ماذا بعد مراقبة المضاربين في أسواق النفط؟
د/ فهد محمد بن جمعة
مارس صانعو القوانين في الولايات الأمريكية المزيد من الضغوط على لجنة تجارة السلع المستقبلية( CFTC) لوضع حد لهؤلاء المضاربين المتهمين برفع أسعار النفط إلى مستويات تاريخية, حيث إنهم متهمون بالتلاعب بأسعار النفط المستقبلية ونشر المعلومات المضللة عن مخازن النفط العالمية من خلال بعض المجلات مثل (بلاتز) من اجل التأثير على أسعار النفط في الأجل القصير. فقد يعلن الملاك بأن مستوى مخازنهم قد انخفض لكي يشاركوا في عمليات المضاربة ورفع الأسعار إلى مستوياتها القصوى ملقين اللوم على الدول المصدرة للنفط من اجل تحقيق ارباح غير متوقعة. هؤلاء الملاك هم يستغلون ما سمح لهم المنظمون في الولايات المتحدة منذ فتره طويلة بالسيطرة على مخازن النفط في كوشنق اكلاهوما (Cushing, Oklahoma) حيث إنها محطة الشحن إلى بورصة نيويورك التي يتم فيها بيع النفط على أساس عقد النفط الخفيف الذي يعتبر مقياسا يعتمد عليه العالم في مقارنة أسعار النفط. فلقد كشفت اللجنة التجارية بعد تفحصها لما يتم نشره وما يدور في أسواق السلع من مضاربات منذ ديسمبر الماضي أن هناك نوعا من الاستغلال لأسعار النفط بواسطة هؤلاء المضاربين ما قد يجعلها أكثر صرامة بمراقبه هؤلاء المضاربين ومنع التلاعب بأسعار النفط في العقود الآجلة. فإذا ما نجحت هذه اللجنة في تحقيق أهدافها وضبطت المخالفين في أسواق النفط فإن أثره سوف يكون سلبيا على أسعار النفط وقد نشهد انخفاضا في تلك الأسعار في المستقبل القريب. وهذا ما حصل فعلا عندما تراجعت أسعار النفط إلى 126 دولارا للبرميل في الأسبوع الماضي بعد أن صرحت اللجنة أنها سوف تلاحق المتلاعبين وقد وصل سعر النفط الخفيف إلى مستوى 123.64 دولار للبرميل ليوم الأربعاء الماضي. كما أن اللجنة سوف تراقب مؤشرات الصناديق المالية في الأسواق الأمريكية وتتبادل المعلومات عن أسواق النفط مع سلطه الخدمات المالية في بريطانيا وأي سي اي ICE)) لمستقبل أوروبا بعد أن تم الاتفاق بينهم على ذلك.
فإذا ما نجحت تلك اللجنة في دحر المضاربين وبقيت الأسعار على ما هي عليه فإن دول الأوبك سوف تجد نفسها في موقف حرج أمام المستهلكين لأنها دائما تؤكد لهم أن ارتفاع أسعار النفط ليس نتيجة نقص في المعروض ولكنه نتيجة للمعاملات المضاربية في أسواق النفط العالمية. فلا ندري ماذا سوف تكون ردة الأوبك بعد تدخل تلك اللجنة في أسواق النفط الرئيسية لكي تتفادى ذلك الإحراج الذي لم يعد يدعمه حتى مؤشرات الطلب العالمي في الدول الأسيوية مثل الصين والهند وركود الاقتصاد الأمريكي اكبر مستهلك للنفط رغم ظهور بوادر تحسنه والذي صاحبه تحسن في سعر عملة تسعير النفط بعد أن توقف خفض سعر الفائدة. انه اختبار حقيقي يقيس مدى رغبة و قدرة أعضاء الأوبك وخاصة ذات الطاقات الإنتاجية الفائضة على رفع إنتاجها بالقدر الذي يخفض الأسعار إلى مستويات ترضي كلا الطرفين من منتجين ومستهلكين عند نقطه التوازن بين العرض والطلب لهذه السلعة غير المتجددة.