عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2007   رقم المشاركة : ( 5 )
ابن ابي محمد
ذهبي


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 563
تـاريخ التسجيـل : 25-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,185
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابن ابي محمد


ابن ابي محمد غير متواجد حالياً

افتراضي رد : العقل في الدماغ ام في القلب

القلب مناط كل من العقل والبصيرة..دزغلول النجار
منقول عن جريدة الاهرام

من أسرار القرآن
بقلم‏:‏د‏.‏ زغلـول النجـار

‏244‏ ـ ب أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور‏**‏ الحج‏:46*‏


هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في أواخر الثلث الثاني من سورة الحج‏,‏ وهي سورة مدنية وآياتها‏(78)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود الأمر فيها من الله ـ تعالي ـ إلي عبده ورسوله إبراهيم ـ عليه السلام ـ أن يؤذن في الناس بالحج‏,‏ وقد سبق لنا استعراض هذه السورة المباركة ونركز هنا علي الدلالة العلمية للآية رقم‏(46)‏ منها‏,‏ وقبل الوصول إلي ذلك أري ضرورة استعراض أقوال عدد من المفسرين في شرح هذه الآية الكريمة‏.‏

من أقوال المفسرين في تفسير قوله ـ تعالي ـ‏:‏

(‏ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور‏)(‏ الحج‏:46).‏

*‏ ذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ ما مختصره‏:..‏ وقوله‏(‏ أفلم يسيروا في الأرض‏...)‏ أي بأبدانهم وبفكرهم أيضا‏,‏ وذلك للاعتبار‏,‏ أي انظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال‏,(...‏ فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها‏..)‏ أي فيعتبرون بها‏,(....‏ فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور‏)‏ أي ليس العمي عمي البصر‏,‏ وإنما العمي عمي البصيرة‏,‏ وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلي العبر ولا تدري ما الخبر‏.‏

*‏ وجاء في الظلال ـ رحم الله كاتبها برحمته الواسعة ـ مانصه‏:‏

إن مصارع الغابرين حيالهم شاخصة موحية‏,‏ تتحدث بالعبر‏,‏ وتنطلق بالعظات‏..(‏ أفلم يسيروا في الأرض‏...)‏ فيروها فتوحي لهم بالعبرة؟ وتنطلق لهم بلسانها البليغ؟‏,‏ وتحدثهم بما تنطوي عليه من عبر ؟‏,(‏ فتكون لهم قلوب يعقلون بها‏...)‏ فتدرك ما وراء هذه الآثار الدوارس من سنة لا تتخلف ولا تتبدل‏,(...‏ أو آذان يسمعون بها‏..)‏ فتسمع أحاديث الأحياء عن تلك الدور المهدمة والآبار المعطلة والقصور الموحشة؟ أفلم تكن لهم قلوب؟ فإنهم يرون ولا يدركون‏,‏ ويسمعون ولا يعتبرون‏(..‏ فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور‏)‏ ويمعن في تحديد مواضع القلوب‏:(‏ التي في الصدور‏)‏ زيادة في التوكيد‏,‏ وزيادة في إثبات العمي لتلك القلوب علي وجه التحديد‏!‏ ولو كانت هذه القلوب مبصرة لجاشت بالذكري‏,‏ وجاشت بالعبرة‏,‏ وجنحت إلي الإيمان خشية العاقبة الماثلة في مصارع الغابرين‏,‏ وهي حولهم كثير‏..‏ ولكنهم بدلا من التأمل في تلك المصارع‏,‏ والجنوح إلي الإيمان والتقوي من العذاب‏..‏ راحوا يستعجلون بالعذاب الذي أخره الله عنهم إلي أجل معلوم‏.‏ وجاء في بقية التفاسير كلام مشابه لا حاجة إلي تكراره‏.‏

