منتديات بلاد ثمالة - رحلتي إلى بلاد الشّـــــــام (سوريا،لبنان،الأردن) 1300صورة-6500كم

http://www.thomala.com/vb/imgcache/3...c59c0ac0a9.gif

من هنالك ومن على قمّة جبل أتين بصلالة الفافاي,وقبيل خمسة أشهرٍ فقط , ناديت
وبأعلا صوتي على المغاربة بكازا ,ناديت على عربهم ,وبربرهم,وبعد نداءٍ طويل ردّ
أطلسهم لأقول له: هاأنذا وصلت إلى أقصى بلاد العرب من ناحية الشّرق,ولم يعد
ورائي إلا بحر العرب والذي هو جزءٌ من المحيط الهندي,فكيف حالكم أنتم هنالك في
أقصى بلاد العرب من ناحية الغرب,إذ لم يعد وراؤكم إلا المحيط الأطلسي,فقال لي
الأطلس:وما شأنك أنت بمياهنا ,وعربنا,وبربرنا,وبأطلسنا ؟,فقلت :يارعاك الله يا أطلس
أنسيت أيّها الجبل الأشم حين حللت عليكم ضيفا,وقبل أكثر من عشرين عاما ؟كل مافي
الأمر ياصديقي أننّي أحببت فقط أن اطمئنّ عليك ,كيف لا وقد أكلت الكسكسية في
دياركم ؟ألا يعتبر ذلك من الوفاء؟ويعتبر مسكاً بالعيش والملح؟ ألسنا بوطنٍ واحد ياصديقي
مروراً بجارتكم الجزائر,وتونس ,وليبيا,ومصر,ومنطقة الهلال الخصيب,ودول شبه الجزيرة
العربية حتّى هنا في عمان؟ قال: بلى ولكن مالجديد لديك؟ قلت:لاشيء ياصديقي
سوى أنّني أخبرك فقط بعظم مساحة وطننا العربي,وترابطه من خلال الدّين,واللغة
والتّاريخ,والصّحراء الكبرى,ومن خلال تلك المسطّحات المائية,وأنّ السّاعة لم تقم بعد
ياصديقي,وأنّ الله أطال في أعمارنا حتى تحدّثنا مع بعضنا ثانية ,ولكن عن بعد,حين
ذلك بكى أطلس الرّيف,وبينما كنّا كذلك إلاّ وبدار السّلام(بغداد) تناديني : أين أنت منّي
أيّها الرّحال ؟قلت: على رسلك يابغداد سآتيك بمشيئة الله,ولكن حين تصفو سماؤك
وإلا فلك عمقٌ آخر,وآخر,و...,أنسيت أنّ المنصور قدبناك ؟سآتيك مستقبلاً لأجلس على
ضفّة الفرات,وقريباً من منزل علي بن الجهم القائل :
عيون المها بين الرُّصافة والجسرِ=جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشّوق القديم ولم أكن=سلوت ولكن زدن جمراً على جمرِ
ولن أنس قول عبدالملك الورّاق بعد أن توالت عليك يابغداد تلك النّكبات
حتى قال:
من ذا أصابك يا بغداد بالعين * ألم تكوني زماناً قرة العين
ألم يكن فيك قوم كان مسكنهم * وكان قربهم زيناً من الزين
صاح الغراب بهم بالبين فافترقوا * ماذا لقيت بهم من لوعة البين
استودع الله قوماً ما ذكرتهم * إلا تحدَّر ماء العين من عيني
كانوا ففرقهم دهر وصدّعهم * والدهر يصدع ما بين الفريقين

ثم نادت هي الأُخرى قاهرة الصقلّي ، و المُعز ، و قالت: عُج إلينا رابعةً ، قلت: كفى
فشقيقاتك يا صديقتي لم أصلهن بعد،و حينما أفرغ منهن ،سأنفرد بك ، و لن ترحمك
حينئذٍ عدستي ؛ ذلك أنك زينة النيل، و دلتاه ، و أنّك حاكيت الأهرام ، و تاريخك قد
ضرب بجذوره بعيداً ؛ وذلك من لدن موسى عليه السلام ، و فرعون ، حتى نابليون و ما
بعده .

