عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2008   رقم المشاركة : ( 5 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حتى لا نسقط في الفتنة(رؤية شرعية في الأخوة الإنسانية)

* تساؤل.... وجوابه.....

إذا اتفق على مراد هؤلاء العصريون في مبدأهم ( الإخاء الإنساني) فقد يتساءل البعض:لِم يستخدم هؤلاء هذه الفكرة محاولين أن يقنعوا الناس بها ؟

والجواب:
يحسن التنبيه بأنَّه قد تكون منهم فئة وقعت شبهة في عقولهم ، أو لم يدركوا أبعاد هذه الفكرة فأطلقوها بحسن ظن ونية منهم – فربنا يغفر لهم – إلا أن الغالب على أكثرهم أنهم يلبسون الحق بالباطل ، ويتاجروا بهذه الكلمة ليروجوا باطلهم على أذهان الناس باعتبار أنها في أصلها صحيح ، ولبس الحق بالباطل ( قاسم مشترك ) بين أهل الأهواء والبدع ليروجوا باطلهم باسم الحق.

قال ابن القيم – رحمه الله – وقد كان يتحدث عن أصحاب الحيل الباطلة ( وأخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة ، بحسب تلك البدع .. فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق )[58].

وكذلك فإن مصطلح ( الإخاء الإنساني) مصطلح مجمل يحتمل حقاً ويحتمل باطلاً ، والعصرانيون يشتركون مع أهل البدع بأخذهم بالألفاظ المجملة والعمومية التي تسبب كثيراً من الإشكالات ، ليخلقوا الغبش والضبابية حول مفاهيمهم ، فهم لا يحبون التفصيل بل من طبعهم الإجمال في العبارات والنصوص لتبدوا رجراجة غامضة ، ولذا يوصي ابن القيم في نونيته بالابتعاد عن مثل هذا النسق، والذي مشى عليه كثير من أهل البدع ، قائلاً :

[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]فعليك بالتفصيل والتبيين فا = لإطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبَّطا = الأذهان والآراء كل زمان[/POEM]

و لينظر إلى الخوارج كيف أنهم تمسكوا بظاهر آية مجملة وهي في قوله تعالى: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )[59]، فكفروا طائفة من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منهم من شهد له بالجنة كعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه وأرضاه – بسبب أنهم أخذوا هذه الآية بمجملها و بنوا عليها باطلهم .

ولهذا فإن أفضل حل مع هذه الطوائف أن يستفصل عن مرادهم بهذه الألفاظ المجملة كلفظ (الحرية ) و(التجديد) وغيرها من الألفاظ والتي منها ( الأخوة الإنسانية ) فإن أطلقت هذه المصطلحات فليسأل صاحبها ماذا تريد بهذا المصطلح؟

قال ابن تيمية ( وأما الألفاظ المجملة فالكلام فيها بالنفي والإثبات دون الاستفصال يوقع في الجهل والضلال والفتن والخبال ، والقيل والقال ، وقد قيل ( أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء)[60].

هذا مع أن الأفضل في اعتقادي – والله أعلم – في مصطلح(الأخوة الإنسانية) تجنبه مطلقاً ، وعدم النطق به، ولو لم يكن من ذلك إلا عدم الوقوع في مشابهة الكفارمن الأنظمة الماسونية وغيرها لكفى ، وهذا من أعظم مقاصد القرآن فإنه يحث على تجنب مشابهة الكفار حتى في ألفاظهم والنهي عن النطق بها ، ولو كان ظاهرها صواباً ، لأن أهل الكفر والفساد يقصدون منها معان باطلة ، وتأويلات مغايرة لحقائق الوحيين ، فلفظة ( راعنا) عند اليهود كانوا يقولونها استهزاء برسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويريدون منها معنىً قبيحاً ، فنهى الله المؤمنين عن قولها والتلفظ بها لئلا يتشبه المسلمون بالكفار ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا )[61]،

قال قتادة وغيره ( كانت اليهود تقوله استهزاءً ، فكره الله للمؤمنين أن يقولوا مثل قولهم )[62] ،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله معلقاً – ( فهذا كله يبين أن هذه الكلمة نهي المسلمون عن قولها ، لأن اليهود كانوا يقولونها – وإن كانت من اليهود قبيحة ومن المسلمين لم تكن قبيحة – لما كان في مشابهتهم فيها من مشابهة الكفار ، وتطريقهم إلى بلوغ غرضهم )[63] .


* وفي ختام المقال :


فإني أوصي من كان على هذا المنهج العصراني أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يستشعروا ( أمانة الكلمة ) وأن العبد ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )[64] وليت هؤلاء العصريون وكما أنهم يحاولون استرضاء الكفار بالربط بينهم وبين المسلمين بحلقة التآخي؛ ليتهم يوجهوا أنظارهم إلى إخوانهم المسلمين ، ويحلوا مشكلات التفرق والخصومة بينهم بمنهج السلف الصالح ، ويوثقوا بينهم وشيجة الإخاء ، وآصرة الولاء ، ورابطة التجمع على:(لا إله إلا الله محمد رسول الله).
إلاَّ أن العكس هو الواقع فالمتابع لحركة أصحاب المدرسة العصرية في التأليف والندوات التي يقيمونها يلحظ أن أكثر سهامهم موجهة تجاه المنهج السلفي ، ولمزه تارة بـ(التنطع ) و( التشدد) أو أن أصحابه(جامدون – نصوصيون – حرفيون – كهفيون..)[65] إلى غير ذلك من الألفاظ ، وبالمقابل يسعون لإرضاء الكفار ومداهنتهم والتقارب معهم ، مع أن الكفار لم يأبهوا بكلامهم ولا رضوا عن فعالهم ، ويصدق فيهم قول الشاعر :
[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]باء بالسخطتين فلا عشيرته رضيت =عنه ولا أرضى عنه العدا [/POEM]

فمن يقارن حال هؤلاء العصريين مع الكفار ومع من تمسك بالسنة الغراء، فسيجد ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين.

وقد أحسن الدكتور: عدنان النحوي ، حين صوَّر حال هؤلاء قائلاً:( وأصبح من المسلمين من يأنس للتحالف مع أعداء الله ، ويأنف من التعاون مع المسلم ، ودوى شعار( تقارب الأديان) وغاب شعار ( المسلم أخو المسلم )[66].

ولا يعني ذلك أن لا يدعو المسلم الكفار لدين الله – عز وجل – وتحبيبهم إليه ، وتبليغهم رسالة الله ، ومحبة الخير لهم ، والعدل معهم ، وعدم ظلمهم ، وهذا مع الكفار المحاربين ، فما البال بغير المحارب منهم فإن الله أمرنا بالبر معهم والإقساط إليهم ، وإعطائهم حقوقهم ، وعدم الغدر بهم، بقوله تعالى:(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )[67] .

ذلك هو منهج الإسلام في معاملة الكفار ، فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا إرخاء ، فهو دين وسط ، كما أننا أمة الوسط ، ونعامل جميع الخلق – مسلمهم وكافرهم – بهذه الوسطية الحقة التي أمرنا الله – عز وجل – بها قائلاً : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً )[68] .

وإنَّ أعظم ما يمزق الصف الإسلامي من داخله ، ويشرخ في وحدته ، حين يتكلم من رأى أمة الإسلام في ركب المتخلفين ، وذيل الأمم ، فأصبح يلفق بين الإسلام وبين ما يسمى بـ(الحضارة الغربية ) ويقدم للعالم أجمع إسلاماً(مقصَّصَاً) قد تخلى بنزعة غربية ، ولهجة استرضائية للغرب الكافر، بسبب ضغط الواقع ، معبرين عنه بالإسلام المستنير!!

