![]() |
المقالات التربوية
الحب وليس الضرب
يوسف القبلان لاحظ طلاب المدرسة المتوسطة على أحد زملائهم بعض الكدمات. دفعهم الفضول، والرغبة في الفزعة الى معرفة سبب تلك الكدمات. زميلهم لم يخبرهم السبب إلا بعد انتظار ومحاولات، و ذلك بسبب الخوف. حتى المدرسة ليس لديها علم بما حصل. إنه الأب، هو الذي يتعامل مع ابنه بقسوة و يضربه بعنف كعقاب على أخطاء و تقصير ابنه بحسب معايير الأب الذي يبادر بالعقاب دون ان يتواصل مع المدرسة ويتعرف على الحقائق. تعرض ابنه مرة لسخرية احد الطلاب فدافع عن نفسه، فتعرض من والده للعقاب ثم ترسل له المدرسة بأن الطالب ( الساخر) الذي سبب المشكلة قد اعتذر إلى ابنه! قد يحصل الابن على درجات ممتازة في كل المواد، ويقصر في مادة واحدة فيتعرض للضرب و حين تسأله المدرسة عن سبب كدماته يقول إنه سقط على الأرض. يعتقد البعض أن الضرب وليس الحب هو الذي يؤدي إلى نتيجة، و النتيجة المقصودة ان الضرب ( يخليه رجال) و هذا ( الرجال) سوف يضرب أبناءه فيما بعد، و هكذا دواليك. أقول لهذا الأب و لغيره من الآباء أو الأمهات هل سبق لأي (كبير) منكم أن جلس مع الصغير، و سأله: ما رأيك ان نفعل كذا؟ ما رأيك في موضوع كذا؟ وهل سبق لأي (كبير) منكم ان جلس مع الصغير و قال له: أحبك. وهل سبق للأب أو الأم أو الأخ الكبير أن اطلع عن قرب على مسيرة الابن الدراسية، و حاول أن يتحاور معه في واجباته المدرسية و آرائه في واقع المدرسة و احوالها و كيفية تطويرها؟ الجانب الآخر للموضوع هو دور المدرسة في التعامل مع هذه الحالة و غيرها من الحالات المماثلة. هناك دور تثقيفي مع أولياء الأمور و فتح قنوات للتواصل معهم حول سير الدراسة، و مفهوم التفوق والتقصير، و الأسباب المحتملة للتقصير وكيفية التعامل معها. هناك دور تربوي فالمدرسة يجب ان تقدم نماذج تربوية يقتدى بها في التعامل مع الطلاب مع اتاحة الفرصة لأولياء الأمور للمشاركة. و هناك دور للمعلم في كيفية اكتشاف مثل هذه الحالات و كيفية التعامل معها. وهناك مسؤولية على المدرسة في التنسيق مع الجهات المختصة بحقوق الإنسان في حالة عجزها عن معالجة الموضوع. يجب على المدرسة في هذه الحالة ان لا تغفل الموضوع حفاظا على سمعتها و ان تعلم ان سمعتها ستكون ايجابية اذا اقدمت على التنسيق مع حقوق الانسان و ان لم تفعل فإنها تفقد مصداقيتها و تقصر في مسؤولياتها. و اخيرا فإن المدارس بحاجة الى ايجاد أو تفعيل وحدات تتابع القضايا التربوية و الاجتماعية للطلاب و دعمها بالكفاءات المتخصصة. حتى تتمكن من التعامل مع المشكلات من حيث حجمها و تنوعها، و لابد أن تحظى هذه الوحدات بالأهمية في الهيكل التنظيمي واتاحة الفرصة لمشاركة الطلاب في القيام بمسؤولياتها فالمشاركة تعزز الانتماء و الشعور بالمسؤولية و بناء الشخصية و لو بدأنا بمشاركة الطلاب الذين لديهم مشكلات في الأنشطة المدرسية فإننا في الاتجاه الصحيح. |
رد: المقالات التربوية
أزمة منتصف العام
شعاع الراشد كيف من الممكن ان نجعل أبناءنا وبناتنا يلتزمون , بل يحبون مراجعة دروسهم أولاً بأول قبل مرحلة أقصد أزمة اختبارات منتصف العام أو آخره ؟ سؤال غير مهضوم . أعلم ,ولكن حال ظاهرة التأخير في الاستذكار التي نراها في البيوت خاصة ايام الاختبارات ثم اللجوء إلى طوارئ الدروس الخصوصية والسهر المستمر ,كثيرا ما يجعلنا نتساءل لماذا لا تتم الاستفادة من هذه التجارب وعدم تكرارها في المرات القادمة ؟ مرة ثانية ليس هناك إجابة محددة . خسارة ..فكثير من الامكانيات التعليمية التي يحملها الطالب والطالبة تهدر او لا تكتشف , وتبقى لائحة الاتهام تتراوح ما بين مؤسسات التعليم ودور الوالدين وهجمة العادات العصرية من وسائل اتصال وألعاب وتسالي . ومشهد محاولة استرجاع المعلومات والدروس التي تبلغ اوجها عندما يتم التلقين الذاتي ( ليس هناك وقت للاستيعاب او الفهم فغدا او بعد غد الاختبار ) ثم عبوس اليوم التالي وغضب ( كثير مما ذاكرته وسهرت عليه لم يأت في ورقة الاختبار وكأن المعلم او المعلمة خدعتهم) يجعل من يعايشون تلك الظاهرة ربما يشعرون بأنهم تحت رحمة الحظ , او هكذا يخيل اليهم رغم ان الوضع ليس كذلك بالطبع . نعلم أن الطالب المجتهد يقضي اوقاته في المراجعة , ولكن ما يثير الاسى هو التعبير العامّي " طناش " الدروس طوال العام ومحاولة الالمام بها في آخر لحظة , وتوقع علامات جيدة في نفس الوقت. أغلبنا يمر او يسمع عن تلك الحالات من واقع التجربة او الملاحظة عما يدور في حياة المجتمع , غير ان الاعتياد على روتين المذاكرة المتأخرة ليس في صالح الاجيال وخسارة قدرات لاشك. عموما ما تتم التوعية به والتحذير منه ايام الاختبارات في كل موسم ,عن تداول حبوب السهر الكبتاجون وآثارها المعروفة , والتي تعتبر من المخدرات , في المدارس الثانوية و الكليات تجد لها سوقا من منطلق عدم الاستعداد الكافي والحاجة إلى استثمار كل ساعة حتى على حساب وقت النوم والراحة. ربما علينا هنا ان نعي ان ظاهرة التسيب في المذاكرة وتأجيل المراجعة لا تعني فقط إهدار قدرات الطلاب التعليمية وانما في وجود ثغرات حياتية من السهل أن تنفذ منها عادات تعويضية سيئة ومضرة . وكلما جاء ذكر هذه الحبوب المسهرة اتذكر حكاية الشاب المجتهد الطالب في كلية الطب والذي كان محط اعجاب امهات اصدقائه من فرط التزامه وتنظيمه الحياتي وتفوقه ,حتى إن احداهن تحكي كيف كانت تعقد المقارنة بينه وبين ابنها وتحثه ان يصبح مثل صديقه .وكان ابنها يهز رأسه ويسكت . إلى أن جاء يوم اكتشفوا ادمان الطالب المتفوق على حبوب الكبتاجون وتدهوره بعدها بسرعة. وكانت امه المسكينة تهاتف كل أصحابه وهي تبكي كي يجدوه بعد ان يكون اختفى من بيتهم ! إن هناك حالات محزنة كثيرة قد نتصور ان الافلام او التوعيات تبالغ في تصويرها غير ان الحقيقة اكثر من ذلك . لقد امضت عائلة الشاب زمنا وجهدا ومالا من اجل استعادة ابنهم ,وشفي وتزوج ثم انتكس وطلبت زوجته الشابة الطلاق وما زال اهله يشيرون إلى اصدقاء السوء رغم ان اغلب رفقائه كانوا من خيرة الشباب إلا ان قرار استخدام الكبتاجون وقد عرض عليه من ايام الثانوي كان اختياره الشخصي لانه أراد نتيجة عالية تؤهله للقبول في كلية الطب وعليه ان يواصل الليل بالنهار كي يأتي بالعلامات النهائية ! وكان له ما أراد ولكن الثمن كان باهظا . |
الساعة الآن 12:19 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by