هنا أيّها الإخوة و الأخوات تذكّرتُ فلسطين،و الصخرة ، و تلكم الأشلاء المترامية بين الأنقاظ
ثم سألتُ نفسي: هل سيأتي يوم أشد فيه الرِحال إلى القدس؟ وهنا تذكرتُ أبياتاً من الشعر
أتت على ذكر فلسطين و قدسنا ، كنت قد كتبتُها في ثنايا قصيدة طويلة سأُنزلها في الجريدة
مستقبلاً ، ومن ثمّت في منتدانا الحبيب ، دعوني أذكر لكم بيتين من المقدمة الطللية فقط
و عدّة أبيات من أوسط القصيدة ؛كي لا أكشف أوراق هذه القصيدة ،فإليكم الأبيات :
المقدمة الطللية:
ليلاً قضاه على الأشواق ساهره=حتى اختفى النجم عن صبٍّ يُناظِرُهُ
انتابه البين حتى كاد يقتله=واشتاق للحدْق إذ كانت تحاوره
كم يسأل الليل عن طرفٍ لفاتنة=إن كان قد نام أم بُلّت محاجره
.........................................=........ ....................................
أما ترى الضوء قرص الشمس ناثره=فوق الرواسي ورب العرش ناشره
يزهو وقد زِيد زهوٌ أن أضاء له=بيتٌ ببكّة هذا الجمع زائره
يا مهبط الوحي مسرى خاتم الرُّسل=هل لي بمعراج من تُقفى مآثره
إنّي انتظرت و لم أرحل لقبّته=قل لي متى القدس يجلو عنه كافره
أذرفتُ يا مبعث المختار خانقتي=أسْقت قُبا حين أدمى الجفنَ حادره
إذ راعني منظر الأنقاظ و الجثث=في أوسط الشرق أبكتني ظواهره
و لست أدري أتمحيصٌ يحل بنا؟=أم ذاك ردعٌ من المولى نعاصره؟
ربّاه و ارسل على من نال سيّدنا=بالبغض والإفك نيراناً تحاصره
يا أمة المصطفى لا تيأسي و ثقي=(من ينصر الله كان الله ناصره)
إلى آخر القصيدة .

و بعد هذه الحيرة ، و المحاورة أيّها الأحبّة قرّرت أن أتجه إلى الله ثُم إلى بلاد الشام (الأردن
سوريا،لبنان،فلسطين)، إن بلاد الشّام أيّها الأحبّة تُشكّل الجزء الأكبر من أراضي الهلال
الخصيب (العراق،سوريا،لبنان،الأردن،فلسطين) ، وهناك من يُطلق على درّة الشرق (دمشق)
كلمة الشام ، إن سوريا أيّها الإخوة و الأخوات بالفعل جنّة الأرض ، ومهد البشرية الأولى ،وأرض
الحضارات المتتابعة (سومرية،كلدانية،بابلية،آشورية،رومانية،أرمنية،إسلام ية،دول متتابعة
عثمانية،.......) وقد بُعث ببلاد الشام أجمعها أغلب الأنبياء، و الرُّسل، و أغلبهم بُعثوا إلى بني
إسرائيل ،و لكنّ هذا الشعب لم يقدر الله حق قدره ، و لم يستمع إلى دعوة الحق التي أتى
بها الأنبياء ، و الرُّسل عليهم السّلام ، و لم يشكروا الله حين فضّلهم على كثير من خلقه ، بل
تمادوا في طغيانهم ، و إنكارهم ، و تعنّتهم ، وإلا لما قالوا لنبيهم موسى(اذهب أنت وربك فقاتلا إنا
ههنا قاعدون) وذلك عندما وقف بهم موسى على الجبل و قال :اذهبوا و قاتلوا الجبّارين في بيت
المقدس، ولما طلبوا المائدة ، و المن و السلوى ؛لذا غضب عليهم الله ، وتاهوا في صحراء سيناء أربعين عاماً ، كما سلّط الله عليهم البابليين ليسبوهم ، وما ملكوا ، كما سلّط الله عليهم الملوك الجبابرة ، كذلك لم يشكروا الله عندما عبر بهم موسى البحر ، و أهلك فرعون الذي سامهم سوءالعذاب ، ولقد قتلوا الأنبياء ، و سفكوا الدماء ، و خانوا العهود ؛ لذا شرّدهم الله ، ولم يجعل لهم أرضاً معينة إلى يوم القيامة ، فالأرض الفلسطينية للفلسطينيين ورثوها عن أجدادهم الكنعانيينوهي تسمّى بأرض كنعان ، أما عبدة العجل فسيأتي يومٌ بمشيئة الله يقول فيه الحجر للمسلم:
إن ورائي يهوداً تعال فاقتله .