تلك ثقافة الضرار، ومنهجية التلبيس التي صيرت عالمنا الإسلامي المتزلف الأول للكفار، والتي أرى أن يجند دعاة الإسلام وعلمائه للرد عليها ، وكشف شبهها ، علَّ الله أن يهدي أصحابها ومن تأثر بفكرهم ويردهم إلى سواء السبيل .

ورحم الله علماءنا حين قالوا:( رحم الله امرءاً عرف زمانه فاستقامت طريقته ).

فهل من مستمسك بالإسلام والسنة في القرن الخامس عشر، مفارقاً كل شر وبدعة؟!!
أسأله تعالى أن نكون منهم .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ملحوظة: هذه الدراسة نشرت في موقع المسلم.

--------------------------------------------------------
1) وقد وصف العلامة الراحل – محمود شاكر – رحمه الله هذه المصطلحات بأنها ( ألفاظ لها رنين وفتنة ، ولكنها مليئة بكل وهم وإيهام ، وزهو فارغ مميت فاتك ، توغل بنا في طريق المهالك ، وتستنزل العقل حتى يرتطم في ردغة الخبال ) انظر كتابه (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا )، صفحة ( 82 )
2) سورة إبراهيم آية ( 52) .
3 ) بل هم المستخربين ، فلم يدخلوا بلدة أو قطراً مسلماً إلا وخربوه دينياً وحضارياً فحاشاهم الاستعمار.
4) جذور البلاء، للأستاذ عبد الله التل، صفحة ( 265- 274 )، المكتب الإسلامي.
5 ) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة – إصدار الندوة العالمية للشباب الإسلامي ( 1 / 518 ) .
6) سورة الحجرات آية(10)
7) سورة التوبة (11)
8) فتح القدير للشوكاني(2/222)
9) رواه البخاري، في كتاب المظالم (4) باب (3)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب (45) باب تحريم الظلم حديث رقم ( 2580 ) كلاهما من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما.
10) سورة الحشر، آية (11).
11) زاد المسير ، لابن الجوزي ( 8/ 217 ) .
12) سورة الشعراء، آية ( 105 – 106 ).
13) فتح القدير ( 3/ 270 ).
14) سورة طه ، آية ( 42 ) .
15) سورة الأعراف، آية (65).
16) سورة الأعراف، آية ( 26).
17) قال ابن رجب ( ومن أعظم خصال النفاق العملي أن يعمل الإنسان عملاً ويظهر أنه قصد به الخير ، وإنما عمله ليتوصل به إلى غرض سيء ، فيتم له ذلك ، ويتوصل بهذه الخديعة إلى غرضه ، ويفرح بمكره وخداعه ) وصدق رحمه الله – جامع العلوم والحكم/صـ378 .
18) سورة الممتحنة (1)
19) سورة المجادلة (22)
20) مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/17)
21) فتح الباري لابن حجر العسقلاني (5/233)
22) سورة القلم ، آية (9) .
23) تفسير السمعاني (6/20 ) .
24) تفسير القرطبي (18 / 230 ) .
25) سورة الكافرون، آية (6).
26) سورة المائدة ، آية (49) .
27) سورة التوبة ، آية (12).
28) تفسير المنار ، لرشيد رضا (10/187).
29) سورة الممتحنة، آية (1).
30) مجموع الفتاوى (28/228) .
31) مقطع من خاتمة للشيخ الدوسري على كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد للإمام : محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ ضمن كتاب عقيدة الموحدين والرد على الضلال والمبتدعين للشيخ / عبدالله العبدلي الغامدي ـ رحمه الله ـ صـ101)
32) سورة البقرة ، آية (120).
33) مقطع من كلام الأستاذ و المفكر الإسلامي : محمد قطب – حفظه الله – من كتابه ( مذاهب فكرية معاصرة ) صفحة (593).
34) مذاهب فكرية معاصرة، صفحة ( 593).
35) المنظمات العربية المتخصصة في نطاق جامعة الدول العربية لغسان يوسف ، صفحة 0 430 – 431 ) ، بواسطة كتاب الشيخ : علي العلياني – حفظه الله- ( أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية) ، صفحة ( 430 – 431)
36) سورة المائدة، آية (49).
37) سورة البقرة، آية ( 120).
38) اقتضاء الصراط المستقيم (1/98-99).
39) سيكلوجية العنف ، صفحة(52).
40 ) أنشد بعض المنتسبين إلى الإسلام في إحدى المؤتمرات :
الشيخ والقسيس قسيسان *** وإن تشأ فقل هما شيخان !!
41 ) سورة آل عمران، آية (103).
42 ) في ظلال القرآن (5/2607).
43 ) سورة هود ، آية(47).
44 ) سورة هود ، آية (48).
45 ) سورة التين ، آية ( 4).
46 ) سورة الإسراء ، آية( 70).
47 ) سورة التين ، آية ( 5).
48 ) سورة التين ، آية ( 6).
49 ) سورة الحج ، آية (18).
50 ) سورة التوبة ، آية (28).
51 ) رواه مسلم في كتاب الأضاحي، حديث رقم (1978).
52) من كتاب: هويتنا أو الهاوية ، للشيخ : محمد المقدم – حفظه الله – صفحة ( 51).
53) رواه أبو داود في سننه ، كتاب الأدب ، باب التفاخر بالأنساب (5/339- 340) برقم(5116)، ورواه الترمذي برقم (3955) وقال حسن غريب ، وصححه ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/247).
54 ) اقتضاء الصراط المستقيم (1/247)، والجعل والجعلان : هي الخنافس التي تأكل الغائط وتخزنه .
55) رواه أبو داود في سننه ، كتاب الأدب ، باب في العصبية (5/343) برقم (5123).
56) عون المعبود : لشمس الحق آبادي ن مجلد (7) جزء(14) صفحة(21).
57 ) أضواء البيان ، للشنقيطي : (2/29).
58 ) إغاثة اللهفان ، لابن القيم (1/110).
59 ) سورة المائدة ، آية (44).
60 ) منهاج السنة النبوية ، لابن تيمية ( 2/217).
61 ) سورة البقرة ، آية(104).
62 ) تفسير الطبري ( 1/374).
63 ) اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية (1/175).
64 ) سورة ق ، آية (18).
65 ) من سمات أصحاب التوجُّهات العصرانية : احتقار المتَّبعين للمنهج السلفي(منهج أهل السنَّة والجماعة) ، والنظر إليهم نظرة دونية ، ولمزهم بالسطحية والجمود والتطرف ، وأمَّا هم ـ العصريين ـ فهم أهل حضارة وفكر راقي ، ومنفتحون ومستنيرون إلى غيرها من الألفاظ البرَّاقة التي يخدعون بها النَّاس ، ومن خير ما قرأته ووجدته منطبقاً عليهم مقاساً بمقاس ، ما ذكره الشيخ المحدِّث / أحمد شاكر ـ تغمده الله برحمته ـ عن هؤلاء الذين يدَّعون الموضوعيَّة في الكلام والنظرة المنصفة لآثار الكفَّار وتقاليدهم ، حيث قال:(أو من رجلٍ ممَّن ابتليت بهم الأمَّة المصرية في هذا العصر ممن يسميهم أخونا النابغة الأديب الكبير(كامل كيلاني) المجدِّدينات هكذا ـ واللَّه ـ سمَّاهم هذا الاسم العجيب ، وحين سأله سائل عن معنى هذه التسمية أجاب بجواب أعجب وأبدع:(هذا جمع مخنث سالم) فأقسم له سائله أنَّ اللغة العربية في أشدِّ الحاجة إلى هذا الجمع في هذا الزمن!!) انظر/ جامع الترمذي(1/71ـ72)بتحقيق: الشيخ أحمد شاكر.
66 ) الانحراف ، للدكتور : عدنان النحوي ، صـ (51).
67 ) سورة الممتحنة ، آية ( 8).
68 ) سورة البقرة ، آية ( 143).

______________________________
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس