عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2007   رقم المشاركة : ( 56 )
فاعل خير
أبو عبدالله

الصورة الرمزية فاعل خير

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 566
تـاريخ التسجيـل : 26-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 13,279
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 339
قوة التـرشيــــح : فاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادة


فاعل خير غير متواجد حالياً

افتراضي رد : الأخبار الأقتصادية ليوم السبت 28 / 7 / 1428 هـ الموافق 11 / 8 / 2007 م

المضاربة في السوق ليست شرا كلها!
قصي بن عبدالمحسن الخنيزي - 28/07/1428هـ

تناولت مقالة السبت الماضي تضخم أسعار شركات التأمين المطروحة حديثاً للاكتتاب لصغر حجم رساميلها ما يجعل المضاربة عليها وتحريك أسعارها في متناول المضاربين المحترفين. فبداية، إن لم يكن هناك إيهام أو غش ومخالفة لقوانين هيئة السوق المالية، أي أن كل الأمر هو مضاربات مدفوعة بالمغامرة وتوقع ارتفاع الأسعار أم انخفاضها، فلماذا نحاول تصميم مختلف الآليات للقضاء على المضاربة وكأننا أوصياء على أموال وسلوكيات المتداولين إن تم القيام بواجب توعيتهم؟
المضاربة القانونية مدفوعة أساساً بتوقعات العائد المرتفع في فترة وجيزة، وتصاحبها بالتأكيد مخاطر مرتفعة وفي فترة وجيزة أيضاً، فكمية المخاطرة المتخذة ترتفع مع ارتفاع العائد المتوقع، والعكس صحيح. إذن فمن يقرر المضاربة يجب أن يعلم أن الخسائر كبيرة مقارنة بمن يفضل الاستثمار في شركات العوائد الثابتة والمنخفضة بشكل يتناسب مع انخفاض مخاطرتها. كما أن المضاربة القانونية في هذه المرحلة الحالية عموماً ليست بالشر الذي سيقضي على الاقتصاد، وليست بالعملاق الذي سيكتم على أنفاس السوق، ولن تؤدي إلى ارتفاعات لاعقلانية شملت السوق والأسهم ككل في سني فقاعة الأسهم، إن تحقق شرط عدم تفوق شركات المضاربة هذه في تمثيل مؤشرات السوق.
السؤال، لماذا يعترض الكثير على أي إشارة للمضاربة في سوق الأسهم السعودية في الوقت الحالي؟ السبب, من وجهة نظري, هو حرص المنادين بمكافحة المضاربة على عدم تكرار سيناريو الفقاعة الذي ابتدأ بمضاربات وارتفاعات غير منطقية طالت جميع شركات المؤشر دون استثناء وإن كان تأثيرها الأكبر في شركات المضاربة الصغيرة قبل أن تنفجر الفقاعة في شباط (فبراير) 2006 وتضر بالسوق ككل بما فيها صناديق الاستثمار. لذلك، فإن الدور الذي لعبته شركات المضاربة في تضخم الأسعار لمستويات غير معقولة هي من ضمن الأسباب التي يشار إليها بالبنان للتسبب في أزمة السوق التي حدثت، بجانب أسباب أخرى تمت الإشارة إليها في الإعلام ومن ضمنها وعي المستثمرين الذي أراه أحد متهمي الصف الأول. ولكون جرح انهيار السوق مازال عميقاً مع عدم وجود الارتدادات المستدامة التي شهدتها سنوات تكون الفقاعة، فإن ذاكرة المعلقين والمحللين تنحو باتجاه التحوط والحذر عموماً، كالاعتراض على نشاطات المضاربة عموماً.
إن ما يدفعني إلى عدم الاعتراض على نشاطات المضاربة القانونية بجانب الحق في ممارستها هو كون المضاربون سببا مهما لوجود المستثمرين في أي سوق مغرية في العالم، ولم يخالفوا أي أنظمة متفق عليها. فعموم المستثمرين متوسطي وطويلي المدى لا يقومون بتقسيم أنفسهم إلى فريقين، أي أن فريقا من المستثمرين يبيع إلى الفريق الآخر، بل إن توقيت الاستثمارات والبيع يختلف من مستثمر إلى آخر. فإذا كان جميع المتداولين من المستثمرين طويلي المدى فإن اتفاق توقيت البيع والشراء المتسم بطول فترة الاستثمار بين المستثمرين مقارنة بفترات المضاربة ستؤدي إلى نقص في سيولة السوق والإخلال بانسيابية التعاملات، ما قد يؤدي في النهاية إلى تقليص عدد المستثمرين في السوق نظراً للإخلال بهيكل سيولة السوق المؤثر في استراتيجيات الدخول والخروج من قبل المستثمرين.
لذا، نستنتج أن هدف رفع سيولة السوق المالية إيجابي لصحة السوق والاستثمار فيها على المديين المتوسط والطويل، حيث يتأتى ذلك بوجود عدد كبير من البائعين والمشترين للأسهم المعروضة يشكل المضاربون اللاعب الأساسي في عمليتي الطلب والعرض حين يقرر المستثمر الدخول إلى السوق أو الخروج منها. أما الهدف الآخر الذي لا يقل أهمية لأي سوق مالية عن هدف توافر السيولة فهو زيادة عمق السوق الذي يأتي من زيادة عدد الشركات والأسهم المتاحة للتداول. إذن، نحن أمام هدفين يتضاربان في عدة نواح عند تناول معطيات تحقيق الهدفين بذهنية فقاعة الألفية (شباط (فبراير) 2006) هما زيادة الإدراجات أو إيقافها.