القلب في القرآن الكريم

جاءت الإشارة إلي القلب في القرآن الكريم بالإفراد والجمع‏,‏ ومع عدد من الضمائر المختلفة‏(132)‏ مرة‏,‏ وجميع الناس إلي اليوم يعتقدون بأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم الفاسد إلي الرئتين لتنقيته‏,‏ وتتلقي الدم المؤكسد منها لتضخه إلي مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ ـ الذي لو تأخر ضخ الدم إليه لثوان معدودة لهلك صاحبه ـ وفي ظل سيادة هذا الاعتقاد نجد أن القرآن الكريم قد تنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة بالتأكيد علي أن للقلب وظائف أخري منها أنه هو الذي يكسب الأعمال خيرها وشرها‏,‏ وهو مكان الاطمئنان والأمن أو الانزعاج والخوف والرعب‏,‏ وهو محل الشهادة أو إنكارها‏,‏ ومحل الخير أو الإثم‏,‏ ومحل الهداية أو الزيغ‏,‏ وهو محل الفهم والفقه‏,‏ أو سوء الفهم واللبس‏,‏ وهو محل الرقة واللين أو القسوة والغلظة‏,‏ وهو محل اليقين أو الريبة‏,‏ والإيمان أو الكفر‏,‏ واليقظة أو الغفلة‏,‏ وهو محل التعقل ووزن الأمور أو تضييعها‏,‏ ومحل البصيرة أو العمي‏,‏ ومحل السلامة أو الحقد‏,‏ ومحل القصد والعمد أو العشوائية والارتجال‏,‏ وهو سبب الانفتاح علي أي من الخير أو الشر أو الانغلاق علي أي منهما‏,‏ وهو محل الخشية والإنابة أو التبجح في المعصية والغي‏,‏ ومحل

التذكر والفطنة أو النسيان والغفلة‏,‏ ومحل المحبة والرحمة والرأفة‏,‏ أو الكراهية والغل والقسوة‏,‏ ومحل الهداية أو الضلال‏,‏ ومحل غير ذلك من الصفات التي تشكل شخصية الإنسان‏,‏ لأن أعمال العبد إما أن تطهر قلبه وتزكيه أو تتجمع عليه كالران الأسود فتطمسه‏.‏

ومن الآيات القرآنية الكريمة ما يشرح ذلك ويؤكده ومنها قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏

‏1‏ ـ‏(‏ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم‏)(‏ البقرة‏:225).‏
‏2‏ ـ‏(‏ وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي‏..)(‏ البقرة‏:260)‏
‏3‏ ـ‏(...‏ ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم‏)(‏ البقرة‏:283)‏
‏4‏ ـ‏(‏ ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد‏)(‏ آل عمران‏:8)‏
‏5‏ ـ‏(‏ سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوي الظالمين‏)(‏ آل عمران‏:151).‏
‏6‏ ـ‏(...‏ وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور‏)(‏ آل عمران‏:154).‏
‏7‏ ـ‏(‏ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون‏)(‏ الأعراف‏:179)‏
‏8‏ ـ‏(‏ إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون‏)(‏ التوبة‏:45)‏
‏9‏ ـ‏(‏ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب‏)(‏ الرعد‏:28).‏
‏10‏ ـ‏(‏ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم‏)(‏ النحل‏:106).‏
‏11‏ ـ‏(..‏ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا‏)(‏ الكهف‏:28)‏
‏12‏ ـ‏(‏ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور‏)(‏ الحج‏:46).‏
‏13‏ ـ‏(‏ يوم لا ينفع مال ولا بنون‏*‏ إلا من أتي الله بقلب سليم‏)(‏ الشعراء‏:89,88)‏
‏14‏ ـ‏(‏ وإنه لتنزيل رب العالمين‏*‏ نزل به الروح الأمين‏*‏ علي قلبك لتكون من المنذرين‏*‏ بلسان عربي مبين‏)(‏ الشعراء‏192:195)‏
‏15‏ ـ‏(..‏ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما‏)(‏ الأحزاب‏:5).‏
‏16‏ ـ‏(‏ أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها‏)(‏ محمد‏:24)‏
‏17‏ ـ‏(..‏ ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون‏)(‏ الحجرات‏:7)‏
‏18‏ ـ‏(‏ هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ‏*‏ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب‏)(‏ ق‏:33,32).‏
‏19‏ ـ‏(‏ إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد‏)(‏ ق‏:37)‏
‏20‏ ـ‏(..‏ وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم‏..)(‏ الحديد‏:27)‏
‏21‏ ـ‏(..‏ ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم‏)(‏ الحشر‏:10).‏
‏22‏ ـ‏(..‏ ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم‏)(‏ التغابن‏:11).‏
‏23‏ ـ‏(‏ كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون‏)(‏ المطففين‏:14)‏

كذلك جاءت لفظة‏(‏ صدر‏)‏ في القرآن الكريم بالإفراد والجمع‏,‏ وبالإسناد إلي عدد من الضمائر بمعني القلب‏(44)‏ مرة‏.‏ وهذه الإشارات كلها تؤكد أن للقلب وظائف عديدة غير مجرد ضخ الدم الفاسد إلي الرئتين ثم استقباله منهما مؤكسدا لضخه إلي مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ‏,‏ وهو ما يشير إليه مجموع الآيات القرآنية الكريمة التي استشهدنا بها آنفا‏,‏ وتؤكده الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال‏.‏

