عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2008   رقم المشاركة : ( 3 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حتى لا نسقط في الفتنة(رؤية شرعية في الأخوة الإنسانية)

* أهداف المدرسة العصرانية ومقاصدها في التلويح بهذا المبدأ :

1) تمييع عقيدة البراء من الكفار وبغضهم وعدواتهم ، واستبدال ذلك بالدعوة إلى محبَّتهم ومودتهم ومصاحبتهم! إلى غير ذلك من العبارات التي يحاولوا أن يسترضوا بها الكفار، لتربط بينهم وبين المسلمين بوشيحة الإخاء ، وحين يقتنع المسلم بهذه الدعوات المنهزمة فإنه سيقل إحساسه بخطر الكفار ، وأهمية البراءة منهم ، بل سيحصل بينه وبينهم نوع من الانسجام الفكري ، والتنازل العقدي ، بغية الاجتماع على قواسم مشتركة .

وممَّا يجدرالتنبُّه له ، ووجدته واضحاً من خلال البحث والاستقراء لكتابات أصحاب المدرسة العصرانية ، حيث رأيتهم متوافقون في مقاصدهم تجاه(الإخاء الإنساني) وأنَّهم يريدون من وراءه القول بمودة الكفار ومحبتهم والتعايش معهم، ولهم كتابات منتشرة في ذلك لو قلَّبها المتابع لوجدها صريحة بنشرهذا المقصد ، فتجد أنَّ بعضهم يقول : (إنَّ الأخوة الإنسانية العامة التي أوجب الإسلام بها التعارف عندما يختلف الناس أجناساً وقبائل يجب وصلها بالمودة ، والعمل على الإصلاح ومنع الفساد ولو اختلف الناس ديناً وأرضاً وجنساً) بل إنَّ بعضهم يقول: (... ومع ذلك التاريخ السابق فإننا نحب أن أيدينا وأن نفتح آذاننا وقلوبنا إلى كل دعوة تؤاخي بين الأديان وتقرب بينها ، وتنزع من قلوب أتباعها أسباب الشقاق).

والحقيقة أنَّ من تعلَّم العقيدة الربَّانيَّة حتَّى تجذَّرت في أعماق نفسه البشرية ، يعلم أنَّ هذا الكلام مغاير لنصوص الكتاب والسنَّة ، فأين يوجد في كتاب الله أو في سنَّة رسول الله القول بجواز مودَّة الكافر، وأين يوجد ذلك فيما سطَّره علماؤنا في كتبهم ، أو ما طرَّزوه في مسائلهم.

فاللَّه ـ عزَّ وجلَّ ـ يقول في محكم التنزيل:( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق )[18]وهنا نهي صريح عن إلقاء المودة للكافرين ، ويقول تعالى كذلك:(لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )[19] قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على هذه الآية:(أخبر الله أنك لا تجد مؤمناً يواد المحادين لله ورسوله ، فإن نفس الإيمان ينافي مودته كما ينفي أحد الضدين الآخر ، فإذا وجد الإيمان انتفى ضده ، وهو موالاة أعداء الله )[20] ا.هـ .

ولذلك فإن هذه الآية لم تخص الذين حاربونا فقط من دونهم بل خصت الكفار أجمعين‘ وفي هذا يقول الإمام ابن حجر العسقلاني عن هذه الآية : (البرُّ والصلة والإحسان لا يستلزم التوادد والتحابب المنهي عنه في قوله تعالى(لا تجد قوماً...) فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل )[21]

وقد يقول قائل إنَّ المرحلة تقتضي كهذه العبارات ، لتخفيف وطأة الكفَّار على المسلمين؟

ولكنَّنا نقول متسائلين كذلك : هل ورد مثل هذا الكلام من رسول الله –صلى الله عليه وسلم – وصحابته الكرام حين كانوا مستضعفين في مكة ، وحين كان الكفار يسومونهم سوء العذاب ، رغم توفرالأسباب الداعية لذلك ، ومحبة كفار قريش لتلاقي دينهم مع دين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأن يداهنهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليداهنوه ؟

