[اليزيدي]

لابد من تحليل عميق لهذه الظاهرة التي لاشك أنها وليدة وربيبة توجه بشري بل من صلب توجهات البشر منذ أن شب هابيل وقابيل وبدأ الصراع على الرغبات والمصالح والتطلعات ... وحين نتحدث عن بلال وأبي بكر وعمر وعكرمة وعبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة وسليمان الفارسي وعبد الله بن سلام رضي الله عنهم وأرضاهم كان لابد قبل ذلك من وقفة في المنهج التربوي للرسول صلى الله عليه وسلم حيث جمع عليه الصلاة والسلام صحابته حول مبادئ سامية ومفاهيم رفيعة قولا وفعلا لم تكن للمصالح الدنيوية فيها القدح المعلى ولأجل ذلك زال التعصب العائلي والعرقي والقبلي بينهم ثم شمل ذلك كافة الصحابة رضي الله عنهم بعد أن تقاطر أبناء القبائل العربية وغير العربية إلى المدينة المنورة من كل حدب وصوب ... وأصبح الجميع ينعم تحت مبدأ أن المسلم أخ المسلم ... زأن المسلمين كالبيان المرصوص إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ...... والإنسان العادي منذ نعومة أظفاره (وهو على نفسه بصيرا) يكون في معظم الأجيان أسيرا لمقتضيات حياته وظروفها ومتطلباتها من مأكل وملبس ومسكن وحماية وأمن .. وللأسف أصبح الإنسان في وقتنا الحاضر لا يجد ذلك إلا تحت ظلال أسرته أولا ثم عائلته ثانيا وعشيرته وقبيلته ثالثا ورابعا ..... فلماذا لا يمجد هذا الإنسان مصدر أمنه ومقصده لرفع الضيم عن نفسه وعياله إذا وقع به مكروه أو اعتداء؟ الإنسان كائن معقد التركيب لا يمكن معالجته وفق آلية ميكانيكية صناعية فهو ليس من صنع بشر بل هو من صنع البارئ المصور الواحد الأحد الذي لا يرقى لمثله شئ .. وعليه إذا أردنا إصلاح الإنسان (والمجتمع بالضرورة) فعلينا إصلاح الظروف التي تحيط به ويعيش فيها .. وعلينا أن نجعله قولا وعملا يدرك أنه لا حاجة له أن يسعى لتوسيط وجهاء قبيلته لرفع ضيم أصابه أو لحل مشاكله المعيشية أو الحصول على وظيفة ومسكن وقرض ,ووووووو .. إلى آخر ما يسعى إليه البشر وهم مستلقون في ديارهم أو راجلين أو راكبين منتشرين في الأرض .. عدا ذلك فستظل القبيلة هي الحضن الدافئ والملاذ المنيع الذي يلجأ إليه الإنسان ويمجده ويرفع من شأنه ويحافظ عليه ويتعصب له .