أزمة حادة بين قطاع الإسكان ومنتجي الحديد في الأردن
عدنان برية ـ عمان

قضبان من الحديد الصلب
أثار ارتفاع أسعار حديد البناء حفيظة المستثمرين في القطاع الإسكاني، الذي يشهد ركودا منذ بداية العام الجاري، فيما ساد التوتر علاقاتهم بمنتجي الحديد في الأردن.
وتوقع مستثمرون أن تزداد وطأة الركود الإسكاني محليا مع الارتفاع المتتابع لمدخلات العملية الإنشائية، بما يشمل ذلك أسعار الحديد والاسمنت وأجور الأيدي العاملة.
وترفض شركات الإسكان الأردنية اعتبار ارتفاع أسعار الحديد محليا تأتي استجابة لارتفاع أسعار المعدن عالميا نافين أن تكون أسعار الحديد واصلة للمستهلك، قد ارتفعت عالميا من 750 إلى 850 دينارا للطن خلال أيام.
وشهدت الأسابيع الثلاثة الأخيرة ارتفاعات متتالية لأسعار الحديد في الأردن، فيما بلغت نسبة الزيادة منذ بداية عام 2007 وحتى مارس الجاري نحو 70 بالمائة.
وشن قطاع الإسكان الأردني مؤخرا هجوما عنيفا على أصحاب مصانع الحديد متهما إياهم برفع الأسعار دون مسوغ حقيقي وتقدم بعدة شكاوى ضد هذه المصانع لامتناعها عن بيع منتجاتها مما أسهم في نقص الحديد بالأسواق.
واتهم مستثمرون في قطاع الإسكان الأردني « قلة من مصنعي الحديد » باحتكار هذه الصناعة، مشيرين إلى « اتفاق المصنعين على أسعار المادة قبل إعلانها».
وارتفع نصيب مادة الحديد من الكلفة الإجمالية لبناء العقارات من 15بالمائة إلى 22 بالمائة جراء ارتفاع سعر الطن حسب أرقام جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان ونقابة المقاولين الأردنيين.
وقال أحد المستثمرين في قطاع الإسكان الأردني المهندس محمود السعودي : إن السوق المحلية تعاني احتكار قلة متمثلة في مجموعة مصنعين متفقين فيما بينهم على الأسعار .
وزاد السعودي : يريدون أن يركبوا موجة الغلاء نظرا للأجواء الاحتكارية التي يتمتعون بها رغم أن مصانعهم تعتمد على إعادة تصنيع خردة الحديد، المحلية والمستوردة.
وتعمل مصانع أردنية على صهر الحديد المستعمل، المعروفة بـ «الخردة » لإعادة تشكيله، ليباع وفقا للأسعار العالمية.
ويرفض رئيس جمعية مصنعي وتجار الحديد الأردنيين هشام المفلح اتهامات القطاع الإسكاني بـ «الاحتكار»، مشيرا إلى « صعوبة اتفاق أصحاب مصانع الحديد، التي يبلغ عددها 11 مصنعا».
ويرجع المفلح ارتفاع أسعار الحديد لـ « عوامل محلية وخارجية »، ويقول « أسهمت قرارات اتخذتها الحكومة في رفع أسعار الحديد، من بينها رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء وكلف التشغيل بأكملها، إضافة إلى زيادة الرواتب وأجور النقل ».
وزاد بالقول : أسعار مادة الحديد الخام ارتفعت عالميا وانعكست على الأسعار محليا.
وحول اعتماد مصانع الحديد المحلية على الخردة كمدخل في الإنتاج، قال المفلح : «إن 3 مصانع محلية فقط تعتمد على الخردة» مستدركا أن « أسعار الخردة المحلية هي أيضا في مسار تصاعدي، وفقا لمنحنى الأسعار العالمية للحديد الخام، ونظرا للطلب الكبير عليها في الدول المختلفة».
ويقدر سعر طن خردة الحديد في الأردن بنحو 260 دينارا، ويساهم بزهاء 30 بالمائة من مدخلات إنتاج الحديد محليا.
وحسب تقديرات متخصصين في قطاع الإنشاءات فإن مصانع الحديد الأردنية حققت أرباحا من المخزون المتوافر لديها قبل صعود أسعار المعدن الصلب عالميا، الذي يقدر بزهاء 200 ألف طن، بنحو 20 مليون دينار، وهي ربح فائض عن الهوامش الربحية الاعتيادية.
واستجابت الحكومة الأردنية مؤخرا لضغوطات مارستها مصانع الحديد المحلية، حسب وزير الصناعة والتجارة الأردني م. عامر الحديدي. وقال الحديدي : «إن الحكومة ستستجيب لمطالب مصانع الحديد بإلغاء الرسوم الجمركية على مدخلات ومستلزمات الإنتاج، من قطع غيار وزيوت وغيرها».
موضحا أنها سمحت باستيراد الخردة، وفي ذات الوقت منعت تصديرها، في خطوة تستهدف توفير المواد الخام لمصانع الحديد بأسعار معقولة بما يحد من ارتفاع أسعار المنتج النهائي.
وبين الحديدي أن حكومة بلاده « تدرك حجم التحديات التي تواجه مصانع الحديد، والناتجة عن ارتفاع كلف الإنتاج بعد الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار المشتقات النفطية والمواد الخام الداخلة في هذه الصناعة وخصوصا أسعار مادة البيلت».
وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي: «إن التملك بالنسبة للمواطن الأردني بات حلما لا إمكانية لتطبيقه »، لافتا إلى « محدودية إمكاناته مقارنة بارتفاع الأسعار، الذي يفوق تطور دخله».
ويرى مرجي أن إعادة الاستقرار للقطاع الإسكاني تتطلب « فتح باب الاستيراد على مصراعيه لمادة الحديد »، مؤكدا ضرورة « تخفيض الأسعار في السوق المحلية ».
ونوه مرجي بأن «الجهات الحكومية تدافع عن المصنعين والمنتجين، عبر توفير أجواء تحول دون منافستهم، في إطار المحافظة على الصناعة الوطنية».
ويرجح رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان الأردني المهندس زهير العمري أن تواصل أسعار الشقق وكلف البناء ارتفاعها هذا العام، متزامنة مع الارتفاع الكبير الذي تشهده الكلف الإنشائية، بنسبة 10بالمائة. وبين العمري أن معدل كلفة متر البناء يتراوح بين 200 و 700 دينار في المدن التي تشهد أعلى مستويات استثمار وهي : عمان والعقبة واربد والزرقاء، وهذا يؤشر الى أن كلفة الشقة مساحة 180 مترا مربعا تبلغ حوالي 80 ألف دينار، وهو معدل مرتفع إجمالا بالنسبة لمعدل دخل الفرد» .