رد : الأخبار الإقتصادية ليوم الاحد07/ 4/ 1429 هـ الموافق 13/ 4 / 2008 م
معدلات النمو الاقتصادي في دول الخليج تبقى قوية عام 2008
صندوق النقد: نمو الاقتصاد السعودي يرتفع إلى 4.8 % بنهاية العام الجاري
- حسن العالي من المنامة - 07/04/1429هـ
توقع صندوق النقد الدولي أن تحافظ دول مجلس التعاون الخليجي على معدلات نمو قوية خلال عام 2008، حيث يتوقع أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في السعودية من 4.1 في المائة عام 2007 إلى 4.8 في المائة، وفي الكويت من 4.6 في المائة إلى 6 في المائة، بينما ينخفض في الإمارات من 7.4 في المائة إلى 6.3 في المائة. وسترتفع فوائض الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحي الإجمالي نتيجة ارتفاع أسعار النفط من 26.8 في المائة عام 2007 إلى 31.3 في المائة عام 2008 في السعودية، ومن 21.6 في المائة إلى 27.5 في المائة في الإمارات، وينخفض من 47.4 في المائة إلى 45.2 في المائة في الكويت.
وقال الصندوق في أحدث تقرير له عن توقعات الاقتصاد العالمي لعام 2008 إن التحدي الأكبر الذي يواجه دول مجلس التعاون هي معدلات التضخم، حيث يتوقع أن ترتفع نسبة التضخم في السعودية من 4.1 في المائة عام 2007 إلى 6.2 في المائة عام 2008، ومن 5 في المائة إلى 6.5 في المائة في الكويت، وتنخفض من 11 في المائة إلى 9 في المائة في الإمارات، وتصل إلى 14 في المائة في قطر، مشيرا إلى أن الضغوط التضخمية في المنطقة ارتفعت بدرجة كبيرة في الأشهر القليلة الماضية بسبب الطلب المحلي القوي وارتفاع الإيجارات في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أدى تدفق العمالة الأجنبية وارتفاع مستويات معيشة السكان إلى نقص في المعروض من المساكن. وقد أثمرت جهود دعم المواد الغذائية الرئيسية وبناء المساكن وزيادة الرواتب عن نتائج إيجابية، إلا أنها لم تستطع القضاء على زيادة الأعباء، وبالذات على محدودي الدخل.
وعلى الرغم من أن التقرير يقول إن اضطرابات أسواق المال العالمية كان لها أثر مباشر محدود في دول المنطقة، حيث تسببت في انخفاض حقيقي مؤثر في قيم العديد من عملاتها، في حين أن السياسات المالية والمتعلقة بالدخل تميل إلى التوسع نتيجة للزيادة الحادة في إيرادات النفط، مشيرا إلى أن واضعي السياسات النقدية والمالية يواجهون وضعا صعبا بسبب ربط عملات بلادهم بالدولار الأمريكي، ما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة تمشيا مع السياسات النقدية الأمريكية وهو ما فاقم المشكلة.
ولم يتضمن التقرير أية أشارة للمطالبة بإعادة النظر في سياسات ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي، وعوضا عن ذلك طالب دول المنطقة بالسعي للحد من الإنفاق لاحتواء موجة ارتفاع الأسعار على المدى القصير، مع توجيه الإنفاق نحو القطاعات التي تسهم في علاج المشكلة مثل بناء المساكن، كذلك فرض الرقابة على أنشطة البنوك لتجنيبها الانعكاسات الحادة لارتفاع الأسعار على ميزانياتها العمومية. كما يطالب التقرير بتوسيع أنشطة القطاع الخاص وتحسين مناخ الأعمال، بهدف خلق المزيد من الوظائف لمواجهة التزايد الكبير في أعداد السكان، كذلك تقليل الروتين وتحسين الحوكمة والإجراءات الإدارية والشفافية والرقابة الحكومية، بهدف تشجيع الاستثمارات، علاوة على إصلاح القطاع المالي من أجل خلق أنظمة مالية قادرة على دعم استمرار النمو على المدى البعيد.
وفيما يخص توقعات الأوضاع الاقتصادية العالمية لعام 2008، قال التقرير إن تراجع النمو الاقتصادي بدأ يخيم في أغلب مناطق العالم متأثرا بما تحول إلى أكبر الأزمات المالية منذ الحرب العالمية الثانية. فقد شهد النشاط الاقتصادي تباطؤا حادا في الاقتصاديات المتقدمة قرب بداية عام 2008، ولا سيما في الولايات المتحدة، حيث تتركز التوترات المالية الأكثر حدة ويستمر التصحيح في سوق المساكن بالقوة نفسها. وفي الاقتصادات المتقدمة الأخرى، تباطأ النشاط في أوروبا الغربية أيضا خلال الربع الأخير من عام 2007، وإن أبدى الاقتصاد الياباني قدرة أكبر على تحمل هذه التداعيات. أما الاقتصادات الصاعدة والنامية فلا يزال تأثُّرها بتطورات الأسواق المالية أقل بكثير حتى الآن ولا تزال محتفظة بوتيرة نموها السريع، بقيادة الصين والهند، وإن بدأ حدوث تراجع في نشاطها التجاري وإنتاجها الصناعي.
وفي الوقت نفسه، ازداد التضخم الكلي على مستوى العالم مدفوعا باستمرار الأسعار المرتفعة للأغذية والطاقة. ففي الاقتصادات المتقدمة، تحرك التضخم الأساسي نحو الصعود في الأشهر القليلة الماضية بالرغم من تباطؤ النمو. وفي الأسواق الصاعدة، ارتفع معدل التضخم الكلي ارتفاعا أكثر حدة، تحت تأثير نمو الطلب القوي وزيادة وزن الطاقة، وكذلك الأغذية بشكل خاص، في سلال السلع الاستهلاكية.
واستمر الرواج في أسواق السلع الأساسية على الرغم من تباطؤ النشاط العالمي. وكان الطلب القوي من الاقتصادات الصاعدة، الذي شكل جانبا كبيرا من الزيادة في استهلاك السلع الأساسية خلال السنوات الأخيرة، واحدا من القوى المحركة لارتفاع الأسعار، بينما كان الطلب المتعلق بأنواع الوقود الحيوي عنصرا داعما لارتفاع أسعار المحاصيل الغذائية الأساسية. وفي الوقت نفسه، تأخر تعديل العرض بالتناسب مع ارتفاع الأسعار، ولا سيما في حالة النفط، كما تقلص المخزون في كثير من الأسواق حتى بلغ مستويات منخفضة. ويبدو أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية أخيرا يرجع، ولو في جانب منه، إلى عوامل مالية أيضا، حيث بدأت هذه السلع تبرُز على نحو متزايد باعتبارها فئة أصول بديلة.
وتشير التوقعات الواردة في التقرير إلى تراجع النمو العالمي ليصل إلى 3.7 في المائة في عام 2008 ، بانخفاض قدره نصف نقطة مئوية عما كان عليه وقت صدور عدد كانون الثاني (يناير) من تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي، و1.25 نقطة مئوية عن النمو المسجل في عام 2007. وإضافة إلى ذلك، يُنتظر أن يظل النمو دون تغيير في عام 2009. ومن المتوقع أن يستمر التباعد في أداء النمو بين الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، مع انخفاض النمو في الاقتصادات المتقدمة بشكل عام إلى مستويات أدنى بكثير من المستوى الممكن. وسينزلق الاقتصاد الأمريكي إلى حالة من الركود الطفيف قبل أن يبدأ في تحقيق تعافٍ محدود في عام 2009.
ومن المرجح أن تظل الأوضاع بالغة الصعوبة في الأسواق المالية، ولا سيما في الولايات المتحدة حيث يتوقع أن يظل التصحيح في أسواق المساكن عائقا أيضا أمام الطلب، كما يمكن أن يصيب الضعف أسواق المساكن في بعض البلدان الأوروبية أيضا. وإضافة إلى ذلك، سوف تتباطأ وتيرة الانتعاش الوليد في بعض البلدان خلال عام 2009 من جرّاء استمرار التوترات في الأسواق العقارية والمالية. وفي المقابل، يتوقع حدوث انخفاض طفيف في نمو الاقتصادات الصاعدة والنامية، وإن ظل محتفظا بمعدلات قوية في عامي 2008 و2009. ويرجع هذا التباطؤ إلى الجهود المبذولة لتجنب النشاط الاقتصادي المحموم في بعض البلدان إلى جانب التداعيات التجارية والمالية وبعض الانخفاض في أسعار السلع الأساسية.
ويواجه صانعو السياسات على مستوى العالم مجموعة من التحديات المتنوعة سريعة التحرك. وفي عالم يزداد توجها نحو التعددية القطبية، ورغم َتَفرُّد الظروف التي يمر بها كل بلد على حدة، فسيتعين النظر إلى هذه التحديات مجتمعة، مع المراعاة الكاملة لأثر التفاعلات عبر الحدود. ففي الاقتصادات المتقدمة، تتمثل المهام العاجلة في معالجة الاهتزازات التي أصابت الأسواق المالية واتخاذ إجراءات بشأن مخاطر النمو دون المتوقع، مع النظر بعين الاعتبار أيضا عند اختيار السياسات اللازمة إلى مخاطر التضخم وبواعث القلق على المدى الأطول. ولا يزال التحدي الآني في كثير من الاقتصاديات الصاعدة والنامية هو ضمان ألا يؤدي النمو القوي إلى تصاعد التضخم أو تزايد مواطن التعرض للخطر، ولكن البلدان ينبغي أن تكون على استعداد للتحرك في مواجهة تباطؤ النمو وتفاقم أوضاع التمويل إذا ما حدث تدهور حاد في البيئة الخارجية.
لا تزال الاقتصاديات الصاعدة والنامية تواجه تحديات السيطرة على التضخم مع توخي اليقظة لمخاطر التطورات دون المتوقعة نتيجة لتباطؤ النشاط في الاقتصاديات المتقدمة وزيادة الضغوط في الأسواق المالية. وقد يتطلب الأمر في بعض البلدان مزيدا من التشديد للسياسة النقدية حتى يتسنى الإبقاء على التضخم قيد السيطرة. وفي ظل نظام سعر الصرف المرن، غالبا ما يصبح ارتفاع سعر الصرف عاملا إيجابيا في دعم التشديد النقدي. وتقل فرص الاستجابة في البلدان التي تخضع أسعار صرفها للتوجيه المكثف أمام الدولار الأمريكي، إذ إن الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة قد يشجع دخول تدفقات رأسمالية أكثر ضخامة. ويمكن أن تستفيد الصين وغيرها من البلدان ذات الاقتصاديات المتنوعة إذا تحولت إلى نظم أكثر مرونة تتيح فرصة أكبر للحركة أمام السياسة النقدية.
وبالنسبة لكثير من البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط، يمثل ربط سعر الصرف بالدولار الأمريكي عائقا أمام السياسة النقدية، وسيكون من المهم مواءمة تراكم الإنفاق الحالي من المالية العامة لمراعاة المرحلة الدورية التي تمر بها هذه الاقتصاديات وإعطاء أولوية للإنفاق الذي يهدف إلى تخفيف اختناقات العرض.
|