التحديات «تحاصر» الاقتصاد الأوروبي في الذكرى العاشرة لليورو
(د ب أ) -برلين

اليورو رمز الوحدة الاوروربية
احتفلت الدول الأوروبية بالذكرى العاشرة لإطلاق العملة الأوروبية الموحدة في ظل ظروف أقل ما يمكن أن توصف بها أنها "غير مواتية" بالنسبة للاقتصاديات الأوروبية.
فأسعار النفط في الأسواق العالمية وأسعار العديد من السلع الأساسية آخذة في الارتفاع الأمر الذي يؤجج المخاوف من انفجار الضغوط التضخمية في منطقة اليورو التي تضم في عضويتها حاليا 15 دولة من دول الاتحاد الأوروبي وعددها 27 دولة.
في الوقت نفسه تواجه هذه الاقتصاديات احتمالات تباطؤ النمو في ظل الغموض الذي يحيط بالاقتصاد العالمي بشكل عام والاقتصاد الأمريكي بشكل خاص.
لذلك يمكن القول: إن جان كلود تريشيه محافظ البنك المركزي الأوروبي وأعضاء مجلس الإدارة وعددهم 21 عضوا يواجه أصعب فترات الاختبار في تاريخ البنك القصير.
وفي الوقت الذي كشفت فيه بيانات صدرت الجمعة الماضي أن ارتفاع أسعار النفط والغذاء أدت إلى صعود معدل التضخم في منطقة اليورو في مايو الماضي إلى أعلى مستوى له خلال ستة عشر عاما مسجلا 3.6 بالمائة يواجه البنك المركزى الاوروبي أيضا مشكلة تباطؤ النمو الاقتصادي في كل من منطقة العملة الأوروبية الموحدة والعالم.
يقول راينر جونترمان كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي في مؤسسة درسدنر كلاينفورت الاستثمارية الألمانية: "هذه أصعب الأوقات التي تواجه البنك المركزي الأوروبي منذ تأسيسه".
ورغم ذلك فإن البنك المركزي الأوروبي نجح خلال السنوات العشر الماضي في جعل اليورو عملة قوية ذات مصداقية إلى الدرجة التي دفعت العديد من دول العالم إلى ضمها إلى سلة احتياطيات النقد الأجنبي لديها.
وقد ساعد هذا النجاح البنك في اتخاذ موقف قوي تجاه أسعار الفائدة في ظل مساحة واسعة للحركة في مواجهة ما يصفه الخبراء بأنه أول أزمة اقتصادية عالمية في القرن الحادي والعشرين.
وقد ساعدت قوة اليورو أمام العملات الرئيسية في العالم حاليا في دعم الثقة في البنك المركزي الأوروبي رغم الانتقادات التي واجهتها قرارات البنك خلال العشر سنوات الأولى من عمره.
كما ساعدت قوة العملة الأوروبية الموحدة في الحد من الضغوط التضخمية وامتصاص جزء كبير من الزيادة في أسعار النفط العالمية.
ولكن تزامن الاحتفال بالذكرى العاشرة لظهور اليورو مع خلافات أوروبية بشأن أفضل السبل لمواجهة الزيادة الكبيرة في أسعار النفط.
فقد رفض وزراء المالية الذين شاركوا في مراسم إحياء الذكرى السنوية للبنك الاثنين الماضي بشكل سريع دعوة الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي للاتحاد الأوروبي ببحث خفض قيمة ضريبة القيمة المضافة على وقود التدفئة والبنزين كجزء من جهود تخفيف الضغوط على دوائر الأعمال في التكتل الأوروبي. من ناحيتها أكدت فرنسا على أن هذا الاقتراح في حاجة إلى دراسة ،حيث قالت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد: "نحتاج إلى موقف سياسي للتعامل مع الوضع الراهن.. علينا على الأقل مناقشة هذا (الاقتراح)".
وكان ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى قياسي بلغ 135.09 دولار للبرميل في وقت سابق من الشهر المنتهي قد تسبب في تنظيم احتجاجات بدءا من قائدي الشاحنات إلى الصيادين في أنحاء أوروبا.
لكن وزراء مالية ألمانيا وأسبانيا وهولندا رفضوا أية خطوات لخفض ضرائب النفط وأشار وزير الاقتصاد والمالية الأسباني بيدرو سولبيز إلى أن الخطوة "ليست فكرة طيبة". وقال سولبيز الذي كان مفوضا سابقا للاتحاد الأوروبي للشئون الاقتصادية: إن "أسعار النفط تحددها السوق" ، مضيفا :إنه يجب بذل مزيد من الجهود باتجاه خفض استخدام النفط.
وردد وجهة نظره، وزير المالية الألمانية بير شتاينبروك الذي قال: إننا "ينبغي ألا يكون رد فعلنا سياسيا أو نحاول التدخل إذ أن ذلك تسبب في الوقوع في أخطاء في الماضي ". وقال وزير المالية الهولندي فوتر بوس في كلمة له خلال الاحتفالات: إننا يجب أن نجعل اقتصادياتنا أقل اعتمادا على أسعار النفط". ومن المقرر أن تحضر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو الاحتفال الرسمي في مبنى الأوبرا التاريخي لإحياء الذكرى العاشرة على ميلاد البنك وتوليه مسئولية تحديد السياسة النقدية لمنطقة اليورو في يونيو عام 1998. وفي كلمته خلال الاحتفال بذكرى تأسيس البنك قال رئيس المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه: إن العملة الأوروبية الموحدة حققت نجاحا كبيرا وأصبحت رمزا للوحدة الأوروبية. وأضاف: "الأوروبيون حققوا ما كان يبدو مستحيلا". وكان البنك المركزي الأوروبي - في إطار احتفالاته - قد فتح ابوابه الأحد الماضي أمام المواطنين لزيارة مقرّه في فرانكفورت وشملت الزيارة الجلوس في غرفة الاجتماعات التي يبحث فيها مجلس محافظي البنك المؤلف من 21 عضوا السياسات النقدية في منطقة اليورو.