رد : الأخبار الإقتصادية ليوم الاربعـاء 28 محـرم 1429 هـ 6 فبراير 2008
المرأة اليوم وليس غداً
مساعد الخميس الحياة - 06/02/08//
بعيداً عن المزايدة على حق المرأة، أو تحويل الموضوع ليبدو وكأنه نتاج صراع قائم أو أزمة عامة ملحة تستوجب البت اليوم وليس غداً، كما يحلو للبعض تضخيمها كـ «قضية» خاصة عبر وسائل الإعلام المرئية، التي تنمو فيها النرجسيات إلى حد المرض، فإن القرار الأخير الصادر بشأن السماح للمرأة بالسكن في الفنادق من دون محرم يُعد واحداً من ضمن حزمة مهمة من القرارات المجتمعية التي صدرت في بدايات العام 2008، يعكس مدى الحاجة الملحة في السابق لإيجاد قرار مثل هذا، خصوصاً أن الآثار السلبية الناتجة عن غيابه ربما كانت أكبر بكثير من المآخذ أو التحفظات التي يطلقها البعض حوله، لقد رفع القرار الكثير من الأعباء عن كاهل المرأة، وتحديداً تلك التي تتعرض لظروف تضطرها إلى الانتقال سريعاً وعاجلاً من مدينة لأخرى، كالظروف التعليمية أو الصحية أو الوظيفية أو حتى الاجتماعية الخاصة بها، كنشوب خلاف حاد بين المرأة وبين وزوجها، يضطرها إلى مغادرة المنزل أو البيت، وهي تقطن في مدينة وذووها في مدينة أخرى.
بالتأكيد هناك بعض النقاط التي يتخوف البعض من وجودها حول استغلال القرار من ضعاف النفوس وتوظيفه بطريقة خاطئة، وهو أمر وارد، فنحن في الأخير مجرد بشر لا نحيا بصورة ملائكية بعيدة عن إمكان الوقوع في الإثم، لكن القاعدة في الأمر، وهو ما استندت إليه الدراسات المستفيضة حوله قبل إصداره من المسؤولين، أن الحاجة تستوجب وجوده، الإشكالية التي هنا تتجاوز القرار كقرار إلى آلية التعاطي معه، ومحاولة إسقاطه على مواضيع أخرى، يسعى البعض إلى التعجل في البت بشأنها، كقيادة المرأة السيارة وما شابهها من قضايا، يحولها الطارحون لها، من دون أن يدورون، إلى مجرد سفسطة أو جدل يثار فقط من أجل الجدل، أو من أجل الإثارة أو من أجل فتح نافذة يستطيعون من خلالها اختراق النسيج العام لمجتمعنا، بغية إحداث نوع من الهزة السلبية لهذا المجتمع، مغيبين حقيقة مهمة، تتمثل في الدورة الطبيعية للنمو والتغيير، حتى يمكن قبول أو رفض أمر ما مستحدث وجديد.
المرأة لدينا وعلى عكس ما تروج كثير من الوسائل الإعلامية الخارجية لصورة مغلوطة عنها، أو عن مجتمعنا بشكل عام لديها من الحقوق الممنوحة، وهي حقيقة لابد من استحضارها حال التطرق للحديث عن المرأة، ربما ما يفوق ويتعدى بكثير نظيراتها في المجتمعات الأخرى، التي ترفع شعارات يمكن حصرها في التعبير القديم «الظاهرة الصوتية»، ولا أريد هنا الإشارة إلى مجتمعات بعينها، منعاً لاتهامنا باتساع الـ «فجوة ثقافية» بيننا وبينها، لكن المؤكد أنه إذا ما تم فتح ملف المرأة لدى هذه المجتمعات، فإننا سنكتشف، وبسهولة ومن دون أدنى محاولة للاصطياد، كما يفعلون، كم الكوارث التي تتعرض لها تحت سمع وبصر كثير من المسؤولين، بل حتى تحت سمع وبصر المواطنين أنفسهم، أو النظام الاجتماعي العام لها، ومن سنحت له الفرصة للسفر والتجوال في الخارج، ربما اكتشف وتلمس هذه الصورة عن قرب، إن لم يكن عايشها كشاهد عليها.
إن القرار الأخير منح مساحة هائلة وكبيرة للمرأة لإضافة المزيد من الثقة بها، وبقدرتها على تحمل المسؤولية، وإمكاناتها في الاحتكاك بدائرة أكبر من دون الحاجة لوجود عامل، يبدو غالباً أنه هو الذي يتحدث باسمها، المرأة في كل الأحوال تتمتع بالحقوق التي أقرها الشرع، وإن كان ثمة اختلاف حولها فهو فقط في آلية التطبيق وليس في إثبات أو نفي هذه الحقوق.
لقد كان لي شرف طرح هذا الموضوع قبل أشهر عدة، وعبر هذه الزاوية في صحيفة «الحياة»، حينما تساءلت عن مدى إمكان تحرك المرأة وسكنها في الفنادق الخاضعة لرقابة الأجهزة المعنية، من دون الحاجة لوجود محرم معها، وعلى رغم أن بعض الرسائل التي وصلتني وقتها على الإيميل شابها كثير من العتب، إلا أن كثيراً من الرسائل التي وصلتني أيضاً كانت تحمل جانب التأييد في ما طرحته، وما بين العتب والتأييد يبقى المجتمع لدينا يمضي بهدوء وبعمق لوضع حلول لمعضلات، البعض يحاول إلباسها وهماً لباساً غير ما هي عليه حقيقة.
|