استطراد من نفس المصدر
ما وجه الشبه بين المؤمن والنخلة ؟
قال العلماء : وشبه النخلة بالمسلم في كثرة خيرها , ودوام ظلها , وطيب ثمرها , ووجوده على الدوام , فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس , وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة , ومن خشبها وورقها وأغصانها , فيستعمل جذوعا وحطبا وعصيا ومخاصر وحصرا وحبالا وأواني وغير ذلك , ثم آخر شيء منها نواها , وينتفع به علفا للإبل , ثم جمال نباتها , وحسن هيئة ثمرها , فهي منافع كلها , وخير وجمال ,
كما أن المؤمن خير كله , من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه , ويواظب على صلاته وصيامه وقراءته وذكره والصدقة والصلة , وسائر الطاعات , ... وغير ذلك ،
فبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها مستمرة في جميع أحوالها ؛ وكذلك بركة المؤمن عامة في جميع الأحوال ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد موته .
والنخلة أصلها ثابت وجذورها ضاربة في الأرض ؛ والمسلم ثابت في عقيدته .
ولا تقتلعها الريح ؛ والمسلم الصادق لا تزلزله أعاصير الفتن ، ولا ترده عن عقيدته شبهات التشكيك والتضليل .
وهي عالية باسقة ؛ وكذلك المسلم يتعالى على النقائص والدناءات ، ويترفع عن المعاصي والسيئات .
وثمرها طيّب ؛ وما يصدر عن المسلم من العلوم والخير قوت للأرواح مستطاب .
وإذا ضربت بحجر عادت على ضاربها بأطيب الثمر ، وكذا المسلم يقابل الإساءة بالإحسان .
ولا يسقط ورقها ، وكذلك المؤمن لا تسقط له دعوة ؛ فهو بين ثلاث : فإما أن يستجيب الله له ، وأما أن يؤخر إجابته لحكمه يعلمها سبحانه ، وإما أن يعوّضه عنها ـ يوم القيامة ـ خيرا منها .