مقال له علاقه بحلقات ما وراء ألأكمه أنقله لكم عن صحيفة الوطن لهذا اليوم
.................................................. .............................
الأحد 8 رجب 1428هـ الموافق 22 يوليو 2007م العدد (2487) السنة السابعة

الصفحة الرئيسية
الأخبار رأوا أن الانحياز الأعمى للدولة اليهودية هو سبب المصائب التي حلت بهم تصاعد مشاعر الكراهية لإسرائيل بين أوساط الأمريكيين بعد 11 سبتمبر
القاهرة: مجدي كامل
* الكتاب: اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية
* المؤلف: جون ميرشماير وستيفين والت
* الناشر: دار فارار، شتراوس وجيروكس
يحاول هذا الكتاب تفسير ما يسميه مؤلفاه: "سر التابو المقدس في أمريكا" المتمثل في إسرائيل، وكيف أصبحت الدولة اليهودية من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية وكأنها نص ديني ليس لأحد حق المساس به، وإلاّ قامت الدنيا ولم تقعد. كما أنه محاولة لرصد ظاهرة جديدة هي تصاعد مشاعر الكراهية لإسرائيل بين أوساط الأمريكيين لتوصلهم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وما تبعها من تورط أمريكي في مناطق عدة من العالم، لحقيقة مفادها أن معظم المصائب التي حلت بهم كانت بسبب الانحياز الأعمى لإسرائيل على حساب المسلمين والعرب.
وهذا الكتاب الذي تكمن أهميته في أنه يقدم صورة لأمريكا مغايرة لما هو شائع ومعروف، صورة -كما يقول مؤلفاه- لا يريد اللوبي الإسرائيلي الكشف عنها أو ترديدها، هذه الصورة لا تضع إدارة بوش والشعب الأمريكي في مركب واحد، فيما يتعلق بإسرائيل، بل تفرق بين السياسات الرسمية والتوجهات الشعبية، تقوم في أساسها على تقرير "لوبي إسرائيل" الذي كان قد نشره المؤلفان في شهر مارس عام 2006 ويتحدث في بعض أجزائه عن تحديات ضخمة على المستوى الشعبي، يواجهها اللوبي اليهودي في أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ويقول المؤلفان في كتابهما: إن إسرائيل التي استطاعت، من خلال اللوبي الأمريكي المتهود، الذي يسهر على راحتها في أمريكا، الحفاظ على موقف النخب السياسية الأمريكية الحاكمة لصالح سياساتها، باتت تواجه مشكلة في التواصل مع الشعب الأمريكي، الذي أدرك مع الوقت أن ارتماء إدارته في أحضانها، واستسلامها لما تمليه عليها من خلال عملائها "اللوبي الإسرائيلي" سبب كل ما حل بهم من مصائب.
وتوصل المؤلفان إلى أن هذا اللوبي يجد الآن صعوبة في التعامل مع الغضب الشعبي الأمريكي المتصاعد ضد إسرائيل وخاصة بالجامعات الأمريكية، حتى رغم إطلاقه عدة مبادرات للتعامل مع هذه الظاهرة منها إنشاء بعض أساتذة الجامعات الموالين لإسرائيل منظمة لمراقبة الحرم الجامعي، تشجع طلاب الجامعات على كتابة تقارير ضد أساتذتهم الذين ينتقدون إسرائيل، كما سعى آخرون للضغط على الكونجرس لمنع الدعم عن الجامعات التي تتخذ مواقف معارضة للسياسات الإسرائيلية.
ويشير المؤلفان إلى استطلاع للرأي كانت قد أجرته منظمة "مشروع إسرائيل" في شهرنوفمبر2003، توصل إلى أن نسبة الأمريكيين الراغبين في أن تقف أمريكا موقفا محايداً تجاه الصراع الدائر في الشرق الأوسط بلغت 62% بعد أن كانت 43% فقط منتصف عام 2002.
ويؤكد المؤلفان أن صورة إسرائيل تعاني بشدة في أوساط ثلاث فئات أمريكية أساسية، وهي الجامعات، والأفارقة الأمريكيون، والأمريكيون أصحاب التوجه السياسي الليبرالي.
ويقول المؤلفان إن اللوبي الإسرائيلي، الذي استطاع اليهود الأمريكيون تأسيسه على مدى عهود طويلة أصبح هو المسؤول الأول عن تحديد أولويات السياسات الأمريكية، لدرجة أنك لا بد وأن تبحث عن موقف اللوبي الإسرائيلي في كل قضية من إيران إلى العراق، ومن فلسطين إلى باكستان، إذا أردت وأنت تحاول إيجاد تفسير لمواقف الإدارات الأمريكية الإجابة عن السؤال: لماذا؟
ولكن المؤلفين يهاجمان بضراوة هذا اللوبي، وأيضاً الإدارات الأمريكية، التي تسمح له ببسط سيطرته ونفوذه على سياساتها الخارجية، حتى ولو ضحت بمصالح الولايات المتحدة والشعب الأمريكي. ويقولان: "هذا الخضوع المذل من جانب الساسة الأمريكيين لما يفرضه عليهم اللوبي الإسرائيلي، الذي يسمح للدولة اليهودية بأن تحكم أمريكا من تل أبيب. هذا الخضوع لا يستند إلى أي معايير أخلاقية، أو أسس استراتيجية، والدليل على ذلك مواقف إدارة الرئيس بوش الغريبة وغير المبررة من حرب إسرائيل الأخيرة في لبنان، وكذلك إصرارها على شن حرب ضد إيران بغض النظر عن الخسائر الفادحة التي ستنجم عن هذه الحرب بالنسبة للأمريكيين والشرق الأوسط الذي نعده فوق برميل بارود يمكن أن ينفجر في أية لحظة.
