الموضوع: مجالس الصائمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2007   رقم المشاركة : ( 86 )
المشتاق
موقوف

الصورة الرمزية المشتاق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 415
تـاريخ التسجيـل : 24-04-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,367
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المشتاق يستحق التميز


المشتاق غير متواجد حالياً

افتراضي رد : مجالس الصائمين

حقوق الجار
الشيخ محمد إبراهيم الحمد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،أما بعد:
فإن رمضانَ شهرُ الترابط، وشهرُ التواصي، وشهرُ التقارب، وشهر المودّات.
والحديث اليوم سيدور حول معنى من هذه المعاني، ألا وهو حق الجار؛ فلقد أوصى الإسلام بالجار، وأعلى من قدره؛ حيث قرن الله حق الجار بعبادته _عز وجل_ وبالإحسان إلى الوالدين، واليتامى، والأرحام.
قال الله_عز وجل_: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ )(النساء: من الآية36).
أما السنَّةُ النبويةُ فقد استفاضت نصوصُها في بيان رعاية حقوقِ الجارِ، والوصايةِ به، وصيانةِ عرضه، والحفاظ على شرفه، وستر عورته، وسدّ خلَّته، وغضِّ البصر عن محارمه، والبعد عن كل ما يريبه، ويسيء إليه.
ومن أجلِّ تلك النصوص وأعظمها ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة وابن عمر_رضي الله عنهم_أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مازال جبريل يوصني بالجار حتى ظننت أنه سيوَرِّثه).
أي: ظننت أنه سَيبْلُغني عن الله الأمرُ بتوريث الجارِ الجارَ.
أيها الصائم الكريم: الجار في الاصطلاح الشرعي هو من جاورك جواراً شرعياً، سواء كان مسلماً أو كافراً، براً أو فاجراً، صديقاً أو عدواً، محسناً أو مسيئاً، نافعاً أو ضاراً، قريباً أو أجنبياً، غريباً أو بلدياً.
وله مراتب بعضها أعلى من بعض، تزيد وتنقص بحسب قربه وقرابته، ودينه وتقواه، ونحو ذلك؛ فيعطى بحسب حاله وما يستحق.
أما حدّ الجوار؛ فقد اختلفت عباراتُ أهل العلم في حدِّ الجوار المعتبر شرعاً، والأقـرب _والله أعلم_ أن حدَّ الجوار يُرجع فيه إلى عُرْفِ الناس؛ فما عُلِمَ عُرْفاً أنه جارٌ فهو جار.
ولا ريب أن الجوارَ في المسكن هو أجل صور الجوار وأوضحُها، ولكنَّ مفهومَّ الجار والجوار لا يقتصر على ذلك فحسب، بل هو أعمُّ من ذلك وأشمل؛ فالجار معتبرٌ في المتجر، والسوق، والمزرعة، والمكتب، ومقعد الدرس.
ومفهومُ الجارِ يشمل الرفيقَ في السفر؛ فإنه مجاورٌ لصاحبه مكاناً وبدناً، والزوجةُ كذلك تسمى جارةً، وكذلك مفهومُ الجوارِ يشمل الجوارَ بين المدن، والدول، والممالك، فلكل منهما حق على الآخر.
أيها الصائمون الكرام: حقوق الجار على وجه التفصيل كثيرة جداً، أما أصولها فتكاد ترجع إلى أربعـة حقوق.
أولها: كف الأذى: فالأذى على كل أحد بغير حق محرم، وأذية الجار أشد تحريما ً.
جاء في صحيح البخاري عن أبي شريح رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمـن جاره بوائقـه).
وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره).
وفي مسند الإمام أحمد، والأدب المفرد للبخاري، وعند الحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله إن فلانةً تصلي الليل، وتصوم النهار، وفي لسانها شيء تؤذي جيرانها سليطة، قال: (لا خير فيها هي في النار).
وقيل له: إن فلانةً تصلي المكتوبة، وتصوم رمضان، وتتصدق بالأثوار(وهي القطع الكبيرة من الأقط وهو اللبن الجامد المستحجر) وليس لها شيء غيره، ولا تؤذي جيرانـها، قال: (هي في الجنة).
ولفظ الإمام أحمد:(لا تؤذي بلسانها جيرانـها).
بل لقد جاء الخبر بلعن من يؤذي جاره، ففي حديث أبي جُحيفة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له:(اطرح متاعك في الطريق).
قال: فجعل الناس يمرون به فيلعنونه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما لقيتُ من الناس؟ قال: وما لقيتَ منهم، قال: يلعنوني، قال: فقد لعنك الله قبل الناس قال: يا رسول الله فإني لا أعود).
أخرجه البخاري في الأدب المفرد،والبزار، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي.
قال علي بن أبي طالب للعباس _رضي الله عنهما_: (ما بقي من كرمِ إخوانك؟ قال الإفضالُ إلى الإخوان، وتركُ أذى الجيران).
فانظر كيفَ عدَّ العباسُ رضي الله عنه تركَ أذى الجيران من الكرم.
ولقد كان العرب يتمدحون بكف الأذى عن الجار، قال هُدْبَةُ بنُ الخَشْرم:

ولا نَخْذِلُ المولى ولا نرفع العصاعليه ولا نزجي إلى الجار عقربا
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس