عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2008   رقم المشاركة : ( 56 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد : الأخبار الإقتصادية ليوم الثلاثـاء 27 محـرم 1429 هـ 5 فبراير 2008

الغلاء ليس ظاهرة محلية.. بل أحد أورام الاقتصاد العالمي وسياسة الدعم إلى أين ستأخذنا؟
- د. ناصر عثمان الصالح - 28/01/1429هـ
كثر الحديث وتتالت الكتابات والمقابلات والتحقيقات والأخبار عن الغلاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية. جادل وحاور المعنيون في هذا الأمر ومنهم تجار وموزعون ومستوردون وموظفون، جميعهم يلومون غيرهم، وزارة التجارة تفضل... لا تعليق.
الأجدر أن توضع النقاط على الحروف. ويقال للجمهور الحقيقة إن الغلاء ظاهرة عالمية، ليست محلية وليست من صنعنا. الغلاء أحد أورام الاقتصاد العالمي المعاصر، وعنه ومنه ينمو التضخم، وتتسع رقعة الفقر.
دولتنا لا تلام على هذه الظاهرة، ليست سبباً ولامسبباً لها. عولمة التجارة والمعلومات جعلت من المحاصيل وتقلباتها ومن ثم أسعارها وظروف إنتاجها أمراً كما يهمنا، يهم كذلك أرقاع العالم الأخرى. أسعار المحاصيل صارت بورصة عالمية يحكمها ويتحكم فيها قانون العرض والطلب. العرض في يومنا (لمحدوديته) هو المتحكم. الاكتفاء الذاتي صار فعلا ماضٍيا. دول العالم تنحو إلى التخصص حسب ميزاته المضافة، هناك المنتج والمصنِع والمستهلك. تقوقع الدول انتهى والتداخل في المصالح صار هو الحال.
توفير الغذاء للمواطن كماً ونوعاً وسعراً كان ومازال سياسة سعودية منذ عهد موحد الجزيرة عبد العزيز، رحمه الله. كان الدعم آنذاك فعالاً، فالسكان في ذلك الوقت محدودو التعداد وكذلك احتياجاتهم كانت محدودة. حال اليوم غير ذاك الزمان. تعدادنا أضعاف ما كنا عليه، لدينا من المقيمين ما تعداده بالملايين مما يفوق سكان المملكة في الخمسينيات. تعدادنا يطارح رقم الثلاثين مليوناً وسنصله بسلام عن قريب.
امتطاء سياسة دعم المستورد لكبح الغلاء في ظروف عصرنا الحالي سيكون طريقاً وعراً وثقيلاً على ميزانيتنا السنوية مقابل عائد قد يكون ضرره أكبر من نفعه. لأن إعانة من هذا النوع يدمن عليها المستهلك والمورِّد كحق من حقوقهم وتوقفها يؤدي عادة إلى انتكاسات ضارة. آن الأوان لمراجعة سياسة الدعم وتقييمها بتجرد. ليس من الصالح تغليف أسعار غذائنا بإعانة تعزله عن مؤثرات الاقتصاد الإقليمي والعالمي. الغلاء ليس ظاهرة مؤقتة وسيكون بيننا اليوم وغداً لأن عدد الخليقة في ازدياد مستمر، وقوتهم الشرائية أعلى مما كانت عليه. جزء كبير من مليارات السكان في الهند والصين تحسنت قدرتهم الشرائية، مما زادتهم نهماً وشراهة للغذاء الذي كانوا يصدرونه بل صاروا مستوردين له. إنها أفواه جديدة وقادرة وشرهة للغذاء الذي لم يكن لهم في الماضي. الإعانة تعزل اقتصادنا عن واقع الاقتصاد العالمي وبدونها سوف نتأقلم ونتعلم الترشيد والسيطرة على ميزانيتنا العائلية. سنشتري ليس ما نريد وإنما ما نحتاج إليه. سنتعلم إبقاء الفائض لوجبة الغد.
إن وتيرة مجتمعنا في هدر وتبذير الغذاء أمر نراه كل يوم، ولامس حدوداً لا يرضاها الله ولا خلقه. نأكل بعيوننا وليس لبطوننا. نستعرض الأكل ولا نأكله، الفائض على موائدنا أكثر من المأكول.. لو تدبرنا أمرنا سنصاب بعقده ذنب وعلينا أن نخشى العقوبة. مناسباتنا، حفلاتنا، أفراحنا، أتراحنا كلها أطنان من الرز واللحم المعان. نأكل منها ولا نأكلها، نستعرض الصحون التي لا يؤكل ما فيها. صارت الموائد نوعا من المفاخرة...! هل علينا إعانة هذا السلوك...!؟
إعانة المستورد من الغذاء لا ولن يلجم الغلاء. إذا أضفنا الإعانات الأخرى كالشعير المشكوك في فائدته فسننتهي بفاتورة محرجة لدخلنا القومي. فوائد هذه الإعانات لا تذهب إلا للمحتاج بل في معظمها تذهب إلى المورد والمنشأ. عيب هذه الإعانة إنها تعم ولا تخص. غالبيتها لاتذهب للمستهدف مثل ذوي الدخل المحدود وأدنى. بل تذهب إلى من لا يحتاج إليها أو من لا يستحقها مثل ذوي الدخول القادرة والمقيمين والمؤسسات والفنادق وما شاكلهم ممن لم تستهدفهم هذه الإعانة. الاقتصاديات المتقدمة تتجنب هذا النوع من الإعانات ليتأقلم مواطنوها مع الواقع. فمثلاً بالرغم من أهمية البترول لهم فإنهم لا يعينونه، بل يحملونه من الضرائب والأرباح مايزيد أضعافاً على التكلفة. شعوبهم تتقبل هذا الوضع وتعمل على التأقلم والترشيد والبحث عن البدائل. أعتقد أن مواطنينا متى ما فهموا هذا الواقع فلديهم القدرة على مساعدة دولتهم على التأقلم كغيرهم من شعوب الأرض.
الغلاء غول الاقتصاد المعاصر، سنصاحبه وسيصاحبنا اليوم وغداً. كبح الغلاء وتحجيمه لايتأتى إلا بالتأقلم معه. إن ترشيد الاستهلاك يعني تخفيض كمية الشراء وهذا يؤدي إلى تخفيض القيمة. تخفيض القيمة الكلية تساوي في القيمة تخفيض السعر. الأسعار سترتفع من سنة إلى أخرى. وستكون سوق الغذاء لمن يدفع أكثر. المنتجون في آسيا وجنوب أمريكا يعون هذه الحقائق وسوف تزيد من أسعار محاصيلها. هناك مستوردون غيرنا وأكثر منا أفواهاً والبعض أقدر منا مالاً.
محاولة السيطرة على الغلاء بآلية الإعانة معركة فاشلة، إنها كمن يسابق ظله، الإعانة ما هي إلا مسكن ينتهي مفعولة بانتهاء السنة. ومحاولة السيطرة على الأسعار بمراقبتها هو أسلوب بيروقراطي فاشل عفا عليه الزمن. لم يكن فعالاً أمام الغلاء في الماضي، حاوله القطاع العام الاشتراكي والشيوعي وأدى إلى كوارثهم الاقتصادية. الاقتصاد الحر لا يتقبل هذا التدخل إلا في حالات الاحتكار وما شابهه. إذا كانت الإعانة ومراقبة الأسعار غير فاعلتين مع الغلاء فما هو الحل...؟
الحل يتركز في مساعدة وإعانة المحتاجين من مواطنينا من ذوي الدخل المحدود وأدنى والمؤسسات التي تخدمهم. وهذا يمكن أن يتحقق عن طريق البطاقة التموينية التي حان الوقت لدراستها وتصميمها وتحديد المعايير لمن يستحقها. البقية من مواطنين ومقيمين عليهم التأقلم وممارسة الترشيد في استهلاكهم وإدارة ميزانيتهم بتعقل.
يجب ألا ننسى أن الدولة أدامها الله تساهم كثيراً في تخفيف وطأة ارتفاع الأسعار، فلا رسوم ولا ضرائب على المستورد والوقود معان والمنافسة مفتوحة على مصراعيها للاستيراد.. وهذا في حد ذاته إعانة كبيرة.
هناك آفاق مستقبلية وعديدة لتحسين الأمور على المدى المتوسط والبعيد عندما تقوم مؤسسات الدولة بإعانة إنشاء البنى الأساسية لتخزين وتعبئة المواد الغذائية المستوردة ودراسة إمكانية طرح مفهوم جديد وواسع لصوامع الغلال الإقليمية الذي يشجع زراعة القمح في سهول إقليم الشرق الأوسط والسودان، أي أن الإقليم سيتعاون مالياً وزراعياً لإنتاج القمح بكميات كبيرة لسد حاجة الدول. هذا سيوفر أفقاً أمنياً غذائياً واعداً بمعنى أن يزرع الإقليم بتمويل مشترك
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس