رد : الأخبار الإقتصادية ليوم السبت13/ 4/ 1429 هـ الموافق 19/ 4 / 2008 م
"طوابير" من المواطنين حضرت للاكتتاب في "الإنماء" في الساعات الأخيرة من موعد الإقفال
تحركات اللحظة الأخيرة.. إدمان يسيطر على سلوكيات السعوديين
- علي العنزي من الرياض - 13/04/1429هـ
''الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك''، هذا اختزال منطقي لما يفترض أن يعيه الكل منا تجاه تأجيل الأعمال إلى الغد الذي قد لا يأتي أصلاً، خصوصاً بالنسبة للأشخاص الذين يفضلون العمل في اللحظات الأخيرة التي قد تأتي في وقت لا ينفع فيه الندم أو ربما لا تأتي أصلاً.
من شاهد "طوابير" المكتتبين أمام بوابات البنوك أثناء اللحظات الأخيرة قبيل إقفال الاكتتاب في مصرف الإنماء، فبالتأكيد لن يكون أمامه سوى انطباع واحد فقط، أنه مجتمع يرفض قيود الالتزام بالوقت؟
إنها "عادة" تضييع الوقت وتحركات اللحظة الأخيرة التي ربما لا نجزم أنها بدأت تستشري لدى السعوديين كونها لا تظهر إلا في مناسبات معينة ومرتبطة بأوقات محددة، وإن كان المؤكد أنها تأخذ حيزا لا يستهان به لدى البعض، ما جعلها تنعكس على مجمل حياتهم وسلوكهم اليومي وفيما يمارسونه في شتى مناحي الحياة.
فما يحدث في آخر يوم اكتتاب هو نفسه ما يحدث في آخر يوم عمل في الدوائر الحكومية، حيث يتدافع الناس لإنهاء إجراءاتهم، وقبل ساعات محدودة من حلول أول أيام العيد يهجم الناس على المراكز التجارية، وعند العودة للمدارس تغص المكتبات بالمرتادين في يومها الأول، فهذه كلها دلالات على أن هناك من يعشق "تمييع الوقت".
والمتابع لهؤلاء يجد أن لديهم القدرة العالية على بذل جهود مضاعفة في الأوقات الصعبة، ولا يترددون أبدا في بذل مجهود استثنائي وكبير من أجل إنجاز عملهم في اللحظات الأخيرة باستخدام، فيما يمكن تسميته بـ "حلول إسعافية"، دون النظر لأهمية الوقت الذي أهدروه طيلة الأيام، بل والشهور الماضية، والتي لو كانوا استفادوا منها لما احتاج إلى منهم أن يبذلوا كل ذلك المجهود والدخول في حالة من القلق ضمن الفترة الحرجة.
هؤلاء الأشخاص دائما ما يضعون أنفسهم في وضع حرج للغاية، ويسببون لأنفسهم وللآخرين مشكلات عدة، وتضيع عليهم فرصة الاستفادة من الوقت الذي كان متاحاً أمامهم، وتأتي حصيلة ما نفذ في اللحظات الأخيرة من المدة المخصصة للتنفيذ في صورة عمل مشوه وناقص تعتريه الأخطاء، وتبقى محل تذمر وانتقاد من قبل المسؤولين في الجهات التي تتم مراجعتها.
ويبدو أن السعوديين قد تعودوا على ملاحقة اللحظات الأخيرة، بل وأصبح الكثير منهم يتقن بجدارة كيفية التصرف والخروج من مثل هذه المواقف متذرعا بالأعذار والوعد بعدم التكرار، وإن كان لا بد له من أن يتجرع مرارة فترة الحرج.
من أمام أحد البنوك ومن بين أحد الصفوف التي كانت تتنظر دورها لتعبئة طلب الاكتتاب في مصرف الإنماء، يصف الشاب فهد الفرحان (25 عاما) تجربته الشخصية التي دعته ليكون إحدى حلقات سلسلة ذلك الطابور الذي اجتاحته أشعة الشمس بعدما ضاق البنك بما فيه، بقوله: كانت تمضي الفترة المسموح بها للاكتتاب والتي انتهت أمس الأول (الأربعاء)، وكل يوم أقول غدا إلى أن حلت الدقائق الأخيرة من إغلاق الاكتتاب لأجد نفسي مجبورا للوقوف في هذا الـ "طابور" الطويل في صورة تقدم الواقع الذي أدمنه الكثيرون وأصبح مع مرور الأيام سلوكا وعادة يمارسونها دون الشعور بمقدار الخطأ.
ويتابع الفرحان وهو "يتزحزح" من طابوره الذي قوامه العشرات ممن يستهويهم تحركات اللحظة الأخيرة وعلامات الحرج ترتسم على وجهه "إن اللحظة الأخيرة قد تمكن شخصا ما من تدارك الأمر وإنجاز ما كان ينبغي إنجازه من وقت مبكر، لكنها لا تأتي بالنتائج نفسها ولا تحقق الفائدة ذاتها".
وفيما يرى الكثيرون أن التحرك في الأوقات الضائعة قد تضيع أمام المرء فرص كثيرة تذهب ربما دون رجعة، نتيجة التكاسل عن اتخاذ خطوة ما ربما لا تحتاج إلى الكثير من الجهد أو الوقت، فإن هناك اتفاقا على أن لهذه الظاهرة عواقب وخيمة لما تسببه من إرباك وقلق إزاء ذلك التأخير وضياع وقت كبير، كان يفترض أن يستغل، وتجعله يبذل جهداً مضاعفاً يفوق قدراته يحاول فيه تعويض أو بالأصح تلافي ما أضاعه من الوقت المتاح لجهد بسيط لن يكلفه أي عناء على عكس ما يتطلب منه الوصول إلى إنجاز المهمة فيما يسمى بالوقت الضائع.
|