رد : الأخبار الإقتصادية ليوم الاثنين9/ 3/ 1429 هـ الموافق 17/ 3 / 2008 م
حديث الاقتصاد
دور الثقة في النظام المصرفي
د. عبدالعزيز حمد العويشق
في يوم الجمعة 14مارس أقر المصرف المركزي الأمريكي خطة لانقاذ بنك الاستثمار العريق Bear Stearns من الانهيار نتيجة عجزه عن دفع مستحقات عملائه الذين طلبوا سحب ودائعهم بعد انتشار شائعات عن الصعوبات التي يواجهها البنك نتيجة تعرضه لأزمة الرهون العقارية المتعثرة، مما دفع عدداً كبيراً من عملائه إلى تسييل ودائعهم.
وأحد الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه الحادثة يتعلق بأهمية الثقة في استقرار النظام المصرفي، فالشائعات بضعف البنك أثرت نفسياً في عملائه على الرغم من شهرة البنك وتاريخه الذي يبلغ خمسة وثمانين عاماً. ومما هز ثقة العملاء أن الرئيس التنفيذي للبنك آلان شوارتز نفى الأسبوع الماضي وجود أي أزمة، على الرغم من معرفة الجميع بوجود صعوبات لدى البنك منذ الصيف الماضي حين تعرضت صناديق التحوط hedge funds التي يديرها إلى صعوبات نتيجة تعرضها لأزمة الرهون العقارية.
وحالما تبين عدم دقة تصريحات رئيس البنك، أصاب العملاء هلع من أن مشاكل البنك أكبر مما هي عليه، واندفعوا في تسابق مخيف إلى تسييل ودائعهم ومدخراتهم لدى البنك، مما أدى بدوره إلى إعلان البنك عدم توفر سيولة كافية لديه، نظراً إلى أنه كسائر البنوك توجد لديه سيولة تكفي فقط لسداد أكثر من نسبة محدودة من تلك الودائع.
وهكذا وخلال 24ساعة كاد أحد أكبر البنوك الاستثمارية أن ينهار لولا التدخل السريع الذي قام به البنك المركزي لإنقاذه.
وأرى أن البنوك في المنطقة لا تحظى بثقة المواطنين كثيراً، لأسباب مختلفة لا علاقة للبنوك بكثير منها، وفي المقابل لا تثق البنوك بعملائها، والطرفان لا يثقان كثيراً بالجهات التنظيمية لأعمال البنوك، وهذه العلاقة غير الودية مضرة بالجميع في جميع الأوقات، لكنها في الأزمات قد تؤدي إلى كوارث مصرفية. وإرساء الثقة أمر يصعب إحرازه وسيأخذ وقتاً طويلاً على فرض أن أحداً بدأ يحاول جدياً في تحقيق ذلك. وفي ظل هذا الجو من عدم الثقة بين العملاء والبنوك لدينا، فإن الحاجة تصبح ملحة للإدارة الحكيمة للأزمات من جهة، وتوفير ضمانات كافية من جهة أخرى لحماية صغار العملاء في حالة تعرض بنك ما لمشكلة سيولة أو أي أزمة أخرى، وذلك للحد من انهيار الثقة والتي تؤدي إلى سحب العملاء لودائعهم بشكل جماعي، مما يؤدي إلى انهيار أي بنك مهما كانت قوته، لأن البنوك - كما أسلفت - تحتفظ بسيولة يحددها النظام وتغطي مجرد جزء يسير من ودائع العملاء. وحتى أكثر البنوك متانة لا يستطيع أن يلبي طلبات التسييل في وقت سريع إذا تجاوزت تلك النسبة.
|