6 أسباب تصعد بأسعار النفط إلى قرب مستواها القياسي
أوبك تشاطر أميركا مخاوفها بشأن مخاطر الأسعار
لندن: «الشرق الاوسط»
تراجعت أسعار النفط في تداولات أمس إلى قرب 76 دولارا للبرميل، حيث عمد المتعاملون إلى البيع لجني الأرباح بنهاية أسبوع ساهمت خلاله مخاوف بشأن المعروض في دفع الأسعار الى ارتفاع قياسي.
ونزل النفط الاميركي 79 سنتا الى 76.07 دولار للبرميل بحلول الساعة 1445 بتوقيت غرينتش، وانخفض خام برنت في لندن 79 سنتا الى 74.97 دولار. ودفع ارتفاع أسعار النفط الى مستوى لم تبلغه من قبل قرب 80 دولارا للبرميل بالولايات المتحدة، أكبر مستهلك للوقود في العالم، الى مربع الخطر وأثار أيضا المخاوف لدى منظمة أوبك.
ويصر منتجو أوبك على إبقاء الإمدادات من دون تغيير في الوقت الراهن، في ضوء وفرة المخزونات العالمية. لكنهم قد يعيدون النظر في الامر عندما يجتمع وزراؤهم في 11 سبتمبر (أيلول) المقبل، إذا ظلت الأسعار على ارتفاعها أو انخفضت المخزونات.
وحتى الان كان أثر ارتفاع أسعار الوقود على المستهلكين في الولايات المتحدة متواضعا، لكن وزير الطاقة الاميركي سام بودمان أبدى مخاوفه من تأثر الاقتصاد سلبا اذا لم تنخفض الاسعار قريبا. وتشاطر أوبك التي تنتج نحو ثلث الانتاج العالمي من النفط الوزير الاميركي قلقه إزاء ما ينطوي عليه ارتفاع الاسعار. فعندما كان سعر النفط حول 78 دولارا، قال محمد الهاملي رئيس أوبك، ان المنظمة تشعر بالقلق خشية أن تؤثر الاسعار القياسية على الاقتصاد العالمي وتقلل بالتالي الطلب على الوقود.
وقال الهاملي وزير النفط بدولة الامارات، ان قلق أوبك من السعر المرتفع يرجع الى رغبتها في عدم تحول الامر الى كساد اقتصادي.
وأدت تصريحاته الى هبوط الاسعار دولارا كاملا للبرميل. وتطبق أوبك تخفيضات في الإنتاج تبلغ إجمالا 1.7 مليون برميل يوميا منذ أوائل العام الجاري. وإذا ألغت «أوبك» هذه التخفيضات فربما تساعد في إخراج المضاربين من الاسواق بعد أن كانت المضاربات من العوامل الرئيسية في رفع الاسعار.
ويسير النفط في اتجاه صعودي منذ يناير (كانون الثاني)، بعد هبوطه في ذلك الشهر الى نحو 50 دولارا للبرميل. ومنذ ذلك الحين ارتفعت الأسعار بفعل التوقعات بنقص إمدادات البنزين في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تخفيضات أوبك والتوتر العام بشأن أمن الامدادات. وقال الامين العام لاوبك عبد الله البدري، انه يفضل ألا تكون الأسعار مفرطة في الارتفاع أو الانخفاضِ. وأضاف في مقابلة مع صحيفة «فيرتشافسبلات» النمساوية الأسبوع الماضي، «نحن نشعر بارتياح اذا لم ينخفض سعر النفط عن 50 دولارا. كما أن ارتفاع السعر على 80 دولارا لن يسعدنا».
وفي الوقت نفسه فان دول أوبك، وعلى رأسها السعودية، قالت مرارا ان السعر ليس هو المبرر الوحيد لتغيير السياسة الإنتاجية. والنفط متوفر بالأسواق كما أن المخزون الاميركي أعلى من متوسط مستواه على مدى خمس سنوات.
وأشار وزراء الى أن ضعف الدولار الاميركي يعني أن برميل النفط ليس أغلى ثمنا مما كان عليه قبل نحو ثلاثة عقود.
ويريد وزراء أوبك أن يلمسوا دليلا على عدم كفاية الإمدادات قبل أن يقرروا زيادة الإنتاج. فقد قال عبد الله العطية وزير الطاقة القطري أول من أمس، ان المنظمة لا يمكنها التحرك إلا عندما يحدث نقص حقيقي في الإمدادات وأنها بحاجة إلى برهان على أن السوق تحتاج لزيادة الانتاج. وفي 11 يوليو (تموز) الماضي قال وزير النفط السعودي علي النعيمي عندما كان سعر النفط نحو 76 دولارا للبرميل ان المشترين لا يطلبون نفطا إضافيا، مشيرا الى توازن العرض والطلب.
ومن العوامل التي يمكن أن تغير التوقعات بدرجة كبيرة مدى سوء أو اعتدال موسم الاعاصير، الذي كان سببا قبل عامين في دمار كبير لمنصات انتاج ومصافي للتكرير في منطقة الساحل الاميركي على خليج المكسيك.
من جانب آخر، أرجع تحقيق نشرته أمس رويترز، ارتفاع الأسعار إلى 6 أسباب، مفيدا بأن أول هذه الأسباب هو استئناف تدفقات الاستثمارات من صناديق المعاشات وصناديق التحوط على السلع، بما فيها النفط في الاشهر القليلة الماضية، بعد توقف في وقت سابق هذا العام بسبب مخاوف تتعلق بسير الاقتصاد العالمي.
وازدهرت المضاربات في أسواق الطاقة في السنوات القليلة الماضية، مع تطلع المستثمرين لتحقيق عائدات أعلى من التي يحققونها في أسواق الاسهم والسندات. ولكن لجنة التعاملات الاجلة في السلع الاولية قالت ان المضاربين في بورصة نايمكس الاميركية خفضوا في الاسبوع المنتهي في 24 يوليو صافي حجم المراكز الدائنة، مراهنين على أن الاسعار ستنخفض.
وتشير الوكالة إلى أنه يتضح أن منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» المسؤولة عن ثلث النفط العالمي تنتج نفطا أقل مقارنة بعام 2006 بعد أن قررت خفض انتاجها.
واتفقت «أوبك» على خفض امداداتها بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا أي بنحو 6 بالمائة العام الماضي على مرحلتين. وبدأت المرحلة الثانية من الخفض في الاول من فبراير (شباط) من هذا العام.
وان كانت الارتفاعات السابقة في الأسعار تنتج عن اضطرابات في الإمدادات، فان الطلب من دول مثل الصين والولايات المتحدة، هو المحرك الرئيسي للارتفاعات الراهنة.
وتباطأ نمو الطلب العالم بعد ارتفاعه في عام 2004 لكنه مستمر في الزيادة ولم يكن لارتفاع الاسعار حتى الان أثر يذكر على النمو الاقتصادي.
ويقول المحللون ان العالم يتكيف بشكل جيد مع ارتفاع الأسعار الاسمية لأنها تعتبر أقل من المستويات السائدة في اوقات ارتفاع سابقة للأسعار إذا أخذت أسعار الصرف والتضخم في الاعتبار.
وتشير رويترز إلى أن من الأسباب أيضا انخفاض امدادات الخام من نيجيريا ثامن أكبر مصدر للنفط في العالم منذ فبراير العام الماضي، بسبب هجمات متشددين على قطاع النفط في البلاد.
واوردت الشركات تفاصيل وقف انتاج نحو 547 الف برميل يوميا من انتاج نيجيريا بسبب الهجمات وعمليات تخريب. ويمثل ذلك نحو 18 بالمائة من الطاقة الانتاجية للبلاد البالغة ثلاثة ملايين برميل يوميا.
وتشير إلى أن السبب الرابع لارتفاع الأسعار هو اختناقات في المصافي، فقد تسبب ذلك في زيادة المخاوف من نقص امدادات الخام العالمي في الطاقة التكريرية. فالمصافي في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للبنزين في العام واجهت صعوبات بسبب توقفات غير متوقعة هذا العام، مما زاد من السحب من المخزونات قبيل موسم الصيف ذروة استهلاك وقود السيارات في السفر.
وارتفعت مخزونات البنزين والمكثفات في الاسبوع الماضي مع زيادة انتاج المصافي حسب تقرير حكومي أميركي صدر يوم الاربعاء الماضي. ولكن المخزونات ظلت أقل من مستواها قبل عام. والطاقة التكريرية محدودة بالفعل بسبب نقص الاستثمارات على مدى سنوات. وتضرر قطاع النفط الاميركي من موسم الاعاصير عام 2005. وتتوقع بعض هيئات الارصاد موسم أعاصير قويا هذا العام.
وتورد رويترز أن السبب الخامس هو إيران، إذ تشير إلى أن مستهلكي النفط يشعرون بالقلق بشأن تعطل الامدادات من ايران، رابع أكبر مصدر له في العالم والمنخرطة في صراع مع الغرب بسبب برنامجها النووي.
ولم تغفل رويترز العراق، مشيرة إلى أنه يعد أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط. فالعراق يجاهد لتنشيط قطاع النفط. واستقرت الصادرات عند مستوى نحو 1.5 مليون برميل يوميا بالمقارنة بنحو 1.7 مليون برميل أو أكثر في عهد صدام حسين.
وكانت عقود من العقوبات والحروب والافتقار للاستثمارات قد عطلت العراق عن إخراج نفطه من باطن الأرض وطرحه في الأسواق العالمية. ولم تصل مستويات الإنتاج الى ما كان مسؤولون بوزارة النفط هناك يأملون في تحقيقه. ولا يتمكن العراق كذلك من شحن النفط الخام بانتظام من حقوله الشمالية للتصدير من ميناء جيهان التركي بسبب هجمات على خطوط أنابيب الى تركيا.