ويقول المؤلفان إن هذه العلاقة الاستثنائية تعود في أساسها إلى التأثير السياسي الرهيب لائتلاف يضم شخصيات ومنظمات استطاعت اختطاف السياسة الخارجية الأمريكية كرهينة، ومن ثم تحريك هذه السياسة حسبما تريد إسرائيل. ويحذران من أن: هذا الائتلاف الذي يتوحش يوماً بعد يوم من خلال تغلغله داخل أوساط النخب في أمريكا، يمكن أن يكون في المستقبل القريب العامل الأول في زعزعة نفوذ أمريكا في العالم، لأنه لا يعمل لمصلحتها، وإنما فقط لمصلحة إسرائيل، حتى ولو كان الثمن انهيار أمريكا نفسها.
ويقدم المؤلفان الشرق الأوسط كنموذج لتضحية اللوبي الإسرائيلي بالمصالح الأمريكية في سبيل إرضاء إسرائيل. ويقولان: "كانت واشنطن قبل دخول بوش البيت الأبيض، وسماحه للوبي الإسرائيلي (لن نقول إنه واحد من أفراده) بأن يملي عليه ما يفعله في وضعية مثالية، ومصالحها أكثر أمناً، وعلاقاتها بدول المنطقة أفضل في المنطقة". ويتساءل المؤلفان في كتابهما: ماذا فعل بوش؟ ويردان: سمح للوبي الإسرائيلي وزعمائه الذين يضعون المصالح الإسرائيلية فوق المصالح الأمريكية العليا أن يجروه لمواجهة غير مبررة مع العرب والمسلمين انتهت بتصاعد حدة العداء لأمريكا في العالم، ومواجهات أكثر كلفة مع دول وشعوب صديقة في أوروبا والشرق الأوسط أيضاً دون طائل، ثم لحرب لا مبرر لها، ولا أمل يرجى منها في العراق، ثم دق ناقوس الحرب ضد إيران دون حساب العواقب، وقبل أن تجف دماء الأمريكيين في أفغانستان والعراق".
ومن خلال مقارنة بين حال اللوبي الإسرائيلي قبل وبعد وصول بوش السلطة، يتوصلان إلى أن: "هذا اللوبي كان يوجه بنسبة 50% السياسة الخارجية الأمريكية قبل مجيئه، أما الآن فقد توقف عن توجيهها، وراح يقودها بنفسه، من خلال ممثليه داخل الإدارة وأولهم بوش نفسه ومعه نائبه ديك تشيني ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس ومعظم أفراد الإدارة".
ويقولان: إن أخطر ما يتميز به اللوبي الإسرائيلي في أمريكا الآن هو ثلاثة أمور: الأمر الأول، أنه في السلطة دائماً فنادراً ما تخلو من أفراده المؤثرين إدارة أمريكية. وإن كانت إدارة بوش لا تخلو من مسؤول واحد غير عضو في هذا اللوبي من بوش نفسه إلى أصغر مسؤول في أي إدارة، ولا يتوقف الأمر كما يقال عند بول وولفويتز ودوجلاس فيث وستيفين هادلي وغيرهم ممن يحصرون اللوبي في شخصياتهم. الأمر الثاني هو قدرته العجيبة على "أسرنة" المزيد من المسؤولين الأمريكيين كل يوم ليتسع هذا الائتلاف ويتضخم ويتوحش. الأمر الثالث هو أنه لم يعد يفكر فقط لإسرائيل، وإنما لأمريكا أيضاً وبما يخدم إسرائيل بمعنى أنه يرسم سياسات أمريكية وإسرائيلية يسير عليها البلدان بالتوافق وفي آن واحد.
ويتهم المؤلفان اللوبي الإسرائيلي في أمريكا بـ"تصعيد الإرهاب حول العالم لدفعه إدارة بوش لحرب غير مبررة على الإسلام والمسلمين، واشتراكها مع المتطرفين الإسلاميين في اختطاف مفهوم الجهاد في الإسلام، لكي تستعدي عليها أصحاب ديانة كبرى بأكملها، كانت علاقاتها بهم أفضل بكثير قبل مجيء بوش، حيث كانت الغلبة للمعتدلين، الذين لم تساعدهم واشنطن بسياساتها على احتواء ظاهرة التطرف والإرهاب"!