في رحلتي هذه أيّها الإخوة و الأخوات ، و بمشيئة الله سأريكم 1300 صورة ، بعد أن قطعتُ مسافةتُقدّر بـ 6500 كم ، وكانت مدّة الرحلة 16 يوم ، سأريكم و من خلال هذه الصور آثار شعيب، ومدائن صالح ، وقصر المعظم ، وحقل ،و مقنا في بلدي الحبيب، و سأذكر لكم قصةً حدثت لي في البتراءداخل الأردن ، و تلكم الإغماءات، و الفزع، و ضياعي في البتراء حتى الساعة العاشرة ليلاً ، حين أنقذني من وحشة الظلام ، وتعب الطريق الله ثم مستر هاردك ، إن البتراء أيّها الأحبّة يرتادها يوميا مابين 2000 إلى 3000 سائح أجنبي ، و سأريكم جبل نيبو أو نبّو ذلك الجبل الذي وقف عليه موسى ببني إسرائيل ؛ ليريهم بيت المقدس ، و سأريكم البحر الميت ، ونهر الأردن ، و المدرّج الروماني ، و مكان أهل الكهف ،و كهفهم ، و جبل القلعة بعمّان ، و سأريكم آثار جَرَش ، و سأدخل بكم سوريا مرورا ببصرى الشام ، هذه المنطقة التي ذكّرتني بقول آمنة بنت وهب حين وَلدت
بمحمد صلى الله عليه و سلم ، إذ قالت : حينما وَلدت بمحمد خرج معه نور أضاء قصور بٌصرى
و الشام .

سأريكم بوابة التاريخ (دمشق) ، و سأدخل بكم لبنان لتروا ومن خلال الصور زحلة ،و بيروت ، ومغارة
جعيتا ، و الجبيل ، و جبل حرصيا الذي تقع على قمّته ساحة العذراء ، وطرابلس ، و سأدخل بكم
سوريا ثانية ولكن من شمال لبنان ، حتى نسير على ساحل البحر الأبيض المتوسط حيث
طرطوس وجبلة ، وصافيتا ، و صلنفة ، و اللاذقية ، وأم الطيور ، و رأس البسيط ، وكسب ، وسنتجه
شرقاً من مدينة أنطاكية ، لتكون على يسارنا جبال الأمانوس لتروا كيف أن الله وهب هذه المناطق
الأخيرة الطبيعة الخلاّبة ، و السحر ، و الجَمال ، ثم نتجه إلى إدلب ، و حلب و ليس بعد حلب إلاّ
الحدود التركية حيث باب الهوى الذي ينفذ منه المسافرون إلى تركيا ، وهنا وقفت أيّها الإخوة و
الأخوات ، و قلت :أين منّي طائف الورد ،و أهل جفنٍ ، ثم بدأت العودة من هنالك حيث الفستق
الحلبي ، و التّراث في باب شونة لأصل إلى مدينة النواعير إنها حماة ، مرورا بمعرّة النعمان التي
هي مسقط رأس الشاعر أبو العلاء المعرّي القائل :
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي=نوح باكٍ ولا ترنم شاد
وشبيهٌ صوت النعيّ إذا قِي =س بصوت البشير في كل ناد
أبَكَت تلكم الحمامة أم غ=نّت على فرع غصنها الميّاد
صاح هذي قبورنا تملأ الرُح=بَ فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطء ما أظن أديم ال=أرض إلا من هذه الأجساد
وقبيح بنا وإن قدُم العه=د هوان الآباء والأجداد
سر إن اسطعت في الهواء رويداً=لااختيالاً على رفات العباد
.........إلخ .

