رد : الأخبار الإقتصادية ليوم الأحد 29 رجب 1428 هـ الموافق 12/08/2007 م
تطوير سوق المال (2) البيع على المكشوف
- د. عصام الملا - 29/07/1428هـ
لا يعرف السوق السعودي حاليا إلا أسلوبا واحدا فقط للتداول، اشتر أولا ثم قم بالبيع بعد ذلك، أسلوب تقليدي بدأت به الأسواق العالمية منذ مطلع الثلاثينيات من هذا القرن، وجدت هذه الأسواق أنها في حاجة إلى ابتكار أساليب جديدة تحقق أهدافا كثيرة، فهذا الأسلوب التقليدي يحقق للمتعاملين مكاسب فقط في حالة ارتفاع الأسعار، ويعانى الجميع الخسائر في حالة انخفاض الأسعار، لا يوجد ما يقلل مخاطر انخفاض الأسعار، لذا لجأت هذه الأسواق العالمية إلى ابتكار سياسة البيع أولا ثم الشراء بعد ذلك، كيف يتم ذلك؟ يقترض البائع الأسهم، يقوم ببيعها، يشتريها شخص ثالث، لذا هناك مقرض وهو مالك الأسهم أصلا، وهناك مقترض وهو البائع، وهناك مشتر، يقوم المتعاملون إذا توقعوا انخفاض الأسعار بالاقتراض والبيع، ثم يقومون بعد ذلك في حالة انخفاض الأسعار بالشراء وإعادة الأسهم إلى المقترض الأصلي لها، وبذلك يتحقق مكسب لهم في حالة انخفاض السوق وهى ميزة لم تكن متوافرة قبل تطبيق هذا النظام، أما إذا ارتفعت الأسهم فإنهم يقومون بشرائها بسعر عال وإعادتها مرة أخرى للمقترض وبذلك يحققون خسائر.
لذا فإن البيع على المكشوف يحقق أرباحا فقط في حالة انخفاض السعر وصدق توقعات البائعين، ويحقق خسائر في حالة ارتفاع السعر وكذب توقعات البائعين عكس الأسلوب التقليدي الذي يطبق في جميع البورصات العربية ومنها البورصة السعودية. وللسوق جناحان هما جناح الشراء ثم البيع وهو الموجود حاليا، وجناح البيع ثم الشراء وهو المطلوب توافره في السوق السعودي بصفة خاصة والعربي بصفه عامة، لهذا الأسلوب أهميته في التحوط ضد مخاطر الأسعار وتقلباتها حيث من الممكن للمتعاملين في حالة ترجيح ارتفاع الأسعار أن يقوموا بتخصيص نسبة من محافظهم ولتكن 70 في المائة للشراء أولا ثم البيع وتخصيص نسبة ولتكن 30 في المائة للبيع أولا ثم الشراء، إذا ارتفع السوق حققوا مكاسب مناسبة وإذا انخفض السوق قلت خسائرهم لأنهم احتاطوا من الانخفاض بنسبة 30 في المائة تقريبا من أموالهم، لذا تنخفض الخسائر والمخاطر, ومن الناحية الأخرى يحققون مكاسب مناسبة في حالة الارتفاع وتلك ميزه البيع على المكشوف.
قد يقول قائل إن هذا الأسلوب سيزيد من الخسائر في حالة الانخفاض لأن الكل سيقوم بالبيع على المكشوف, ولكن هذه المقولة غير سليمة نظرا لأنه لا يسمح بالبيع على المكشوف إلا في حالات معينة وهي ارتفاع سعر التداول الآن عن السعر السابق, بمعنى أنه إذا افترضنا اتجاه السوق إلى الانخفاض كالآتي: 11/10.75/10.5/10.25 في هذه الحالات لا يسمح بالبيع على المكشوف نظرا للانخفاض المتوالي للأسعار, أما في حالات الانخفاض التالية: 11/10.75/10.5/10.25/10.50 فإنه لا يسمح للبيع على المكشوف إلا عن آخر سعر وهو 10.5 بعد ارتفاع السعر من 10.25 لذا فإن البيع على المكشوف مسموح به فقط في حالة الاتجاه المنخفض إذا ارتفاع السعر فقط أو ثبت السعر عن السعر المرتفع فقط، والعملية ليست مفتوحة كما يظن البعض.
المؤسسات المحترفة في الخارج تستخدم البيع على المكشوف في التحوط ضد مخاطر انخفاض السعر محققين عوائد مناسبة، وكذا في حالات معينة يحقق المتعاملون مكاسبات تفوق مكاسب السوق، حيث يقومون بالشراء ثم البيع للأسهم المتوقع لها الارتفاع، ويقومون في الوقت نفسه بالبيع ثم الشراء للأسهم المتوقع لها الانخفاض.
ترى هل قامت أسواق المال العربية بدراسة هذه الأدوات، إنها بداية أدوات الابتكار الاستثماري في البورصات منذ مطلع الثلاثينيات. إن من الأفضل لنا حتى نطور السوق أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون, وأن نستفيد من تجارب البورصات المتقدمة وننهل منها ومن أساليبها.
ولكن المفترض حتى يتم تطبيق مثل هذه النظم ألا نفاجئ المتعاملين بها كما فاجأناهم قبل ذلك بالكثير، المفترض أن تقام حلقات تعليمية واسعة وتوعية عالية بمثل هذه الأساليب, وأن يتم الاستعانة بالخبراء والعلماء قبل تطبيق أي جديد.
|