رد : ألاخبار الاقتصاديه ليوم الثلاثاء الموافق12/2/1429هـــ
حديث الاقتصاد
حساب التكاليف والمنافع في الإجراءات الجمركية
د. عبدالعزيز حمد العويشق
أسعدتني ظروف العمل خلال الأشهر القليلة الماضية بالتنقل براً بين عدد من دول مجلس التعاون، والحق أنها متعة لا تعوض، فخلال غربة امتدت نحو ربع قرن في الولايات المتحدة كنت كثيراً ما أشتاق إلى السفر براً للتنقل بين دول الخليج. وتأتي المتعة من المناظر التي ليس لها مثيل في العالم سواء في الصحراء المترامية التي تشقها الطرق البرية، أو في البحر حيث الشواطئ البكر والحياة البحرية الغنية. وتأتي أيضاً من الحديث مع رفاق السفر ومن يسعفني الحظ بمقابلتهم من جميع طبقات المجتمع، من الرعاة وسائقي الشاحنات إلى رجال الأعمال وكبار المسؤولين.
إلا أن متعة السفر هذه يشوبها طول الإجراءات على المراكز البينية، وكآبة تلك المراكز، وضعف تجهيزاتها الفنية، ورداءة الطرق البرية، وانحطاط مستوى الخدمات في المحطات القليلة الموجودة على امتدادها.
وسأركز اليوم على طول الإجراءات وما يسببه من تكاليف اقتصادية باهظة، تسهم بلا شك في رفع الأسعار وفي تخفيض كفاءة الاقتصاد.
يتبع الاقتصاديون اسلوب "تحليل التكاليف والمنافع" أو "Cost-Benefit Analysis" كأساس لقرارات بناء أو توسعة منشآت البنية التحتية مثل الطرق والسدود والجسور، فإذا فاقت المنافع التكاليف كان القرار إيجابياً بالمضي قدماً في المشروع، والعكس صحيح. وفي بدايات هذا الفن في الأربعينات من القرن الماضي كانت القياسات بدائية حيث تم التركيز على ما كان يمكن قياسه في ذلك الوقت من المنافع والتكاليف. وبمرور الزمن أمكن إدخال عدد من المتغيرات مثل التأثير البيئي والاجتماعي والصحي وغيرها.
ويُتبع الاسلوب نفسه لقياس تبعات اتخاذ قرار معين مثل إضافة وثيقة جديدة تُطلب تعبئتها من قبل المواطنين، أو إضافة إجراء معين يهدف إلى التأكد من دفع الضرائب مثلاً. وكمثال على ذلك يتطلب قانون ضريبة الدخل الأمريكي أن تقوم مصلحة الضرائب بقياس الوقت الذي يتطلبه تعبئة نموذج معين قبل إقراره من الكونجرس، لأخذ ذلك بعين الاعتبار، ويؤدي هذا إلى أن تسعى مصلحة الضرائب إلى تبسيط الإجراءات واقتصارها على الضروروي منها. وبالمثل فإن مصلحة الضرائب تقيس الفوائد المتوقعة من إجراء تدقيق على مواطن معين مقابل الجهد المبذول، وتقرر بناء على ذلك ما إذا كان من المناسب اتخاذ مثل ذلك الإجراء.
وأشك كثيراً بأن أسلوب تحليل المنافع والتكاليف قد اتبع في إقرار الإجراءات الجمركية التي تتبعها المنافذ البينية للتأكد من دفع الرسوم الجمركية أو التأكد من بعض المخالفات المتعلقة بالمواصفات، إذ إنني على ثقة بأنه لو اتُّبع هذا الأسلوب لاختزلنا كثيراً من تلك الإجراءت حفاظا على أوقات المسافرين من جهة وتوفيراً لتكاليف الشحن التي تنعكس على أسعار السلع التي تتعرض للتأخير على المراكز الحدودية. وسأوضح تفاصيل ذلك في الأسبوع القادم إن شاء الله تطبيقاً على جسر الملك فهد على وجه الخصوص.
|