إنَّ ذلك لم يكن ألبتة ، مع أنَّ الكفار كانوا يودون أن يداهنهم رسول الله ـصلى الله عليه وسلَّم ـ ليداهنوه ، فقد قال تعالى عنهم:( ودوا لو تدهنوا فيدهنون )[22] قال أبو المظفر السمعاني – رحمه الله- ( وقوله( ودوا لو تدهن فيدهنون ) أي : تضعف في أمرك فيضعفون ، أو تلين لهم فيلينون )[23] ، وذكر القرطبي – رحمه الله – على هذه الآية عدداً من الأقوال ثم قال : ( قلت : كلها إن شاء الله صحيحة على مقتضى اللغة والمعنى ، فإن الدهان : اللين والمصانعة ، وقيل: مجاملة العدو وممايلته ، وقيل : المقاربة في الكلام والتليين في القول )[24]
ومع هذا كله فقد أبى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يستمع لكلامهم بل قال بصريح العبارة : ( لكم دينكم ولي دين )[25]، وكان- بأبي هو وأمي – مقتفياً لقوله تعالى : ( ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك .. )[26]


وأمَّا ما زعمه بعضهم بجوازأن يقول المسلم للنصراني (أخي) واستدلَّ على ذلك بقوله تعالى:(إنَّما المؤمنون إخوة) ثمَّ ذكر أنَّ النصراني مؤمن من وجه ، والمسلم مؤمن بوجه آخر، فلا شكَّ أنَّ هذا خطأ ، لأنَّه سبحانه وتعالى جلَّى هذه القضية بكل وضوح فقال عن الكفار:(وماهم بمؤمنين) وقال كذلك عنهم:(فإن تابوا وأقاموا الصلاة فإخوانكم في الدين )[27] والذي يفهم من هذه الآية أنَّه لا أخوة سابقة بين دين الكفَّار ودين المسلمين إلا إذا دخلوا في الإسلام فهم إخواننا لهم مالنا وعليهم ما علينا ، ومن جميل ما قاله الشيخ/ محمد رشيد رضا – رحمه الله – حول هذه الآية:( وبهذه الأخوة يهدم كل ما كان بينكم وبينهم من عداوة ، وهو نص في أن أخوَّة الدين تثبت بهذين الركنين ، ولا تثبت بغيرهما من دونهما )[28]

بل إنَّه مخالف لقوله تعالى:( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برؤاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده )[29]، قال الإمام ابن تيمية:( فمن كان مؤمناً وجبت موالاته من أي صنف كان ، ومن كان كافراً وجبت معاداته من أي صنف كان )[30].

ولله درُّ الشيخ الداعية/عبدالرحمن الدوسري ـ رحمه الله ـ حين حذر من هذه الدعاوى المنحرفة ، قائلا:ً(فانظر إلى إبراهيم إمام المسلمين ومن معه من الأنبياء كيف صرَّحوا بعداوة قومهم وبغضهم لأنَّ الله لا يبيح لهم موالاتهم أو مؤاخاتهم باسم القومية لأي هدف كان حتى يتحقق فيهم الإيمان بالله قولاً وعملاً واعتقاداً.

وأوجب الله علينا التأسي بهم ، ذلك أنَّ مؤاخاة الكفار بأي شكل من الأشكال ، ولأي غرض من الأغراض لا يكون أبداً إلا على حساب العقيدة والأخلاق بل لا يكون إلا بخفض كلمة الله واطِّراح حكمه ونبذ حدوده ورفض وحيه ، ومهما ادَّعوا من الأخوة الإنسانية والعمل لصالح الوطن ومقاومة أعدائه ونحو ذلك من التسهيلات المفرضة ، فإنَّ المصير المحتوم للمسلمين هو ما ذكرناه من تجميد رسالة الله وإقامة حكم مناقض لإعلاء كلمته والجهاد الصحيح في سبيله وتحكيم شريعته.
وما قيمة الإسلام إذا لم يكن هو الحاكم ظاهراً والمهيمن باطناً)[31]

والعجب أنَّه مع هذا التنازل من بعض المنتسبين للعلم ـ هداني الله وإياهم ـ وإطلاقهم لهذه الألفاظ على الكفَّار؛ لم تلق أذناً صاغية منهم ، ولا يزال هؤلاء العصريون يميعون قضايا الدين ، لإرضاء شرذمة الكفر، ويبقى الكفار يزدادون قتلاً وسفكاً واتهاماً للمسلمين بالتشدد تارة ، والتنطع تارة أخرى ، والإرهاب تارة أخرى ، قال الله تعالى ::(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )[32]ومن المهم حينها أن نعلم بأنَّ الكفارلا يريدون من المسلمين إلا الانسلاخ عن الدين ، والكفر برب العالمين ، ولن يكسب المسلمون من هذا كله دنيا هنية ، ولا ديناً قوياً وأخشى أن نكون كما قيل :

[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]نرقع دنيانا بتمزيق ديننا = فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع.[/POEM]


2) ومما يهدف إليه العصريون من هذا المبدأ : مسخ تميز المسلم عن الكافر بعباداته وعاداته ، وظاهره وباطنه ، و(إزالة استعلاءه بإيمانه ، الناشئ من إحساسه بالتميز عن الجاهلية المحيطة به في كل الأرض .. لكي تنبهم شخصيته وتتميع )[33].

ولا شك أن هذا مفرح للكفار،لأنهم يسعون إلى تذويب المسلم ظاهراً وباطناً في مجتمعاتهم الآسنة، بل حتى لو كان في بلاده فلا يشعر بفوارق بينه وبين غيره من الكفار.

يقول المستشرق النمساوي المعاصر( فون جرونيباوم- Von Grunebaum) في كتاب له يسمى:( الإسلام الحديث – Modern Islam) : ( إن الحاجز الذي يحجز المسلم عن ( التغريب – Westernization) هو استعلاؤه بإيمانه ، وإنه لا بد من تحطيم ذلك الحاجز لكي تتم عملية التغريب )[34].

وجاء في المادة السادسة من الميثاق الإذاعي للدول العربية ما نصه:(الانفتاح على الحضارة الإنسانية أخذاً وعطاءً وتعميق روح الأخوة الإنسانية والتأكيد على أن الأمة العربية تمد يدها لكل شعوب الأرض دون ما نظر إلى اختلاف الدين أو العقيدة أو أسلوب الحياة للتعاون على توفير أسباب الحرية والتقدم والسلام القائم على العدل وذلك انطلاقاً من جوهر القيم العربية واستهداءً بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان )[35].

ويبين من هذا أن هذه الكلمة خطة ماسونية غربية تلقفها العصريون ونشروها بين المسلمين بدلاً عنهم ، ولا ريب أن هذا متابعة لهم في ما يهوونه ، وهو ما نهى الله عنه وحذر منه فقال لمحمد – صلى الله عليه وسلم – ( ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك )[36] ، وقال سبحانه :(ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير)[37] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ( ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ، ويُسرون به ، ويودون أن لو بذلوا عظيماً ليحصل ذلكـ ثمَّ قال ـ ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين، نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه، أو مظنة لمتابعتهم فيما يهوونه )[38].

3) ومما يهدفون إليه عدم التفكير بجهاد الكفار ، وإماتة الروح الجهادية في قلوب المسلمين ، بحجة أنهم إخوان لنا في الإنسانية فلا بد أن تحترم كرامتهم وإنسانيتهم وأن نكون متسامحين معهم وهذا في جهاد الطلب ، بل أنكر آخرون جهاد الدفع ولو قتل المسلم على أيدي الكفار، وذك لـ(يكون المسلم شهيد السلام والتآخي والتسامح أو أنه(شهيد الفكرة المتراحمة) وهذا الكلام لم ألقه جزافاً وممن نص عليه الطبيب الدكتور: خالص جلبي ، في كتابه:(سيكلوجية العنف واستراتيجية الحل السلمي)[39] مقرراً لهذا القول العجيب، بهذه القزمة الفكرية ، التي لم تكن حتى عند الجاهليين العرب ، وحقاً هو التضليل الفكري ، والصوت النشاز في العالم الإسلامي ـ نسأل الله العافية والسلامة ـ وعش رجباً ترى عجباً:

[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]الله أخر موتتي فتأخرت = حتى رأيت من الزمان عجائباً.[/POEM]
إنها ثقافة الانهزام التي تسري في عروق هؤلاء العصريين باسم ثقافة الإخاء والسلام.

يتبع
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس