عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2008   رقم المشاركة : ( 4 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حتى لا نسقط في الفتنة(رؤية شرعية في الأخوة الإنسانية)

4- ومما يهدف إليه العصريون بهذا المصطلح (إلغاء المناداة بالرابطة الإسلامية أو تحييدها واستبدالها بالرابطة الأخوية الإنسانية ، إلى الوحدة الأخوية الدينية )[40]،

ولذا فهم يدندنون كثيراً على هذه المصطلحات، ولا ريب أن هذا باطل وزور من القول ، فنحن وإن كنا أبناء لآدم وحواء ، فإن هذا لا ينفعنا عند الله ، والذي ينفعنا هو الدخول في دين الإسلام وعقد الأخوة المسلمين ، وقد امتن الله علينا بهذه الأخوة فقال : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً )[41]، وبعدئذ يتوحد الحب لدى المسلم فلا يحب إلا أخيه المسلم ولا يرتبط إلا به ، ولا يصاحب إلاَّ إياه ، وما أروع ما قاله الأستاذ : سيد قطب – رحمه الله - ( إن البشرية لا تنقسم في تقدير المسلم إلى أجناس وألوان وأوطان ، إنما تنقسم إلى أهل الحق وأهل الباطل ، وهو مع أهل الحق ضد أهل الباطل .. في كل زمان وفي كل مكان .. وهكذا يتوحد الميزان في يد المسلم على مدار التاريخ كله ، وترتفع القيم في شعوره عن عصبية الجنس واللون واللغة والوطن ، و القرابات الحاضرة أو الموغلة في بطن التاريخ ، ترتفع فتصبح قيمة واحدة .. هي قيمة الإيمان يحاسب بها الجميع، ويقوم بها الجميع)[42]، ولو دقق في نداء نوح لربه ـ عز وجل- قائلاً:( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين)[43]، فقد رد الله – عز وجل – عليه قاطعاً ما بينه وبين ابنه من أواصر القرابة ، قائلاً:( يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح )[44]، وذلك أن نوحاً كان ابنه كافراً ، ففصم الله العلاقة بينه وبين أبيه، حتى يتميز حزب الرحمن من حزب الشيطان ، ويعلم أن آصرة التجمع هي على عقيدة الإسلام ،وأن رابطة الولاء لا تكون ولا تنبغي أن تكون إلا لمن اتبع هذا الدين ، وقام به خير قيام.

نعم إن الإنسان مخلوق كريم، كما قال تعالى: ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)[45]، وقال ( ولقد كرمنا بني آدم )[46]، لكنه لما حاد عن منهج الله ، قال تعالى عنه : ( ثم رددناه أسفل سافلين )[47]، ولم يستثن إلا من ثبت على شريعة الإسلام ، فقال: ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )[48]‘ فمن اتبع غير شريعة الله فليس ذا كرامة ،كما قال تعالى : ( ومن يهن الله فما له من مكرم )[49]، بل سمى الله المشرك نجساً ، فقال: ( إنما المشركون نجس )[50].


فمن جعل من المسلمين شعار( الإخاء الإنساني) هو الشعار المرفرف ، موالياً من والاه ، ومعادياً من عاداه ، فإنه قد ارتكب جرماً كبيراً في حق ربه ـ عزوجل ـ ، وتنكر لأمته وهويته، و جزى الله الشيخ : جاد الحق علي جاد الحق خيراً– شيخ الأزهر سابقاً – رحمه الله – حين قال : ( إن البحث عن هوية أخرى للأمة الإسلامية خيانة كبرى ، وجناية عظمى ، وقد لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (من غير منار الأرض)[51]، فكيف بمن يغير هوية أمة ، ويضلها عن طريق النجاة ؟ )[52]ا.هـ. فمن فعل ذلك فإنه قد شابه الجاهلية ، والتي تحب أن تنتسب للروابط القومية أو الإقليمية، لذا فقد أزال رسول الله- صلى الله عليه وسلم – تلك الرؤى الجاهلية والتي كانت عند الصحابة الكرام – رضي الله عنهم أجمعين – فقال يخاطبهم ( إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَة الجاهلية ، وفخرها بالآباء ، إنما هو مؤمن تقي ، وفاجر شقي ، الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن )[53]،

قال شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله- معلقاً على هذا الحديث : ( فأضاف العُبية والفخر إلى الجاهلية ، يذمها بذلك ، وذلك يقتضي ذمها بكونها مضافة إلى الجاهلية ، وذلك يقتضي ذم الأمور المضافة إلى الجاهلية )[54]،

وقال في موضع آخر : ( وذلك أن الانتساب إلى الاسم الشرعي ، أحسن من الانتساب إلى غيره ، ألا ترى إلى ما رواه أبو داود من حديث .. أبي عقبة – وكان مولى من أهل فارس – قال: ( شهدت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أحداً، فضربت رجلاً من المشركين ‘ فقلت: خذها وأنا الغلام الفارسي، فالتفت إلي فقال: ( هلا قلت : خذها مني وأنا الغلام الأنصاري ؟ )[55] .

قال العلامة القاري – رحمه الله - : ( وكانت فارس في ذلك الزمان كفاراً ، فكره – صلى الله عليه وسلم – الانتساب إليهم وأمره بالانتساب إلى الأنصار ليكون منتسباً إلى أهل الإسلام)[56].

وقال العلامة الشنقيطي – رحمه الله - : ( ولا يخفى أن أسلافنا معاشر المسلمين إنما فتحوا البلاد ومصروا الأمصار بالرابطة الإسلامية ، لا بروابط عصبية ، ولا بأواصر نسبية)[57] .


يتبع
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس