عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-2008   رقم المشاركة : ( 2 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد : الاعتدال في الدعوة

( تتمة )


والحق لا يخفى إلا على أحد رجلين:
إما معرض و إما مستكبر، أما من أقبل على الحق بإذعان وانقياد فإنه بلا شك سيوفق له.

ومن التطرف ما يكون من الآباء والأمهات في زمننا هذا حين صار الشباب – ولله الحمد – من ذكور وإناث عندهم اتجاه إلى العمل بالسنة بقدر المستطاع، صار بعض الآباء والأمهات يضايقون هؤلاء الشباب من بنين وبنات في بيوتهم، وفي أعمالهم حتى إنهم لينهونهم عن المعروف مع أنه لا ضرر على الآباء في فعله ولا ضرر على الأبناء أو البنات في فعل هذا المعروف، كمن يقول لأولاده لا تكثروا النوافل لا تصوموا البيض، أو الاثنين، أو الخميس، أو ما أشبه ذلك، مع أن هذا لا يضر الوالدين شيئاً ولا يحول دون قضاء حوائجهما، وليس بضار على الابن في عقله، أو بدنه، أو في دروسه ولا على البنت كذلك.
وأنا أخشى على هؤلاء القوم أن يكون هذا النهي منهم لأولادهم كراهة للحق والشريعة وهذا على خطر، فالذي يكره الحق أو الشريعة ربما يؤدي به ذلك إلى الردة لأن الله تعالى يقول: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)، ولا تحبط الأعمال إلا بردة عن الإسلام كما قال الله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) هذا مثال من الشدة في أولياء الأمور.

أما بالنسبة للأولاد من بنين أو بنات إذا كانوا متمشين في منهاجهم وسيرهم على شريعة الله فليسوا في شدة.

* وهناك في المقابل من يكون شديداً من الأولاد بنين وبنات عل أهله بحيث لا يتسع صدرهم لما يكونون عليه من الأمور المباحة فتجده يريد من أبيه أو أمه أو إخوته أو أخواته أن يكونوا على المستوى الذي هو عليه من الالتزام بشريعة الله، وهذا غير صحيح، الواجب عليك إذا رأيتهم على منكر أن تنهاهم عن المنكر، أما إذا رأيتهم قد قصروا في أمر يسعهم التقصير فيه كترك بعض المستحبات فإنه لا ينبغي لك أن تشتد معهم، وكذلك في بعض الأمور الخلافية يجب عليك إذا كانوا مستندين إلى رأي أحد من أهل العلم أن لا تضيق بهم ذرعاً وأن لا تشتد عليهم.

فالذي ينبغي للإنسان سواء كان داعية لغيره إلى الله أم متعبداً لله أن يكون بين الغلو والتقصير مستقيماً على دين الله – عز وجل – كما أمر الله – عز وجل – بذلك في قوله: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ).

وإقامة الدين الإتيان به مستقيماً على ما شرعه الله – عز وجل -، ولا تتفرقوا فيه نهى عن ذلك سبحانه وتعالى لأن التفرق خطره عظيم على الأمة أفراداً وجماعات.

والتفرق أمر مؤلم ومؤسف لأن الناس إذا تفرقوا كما قال الله تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم)(7)، فإذا تفرق الناس وتنازعوا فشلوا وخسروا وذهبت ريحهم ولم يكن لهم وزن وأعداء الإسلام ممن ينتسبون للإسلام ظاهراً، أو ممن هم أعداء للإسلام ظاهراً وباطناً يفرحون بهذا التفرق وهم الذي يشعلون ناره ويلقون العداوة والبغضاء بين هؤلاء الأخوة الدعاة إلى الله – عز وجل –

فالواجب أن نقف ضد كيد هؤلاء المعادين لله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولدينه، وأن نكون يداً واحدة، وأن نكون إخوة متآلفين على كتاب الله، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، كما كان سلف الأمة في سيرهم ودعوتهم إلى الله – عز وجل -، ومخالفة هذا الأصل ربما تؤدي إلى انتكاسة عظيمة، والتفرق هو قرة عين شياطين الإنس والجن؛ لأن شياطين الإنس والجن لا يودون من أهل الحق أن يجتمعوا على شيء، بل يريدون أن يتفرقوا لأنهم يعلمون أن التفرق تفتت للقوة التي تحصل بالالتزام بالوحدة والاتجاه إلى الله – عز وجل – ويدل لهذا قوله تعالى:(وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم)(8)، وقوله: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(9)،
وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)(10)،
وقوله: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه)(11)،
فالله تعالى قد نهانا عن التفرق وبين لنا عواقبه الوخيمة.

