[جعبة الأسهم]

حرفية تطوير المساكن

د . سمير أكبر



مازلت اتكلم عن تطور المساكن وعلاقتها بضرورة التخصص في التطوير . ذكرت في المقالة السابقة بعض الامثلة للعلاقة الجدلية بين تطور المساكن والمستخدمين لها بحيث لا تنتهي هذه الجدلية وتستمر الى ما لا يمكن ان يتوقعه احد. واضرب اليوم مثلا يدلل على درجة مرونة تغيير الاسرة عادتها على حسب الحاجة الاقتصادية وهو تصميم بعض البيوت في بنغلاديش، حيث عرض لي مرة زميل تدريس بجامعة الملك فيصل، وهو دكتور عمارة من بنغلاديش، مخططات لشقق طولها عشرون مترا وعرضها 1.5متر تقريبا. لا ليس هناك خطأ مطبعي، عرضها فعلا متر ونصف وطولها عشرون مترا !! ولولا اني رأيت المخططات بعيني لما صدقته، فلماذا هذا العرض الصغير جدا للبيت وكيف تعيش الاسرة فيه؟ تعيش بعض الاسر في بنغلاديش على بيع بعض الاعمال اليدوية الحرفية البسيطة على عتبات بيوتها المطلة على الشوارع . فطول البيت على الشارع يعد سببا اقتصاديا في حياة الاسرة . يمتلك رب الاسرة بيتا بطول عشرين مترا وعرض 18مترا يطل على شارعين، فعنده على كل شارع عرض 18 مترا وزبائن من الجهتين . عندما يموت رب الاسرة ويخلفه اربعة ابناء مثلا، يرغب كل منهم في الاطلالة على الشارعين لنفس السبب الاول وهو البيع لاكبر قدر من الزبائن، فينقسم عرض البيت الى اربعة اقسام فيصبح عند كل ابن له بيت بطول عشرين مترا وعرض 4.5 متر، ويكبر الابناء ويموت احدهم ويخلفه على سبيل المثال 3 ابناء كل منهم يرغب في الاطلالة على الشارعين لنفس السبب فينقسم البيت الى 3 اقسام اخرى ويصبح عرض كل منها 1.5 متر بطول عشرين. كيف يعيشون في بيت بهذا العرض؟ اولا لا تكون هناك غرف بل مقاطع يمر الواحد من مقطع الى آخر ليصل للطرف الآخر وعندما ينامون، ينامون واحدا تلو الاخر على طول البيت وليسوا مصفوفين جنبا الى جنب، وطبعا لا يستخدمون اثاثا كالذي في بيوتنا بل بيوتهم بسيطة لحد كبير . ان هذا المثل يدل على الدرجة الكبيرة التي يتمتع بها الانسان في التأقلم مع الظروف، ولذلك اعود واختم هذه السلسلة من المقالات بان هذا التغير المستمر سواء في عادات الناس او اسعار مواد البناء او اسعار الوحدات السكنية او اقتصاديات المجتمع تقتضي التخصص للريادة . فالشركة المتخصصة في التطوير هي التي يمكن لها متابعة هذه التغيرات وايجاد الحلول للتغلب على كل الصعوبات وتطوير وحدات سكنية مناسبة.