الناس ، فينقسمون إلى مؤمنين صابرين ، وإلى مدَّعين أو منافقين ، وعلى قدر دين العبد وإيمانه يكون البلاء .

وفي المسند عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، أي الناس أشد بلاء ؟ قال : ( الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينه رقة خفف عنه ، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة ) .

كما تشير القصة إلى معنىً عظيم ، وهو أن الابتلاء بالسراء والرخاء قد يكون أصعب من الابتلاء بالشدة والضراء ، وأن اليقظة للنفس في الابتلاء بالخير ، أولى من اليقظة لها في الابتلاء بالشر .
وذلك لأن الكثيرين قد يستطيعون تحمُّل الشدَّة والصبر عليها، ولكنهم لا يستطيعون الصبر أمام هواتف المادَّة ومغرياتها .

كثير هم أولئك الذين يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف ، ولكن قليل هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة .كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل ، ولكن قليل هم الذين يصبرون على الغنى والثراء ، وما يغريان به من متاع ، وما يثيرانه من شهوات وأطماع ، كثيرون يصبرون على التعذيب والإيذاء ، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الرغائب والمناصب .

وهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقول : "ابتُلينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالضراء فصبرنا ، ثم ابتلينا بالسَّرَاء بعده فلم نصبر " .

ولعل السر في ذلك أن الشدَّة تستنفر قوى الإنسان وطاقاته ، وتثير فيه الشعور بالتحدِّي والمواجهة ، وتشعره بالفقر إلى الله تعالى ، وضرورة التضرُّع واللجوء إليه فيهبه الله الصبر , أما السراء ، فإن الأعصاب تسترخي معها ، وتفقد القدرة على اليقظة والمقاومة ، فهي توافق هوى النفس ، وتخاطب الغرائز الفطريَّة فيها ، من حب الشهوات والإخلاد إلى الأرض ، فيسترسل الإنسان معها شيئًا فشيئًا ، دون أن يشعر أو يدرك أنه واقع في فتنة .

ومن أجل ذلك يجتاز الكثيرون مرحلة الشدة بنجاح ، حتى إذا جاءهم الرخاء سقطوا في الابتلاء - كما فعل الأبرص والأقرع- ، وذلك شأن البشر ، إلا من عصم الله ، فكانوا ممن قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم ، فاليقظة للنفس في حال السراء أولى من اليقظة لها في حال الضراء ، والصلة بالله في الحالين هي وحدها الضمان .


كما تؤكد القصة على أن خير ما تحفظ به النعم شكر الله جل وعلا الذي وهبها وتفضل بها ، وشكره مبنيٌ على ثلاثة أركان لا يتحقق بدونها :

أولها : الاعتراف بها باطناً .

وثانيها : التحدث بها ظاهراً .

وثالثها : تصريفها في مراضيه ومحابه .

فبهذه الأمور الثلاثة تحفظ النعم من الزوال ، وتصان من الضياع .


( الشبكة الإسلامية )

المبرِّد 04-29-2008 12:18 AM

رد : قصة الأبرص والأقرع والأعمى
 
جزيتم خير الجزاء

ابن عمر وافتخر 04-29-2008 02:22 AM

رد : قصة الأبرص والأقرع والأعمى
 
شكرا وصراحة القصة تشد الانتباه

مشمره كمها وخادمه امها 04-29-2008 05:36 AM

رد : قصة الأبرص والأقرع والأعمى
 
جزاك الله خير ...

يعطيك العافيه...

مناهل 04-30-2008 12:25 AM

رد : قصة الأبرص والأقرع والأعمى
 
جزاكم الله جميعا خير الجزاء .

فرّقنا..فرّقنا... 04-30-2008 07:42 PM

رد : قصة الأبرص والأقرع والأعمى
 
الله يجزاك بالخير يامناهل

فرّقنا......فرّقنا

ملابس رجالي نسائي ولاّدي بنّات.......
فرّقنا.........


الساعة الآن 06:34 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by