والواجب علينا أن نكون أمة واحدة، وكلمة واحدة، وإن اختلفت آراؤنا في بعض المسائل، أو في بعض الوسائل؛ فالتفرق فساد وشتات للأمر، وموجب للضعف.

والصحابة رضوان الله عليهم حصل بينهم الاختلاف لكن لم يحصل منهم التفرق ولا العداوة ولا البغضاء حصل بينهم الاختلاف حتى في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم،

ومن ذلك أن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال لأصحابه: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة " . وخرجوا رضوان الله عليهم من المدينة إلى بني قريظة وحان وقت صلاة العصر، فاختلف الصحابة فمنهم من قال: لا نصلي إلا في بني قريظة ولو غابت الشمس لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة" فنقول سمعنا وأطعنا.
ومنهم من قال إن النبي، عليه الصلاة والسلام، أراد بذلك المبادرة والإسراع إلى الخروج وإذا حان الوقت صلينا الصلاة لوقتها. فبلغ ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم يعنف أحداً منهم ولم يوبخه على ما فهم، وهم بأنفسهم لم يتفرقوا من أجل اختلف الرأي في فهم حديث الرسول، عليه الصلاة والسلام.

وهكذا يجب علينا أن لا نتفرق وأن نكون أمة واحدة.قد يقول قائل: إذا كان المخالف صاحب بدعة فكيف نتعامل معه؟

فأقول: إن البدع تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: بدع مكفرة.
القسم الثاني: بدع دون ذلك.

وفي كلا القسمين الواجب علينا أن ندعو هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام ومعهم البدع المكفرة وما دونها إلى الحق ببيان الحق دون أن نهاجم ما هم عليه إلا بعد أن نعلم منهم الاستكبار عن قبول الحق لأن الله تعالى يقول للنبي، صلى الله عليه وسلم: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)(12)، فندعوا أولاً هؤلاء إلى الحق ببيان الحق وإيضاحه بأدلته والحق مقبول لدى ذي كل فطرة سليمة، فإذا وجد منهم العناد والاستكبار فإننا نبين باطلهم على أن بيان باطلهم في غير المجادلة معهم أمر واجب.

أما هجرهم فهذا يترتب على البدعة؛ فإذا كانت البدعة مكفرة وجب هجرهم، وإذا كانت دون ذلك فإننا ننظر فإن كان في هجرهم مصلحة فعلناه، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لرجل مؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث" فكل مؤمن وإن كان فاسقاً فإنه يحرم هجره ما لم يكن في الهجر مصلحة فإذا كان في الهجر مصلحة هجرناه؛ لأن الهجر دواء، أما إذا لم يكن فيه مصلحة، أو كان فيه زيادة في المعصية والعتو فإن ما لا مصلحة فيه تركه هو المصلحة.

وحل هذه المشكلة: أعني مشكلة التفرق – أن نسلك ما سلكه الصحابة رضي الله عنهم، وأن نعلم أن هذا الخلاف الصادر عن اجتهاد في مكان يسوغ فيه الاجتهاد لا يؤثر بل إنه في الحقيقة وفاق لنا لأن كل واحد منا أخذ بما رأى بناءً على أنه هو مقتضى الدليل، إذاً فمقتضى الدليل أمامنا جميعاً، وكل منا لم يأخذ برأيه إلا لأنه مقتضى الدليل

فالواجب على كل واحد منا أن لا يكون في نفسه على أخيه شيء، بل الواجب أن يحمده على ما ذهب إليه لأن هذه المخالفة مقتضى الدليل عنده.
ولو أننا ألزمنا أحدنا أن يأخذ بقول الآخر لكن إلزامي إياه أن يأخذ بقولي ليس بأولى من إلزامه إياي أن آخذ بقوله، فالواجب أن نجعل هذا الخلاف المبني على اجتهاد أن نجعله وفاقاً حتى تجتمع الكلمة ويحصل الخير.

وإذا حسنت النية سهل العلاج، أما إذا لم تحسن النية وكان كل واحد معجباً برأيه ولا يهمه غيره فإن النجاح سيكون بعيداً.

وقد أوصى الله عباده بالاتفاق فقال %Aعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(13)
فإن هذه الآية موعظة للإنسان أي موعظة.

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الهداة المهتدين والصلحاء المصلحين إنه جواد كريم. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



شبكة الدعوة الإسلامية
آخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة مناهل ; 05-10-2008 الساعة 08:22 PM
  رد مع اقتباس