النفط في أسبوع
قرار تحديد الأسعار في أيدي جهات «معيّنة» تملك الحسم النهائي
تحليل :أيمن سيف

المواجهة مع إيران قد تدفع الأسعار باتجاهات نحو المجهول
جاءت المتغيرات في أسعار النفط العالمية خلال الأسبوع (2-6 مايو) مؤكدة أن قرار تحديد الأسعار موجود لدى جهات معينة تملك الحسم النهائي ، والجديد في حركة اليومين الأخيرين من الأسبوع بالإضافة إلى تحقيق قيم تاريخية جديدة هو ارتفاع الحركة اليومية بشكل غير مسبوق فبلغ فارق الأسعار يوم الخميس 7 دولارات فيما تخطى حاجز 11 دولار يوم الجمعة ، أي أن نسبة التغير اليومي وصلت الجمعة إلى 8.5% متخطية بذلك نسبة 5% وهي القيمة التى بقيت الأعلى دائما ، وبذلك أصبحت حدود الحركة اليومية خارج نطاق أي توقعات .
لم يكن هذا الأسبوع مختلفا من حيث المعطيات والمتغيرات بطريقة تسمح لكل هذه الزيادات الدراماتيكية ، عدا الاستناد في ذلك إلى تخوفات من حدوث مواجهة ما مع إيران ، وهذا يؤكد أن الأخبار مهما كانت درجة صحتها وأهميتها من الناحية العملية فإن لها من يقرؤها بطريقته الخاصة ويترجم ذلك لتظهر النتائج بأسرع من المتوقع داخل أسواق النفط ، فكم من حادث نفطي أو خبر سلبي كان حجمه كبيرا واستوعبته الأسواق بتغيرات هامشية بينما نجد أن تصريحات تأتي من أحد السياسيين تشعل الأسواق حتى وإن تبين بعد ذلك أنها جاءت في سياق الاستهلاك الإعلامي وانتهى مفعولها .
لا شك أن أي أحداث حقيقية في المواجهة مع إيران قد تدفع الأسعار باتجاهات نحو المجهول ، ولكن يجب أن نتذكر أن المنطقة منذ 1980 وهي تمر بأحداث لم تنقطع وجزء هام من هذه الأحداث كان في دول رئيسية مصدرة للنفط بدءا من الحرب الإيرانية العراقية ، كل ذلك ولم تمر أية أزمة حقيقية على كميات العرض الموجودة في الأسواق ، لكن ربما خلال معظم تلك الفترات لم تكن آليات المضاربة المتوافرة حاليا في منصات التداول قد وصلت إلى ما هي عليه الآن من تطور وسهولة . أكدت أحداث السنوات الأخيرة وما جرى على العديد من أسعار السلع مثل السكر والقمح وحتى الكاكاو ، خاصة عندما تتحقق أسعار تاريخية مرة تلو مرة ، يعتقد المراقب لذلك أن هذه الأسعار لن تعود للانخفاض مطلقا ، وثبت أن ذلك غير صحيح فقد عادت أسعار بعض تلك السلع حتى أقل مما كانت عليه سابقا ، وحينها عندما كانت ترتفع كانت تقرأ جميع الأحداث المتصلة بها بنفس الأسلوب الذي تقرأ به أسعار النفط اليوم ، فكل خبر أو حتى تلميح من شأنه أن يشعل الأسعار بينما اليوم وعلى نفس تلك السلعة فإن أخبارا تمر كانت تصنف سابقا بأنها جسيمة أما اليوم فهي هامشية . لعل الأهمية في كل هذا أن الأسواق الحالية بآليتها الحديثة هي من صنع وتطوير البشر وهي إن كانت حصيلة خبرات طويلة متراكمة قد أنتجت أوضاعا غير مستقرة وآثارا سلبية على جميع أطراف المعادلة من منتجين ومستهلكين ، ومن الجدير أن تأخذ هذه المرحلة في الاعتبار لكي يعاد تقييم هذه الأسواق بضوابطها وأدواتها ، فإذا كانت الخبرة البشرية قد أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم فإن خبرات اليوم يجب أن توصلنا إلى وضع أفضل في الغد ..