لا ريب أن أحد الأسباب المهمة لفقاعة الألفية هو ضحالة السوق والتحفظ على المزيد من الطروحات الأولية من قبل هيئة السوق المالية حينها، ما جعل طيف الشركات المستهدفة بالاستثمار والمضاربة من قطاع كبير من المواطنين محدودا للغاية وتتأثر أسعار الأسهم مع افتتاح كل محفظة استثمارية جديدة. وأدى هيكل السوق ودخول المتداولين الجدد إلى تضخم أسعار شركات المضاربة أولاً، ثم انتقلت العدوى إلى الشركات الاستثمارية، ما شكل بداية تكون الفقاعة، حيث إن الفقاعة المالية لا تحدث بمجرد تضخم أسعار بعض شركات المؤشر بل بانتقال العدوى إلى معظم الشركات المدرجة. لهذا السبب، يستمر المحللون بالمطالبة بالمزيد من الطروحات الأولية المشابهة لطرح شركة كيان والمملكة القابضة وغيرها من الشركات الضخمة غير المغرية للمضاربين لطبيعة كونها شركات عوائد واستثمار طويل المدى من ناحية عدد الأسهم المطروحة، رأس المال، أو حتى فلسفة التشغيل والاستثمار. وفي الوقت نفسه تتم المطالبة بإيقاف طرح المزيد من الشركات نظراً لتحولها إلى شركات مضاربة كما حدث مع شركات التأمين حديثاً وتحول جزء كبير من القطاع إلى أسهم مضاربة يومية.
كما طالبت هيئة السوق المالية في مقالة السبت الماضي بضرورة الحصول على تناسب كمي نوعي، أعني به تناسبا بين هدفي عمق السوق وسيولتها. وبنوع من التفصيل، إن الوصول إلى تناسب كمي نوعي يتطلب تحديد النسبة العادلة من شركات قد تكون مرشحة للمضاربة كما تتميز حالياً بصغر رأس المال يتم تصنيفها ضمن مؤشرات اتخاذ قرار مقدرة قياسياً تأخذ في الحسبان نظريات السلوك المالي وتوقعات تحرك السوق واحتمالات انتقال العدوى إلى الشركات الاستثمارية. ويعني ذلك أن طرح شركات غير عملاقة ومرشحة للمضاربة كشركات التأمين المدرجة حديثاً ليس بالأمر المضر لواقع السوق طالما تم اتباع آلية إفصاح سريعة، كفؤة، وفاعلة، يتم من خلالها إيضاح أسباب التحركات للمتداولين ليكونوا على أرض سواء، فمن شاء منهم أن يضارب قانونياً فله الخيار، أما من كان لديه شك في تسرب معلومات داخلية فسيتجنب الدخول في موجة المضاربة حين يتوافر الإفصاح في الوقت المناسب، والوقت المناسب هو أسرع وقت ممكن، لا ريب.

أما على المستوى الكلي الاستراتيجي، فإن على الجهات التنظيمية والتشريعية تحديد النسب العادلة بين شركات الاستثمار والشركات المرشحة للمضاربة، ومدى تأثير الأخيرة في الأولى، فهناك تأثير الفائض وتأثير العدوى السلبيان بتحويل المضاربة إلى شركات الاستثمار والعوائد، الذي أستبعد حصوله في المستقبل القريب لتعلق نتائج المضاربات والمغامرة في أذهان المتداولين.
وختاماً، من المهم أن تتم توعية المتداول بأخطار المضاربة وتعريفه بألا عائد كبير دون مخاطرة كبيرة، وإن سمع الكثير من قصص النجاح في المضاربة فإن قصص الفشل كثيرة أيضاً، ولكن الحديث عنها ذو شجون، فلذلك لا يتم تداولها بشكل كبير. كما أعيد المطالبة بإلزام جميع الشركات بإيضاح أسباب ارتفاعات غير منطقية خلال بضع ساعات من حدوثها بناء على تقييم حسابي يأخذ في الحسبان أداء الشركات مقارنة بأداء أسهمها، فهذه هي الشفافية التي تحمي المتداولين بما يضع المستثمر الفرد في خانة العارفين بأن الارتفاع وهمي وناجم عن مضاربة قد تكون عوائدها مرتفعة، ولكن مخاطرها على المدخرات مرتفعة أيضاً.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس