رد : الأخبار الإقتصادية ليوم الاثنين2/ 3/ 1429 هـ الموافق 10/ 3 / 2008 م
المقال
شاعر أو لاعب أفضل من مبتكر..؟
د. محمد بن عبدالله العجلان
يقام في هذه الأيام معرض ابتكار الذي تنظمه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة" تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، ويهدف المعرض إلى إبراز المقدرة الوطنية في الابتكار والاختراع والإبداع وإشاعة ثقافة الاختراع والابتكار والتأكيد على أهمية دور وسائل الإعلام في نشر هذه الثقافة.
ومن هذا المنطلق كان لي وقفة، وهي انه للأسف ومع أهمية هذا الحدث إلا أن الإعلام والقطاع الخاص والأفراد وبعض المؤسسات الحكومية تتجاهل أهمية تلك الأحداث بالرغم من أننا في المملكة وفي العالم العربي بشكل عام في حاجة ماسة لتلك المعارض لنشحذ همم من لديه همة لإحداث نقلة نوعية في طريقة تفكيرنا.
عندما يلقي شاعر قصيدة جميلة فإن مسامع الكثير تشجو لتلك القصيدة ويصبح هذا الشاعر رمزا للكثير ويصبح معشوق الجماهير ويتم تناقل القصيدة عبر أجهزة الجوال بشكل مبالغ فيه حتى أن الأطفال ومن لا يعرف الشعر يسمعونها بشكل دائم. عندما يبرز لاعب أو رياضي فإن الجميع يعرف هذا اللاعب وشهرته وأهدافه وتاريخه ويقوم الإعلام بتلميعه بشكل مبالغ فيه ويتم تكريمه عندما يودع الملاعب وتدفع الملايين من أجل ذلك، ولكن عندما يبرز مخترع أو تبرز موهبة في المجالات العلمية المختلفة فإن تلك الموهبة تدفن قبل مولدها من قبل الغالبية، وهذا هو الفرق بيننا وبين العالم الغربي، ولكن أين تكمن المشكلة وما الحل؟.
المشكلة تكمن في ثقافتنا وفي طريقة تفكيرنا السلبية والتي تفترض أننا أقل من الآخرين وهذا ليس بصحيح، المشكلة تكمن في عدم الاهتمام من قبل متخذي القرار بشأن الابتكار، المشكلة تكمن في الإعلام المرئي المنسجم تماما مع حفلات الطرب وكرة القدم والشعر وغرز ثقافة الراحة والرفاهية لمشاهدة التلفاز، وننسى أو نتناسى أن المواهب والابتكارات هي من أوصلت العالم الغربي إلى ما وصل إليه وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، يقول هنري فورد: Business that makes nothing but only money is poor kind of business ومفاد قوله أن الشركات والمؤسسات التي لا تضيف أي قيمة للمجتمع ولا تساهم بمنتجات وخدمات تفيد البشرية هي شركات متواضعة حتى وإن حققت الملايين من الأرباح، هذه المقولة للشركات والمؤسسات الهادفة للربح فماذا عن المؤسسات الحكومية والإعلام وغيرهما الكثير.
إن الابتكار هو الطريق الموصل للقمة، شركة Google على سبيل المثال لم يكن احد قد سمع عنها في بداية 2000م ولكنها بالقيام بابتكار أذهل العالم وسهل للكثير الحصول على أي معلومة في أجزاء من الثانية في عالم يحترم ويقدر قيمة الوقت، إن الابتكار في السلع والخدمات لا تقدم فقط الربحية لملاكها فقط بل يتعدى ذلك إلى التأثير في المجتمع وتغير حياة الكثير من الأفراد، ويكون اسم السلعة والخدمة مرادف للمنتج مثل ما حصل مع Xerox احد اكبر الشركات العالمية في مجال أجهزة الفاكس وماكينة التصوير وغيرها من الأجهزة المكتبية.
نحن لا نتحامل على الشعر والشعراء بل على العكس فإننا نتذوق الشعر ونستمع لبعضه، ولا نتحامل على الرياضة والرياضيين فأنا أشاهد البعض منها، ولكن نرفض المبالغة في ذلك وإلهاء الصغير والكبير فيما لا ينفع المجتمع بشيء، وأذكر في أحد الأيام أن شاباً سعودياً موهوباً زارني في المكتب ويستعرض بعض مخترعاته المميزة والتي تتعلق بكيفية حفظ المياه من التسرب في المنازل وبعض المبتكرات الكهربائية الفريدة والتي حصل على براءة اخترع من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وتم تسجيلها عالميا وكان يشكو من تجاهل الإعلام والقطاع الخاص لتلك الاختراعات وقال بالحرف الواحد لو كنت شاعرا أو لاعب كرة قدم لكان وضعي أفضل من الآن.
الخلاصة هو أننا بحاجة إلى تغير ثقافة المجتمع من خلال إبراز أهمية الموهبة وتنميتها بما يعود بالنفع على المجتمع والوطن وتعزيز ذلك بالدعم المعنوي أولاً والمادي ثانياً وجعل الجميع يسلك هذا المسار وهذا يمر من خلال الجامعات والمؤسسات البحثية الحكومية والخاصة، فلا يوجد لدي أدنى شك أن لدينا من المهارات والمواهب ما لله بها عليم ولكن ينقصنا معرفة كيفية استثمارها بشكل جيد وفتح المجال والمشاركة والتحفيز بشتى أنواعه، عندها سنجيب على عنوان المقالة بأن نختار المبتكر أو المخترع.
@ رجل أعمال وأستاذ الإدارة والاقتصاد وعضو جمعية الاقتصاد السعودية
|