أبرز في كلمته الافتتاحية إصلاحات المملكة للتطور والتنمية
وزير التجارة: التخوف من الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي مبالغة
سلوى المدني (جدة)
أكد الدكتور هاشم بن عبدالله يماني وزير التجارة والصناعة ان منتدى جدة الاقتصادي احرز شهرة عالمية كمنبر لتبادل الآراء بين صفوة من رجالات الاقتصاد والمال والاعمال المرموقين ومن السمات المميزة لمدينة جدة التي تزخر بالنشاط الاقتصادي والمالي والتجاري والسياحي منذ قرون باعتبارها البوابة التاريخية الى مكة المكرمة حيث بيت الله الحرام. وقال في كلمته خلال افتتاح المنتدى سعدت بالمحاور الخاصة ووجدت ان احد محاوره عنوانه “من البيت الى العالم” ما يشير الى مكة المكرمة حيث الكعبة المشرفة البيت الحرام الذي يجله كل المسلمين وهي قبلتهم في كل مكان ورمز وحدتهم وهذا الرمز لا ينافي بالطبع حقيقة ان غير المسلمين لديهم رموزهم وحضاراتهم وثقافاتهم وهوياتهم ودياناتهم التي يؤمنون بها لذلك فإن الاعتراف بالغير لم يكن امرا حديث عهد بالنسبة الينا.
لقد اثبت التاريخ ان الحضارة الانسانية تزدهر بالتعاون والحوار وابرز مثال على ذلك الفترة التي حمل فيها المسلمون مسؤولية رعاية الحضارة الانسانية في هذه الفترة التي اتسمت بأنها كانت فترة طويلة شهدت نقلات نوعية وكمية في العلوم التقنية والآداب والفنون كما شهدت تسهيلات كبيرة في نقل هذه المنجزات للامم الاخرى في بيئة حرة ومشجعة وغير تمييزية ادت بصورة اساسية الى وصول الحضارة الانسانية الى ما وصلت اليه الآن فلتفرح هذه الامة بتاريخ مشرف وهي تتطلع الى مشاركة فاعلة في النظام العالمي تأثرا وتأثيرا فهي تعي ان ما يحقق الاستقرار والتقدم يتمثل في التعاون المبني على التقاسم العادل للمنافع والمكاسب باعتبار البشرية كيانا مرتبط الاجزاء في نفس الوقت تعي ان سباق الحضارات سباق مستمر والرابح فيه هو الذي يسعى بكفاءة وفعالية وصبر اكثر كي يحرز مرتبة الاتقان والاحسان وهي اعلى مراتب الاداء فضلا عن تحقيق التفوق النوعي الاصلاحات التنظيمية.
والمملكة بحمد الله تبذل كل جهد كي تحرز مركزا متقدما في هذا السياق من خلال استراتيجيات الاصلاح الاقتصادي بهدف تحقق التنمية المستدامة على المدى الطويل ولكي نصل في سنوات قليلة ان شاء الله وباعتراف الآخرين الى مصاف دول العالم الاول وذلك بتحقيق مؤشرات الاداء المتعارف عليها دوليا.
وابان يماني ان جهود المملكة في الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي انطلاقا من البيت الى العالم موضحا ان المملكة تبنت مسار الاصلاح الداخلي كمتطلب مسبق لتعزيز جهود هذا الاندماج.
وعليه فقد تيقنت المملكة انه من الضروري ادخال عدد من الاصلاحات النظامية والتنظيمية والاجرائية للسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الاهداف المرجوة.
فشملت الاصلاحات النظامية الادارية وكان النصيب الاكبر منها الانظمة ذات العلاقة بالقضاء والتجارة والاستثمار فقد جرى اصدار العديد من الانظمة منها نظام القضاء ونظام المرافعات الشرعية ونظام المحاماة ونظام الاجراءات الجزائية ونظام استثمار رأس المال الأجنبي ونظام العلامات التجارية ونظام براءات الاختراع ونظام المنافسة كما ان هناك العديد من الانظمة تجري حاليا دراستها وفي طريقها الى الصدور.
واضاف: اما في ما يتعلق بالاصلاحات التنظيمية فقد بادرت المملكة الى اعادة هيكلة التنظيمات الادارية وكان من نتائجها الغاء بعض الاجهزة الحكومية ودمج البعض الآخر وانشاء اجهزة حكومية تتطلبها هذه المرحلة لدفع عملية الانفتاح الاقتصادي الى الامام ومن ذلك انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى الهيئة العامة للاستثمار، هيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج، هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، مجلس حماية المنافسة، هيئة تنمية الصادرات السعودية.
