منتديات بلاد ثمالة - عملك أو اسرتك

يواجه كثير من الناس مواقف حرجة خلال حياتهم الأسرية، خصوصاً الشباب الذين هم في بداية حياتهم العملية أو أولئك المتزوجين حديثاً الذين يقعون في حرج بين تلبية متطلبات العمل وبين تلبية احتياجات الأسرة، وهناك صنف آخر أكرمه الله بمنصب جديد، فهو يسعى جاداً لأن يثبت نفسه في مكانه الجديد وآخرون أراحوا أنفسهم من هذه المفاضلة فهم لا يهتمون بالعمل، وكذلك لا يهتمون بالأسرة، بل همهم الأكبر هو راحة أنفسهم والحرص على التسلية وقضاء وقت ممتع لهم.

هذه المواقف الحرجة في المفاضلة بين متطلبات العمل وواجباته وواجبات الأسرة تجعل الإنسان يعيش في ضغوط نفسية كبيرة، قد تسبب لا سمح الله، أعراضا مرضية مثل أمراض القلب أو تصلب الشرايين أو التشنج.

ومما يزيد هذه الأمور أن يكون الشخص مدمناً للعمل ولا يوجد لديه فراغ ولديه الكثير من المسؤوليات فتجده يعيش بين قلق واضطراب، وقد يؤثر في ذلك أن يكون هناك مديراً لا يحسن التوجيه، فهو يزيد من مستوى الضغط النفسي ويرفع مستوى القلق، ما يسهم في زيادة هذه الضغوط.

إن مثل هذا الأمر لا يؤثر فقط في العلاقات الأسرية لهذا الموظف، بل إنه يمتد إلى الشخص نفسه سواءً صحياً أو نفسياً، فعلى المستوى الصحي يصبح الإنسان مشوش الأفكار سريع الانفعال يهتم بالتفاصيل ويحرص على أن يراجع كل شيء بنفسه ويرتفع لديه مستوى العدوانية، بل قد يلجأ إلى العزلة وعدم مصاحبة الآخرين لعدم وجود وقت لديه لأسرته فضلا عن وجود وقت لأصدقائه، وقد يصاحب مثل هذه النفسيات وجود ضعف في الذاكرة أيضاً، هذا على مستوى العمل أما على المستوى الأسري، فإن مثل هذا الموظف لن يجد وقتاً للجلوس مع زوجته وأطفاله أو الاستماع لهم أو الخروج معهم في نزهة أو مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، فهو لديه ما يشغله ولا وقت لديه لأن يستمع لهم.

مثل هذه الظروف تحتاج منا إلى أن نراجع أسلوب حياتنا العملية وأن نعيد النظر مرات ومرات في مسؤولياتنا وطريقة عملنا بحيث نسعى إلى أن نكون متميزين في أعمالنا دون أن يؤثر هذا الأمر في مستوى علاقاتنا الأسرية، إذ إن المحصلة في الأخير، كما هو ملاحظ، أن الوضع على المستويين سيكون سيئا فلن يستطيع الموظف المواصلة في عمله على هذا النحو وفي المقابل ستسوء علاقته بأسرته مما قد يهدد استمرارها.

والإنسان العاقل هو الذي يعطي كل شيء حقه فلا إفراط ولا تفريط فيؤدي عمله على أكمل وجه ويصبح متميزاً فيه، وفي المقابل يكون خادم أهله فإذا انتهى العمل يأتي دور خدمة الأهل وتلبية احتياجاتهم بل السعي في خدمتهم، وخيركم خيركم لأهله.
بل إن الملاحظ أن مَن يهتم بأسرته ويكرمهم يكونون له عونا على عمله ويساعدونه على النجاح، ويعتبرون نجاحه في عمله نجاحا لهم ويفتخرون به أمام الآخرين، فهو يستطيع أن يجعل من أسرته داعما له في عمله بدل أن يقع معهم في مواقف محرجة ليفاضل بينهم وبين عمله .

إن موضوع العمل والأسرة من أهم المواضيع التي يجب على الإنسان أن يجعلها نصب عينيه، وأن يهتم بها وأن تكون في مقدمة أولوياته، وألا يجعل نجاحه في العمل على حساب علاقة أسرته، فإن فعل فهو عاجلاً أو آجلا سيخسر الاثنين، على الرغم من أنه لو خسر عمله مقابل أسرته فلعل الله يرزقه عملاً خيراً من عمله الحالي.
إن البعض يتوهم أن تضحيته في العمل هي من أجل الأسرة في الوقت الذي هو يضحي ليس من أجل أسرته، بل من أجل نفسه، ولو قام بعرض الأمر على أسرته لأكدوا له أنهم في غنى عن هذه التضحية وأنهم يريدونه ليكون معهم.
إنها علاقة مهمة تحتاج منا إلى مزيد من الوقت والجهد والتفكير لنكون ناجحين في أعمالنا وفي علاقاتنا الأسرية.