من الدلالات العلمية للآية الكريمة

تدل الآية الكريمة‏(‏ رقم‏46)‏ من سورة الحج‏;‏ علي أن القلب مناط كل من العقل والبصيرة ولذلك قال ـ تعالي ـ‏:(‏ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور‏)(‏ الحج‏:46).‏

وقد أثبتت أحدث دراسات القلب أنه عضو حيوي بشكل هائل وفعال في جسم الإنسان‏,‏ وأنه يعمل علي تواصل دائم مع مخه عبر‏(40,000)‏ خلية عصبية تم اكتشافها مؤخرا فيه وفي الغشاء البريتوني‏(Peritoneum)‏ المحيط به والمعروف باسم الصفاق‏,‏ وأنه يفرز كما من الهرمونات إلي تيار الدم الذي يضخه إلي مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ‏.‏ كذلك ثبت أن المخطط الكهربائي للقلب هو أكبر بمائة ضعف من المخطط الكهربائي للمخ‏.‏ وفي كل نبضة ينبضها القلب يولد طاقة مغناطيسية تفوق الطاقة المغناطيسية للمخ بخمسة آلاف ضعف‏,‏ وبها يتواصل مع المخ ومع باقي أجزاء الجسم‏.‏ فالقلب يتحدث مع المخ‏,‏ وينسق معه جميع أنشطته‏,‏ فكما ينشط المخ بمراكز ذاكرته وحسه بواسطة التغذية الراجعة عبر كل من الشبكات العصبية والدموية‏,‏ فكذلك القلب الذي يعمل كجهاز تخزين للمعلومات عن طريق التغذية الراجعة عبر كل من الأعصاب والدم كما أثبت الدكتور بول برسال في مؤلفه المعنون شيفرة القلب‏(cf.:Paulpersal:TheHeartCode)‏ وقد ثبت بالتجربة أن أحد الأعراض الناتجة عن العمليات الجراحية بالقلب هو فقد شيء من الذاكرة‏,‏ ولذلك استنتج العلماء أن القلب هو مستودع الذكريات‏.‏

والخلايا العصبية التي اكتشفت مؤخرا في القلب تشابه تماما نظائرها في المخ‏,‏ وبذلك أثار أطباء القلب السؤال التالي‏:‏ هل للقلب القدرة علي التفكير والشعور والعاطفة والانفعال وتخزين المعلومات القريبة والبعيدة في ذاكرة تشبه ذاكرة المخ؟

وجاءت إجابة أطباء القلب بكل من جامعة ييل الأمريكية ومعهد هارتمان بولاية كاليفورنيا‏(YaleUniviversityandHartmanInstitute,Ca lifornia))‏ بأن القلب جهاز فائق التعقيد‏,‏ وأن من صور هذا التعقيد وجود جهاز عصبي معقد بالقلب يشبه المخ تماما له ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد وقد اتضح ذلك بجلاء عند نقل قلب من إنسان إلي إنسان آخر فيأخذ القلب المنقول معه من الذكريات والمواهب‏,‏ والعواطف والمشاعر‏,‏ والهوايات‏,‏ والسجايا والتفصيلات الخاصة بالشخص الذي أخذ منه القلب‏,‏ والتي تبدو غريبة كل الغرابة عن صفات الشخص الذي تم نقل القلب إليه‏,JackCopelandandothers,GarySchwartz(YaleUnive rsity),RolynMcCarthy,andrewArmour(HartmanInst..,Ca lifornia).‏

وبذلك ثبت بالملاحظات الدقيقة أن القلب هو أكثر أجزاء الجسم تعقيدا‏,‏ وأكثرها دقة وغموضا‏,‏ وأنه يتحكم في المخ أكثر من تحكم المخ فيه‏,‏ ويرسل إليه من المعلومات أضعاف ما يتلقي منه في علاقة عجيبة بدأت الدراسات الطبية المتقدمة في الكشف عنها‏,‏ ويشبهها أطباء القلب بجهاز إرسال إذاعي بين القلب والمخ يعمل بواسطة عدد من الحقول المغناطيسية التي يصدر أقواها من القلب إلي المخ فيسبق القلب المخ في ردات فعله كل ذلك يثبت سبق القرآن الكريم بالتأكيد علي هذه المعارف التي لم تكتشف إلا في العقدين الحالي والماضي مما يثبت لكل ذي بصيرة أن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ وفي نفس لغة وحيه ـ اللغة العربية ـ وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين بأنه كلام رب العالمين‏,‏ ويبقي شاهدا للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة‏.‏ فالحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي بعثة خير الأنام القائل‏:‏ ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله‏,‏

وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب‏(‏ صحيح الإمام البخاري‏).‏ فصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏,‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس