الدولار ينهي تعاملاته خلال الربع الأول على ضعف أمام العملات
.. والذهب عند أدنى مستوياته منذ شهرين

فهد آل ملحم
انهى الدولار الامريكي الفصل الأول من السنة الجارية على ضعف واضح أمام سلة من العملات وكانت خسائره الكبرى امام اليورو الذي ارتفع بنسبة ثمانية بالمئة أمام الدولار منذ بداية العام ليقترب من أفضل أداء ربع سنوي منذ أواخر عام 2004. وكانت اضطرابات القطاع المصرفي الامريكي جراء التخلف عن سداد رهون عقارية عالية المخاطر دفعت بنوكا أمريكية الى شطب أصول بمليارات الدولارات وأدت الى اهتزاز الثقة في الاقتصاد مما دفع المستثمرين الى بيع الدولار واعلان اكثر من مسؤول كبير في الولايات المتحدة عن قلقه من تداعيات ازمة الديون العقارية فيها التي افضت الى افلاس مؤسسات اقراض كبرى مثل «كارلايل» و «بيرستيرنز» ووقوع اخرى في عجز عن الايفاء بالتزاماتها جراء تزايد محفظة الديون المستحقة لها والمشكوك في تحصيلها.
وكانت الضغوط على الدولار مقابل العملات الرئيسية الاخرى قد بدأت تحديدا عقب خفض الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة الاساس لديه من 3,00 بالمائة الى 2,25 في المئة عقب اجتماع هيئة السياسة النقدية التابعة له في 18 مارس، في سياق معالجته ازمة التسليفات العقارية الاميركية ذات المخاطر المرتفعة بالتزامن مع ضخه المزيد من السيولة داخل القنوات المصرفية لهذه الغاية. وهذه الخطوة من الفيدرالي حركت المضاربات على الدولار في اطار ما يسمى عمليات (الكاري ترايد) التي تقضي بالاستدانة بالعملات القليلة المردود مثل الدولار للتوظيف بعملات ذات مردود مرتفع مثل اليورو والاسترليني وغيرهما،
وفي الاسبوع الماضي انتعش الدولار قليلا وابتعد عن ادنى مستوياته أمام اليورو والاسترليني والفرنك السويسري بعد أن أعلن بنك يو.بي.اس الاوروبي شطب اصول اضافية قيمتها 19 مليار دولار مما أوضح ان سوق الائتمان مازالت مضطربة وان المشكلة ليست أمريكية فقط. وايضاً صدور مؤشر شيكاجو على ارتفاع ببلوغه 48.2 نقطة حمل بعض الايجابيات واعطى التفاؤل من جديد ويعتبر تطورا ايجابيا بتعديه التقديرات كلها وحتى اكثر المتفائلين ، ولكن بقاءه قاصرا عن بلوغ 50 نقطة يعتبر مغذيا لرهانات الركود . ولكن هناك اشارات اخرى من اهم هذه الاشارات ارتفاع قطاع الطلبيات من جديد الى ما فوق الـ 50 نقطة وهو تطور ايجابي مهم فيما خص التطلعات الى النمو المستقبلي للاقتصاد الاميركي. التفاؤل مصدره ايضا امكانية ان يتمكن قطاع الصادرات الاميركي بعد تراجع الدولار من الحد من التدهور الاضافي ان لم يكن مصدر دعم تصاعدي جديد بالمدى القريب. ومما عزز من صعود الدولار مؤشر الـ (اي اس ام) ارتفع الى 48.6 نقطة يعتبر رقما جيداً من حيث طمأنته النسبية بأن هناك املاً لا يزال موجودا بامكانية التخلص من مخاطر الركود.
وكان لحديث رئيس البنك الفيدرالي الامريكي في افادته امام اللجنة الاقتصادية المنبثقة عن الكونجرس الاثر على الدولار حيث أشار الى ان مخاطر التراجع في النمو الاقتصادي لم تنته ولكنها مؤخرا لم تسجل ارتفاعا ، كما ان مخاطر تحولها الى ركود قائمة ( هذه اشارة تصدر عن رئيس البنك الفدرالي للمرة الاولى ).وقال ان الناتج القومي لن يشهد في الفصل الاول ارتفاعا ملموسا، حتى انه يمكن ان يسجل تراجعا .بالنسبة للبطالة يتوقع ارتفاعها في الاشهر القادمة وهذا ماحدث بالفعل بعد خفض اصحاب العمل الوظائف حيث سجلت الوظائف تراجعاَ للشهر الثالث على التوالي خلال شهر مارس بلغت -80 الفا وكانت التوقعات تشير الى -60 الفا وارتفاع نسبة البطالة ببلوغها 5.1% ولكن السوق قللت من اهمية الحدث حيث انه كان متوقعا هذا العجز في استحداث وظائف جديدة في غير القطاع الزراعي.
وكان الخبر الايجابي في حديث رئيس الفيدرالي بالنسبة للسوق يتعلق بالتضخم حيث انه يرى حظا لتراجعه وبالنسبة للسياسة النقدية المستقبلية للفيدرالي قال انه لايزال يعد بالا تكون الا في مصلحة النمو الاقتصادي ملمحا بذلك الى تخفيضات اضافية للفائدة.
وقال وزير الخزانة الامريكي بولسون يوم الخميس إن الاقتصاد الامريكي تراجع بشدة ويواجه الآن ثلاثة شهور عصيبة وقال انه لاشك في أن الولايات المتحدة مقبلة على ربع عام عصيب وأن الاقتصاد تباطأ بشدة لكنه اضاف إن تباطؤ قطاع الاسكان المسؤول الى حد كبير عن تراجع الاقتصاد . وقال سايمون جونسون كبير خبراء الاقتصاد بصندوق النقد رغم رد الفعل القوي من جانب صناع السياسات الامريكيين الا أن شح الائتمان وارتفاع أسعار الطاقة وضعف أسواق العمل وضعف سوق الاسكان تتضافر جميعها لتلقي بثقلها على الاقتصاد الامريكي في المدى القريب.
اليورو
وكان اليورو قد ارتفع يوم الاثنين الماضي أمام الدولار بعد بيانات أسعار التضخم في منطقة اليورو التي فاقت التوقعات حيث بلغ معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو مستوى قياسيا عند 3.5 بالمئة في مارس متجاوزا التوقعات بان يبلغ 3.3 بالمئة وعززت تنبؤات بأن البنك المركزي الاوروبي الذي ينصب اهتمامه على التضخم لن يبدأ في خفض أسعار الفائدة في وقت قريب وذلك بالمقارنة مع الولايات المتحدة حيث ينشغل المجلس الاحتياطي بدرجة أكبر بالتباطؤ الاقتصادي حيث بدأ بتخفيض الفائدة منذ سبتمبر الماضي ومن المتوقع ان يخفضها مرة أخرى الشهر المقبل.
وكان التناقض في اتجاهات الفائدة ومسار النمو قد دفع اليورو للارتفاع ليصل الى 1.5895 دولار مقتربا من أعلى مستوياته التي سجلها منذ اسابيع عند 1.5906. ولكن ارتفاع اليورو لم يدم طويلا وتحول الى خسائر امام الدولار بعد طلب اتحاد البنوك السويسرية (UBS) لمبلغ 15 مليار دولار إضافي وإعلانها عن خسائر في الفصل الأول من السنة الجارية إضافة الى تخفيض 19 مليار دولارمن قيمة أصولها. وهذه المخاوف حول توسع أزمة الرهن ضغطت على اليورو بالاضافة الى مؤشر (PMI) من منطقة اليورو الذي انخفض للشهر الثاني على التوالي الى 52.0 ولكنه ظل فوق مستوى الانكماش والسبب في هذا الانخفاض يعود الى قوة اليورو وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي الذي يضغط على الصادرات الأوروبية.
الجنيه الاسترليني
ظل الاسترليني في موضع ضعف بسبب القلق في بريطانيا حيال مستقبل قطاع البنوك وامكانية ان تكون معرضة لازمة حادة شبيهة بتلك التي عصفت بمثيلاتها الاميركية . هذه الازمة التي لم تظهر للعلن بعد يحذر من وجودها الكثيرون من الاقتصاديين ، وهذا ما يشيع جوا من التشكك بمستقبل الاسترليني . وكان لارتفاع الين وعودة (الكاري ترايد) من شأنه ان يضغط على الاسترليني بالاضافة الى تصريحات من اعضاء البنك المركزي البريطاني كعضو المركزي « بلانشفلاور» حيث قال انه يخشى من تطورات مخيفة تصيب اقتصاد بريطانيا ومفضلا اعتماد سياسة تخفيض للفائدة وقائية . ولكن رئيس المركزي «كينج» قال انه لن يعتمد نفس السياسة النقدية الاميركية بما خص الفائدة هذه الاجواء باتت تمهد لتخفيض للفائدة في اجتماع الاسبوع القادم .
الين الياباني
تعرض الين لعدة ضغوط وكانت في بداية الاسبوع الماضي بعد صدور تقرير تانكان الفصلي للبنك المركزي الياباني الذي اظهر ان ثقة الشركات اليابانية تدهورت بشكل أكبر من المتوقع في الاشهر الثلاثة الماضية تقرير تانكان للفصل الأول عرف تدهورا الى أدنى مستوياته في السنين الأربع الأخيرة. وكان الين قد سجل ارتفاعا كبيرا امام جميع العملات خاصة امام الدولار حيث سجل في الاسابيع الماضية مستويات قياسية لم يبلغها منذ 13 عاما بوصوله الى مستوى 95.76 ين ولكن ارتفاع الدولار واسترجاعه بعضاً من خسائره حد من مواصلة الين للارتفاع ليغلق الين عند مستويات 101.45.
الذهب
هبطت اسعار الذهب مطلع الاسبوع المنصرم الى أدنى مستوياتها في شهرين بعد نزوله عن مستوى 900 دولار للأونصة بعد ارتفاع الدولار أمام اليورو الذي خفف من الاقبال على المعادن كاستثمار جذاب وأثار عمليات بيع كما ان تراجع أسعار النفط شكل ضغوطا على سعر الذهب الذي يعتبر استثمارا تحوطيا ضد التضخم. وارتفاع سعر الدولار عادة ما يجعل الذهب مكلفا لحملة العملات الاخرى مما يحد من الطلب عليه. وأدى انخفاض اسعار الذهب الى اقبال مستثمرين على الشراء تطلعا لتحقيق مكاسب لكن احتفاظ الدولار بالمكاسب الكبيرة التي حققها حد من ارتفاع الذهب. وكان الذهب قد تعرض لضغوط منذ تسجيله مستوى قياسيا عند 1030.80 دولار للاوقية وسط اقبال عام على بيع السلع الاولية ليغلق عند مستوى 913 دولارا للأونصة.
البيانات المهمة للأسبوع المقبل
من اميركا محضر اجتماع الفيدرالي في 18 مارس الماضي يوم الثلاثاء ويوم الخميس مع الميزان التجاري الامريكي
ومن اوروبا الميزان التجاري الالماني يوم الاربعاء والناتج الفصلي والسنوي ويوم الخميس مع قرار البنك الاوروبي حول الفائدة وبعدها المؤتمر الصحفي لرئيس البنك تريشيه
ومن بريطانيا اسعار المنازل بوم الثلاثاء وقرار البنك المركزي البريطاني حول الفائدة يوم الخميس.
ومن اليابان قرار البنك المركزي للفائدة يوم الثلاثاء بالاضافة الى الميزان التجاري .