منتديات بلاد ثمالة - 3- قضية القناع أو الرمز في الشعر العربي

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

ارتبط مفهوم القناع في الشعر بالحداثة التي بلغت ذروتها في ستينات القرن العشرين بالنظر إلى إنجازات شعرية لصيقة بالرمز أو الأسطورة أو المرآة أو الصورة.

فتحول الرمزُ إلى قناع يحيل على شخصية تاريخيةٍ أو أسطوريةٍ أو مركّبةٍ يَنْطقالشاعرُ بصوتها طوال زمن بناء القصيدة كما هو الحال في قصيدة القناع

تعريف القناع:
القناع شخصية تاريخية في الغالب، يختبىء الشاعر وراءها ليصور موقفاً يريده، وليحاكم نقائص العصر الحديث من خلالها. يعبر هذا الجزء من تعريف القناع عن الشق المتعلق بالتعبير عن المعاناة الجماعيّة. ، وهكذا نجد أن الشعراء المعاصرين يتفننون في اتخاذ القناع للتعبير عن ذواتهم.

وظيفته:

وحددت وظيفة القناع الرئيسة، في كونه وسيطاً "يتيح للشاعر أن يتأمل -من خلاله- ذاته في علاقاتها بالعالم، في محاولة يسعى من خلالها إلى خلق الندية بينه وبين هذا العالم، بكل ما ينطوي عليه مفهوم "العالم المحيط" من شمول، أي: عالمه الواقعي الكبير، بكل ما ينطوي عليه من أشياء ومخلوقات، يكوّن عالمه المحدود الذي يدخل معه في علاقات مباشرة اجتماعيّة تنطوي على المجاذبة، تصل إلى درجة التوتر، كعلاقة الشاعر بالسلطة السياسيّة، أو بتفاعله الإيجابي مع "المضطهدين"، و"المقموعين" مثلاً. المهم أن يفرّغ شحنات التوتر الناتجة عن هذه العلاقة في النص، بقناعه الذي يعكس كل توابع علاقة الشاعر مع عالمه المحيط.

أنواع القناع:

أظن أن قضية القناع هي الجوهر الأساس الذي بنيت عليه الدراسة. فالشاعر العربي استطاع أن يتحرر من التقليد في القصيدة العربية،عندما استطاع الاستتار وراء قناع تراثي أوإنساني، يتحدث من خلاله عن نفسه، وعن أمته وشعبه... بشيء أقرب إلىالموضوعية مختلطة مع مشاعر ذاتية. مما أدى إلى ظهور قصيدة جديدة، بل نمطشعري جديد .

ومن هنا تتحدد أنواع الأقنعة وهي نوعان:

1-أقنعة يبتدعها صاحبها سواء أكانت شخصية تاريخية أو دينية أو أسطورية ليتحدث بها عن عن تجربة شخصية أو جماعية تتشابه مع تجربة القناع أي شخصية قريبة للواقع.
2- أقنعة فنية قد لاتلامس الواقع بل يبتدعها صاحبها على غير مثال سابق لها في الحياة الواقعية.

نمــــــوذج:

وهنا نموذج شعري للشاعر أمل دنقل حيث تقمص شخصية المتنبي في شعره فجعل المتنبي قناعا يستتر خلفه، فيصوّر استخدامه لشخصية "المتنبي" قناعًا في قصيدته "من مذكرات المتنبي"، وعلاقته في الفترة الأخيرة بكافور، في دلالة من الدلائل التي تشير إلى السلطة العربية المعاصرة:
يومئ، يستنشدني، أنشده عن سيفه الشجاع
وسيفه في غمده.. يأكله الصدأ
وعندما يسقط جفناه الثقيلان، وينكفئ
أسير مثقل الخطى في ردهات القصر
أبصر أهل مصر...
ينتظرونه.. ليرفعوا إليه المظلمات والرقاع!
جارتي من حلب، تسألني: "متى تعود؟"
قلت: الجنود يملئون نقط الحدود
ما بيننا وبين سيف الدولة
قالت: قد سئمت – مثلك – القيام والقعود
بين يدي أميرها الأبله
لعنت كافورًا
"ونمتُ مقهورًا"

للإستزادة:

1-قضية القناع الشعري ...د.أحمد ياسن السليماني
2- مجلة اتحاد الكتاب العرب بسوريا
3- دراسة في كتاب بنية القصيدة العربية أ.د غسان غنيم.