وهذان النوعان من الاصلاحات كانا عصب الاصلاحات الداخلية، اما على مستوى الاصلاحات الاجرائية، فقد قامت المملكة بتسخير امكانياتها المختلفة ومن خلال ثقلها السياسي للانضمام الى منظمة التجارة العالمية كما سعت الى دعم التعاون التجاري والاستثماري الثنائي مع العديد من الدول وخلق ثقة متبادلة معها وقد أدى ذلك الى توقيع العديد من الاتفاقيات في مجال تفادي الازدواج الضريبي وحماية الاستثمارات. ونظرا لما للتكتلات الاقتصادية من اهمية في الاقتصاد الوطني فقد لعبت المملكة دورا بارزا في الدخول في شراكة مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واثمرت الجهود المشتركة الى الوصول الى السوق الخليجية المشتركة، كما كان للمملكة اسهامات كبيرة في دخول الدول العربية في اتفاقية التجارة الحرة. كما تسعى المملكة ودول مجلس التعاون الى انهاء المفاوضات المتعلقة باتفاقية التجارة الحرة مع كل من الاتحاد الاوروبي والهند وتم التوقيع مؤخرا على الاتفاقية بين دول المجلس وسنغافورة كما ان دول مجلس التعاون تجري مباحثات مع عدة دول واتحادات اقتصادية بهدف ابرام اتفاقيات تجارة حرة ومن بينها اليابان، كوريا الجنوبية، نيوزيلندا، استراليا، تايلاند، ودول امريكا الجنوبية (مريكسور).
شراكات استراتيجية
وفي سبيل تحقيق المملكة لسياسة الانفتاح والاندماج مع الاقتصاد العالمي فقد دخلت المملكة في شراكة استراتيجية مع شركات عالمية كبرى ساهمت في نقل التقنية الى المملكة كما ساهمت في فتح اسواق خارجية لمنتجات هذه الشركات، فضلا عن ان هذه الشراكات اسهمت في زيادة الناتج المحلي الاجمالي ووفرت فرص عمل اضافية.
واوضح الوزير انه على الرغم من الاجماع على اهمية وفائدة الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي، الا ان البعض (خاصة شعوب الدول النامية) يتخوف من ذوبان الهوية الثقافية الوطنية، كما ان البعض يتخوف من فرض قيم الاقتصاديات المتقدمة على الاقتصاديات النامية، وفي تقديري ان هذا التخوف مبالغ فيه حيث انه رغم ان هذه الاختلافات التي تتميز بها اقتصاديات الدول تبدو ظاهرة سلبية وتتعصب بعض الشعوب حيالها، لكن هذه الاختلافات في الواقع تعكس تنوعا يسهم في اثراء الحضارة الانسانية اذا ما تمت معالجتها في اطار اقامة علاقات تعاون وترابط بين مختلف الحضارات والثقافات، في ظل اقامة علاقات تعاون وترابط بين مختلف الحضارات والثقافات، في ظل وجود قيم ومبادئ يتبناها الجميع وارضية مشتركة يمكن ان تكون اساسا للتعاون الدولي البناء الذي يحقق الأمن والاستقرار والازدهار في العالم أجمع وهذا ما تطبقه المملكة فعلا.
لا للعزلة
وقال الوزير انه منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله والمملكة حاضرة في الحياة الدولية في اطار ايمانها بأن العزلة لن تأتي بالتقدم وان ترسيخ التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والانمائي مع العالم الخارجي يحقق الاستقرار والأمن المنشودين ويمهد الطريق لتحقيق التقدم والرقي. لذلك فإن المملكة كانت من الدول المؤسسة لهيئة الامم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة الأوبك وغيرها من الكيانات الدولية والعربية والاسلامية والاقليمية كما انها أقامت علاقات دبلوماسية وثيقة مع اغلب دول العالم ايا كانت ايديولوجياتها وكانت من اهمها المدافعين عن السلم والأمن الدوليين والمساهمين في نشرهما وهذه الرسالة هي نفسها التي انطلقت من البيت تقوم المملكة -عودا على بدء- بنشرها عن طريق التفاعل الايجابي تأثرا وتأثيرا في النظام الاقتصادي العالمي.