رد : الأخبار الإقتصادية ليوم الثلاثاء17/ 3/ 1429 هـ الموافق 25/ 3 / 2008 م
المقال
الأوبك والتحديات الصعبة
د. عبد الله بن عبد المحسن الفرج
نحن بلد منتج للنفط من العيار الثقيل، فكل يوم نضخ من الذهب الأسود 9ملايين برميل تقريباً ولدينا امكانية لرفع هذا المستوى إلى أكثر من 12مليون برميل ولذلك نعتبر خارج المنافسة في هذا المجال. كما أننا نملك 26% من الاحتياطات النفطية المكتشفة في العالم ونتزعم كافة الدول المصدرة للبترول. ولهذا فإن المسؤولية الملقاة على كاهلنا كبيرة. خصوصاً وان السلعة التي حبانا الله بها سلعة استراتيجية يتوقف على إنتاجها وتصديرها دوران دولاب الاقتصاد العالمي.
إذا فنحن أمام جملة من التحديات ليس أقلها مسؤوليتنا أمام العالم. فالمملكة ومنذ اكتشاف النفط على أراضيها في عهد صاحب الجلالة الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- كانت ولا تزال تتصرف بمسؤولية سواء فيما يخص أسعار النفط أو ما له علاقة بإنتاجه. وهذه المسؤولية المتوارثة أعطتنا بالإضافة إلى موقعنا المتميز في سوق الطاقة موقعا آخر مهما باعتبارنا بلدا يمكن الوثوق به والاعتماد عليه. فالمسؤولية اليوم سلعة نادرة. وإذا كنا نحن نقدم هذه السلعة دون مقابل باعتبار ذلك جزءا من دورنا وواجبنا فإن العديد من الدول تبيع على غيرها المسؤوليات التي تتحملها، وعلى رأسهم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تعتبر المسؤولية الدولية المناطة بها سلعة عامة يفترض أن يدفع بقية بلدان العالم ثمنا مقابلها.
أما التحدي الرئيسي الذي يواجهنا باعتبارنا مالكين لأهم سلعة في العالم فهو مسؤوليتنا أمام أنفسنا . فنحن نطمح إلى زيادة اعتماد العالم على هذه السلعة لأطول فترة ممكنة وذلك حتى يتسنى لنا إنشاء اقتصاد في بلدنا غير معتمد على النفط. أو فلنقل إننا نرغب أن يكون النفط هو العنصر المهيمن في ميزان الطاقة العالمي خلال ال 80إلى 100عام القادمة- أي إلى حين ينتهي العمر الافتراضي لاحتياطنا. وهذا لا يتأتى إذا استمر الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب الأسود. فالمضاربون على هذه المادة الحيوية يقوضون كل الجهود التي تبذلها المملكة وغيرها من البلدان الرئيسية المصدرة للنفط للحفاظ على التوازن في أسواق الطاقة العالمية. ولذلك فإن ترك المجال لهم لمد حبالهم والتلاعب بالأسعار، مستغلين ضعف الدولار تارة واحتمال زيادة الطلب على النفط في المستقبل تارة أخرى، من شأنه أن يلحق بنا أشد الضرر. فهناك فقاعة نفطية واضحة آخذة بالتشكل. وهي تنتفخ أمام عيوننا وتزداد كل يوم تقريباً. ونحن نعرف بتجاربنا المرة مع سوق الأسهم ماذا تعنيه الفقاعة. فهي تلك اللحظة التي تسبق الانهيار المريع. ولذلك فكلما أسرعت البلدان المصدرة للنفط بانتزاع المبادرة من يد هؤلاء المضاربين الجشعين كلما كان ذلك أفضل. فهذه الأسعار المرتفعة للنفط لم تجلب لنا معها غير التضخم وغلاء المعيشة. كما أنها من ناحية أخرى تقوض كل خطط التنمية الطموحة التي نضعها، وذلك بتشجيعها حتى البليدين والكسالى على النشاط والاستثمار في مصادر الطاقة البديلة للنفط. وهذا ما يتناقض مع مصالحنا الحيوية. من هنا فإن مسؤوليتنا أمام أنفسنا تحتم علينا العمل مع البلدان المصدرة للنفط "أعضاء الأوبك" لإعاقة تحكم الجشعين بأهم سوق لنا. وقد يكون زيادة الإنتاج المخطط للنفط هو الدواء اللازم لتبريد رؤوس المضاربين أو لضربهم على رأسهم. فهل الأوبك بتناقضاتها وعللها المعروفة عنها قادرة على فعلها؟
|