رد : الافتصاد العربي والعالمي
«التضخم» التحدي الأكبر أمام التنمية في دول التعاون
علي الزكري - ابوظبي
تحسين الأجور وسيلة تمكن المواطنين والمقيمين من مواكبة الغلاء
المتابع للتقارير الصادرة عن المؤسسات والمراكز الاقتصادية العالمية المتخصصة يلمس ان تلك التقارير تكاد تجمع على أن معدلات التضخم في دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» ستستمر بتسجيل ارتفاعات متتالية في الفترة المقبلة، وذلك بالرغم من تجاوزها مستويات تاريخية، في الأشهر القليلة الماضية، مما يشير إلى أن هذه المشكلة ستبقى في مقدمة القضايا المهيمنة على أجندات المسؤولين وصناع القرار خلال صياغتهم السياسات الاقتصادية لدول المنطقة، وستفرض نفسها كأحد أبرز العوامل والمؤثرات التي ينبغي أخذها في الاعتبار، والتحسب لها أثناء وضع الخطط التنموية للمرحلة المقبلة.
العديد من التقارير ترى أن التضخم الذي يجتاح المنطقة حاليا يعد إفرازا طبيعيا سببه تراكم الفوائض المالية النفطية، الناتج عن ارتفاع أسعار الخام إلى نحو خمسة أمثال ما كانت عليه عام 2002، واتجاه «دول التعاون» لتوظيف هذه الفوائض في مشاريع البنية التحتية، وتوسيع الاستثمارات العامة والخاصة، وتنويع قاعدة الموارد الاقتصادية، وارتفاع معدلات الاستثمار والاستهلاك بشكل عام، وما يستتبع ذلك من ازدياد الطلب على السلع بمختلف أنواعها، وكذلك على الأيدي العاملة والعقارات، مدعوما بنمو حجم الأعمال وتسارع وتيرة التنمية في المنطقة، بالإضافة إلى الأسباب النقدية والفنية الأخرى، مثل ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي، واضطرار البنوك المركزية الخليجية لإتباع سياسة نقدية تنسجم مع تلك المطبقة في الولايات المتحدة، لا سيما فيما يتعلق بتخفيض أسعار الفائدة وما يتمخض عن ذلك من ازدياد معدلات السيولة، وكذلك الجانب المتعلق بالتضخم المستورد، والمتمثل بارتفاع أسعار السلع المستوردة من الدول التي لا ترتبط عملاتها بالعملة الأمريكية، كدول الاتحاد الأوروبي الذي تستورد منها دول التعاون 35 بالمائة من وارداتها، فضلا عن العوامل المحلية المتصلة بارتفاع الإيجارات وأسعار العقارات، وغير ذلك من الأسباب التي باتت معلومة وتسهم بزيادة الضغوط التضخمية على الاقتصادات الخليجية، التي حققت أعلى معدلات نمو في العالم في الأعوام 2006 و2007، إذا ما استثنيت الصين والهند من القائمة، حيث تراوح المعدل بين 6 بالمائة و7 بالمائة.
وبينما كانت تقديرات «صندوق النقد الدولي»، التي أعلنت الشهر الماضي، حول متوسط معدلات التضخم المتوقعة لعام 2008 في منطقة الخليج تتحدث عن 8 بالمائة، وهو الرقم الأحدث الذي يطرحه الصندوق ويصعد بالمتوسط نقطة إضافية عن تقدير سابق أصدره منتصف العام الماضي، وتحدث عن 7 بالمائة، جاء الاستطلاع ليظهر ازدياد متوسط التضخم المتوقع لدول التعاون إلى أكثر من 9 بالمائة «جراء ارتفاع الإيجارات والأسعار العالمية للسلع، وتراجع أسعار الفائدة وزيادة معدلات الإقراض».
أما في الإمارات، فإن النسبة التي تطرحها الدراسة هي 15 بالمائة، بينما تزداد في السعودية من 5 بالمائة كمعدل معلن لتسجل 9 بالمائة على أرض الواقع.
وترجع الدراسة أسباب التباين الكبير في معدلات التضخم المعلنة وتلك الفعلية إلى عدد من الأسباب، يأتي في مقدمتها غياب التقارير والمسوحات الإحصائية العلمية المتعلقة بالأسعار القياسية وميزانيات الأسر وطرق إنفاقها،
|