رد : الأخبار الإقتصادية ليوم السبت12/ 5/ 1429 هـ الموافق17/ 5 / 2008 م
مع تراجع القوة الشرائية للريال تحويل السيولة إلى الأسهم والعقارات
- محمد البيشي من الرياض - 12/05/1429هـ
عزز التراجع المستمر لقيمة الريال السعودي في السوق المحلية والأسواق العالمية خلال عام 2008 وبفعل الهبوط المستمر لعملة الربط الدولار، والذي فقد وفق تقارير اقتصادية نحو 30 في المائة من قيمته منذ 2002 ما انعكس على العملة السعودية، من استبدال أصحاب رؤوس الأموال من الشركات والأفراد للسيولة من العملة الوطنية بعقارات أو عملات أخرى مثل اليورو أو الجنيه الاسترليني.
ويأتي هذا التحرك من قبل ملاك السيولة في السوق المحلية بعد أن أكد تقرير مصرفي صدر أخيرا أن قيمة عملات دول مجلس التعاون الخليجي انخفضت بنسبة تزيد على 37 في المائة بالأرقام الاسمية منذ عام 2002 وحتى مطلع عام 2008 بسبب ارتباط عملاتها بالدولار.
ومن هنا دعا متابعون اقتصاديون إلى إجراء مراجعة سريعة لارتباط الريال بالعملة الأمريكية في ظل تغير أسباب الربط بينهما وتنامي الخلل المالي وخاصة في ظل تراجع الدولار المستمر خاصة أمام العملات الأجنبية الأخرى.
وانعكس تراجع الريال السعودي على حركة المضاربة في السوق العقارية خلال الشهور الأخيرة بفعل رغبة الكثير من أصحاب رؤوس الأموال في المحافظة على القيمة الحقيقية لمدخراتهم، وهنا يقول لـ"الاقتصادية" الدكتور عبد العزيز الغدير، كاتب اقتصادي، إن جزءا كبيرا من تنامي أسعار الأراضي في المدن السعودية يعود إلى رغبة المستثمرين والمضاربين في عدم تجميد أموالهم، خصوصا مع التراجع المستمر لقيمتها بفعل تتبع السعودية للخفض المتتالي على الفائدة الأمريكية.
وزاد" نظرا لضعف قنوات الاستثمار المتاحة ونتيجة لتراجع الريال توجه الكثير من أصحاب رؤوس الأموال نحو المضاربة أو الاستثمار في العقار وهو ما تسبب في تضخم أسعارها.
وأوضح الدكتور الغدير أن نقل السيولة إلى "استثمارات وهمية" كتلك التي تحدث من خلال المضاربة على الأراضي نتيجة سلبية لتراجع العملة الوطنية، مشيرا إلى أنه من المنطقي أن يعمد أصحاب الأموال المقومة بالريال إلى تحويلها على عملات أخرى تشهد تناميا في تقييماتها.
ورغم أن بيانات مصلحة الإحصاءات العامة أشارت إلى ارتفاع الاستثمارات في الودائع لأجل والودائع الادخارية بنسبة 23.1 في المائة في آذار (مارس) الماضي، فيما زادت الاستثمارات في الإيداعات تحت الطلب بنسبة 31.7 في المائة، إلا أن الدكتور عبد الوهاب أبو داهش، مستشار اقتصادي، أكد أن تلك الودائع هي نتيجة تنامي عرض النقود القادم من ارتفاع أسعار النفط والاستثمارات القادمة من الخارج هي المبرر لتنامي تلك الودائع.
وقال الدكتور أبو داهش إن خير دليل على تخلص السعوديين من "الكاش" بالريال السعودي هو التنامي "المتوازي" لسوقي العقار والأسهم في وقت واحد خلال العام الجاري، مشيرا إلى أنه من الخطأ الاحتفاظ " بالسيولة" في ظل تراجع قيمتها بسبب تراجع قيمة الدولار وتراجع قيمة الوديعة.
وقال "إن المتتبع لمسيرة الاكتتابات في السوق السعودية والتغطيات العالية التي تتم فيها ومن قبل الأفراد يجد أن ذلك ليس ناتجا فقط عن رغبة في الاستثمار أنما أيضا رغبة في عدم الاحتفاظ بالأموال التي تتراجع قيمتها مقارنة بالأصول الأخرى".
وأضاف المستشار الاقتصادي أنه حتى ولو تم تعديل قيمة الريال في المرحلة المقبلة، فإن تلك الأصول ستظل قيمتها هي الأعلى، ما يعني أن هناك توقعا لاستمرار النمو في الاستثمار في تلك الأصول سواء كانت أسهما أو عقارات، مشيرا إلى أنها في الوقت نفسه أفضل عائدا من الودائع.
وتمنى الدكتور أبو داهش أن يتم رفع قيمة الريال في أقرب فرصة ممكنة لرفع قيمته الشرائية وقيمة الاقتصاد السعودي الحقيقية، مبينا أن هذين السببين كافيان لجعل متخذ القرار الاقتصادي في المملكة يعمد إلى رفع قيمة الريال.
وفي هذا الإطار تؤكد بيانات مصلحة الإحصاءات العامة تراجع نمو المعروض النقدي السنوي في السعودية إلى 23.04 في المائة في آذار (مارس) الماضي، بعد أن سجل في شباط (فبراير) من عام 2008 نموا بلغ 26.15 في المائة وهي من أعلى معدلاته منذ 1994 على الأقل، إذ أظهرت البيانات الرسمية الصادرة الشهر الماضي، أن مؤشر ن 3 وهو أوسع مقياس للأموال المتداولة في أكبر اقتصاد عربي زاد إلى 834.04 مليار ريال في العام المنتهي في 31 آذار (مارس) الماضي من 677.84 مليار ريال.
من ناحيته قال محلل اقتصادي ـ فضل عدم ذكر اسمه أن تراجع قيمة الريال تسببت في خسارة مئات الملايين من الريالات نتيجة انخفاض قيمة الاحتياطيات النقدية الخارجية المقدرة بالريال، مشيرا إلى أن ذلك انعكس أيضا على قيمة الأصول التي يملكها السعوديون والمقيمون في الخارج، والمقدرة بالريال السعودي، إذ إنها انخفضت الأمر الذي سيمنع هذه الاستثمارات من العودة إلى الاستثمار في السعودية.
وأضاف"لابد من إعادة النظر في قيمة صرف الريال السعودي أمام الدولار، إذ من المفترض رفع قيمة صرفه بنسبة 30 في المائة، وهي نسبة تعادل قيمة انخفاض الدولار أمام اليورو، والواقع أن تغير صرف سعر الريال أمام الدولار هو الأداة الوحيدة التي لم تُستخدم إلى الآن، خصوصا أن السعودية استخدمت جميع الوسائل الممكنة للحد من موجات التضخم الحاصلة في البلاد".
وهنا نذكر أن السعودية عمدت خلا الشهور الأخيرة إلى رفع الاحتياطي الإلزامي على البنوك العاملة في السوق السعودية إلى نحو 13 في المائة بعد سلسلة من الارتفاعات المتتالية، والتي لن تتجاوز بحسب قوانين مؤسسة النقد العربي السعودية 15 في المائة.
لذلك يؤكد المحلل الاقتصادي أن تغير سعر الصرف ورفع قيمة الريال أمام الدولار سيسهم في خفض معدل التخلص من العملة السعودية والذي تكشفه الحركة النشطة في حسابات البنوك.
وقال "إن رفع قيمة الريال هو الحل الأمثل في الوقت الراهن، خصوصا أن لدينا فوائضنا الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط، مضيفا: "إن حل مشكلة التضخم في دولة كالسعودية ليس لها سياسات نقدية مستقلة، إضافة إلى أنها ذات دخل واحد (النفط)، يتركز في رفع قيمة عملتها، إذ إنه ليس أمامها خيارات وحلول سحرية لكبح جماح التضخم في الوقت الراهن".
|