وبمعرّة النعمان هذه يوجد قبر الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، ثم واصلت المسير
أيّها الأحبة إلى حمص حيث يوجد قبر خالد بن الوليد ، ولكنّني لست بزوارٍ للقبور ، ولكنّني أشاهد
ومن بعيد مآثر المسلمين ، و العرب ، ثم اتجهت شرقاً و ليتني لم أتجه إلى الشرق ،إذ قطعت
صحراء شاسعة حتى وصلت إلى تدمر لأرى قصر الملكة زنوبيا ، و أقف على آثار تدمر ، وتراثها
ولقد وجدت أهلها من قبائل (شمّر ،و عنيزة ، ودواسر ... إلخ) و غالبيتهم يلبسون اللبس الخليجي
(ثوب ، وشماغ ، وعقال) ، ولكنّني قطعت صحراء مخيفة جداً حينما انطلقت من تدمر إلى دمشق
وبسرعة تُقدّر بـ 180كم/س رغم أن الطريق لم يكن مزدوجاً ، لكنّني فيه الوحيد أسير ،و عين الله
ترعاني ، وبالفعل وصلت إلى دمشق ثانيةً لأقطع نصف المسافة إليكم ، و مكثت في دمشق
يومين آخرين زرت فيهما القرية الشعبية ، و باب الحارة ، و الزبداني ، وبلودان حيث نهر بردى و الذي يقول عنه أمير الشعراء :
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ" = "وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي" = "جَلالُ الرُزءِ عَن وَصفٍ يَدِقُّ
وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبي"= "إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَدًا وَخَفقُ
وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي = "جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ
دَخَلتُكِ وَالأَصيلُ لَهُ اِئتِلاقٌ" = "وَوَجهُكِ ضاحِكُ القَسَماتِ طَلقُ
وَتَحتَ جِنانِكِ الأَنهارُ تَجري" = "وَمِلءُ رُباكِ أَوراقٌ وَوُرْقُ
........ إلخ.

و سأريكم دمشق القديمة ، و الجامع الأموي ، وباب توما ، و باب الجابية ، و غيرها كجبل قاسيون
و سأريكم نهر العاصي ، ومن ثم أعود إلى الأردن في الطريق إليكم ، ولكن لن أدخل بلدي من
منفذ حالة عمّاربل من منفذ الدرّة ذلك أنّني سأمر بالعقبة أولاً ، ومن ثمت الدخول إلى حقل ، و
هناك وفي محافظة حقل نستطيع أن نرى الأردن ، وفلسطين ، ومصر ، وقد اتجهت إلى تبوك ،
وحللت ضيفاً على الأكارم هنالك ، وهم ( يوسف ، ومرزوق ، وحمدان ، وسلمان ، وحميد ،
وغيرهم) ، ومن ثمت و بسرعة تصل إلى 180كم/س وصلت إلى الطائف المأنوس و ليس معي فلوس فانطفأ الفانوس ليأكلني الناموس .

ناموا أيّها الإخوة مبكرين لننطلق يوم غدٍ في رحلتنا المصوّرة ، وسأترككم مع هذه القصيدة الجميلةلأبي تمام حبيب بن أوس الطائي :
ما اليوم أول توديعٍ ولا الثاني=البين أكثر من شوقي وأحزاني
دع الفراق فإن الدهر ساعده=فكان أملك من روحي لجثماني
خليفة الخضر من يربع على وطن=في بلدة فظهور العيس أوطاني
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا=بالرقتين وبالفسطاط إخواني
وما أظن النوى ترضى بما صنعت=حتى تطوّح بي أقصى خراسانِ
خلّفتُ بالأفق الغربيّ لي سكناً=قد كان عيشي به حلواً بحلوانِ
غصنٌ من البان مهتزٌّ على قَمَرٍ=يهتزّ مثل اهتزاز الغصن بالبانِ
أفنيتُ من بعده فيض الدموع كما=أفنيت في هجره صبري وسلواني
وليس يعرف كنه الوصل صاحبه=حتى يغادى بنأي أو بهجرانِ
إساءة الحادثات استبطني نَفَقاً=فقد أظلك إحسان ابن حسّانِ
أمسكت منه بودٍّ شدّ لي عُقَداً=كأنما الدهر في كفي به عاني
إذا نوى الدهر أن يودي بتالده=لم يستعن غير كفيه بأعوان
لو إن إجماعنا في فضل سؤدده=في الدين لم يختلف في الأمة اثنانِ

دمتم بخير ، وعافية
محبّكم /خلف بن عبدالعزيزالثمالي .