رد : المثل الشعبي
أَصبُّ من المتمنية
وهي امرأة مدنية وقيل هي الفريعة بنت همام أم الحجاج بن يوسف ، وكان من خبرها أنها عشقت فتى من بني سليم يقال له : نصر بن حجاج ، وكان أحسن اهل زمانه صورة ، فضنيت من حبه حتى لهجت بذكره ، فمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة بباب دارها ، فسمعها تقول رافعة عقيرتها :
ألا سبيل إلى خمر فأشربهـ ـا أم لا سبيل إلى نصر بن حجاج
فقال عمر : من هذه المتمنية ؟ فعرف خبرها ، فلما اصبح استحضر الفتى المتمنَّى ، فلما رآى جماله ، قال له : أأنت الذي تتمناك الغواني في خدورهن ؟ لا امَّ لك ! أما والله لأزيلن عنك رداء الجمال ، ثم دعا بحجَّام فحلق جمّته ، ثم تأمله فقال له : انت محلوقاً احسن ، فقال : وأي ذنب لي في ذلك ؟ فقال : صدقت ، الذنب لي أن تركتك في دار الهجرة ، ثم أركبه جملاً وسيَّره إلى البصرة ، وكتب إلى مجاشع ابن مسعود االسلمي : أني قد سيَّرت المتمنى نصر بن حجاج إلى البصرة ، فاستلب نساء المدينة لفظة عمر فضربن بها المثل وقلن أصبُّ من المتمنية ، ثم أن نصراً لما ورد البصرة أنزله مجاشع السلمي منزله من أجل قرابته ، وأخدمه امرأته شميلة ، وكانت أجمل اهل البصرة ، فعلقته وعلقها ، وخفى على كل واحد منهما خبر الآخر ، لملازمة مجاشع لضيفه ، وكان مجاشع أمياً ونصر وشميلة كاتبين ، فعيل صبر نصر فكتب على الأرض بحضرة مجاشع : أني قد أحببتك حباً لو كان فوقك لأظللك ، ولو كان تحتك لأقللك ، فكتبت تحته غير محتشمة : وأنا ، فأرتاب مجاشع منهما ، فدعا بغلام من الكتَّاب ، فقرأ عليه ، فالتفت إلى نصر فقال له : يابن عم ما سيَّرك عمر من خير فقم ، فإن وراءك اوسع ، فنهض مستحياً ، ثم عمد إلى امرأته فطلقها ، فخرج نصر وعدل إلى منزل بعض السّلميين ، ووقع لجنبه فضنى من حب شميلة ، فلم يزل يترددد في علته حتى مات فيها .
|